جنيف: نددت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة الجمعة بالممارسة المعممة في السودان المتمثلة بالتوقيف والاحتجاز التعسفيين من قبل الشرطة والجيش، معتبرة ان ذلك يطرح quot;مشكلة خطيرة لحقوق الانسانquot;. وبحسب تقرير للمفوضية العليا، فان المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان يتواجدون في صفوف الشرطة والجيش على حد سواء او في صفوف مجموعات المتمردين الجنوبيين السابقين الذين ابرموا اتفاق سلام مع السلطات.

ويتعرض الاطفال والنساء واللاجئون والمعارضون السياسيون خصوصا لهذه التجاوزات، كما لفتت المفوضية العليا لحقوق الانسان في هذا التقرير الذي لا يتحدث عن الوضع في دارفور غرب السودان حيث تتواجه مجموعات متمردة والقوات الحكومية منذ 2004، والذي كان موضع عدة تقارير اخرى صادرة عن الامم المتحدة وتوجه انتقادات قوية لما يحصل.

وتعمد اجهزة الامن الوطنية والاستخبارات بصورة منهجية الى ممارسة الاعتقال التعسفي للمعارضين السياسيين في شمال البلاد. وبحسب التقرير، فان هذه الاعتقالات quot;تترافق دون ما يدعو الى المفاجأة، مع مزاعم بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسانquot; مثل عمليات احتجاز في الانفراد وسوء معاملة او حتى عمليات تعذيب. وغالبا ما تعمد القوات المسلحة -- الجيش النظامي والجيش الشعبي لتحرير السودان، الحركة المتمردة السابقة -- الى استغلال المهام العائدة لقوى الامن عبر توقيف واحتجاز مدنيين.

وهكذا يورد تقرير الامم المتحدة توقيف فتيين في السادس من اذار/مارس الماضي في ولاية النيل الازرق (جنوب شرق) من قبل ضباط الاستخبارات العسكرية اثر سلسلة حرائق اندلعت قرب مقار عسكرية. واحتجز الفتيان لمدة خمسة ايام دون مثولهما امام قاض ودون محام وحتى دون ابلاغ عائلتيهما. وقال التقرير quot;ان احد الفتيين قال انه تعرض للضرب مرارا بحزام الى حين توقيعه على اعترافاتquot;.

وقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان متهمة هي الاخرى باللجوء الى توقيفات تعسفية بما فيها لاسباب سياسية مثل حالة عضو سابق في حكومة ولاية الاستوائية الشرقية (جنوب غرب). واحتجز هذا الرجل لمدة سنتين دون ان يمثل رسميا امام سلطة قضائية، بحسب التقرير.

وتتعرض النساء خصوصا، بحسب ما يقول خبراء الامم المتحدة الذين يتحدثون عن حالات عدة لنساء يجري احتجازهن لضمان قبض المهر اثناء الزواجات القسرية او لضمان عدم تعرضهن لما يسمى انتهاك قواعد الاخلاق بما في ذلك عندما لا يعاقب الرجال على اعمال مشابهة.

ولفت التقرير الى ان تجريم العلاقات الجنسية قبل الزواج باسم الشريعة في شمال السودان quot;يمثل مشكلة حقيقية من وجهة نظر حقوق الانسان (...). ففي حين يجري اعتقال النسوة وتعرضهن للعقاب بتهمة الزنا، فان شركاءهن الذكور يذهبون احراراquot;. وعلى الرغم من هذه الجردة السوداء، يعتبر خبراء الامم المتحدة ان وضع حقوق الانسان في السودان quot;خطير لكنه ليس مستعصيا على العلاجquot;. ويعطون في هذا الاطار امثلة لقضاة ومدعين ورجال شرطة ونواب وناشطين في المجتمع المدني quot;عازمين على الدفاع عن المساواة والدستورquot;.