انطلق الاثنين في باريس برعاية quot;اليونسكوquot; ومشاركة فقهاء وحاخامات
quot;إيلافquot; ترصد ردود الفعل حول مؤتمر الحوار الإسلامي ـ اليهودي
نبيل شرف الدين من القاهرة: بعد معركة مصافحة شيخ الأزهر للرئيس الإسرائيلي، اشتعلت معركة جديدة فجرتها المشاركة الإسلامية من جانب علماء دين من عدة بلدان في مؤتمر الحوار اليهودي ـ الإسلامي، والذي ترعاه منظمة اليونسكو، وانطلقت أعماله اليوم الاثنين في العاصمة الفرنسية باريس، وتستمر فعالياته حتى يوم الأربعاء المقبل، ويشارك فيه عدد من علماء الدين والناشطين البارزين من كل من: مصر والسعودية وإيران والأراضي الفلسطينية، إضافة إلى حاخامات يهود من إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية. وبدأت نذر تلك المعركة مع التصريحات المنسوبة للدكتور علي السمان، رئيس لجنة الحوار في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والتي أكد فيها أنه لا يهمه غضب الشعوب في سبيل نجاح حوار الأديان، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بين بعض علماء الأزهر الذين قالوا quot;إن هذا المؤتمر ليس سوى محاولة لانتزاع الاعتراف بإسرائيل كأمر واقع عن طريق التدليس على علماء الدين الإسلامي والشخصيات العامة للجلوس مع الحاخامات اليهودquot;، على حد تعبيرهم .
وفي تصريحات خاصة لـ (إيلاف) قال السمان في اتصال هاتفي إن المشاركين في هذا المؤتمر لن يناقشوا المعتقدات، بل سيبحثون مخاطر الخلط بين النصوص في الأديان وبين منطق بعض التابعين لهذه الأديان، كما سيؤكدون أن الأديان جميعها تدعو إلى السلام، وعدم التعميم في الأحكام وخطورة عزل النصوص المقدسة من سياق الفهم العام والكامل للنصوص الدينيةquot;، حسب قوله .
المعارضون
في الجانب المعارض للمشاركة الإسلامية في هذا المؤتمر شن الدكتور عبد الصبور شاهين الأستاذ في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة هجوما على المؤتمر وأعرب عن دهشته ممن وصفهم بأنهم يتناسون حقيقة ساطعة مفادها quot;أن هؤلاء الحاخامات المشاركين في المؤتمر أفتوا بقتل وحصار الفلسطينيين، ويتناسون كل هذا ويجلسون معهم ويصافحونهم وكأن شيئا لم يحدثquot;، على حد قوله .
ومضى شاهين الذي يتبنى عادة آراء متشددة في هذه المسألة مشيراً إلى أنه quot;رغم أن قاعدة لكم دينكم ولي ديني تمثل أصلا من أصول الإسلام، غير أنه ينبغي إظهار موقف واضح من جانب المسلمين إزاء ما وصفه بالنفاق الدولي وأكد أن الهدف الحقيقي من مثل هذا المؤتمر هو الترويج للاعتراف بإسرائيل ليمنحها جواز مرور سهلاً إلى قلب الأمة الإسلامية، لأن الشعوب ستسير في الطريق ذاته الذي سار فيه علماء الدينquot;، كما يقول .
واختتم شاهين تصريحاته قائلاً: أنا أربأ بأي عالم دين يحترم الإسلام والمسلمين أن يجلس على طاولة واحدة مع من وصفهم بقتلة الفلسطينيين العزّل ومع من يفتون بقتلهم ومحاصرتهمquot;، على حد قوله .
في الإطار ذاته تحدث الشيخ جمال قطب الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر، معرباً عن دهشته من الإعلان عن هذا المؤتمر في هذا التوقيت تحديداً حيث تتأزم الأمور على الساحة الفلسطينية، وطرح اسم السمان كممثل لمصر في أعمال هذا المؤتمر .
ورأى قطب أن مثل هذا المؤتمر ليس إلا مصيدة أوقعت في حبائلها أشخاصا غير متخصصين للخوض في هذه القضايا الشائكة ما يثير التوجس لدى المسلمين بصفة عامة والأئمة بصفة خاصة إزاء هذا الاستدراج، مطالبا بالتحسب لما قد يصدر عن المؤتمر من دعاوى تبرر إهدار حقوق المسلمين كافة والفلسطينيين خاصة، مؤكدا أن هذا المؤتمر لن يصبّ إلا في مصلحة إسرائيل، مطالبا مؤسسة الأزهر بإيضاح الأمر بالإعلان عن أنه لم يُدع لهذا المؤتمر، وأنه إذا دعي فلن يستجيب، كما أن السمان الذي قيل إنه يمثل مصر لا يمثل مؤسسة الدعوة الإسلامية بل يمثل نفسه أو أي جهة أخرى لا صلة لها بالأزهرquot;، على حد تعبيره .
الموقف الرسمي
وعلى صعيد ردود الفعل الرسمية من قبل المؤسسة الدينية في مصر قال د. محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إن وزارة الأوقاف والمجلس لا يعرفان شيئا عن هذا المؤتمر، وأضاف أنه إذا كان السمان يشارك في هذا المؤتمر فإنما يعبر عن نفسه فحسب، لأن الوزارة والمجلس يتخذان موقفا رافضا لأي حوار مع اليهود سواء كان مغلقا أو مفتوحا، وذلك رغم إعلان السمان أنه يشارك في المؤتمر ممثلا للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وأوضح الشحات أن السمان سبق له أن حضر مؤتمر مدريد لحوار الأديان ومؤتمر الأمم المتحدة في نيويورك بصفته الشخصية أيضا وبعيدا من أي تمثيل للجنة الحوار في المجلس التي يرأسهاquot;، على حد تعبيره .
أما أستاذ الفقه الإسلامي الدكتور حسن كامل فيقول إن علماء أصول الدين في الإسلام، يدعون إلى استقراء المصالح التي تشترك الأديان الثلاثة في إقرارها وهي بتقديره تأتي في ثلاثة محاور أساسية هي:
1 - مصالح ضرورية لوجود الإنسان المادي والمعنوي وسموها الضروريات، وهي كل ما هو ضروري لاستمرار الحياة .
2 - المصالح التي يحتاج إليها الإنسان لاستقامة حياته ماديا ومعنويا وسماها الفقهاء الحاجيات الأساسية .
3 - مصالح ترتقي بحياة الإنسان نحو مزيد من السعة والفضل والتمتع بكل ما هو مفيد وحسن، وسموها التحسينات .
ورأى الدكتور حسن كامل أن هناك اختلافات بين الأديان الثلاثة في تقرير الحاجيات والتحسينات، ولكنها تتفق كلها في تقرير الضروريات، ووجد علماء الأصول أن الديانات الثلاث تتفق حول ربط الغاية من بعثة الرسل، والمصالح التي تقررها شرائعهم بالضروريات الخمس المعروفة وهي : quot;حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسل، حفظ المال، حفظ الدينquot;، وجعلوا من هذه الضرورات الخمس أصلا للحاجيات والتحسينات والتكميلات .
التعليقات