بغداد: عادت النساء في بغداد الى قيادة السيارات مجددا بعد التحسن النسبي في الاوضاع الامنية واختفاء المظاهر المسلحة والتهديدات التي مارستها مجموعات اسلامية متطرفة خلال الاعوام الماضية. وتقول منال حكيم (38 عاما) التي تسكن حي العامرية (غرب) quot;واخيرا، اصبحت حرة بعد اكثر من عامين تخليت خلالها عن سيارتي المتوقفة في المرآبquot;. وقد تعرضت منال لضرب مبرح دفعها الى التوقف عن قيادة سيارتها لان المتطرفين يعتبرون ان قيادة المرأة للسيارة من quot;المحرماتquot;.

وتضيف منال، وهي مدرسة في العامرية التي كانت من اخطر مناطق بغداد قبل ان تحررها قوات الصحوة من القاعدة، quot;كنت متوقفة في طابور للتزود بالوقود ففوجئت بمسلحين ارغموني على الترجل من السيارة قبل ان ينهالوا علي بالضرب امام الجميع، وهم يصرخون لا تقودي السيارة مرة اخرى، والا ستقتلين لان هذا حرام quot;. وتؤكد quot;اصبت بصدمة لن انساها طوال حياتيquot;.

وتتابع منال، وهي ام لطفل في الخامسة من العمر، quot;لا نرى الا عددا قليلا من النساء وراء مقود السيارة في بعض الشوارع (...) لكن الاوضاع الامنية تتحسن خصوصا في الاونة الاخيرة، الامر الذي شجعني على قيادة سيارتي مجددا دون ترددquot;. وشهدت الاوضاع الامنية تحسنا امنيا نسبيا بعد نجاح خطة quot;فرض القانونquot; التي اطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي، وانضمام اعداد كبيرة من الشبان الى مجالس الصحوة لمقاتلة الجماعات المسلحة.

وقد عانت بغداد تدهورا مريعا في الاوضاع الامنية عندما سيطرت جماعات مسلحة متطرفة على عدد من المناطق حيث فرضت احكامها وقوانينها التي حظرت استخدام مساحيق التجميل وارغمت النساء على ارتداء الحجاب والنقاب فضلا عن منعهن من قيادة السيارة. وبعد انتفاء التهديدات، عاودت النساء قيادة سياراتهن فيما بادرت اخريات الى تلقي دروس من خلال مكاتب مخصصة لذلك.

ويقول صادق جبوري السامرائي، رئيس quot;الجمعية العراقية للسيارات والسياحةquot; ان quot;احدى اهم فروع الجمعية هو تعليم القيادة (...) نعطي دورات تعليمية للرجال والنساءquot; مؤكدا quot;ازدياد اعداد المتدربات في الاونة الاخيرةquot;. وتوفر هذه الجمعية العريقة الخدمات للمواطنين، وقد انضمت الى النادي الدولي للسيارات في باريس عام 1974 كما نالت عضوية منظمة السياحة العالمية في جنيف. ويوضح السامرائي لفرانس برس ان quot;ازدياد اعداد المتدربات يعود الى تحسن الوضع الامني مؤخرا، بحيث بلغ عدد المتدربين عام 2008 بلغ 143 بينهم مئة امراةquot;.

ويضيف quot;لقد استقبلت 43 رجلا وامراة العام 2006 في حين استقبلنا متدربا واحدا فقط العام 2007quot;. وردا على سؤال حول اماكن التدريب، يقول السامرائي quot;نختار المناطق السكنية القريبة جدا من الجمعية حتى لا نعرض المتدربين، لا سيما النساء للخطر، كما نفضل الشوارع المفتوحة في المناطق السكنية قرب المركز الرئيسي للجمعيةquot;. ويقع مقر تعليم السيارات في حي المنصور الراقي، غرب بغداد.

من جهتها، تقول شيماء ابرهيم (40 عاما) quot;لقد عانيت كثيرا من الذهاب والعودة من العمل عن طريق سيارات الاجرة لانني كنت خائفة من القيادة في الشارعquot;. وتتابع المدرسة التي تمارس مهنتها منذ 15 عاما quot;كل هذا بسبب المتطرفين الذين منعونا من قيادة السيارات في حين كان مسموحا بذلك قبل العام 2003quot; في اشارة الى النظام السابق.

وتضيف quot;لكن مع تحسن الحالة الامنية، تنامى شعوري بامكان الاعتماد على نفسي خصوصا وان الوضع الامني بات افضل مقارنة مع العامين السابقين (...) فقيادة السيارة جزء من تطوير الشخصيةquot;. بدورها، تقول رشا كاظم (21 عاما) الطالبة في كلية الهندسة، quot;منذ دخولي الجامعة تمنيت امتلاك سيارة (...) لكن الاوضاع الامنية حالت دون ذلك وما ان تحسنت حتى سارعت بالتوجه الى تعلم قيادة السياراتquot;.

وتتابع quot;استخدم سيارة والدي حاليا، لكنني اطمح للحصول على سيارة حديثة مستقبلاquot;. وتضيف الشابة الانيقة quot;احيانا اجد صعوبة في قيادة السيارة بسبب الشوارع المزدحمة ومعظمها لا يزال مغلقا، ونقاط التفتيش ومرور المواكب العسكرية الاميركية التي تغلق الشوارع ولا تلتزم باشارات المرورquot;. من جانبها، تقول هناء سلمان (40 عاما) وهي موظفة محجبة ان quot;متطلبات الحياة تدعو الى تعليم المرأة التي تعمل في مجالات عدة، (...) قيادة السيارة امر بسيط يجب على النساء ان يتعلمنهquot;. وتختم قائلة quot;اتولى ايصال اطفالي الى المدرسة يوميا، والاوضاع تسمح بذلكquot;.