مقتل وإصابة 162 شخصا بتفجير مزدوج في الفلوجة
مجلس الرئاسة العراقي يقر الاتفاقية الأمنية مع واشنطن
بغداد: صادق مجلس الرئاسة العراقي الخميس على الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، في خطوة هي الأخيرة لإقرار الاتفاقية الأمنية بين البلدين بصورة رسمية، وفقاً للمتحدث باسم الرئاسة العراقية، نصير العاني. فقد صادق أعضاء مجلس الرئاسة الثلاثة، وهم الرئيس جلال الطالباني، وهو كردي، ونائباه، الشيعي عادل عبدالمهدي، والسني طارق الهاشمي، على الاتفاقية، بعد أن أقرها كل من مجلس الوزراء والبرلمان العراقي. وتأتي هذه الخطوة بعد نحو أسبوع على خطوة سابقة نحو إقرار الاتفاقية الأمنية. فالخميس الماضي، أقر البرلمان العراقي الاتفاقية الأمنية مع واشنطن بعد جلسة صاخبة، تخللها اعتراض واسع من نواب التيار الصدري الذين عمدوا إلى إطلاق الشعارات المعارضة لها، قبل أن يسفر التصويت عن موافقة 149 نائباً مختلف الكتل، وخاصة النواب السنة الذين نجحوا في تمرير مشروع الإصلاح السياسي.
وجاءت الجلسة بعد اجتماعات مطولة عقدها ممثلون عن الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية العراقية خلال الفترة الماضية للتوصل إلى اتفاق حول الموقف من الاتفاقية التي استغرق التفاوض حولها بين واشنطن وبغداد الكثير من الوقت، وكانت الإدارة الأميركية تخشى عدم تمريرها قبل نهاية العام الحالي، موعد انقضاء العمل بقرار الأمم المتحدة المنظم للوجود الأميركي في العراق. وبدأ التصويت بمشروع الإصلاح السياسي، الذي جاء في أبرز نقاطه التأكيد على الالتزام بالدستور ووحدة الدولة، والإشارة إلى أن الخلاف بين الكتل لا يحسم بفرض الرأي الواحد بل بالمؤسسات.
وذلك إلى جانب دعوة الحكومة العراقية للعمل مع الحكومة الأميركية على متابعة نقاط بينها ولاية العراق القضائية والحفاظ على حقوقه الاقتصادية وإخراجه من الفصل السابع ومنع استغلال القوات الأميركية والعراقية في الصراعات الداخلية والعمل لإجراء تعديلات دستورية تضمن وحدة العراق. وفي الشق الأمني، برزت الدعوة إلى الإسراع في إطلاق سراح الموقوفين وفقاً لقانون العفو، وإبعاد الأجهزة الأمنية عن العمل السياسي، والعمل على إنهاء ملف المهجرين واستيعاب قوات quot;الصحواتquot; وشمول أفرادها في القوات المسلحة أو دوائر الدولة والتوقف عن ملاحقتهم قضائياً، باستثناء مرتكبي الجرائم، واستيعاب المجموعات المسلحة التي ألقت السلاح أو المستعدة لإلقائه.
وتطلب الاتفاقية مساندة القوات الأميركية، ولكن ضمن شروط صارمة، إذ يتوجب موافقة الجانب العراقي على كامل العمليات الأميركية، إلى جانب إنشاء لجنة مشتركة لتنسيق العمليات والإشراف عليها. كما يعود للجانب العراقي: quot;الحق الأوّلي لممارسة الولاية القضائية على أفراد قوات الولايات المتحدة وأفراد العنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة المتعمدة،quot; وكذلك على المتعاقدين مع الولايات المتحدة ومستخدميهم،quot; مع إمكانية أن تقوم القوات الأميركية بتوقيف المطلوبين، على أن تقدمهم للسلطات العراقية من أجل التحقيق أو المحاكمة.
وتؤكد الاتفاقية أيضاً وجوب عدم استخدام الأراضي أو المياه أو الأجواء العراقية مقراً أو ممراً لمهاجمة دول أخرى. وأشاد السفير الأميركي في بغداد، راين كروكر، قائد القوات الأميركية في العراق، راي أوديرنو، بإقرار البرلمان العراقي للاتفاقية وللإطار الاستراتيجي، وأشارا إلى أنهما ينظران قدماً نحو تصديق مجلس الرئاسة العراقية عليهما أيضاً. وأشار بيان كروكر وأوديرنو إلى أن الاتفاقية تؤسس لشراكة quot;طويلة ومتساويةquot; بين واشنطن وبغداد.quot; وبموجب الصفقة التي أفضت إلى التصديق على الاتفاقية الأمنية، فإن البرلمان العراقي قد صادق أيضاً على إجراء استفتاء شعبي حول مسار الاتفاقية في يوليو/تموز المقبل.
وجرى إقرار الإصلاحات بغالبية 198 صوتاً، ليصار بعد ذلك إلى التصويت على الاتفاقية الأمنية، وسط اعتراض واسع من التيار الصدري، وتم الاقتراع على الاتفاق مادة مادة، قبل أن يُحسم بواقع 149 صوتاً. وكان البرلمان العراقي قد أرجأ جلسة التصويت على نصّ الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن الأربعاء بعد دقائق من بدايتها، وسبق ذلك تجادل نواب من السنّة العرب مع زملائهم الشيعة والأكراد بشأن مشروع قرار منفصل حول الإصلاح السياسي.
وكان النواب السنة العرب معارضين للاتفاقية، ولكنّهم يريدون إجراءات تضمن مصالحهم، وتمنع رئيس الوزراء نوري المالكي من زيادة نفوذه، إلى جانب الدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي العام المقبل لتقييم تطبيق الاتفاقية الأمنية. وتساور المخاوف السنة العرب بشأن آفاق عيشهم في ظلّ قوات احتلال ونظام احتجاز أقرته حكومة ذات غالبية شيعية، مشيرين في مناقشاتهم مع بقية زملائهم في أروقة البرلمان العراقي إلى أعمال quot;متطرفةquot; استهدفتهم زيادة على ما يرون أنّه تصرفات غير دستورية تمارس ضدّهم من قبل الحكومة. وسبق لزعماء فصائل وأحزاب سنية أن عبّروا عن استيائهم من اعتقال الكثير من السنّة من دون توجيه تهم ضدّهم، إضافة إلى quot;ضعفquot; تمثيلهم في القوات المسلحة. وتوصل المفاوضون العراقيون والأميركيون مؤخرا إلى اتفاق على مسودة الاتفاقية التي من المؤمل أن يبدأ العمل بها بعد انتهاء تفويض الأمم المتحدة بنهاية العام الحالي.
غير أنّ مسؤولين عراقيين، أدخلوا العديد من التعديلات على الخطّة وقدّموا صيغة جديدة للمفاوضين الأميركيين الذين أرسلوا ردهم الذي حظي بدوره بإقرار الحكومة. ومن أبرز بنود الاتفاق انسحاب القوات الأميركية القتالية من جميع مدن العراق بحلول 30 يونيو/حزيران 2009، على أن تنسحب جميع القوات من العراق بحلول نهاية 2011. ومن المؤمل أن يعوض الاتفاق الأمني، الذي ينظّم وجود القوات الأميركية في العراق، تفويض الأمم المتحدة الذي ينتهي بنهاية العام. وبعد المصادقة على الاتفاقية، يبقى أن تقر في مجلس الرئاسة المشكّل من ثلاثة أعضاء هم رئيس البلاد، الكردي ونائباه السني والشيعي.
الى ذلك لقي ما لا يقل عن 15شخصا مصرعهم، وأصيب أكثر من 147 آخرين بجروح في تفجير انتحاري مزدوج في مدينة الفلوجة، في محافظة الأنبار غرب العاصمة بغداد، وفقاً لمسؤول في وزارة الداخلية العراقية. ووفقاً للمسؤول، فقد هاجم انتحاريان موقعين للشرطة العراقية بصورة متزامنة في وسط مدينة الفلوجة على بعد 60 كيلومتراً إلى الغرب من بغداد، بعيد ظهر الخميس، وأسفر عن تدمير مدرسة. وأوضح المسؤول أن بعض الجثث مازالت تحت أنقاض المدرسة، مشيراً في هذا الصدد إلى سقوط ضحايا بين الطلاب، إلى جانب عدد من رجال الشرطة والمدنيين. وقال المسؤول إن الانتحاريين استخدما صهريجين للنفط في استهداف مركزين للشرطة، أحدهما قرب المدرسة التي دمرت نتيجة الانفجار، فيما أصيب أكثر من 147 شخصاً بجروح.
يذكر أن الفلوجة كانت أحد المعاقل القوية للمسلحين السنة خلال الفترة المبكرة من الغزو الأميركي للعراق في مارس/آذار عام 2003، غير أن القوات الأميركية والعراقية نجحت بمطاردة تنظيم القاعدة في العراق إلى خارج المحافظة. وكانت قوات التحالف الدولي في العراق قد سلمت المسؤوليات الأمنية في المحافظة إلى القوات العراقية في سبتمبر/أيلول الماضي، وبذلك تكون محافظة الأنبار، المحافظة السنية الوحيدة التي تم تسليم المسؤوليات الأمنية فيها للسلطة العراقية.
يشار إلى أن محافظة الأنبار تعتبر حالياً معقلاً للمعارضة القبلية، وهي مسرح لصراع سياسي سني بين الحزب الإسلامي العراقي، أحد الأحزاب السياسية السنية الرئيسة، وحركة الصحوة، أول حركة تتأسس في العراق لمناهضة للقاعدة. ويعتبر هجوم الخميس المزدوج، ثاني هجوم رئيس يشنه المسلحون منذ بداية الشهر الجاري، حيث لقي قرابة 35 شخصاً مصرعهم في هجمات في بغداد والموصل.
ففي أول أيام ديسمبر/كانون الأول، استهدف انتحاريون مسؤولين عسكريين وحكوميين في العراق، ما أدى إلى مقتل 19 شخصا في بغداد في هجومين، و16 آخرين على الأقلّ في الموصل، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية. وجاءت التفجيرات في الوقت الذي أصدر فيه المسؤولون العراقيون حصيلة تظهر ارتفاعا طفيفا في حصيلة القتلى الشهرية لحساب نوفمبر/تشرين الثاني، مقارنة بالأشهر السابقة رغم أنّها تعدّ أقلّ من الشهر نفسه من السنة الماضية. ورغم أنّ السلطات عززت الأمن بصورة واضحة في بغداد ومدن أخرى، إلا أنّ أولى التفجيرات في ديسمبر/كانون الأول، تظهر قدرة المسلحين على المناورة.
التعليقات