بلغراد: في تظاهرة يتغنى كثيرون من الصرب بحماس على إيقاع الموسيقى الشعبية مؤكدين أهمية الإدلاء بالأصوات في الإنتخابات.. ويواجه هذا التجمهر جمهور غفير معارض في وسط العاصمة بلغراد. قالت الطالبة أنا بيتروفيتش وهي ترتشف القهوة في حانة quot;لقد ضقت ذرعا بالانتخابات والساسة ولست ابالي البتة بمن سيفوز.quot; وأضافت quot;لم اشارك في الجولة الاولى ولن اشارك على الارجح في الثانية. لم يتعين على ذلك .. لن يتغير شيء في حياتي لازلت غير قادرة على السفر او حتى الحصول على عمل مناسب.quot;
وأنا بيتروفيتش واحدة من بين نحو 1.2 مليون شاب وشابة في صربيا من المتوقع الا يدلوا باصواتهم في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التي تجري يوم الاحد. وقال محللون سياسيون ان الانتخابات ستكون استفتاء على مستقبل البلاد.ويتوجه الناخبون الصرب يوم الاحد الى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد. وسوف يختار الناخبون بين زعيم الحزب القومي المتشدد توميسلاف نيكوليتش والرئيس الموالي للغرب بوريس تاديتش. وكان نيكوليتش قد حصل على 40 في المئة من الاصوات في الجولة الاولى للانتخابات بينما حصل منافسه تاديتش على 35.5 في المئة.
وفي حملة انتخابية حامية تبادل الاثنان الاتهامات بالفساد كما اثير دور نيكوليتش في حروب يوغوسلافيا في التسعينات. وركز منظمو حملة تاديتش الانتخابية على الحروب التي خاضتها الدولة في التسعينات وظهر في شريط فيديو القائد المتشدد فويسلاف سيسيلي الذي يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب أمام محكمة لاهاي بينما يتبعه حراس شخصيون مسلحون جيدا. وفي اطار الاستعدادات للجولة الثانية ركز تاديتش حملته على القرى والبلدات الصغيرة محاولا شرح ضرورة الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
وطبقا لاحدث استطلاعات الرأي التي اجراها مركز بلجراد للانتخابات الحرة والديمقراطية فان تاديتش سيفوز على نيكوليتش بفارق مئة ألف صوت في الجولة الثانية من الانتخابات. ولا يكترث الشبان والشابات في صربيا على ما يبدو بالانتخابات وهم يمثلون نحو 20 في المئة من جمهور الناخبين البالغ 6.7 مليون ناخب. ومن المتوقع ان يشارك في الجولة الثانية واحد فقط من بين عشرة ناخبين يوم الاحد الذي يوافق الثالث من فبراير شباط. وقال ميلوس مويسيلوفيتش من مركز ابحاث (سيسيد) quot;انه موقف سياسي اكثر من كونه لا مبالاة. انهم على علم تام بما يجري الا انهم لا يعيرون السياسة اي اهتمام.quot;
وكان جمهور الناخبين من الشبان قد أثر على نتائج الانتخابات الصربية عام 2000 حيث توجه الشبان باعداد كبيرة الى صناديق الاقتراع للادلاء باصواتهم لمعارضة انتخاب القومي القوي سلوبودان ميلوسيفيتش مما انهى عقدا من الزمن من العزلة والفقر عانت خلاله البلاد. الا ان الاصلاحيين من الموالين للغرب ممن خلفوا ميلوسيفيتش لم يحافظوا على هذا الزخم الشبابي بل على النقيض فقد ثبطوا الحماس من خلال الاقتتال السياسي وبطء خطوات الاصلاح وعدم تقديم وعود بشأن تحسين فرص العمل ورفع الرواتب. وقال ماركو درايتش من فرع الشبان بالحزب الديمقراطي الليبرالي الصغير الذي يعول على الحضر ويحتضن المهنيين من ابناء الطبقة الوسطى quot;لم يدل الشبان باصواتهم لانهم ابلغوا بان عليهم ان ينتظروا دورهم.quot; واضاف quot;متى يحين .. بعد ان ظلوا يسكنون مع ابائهم ويعملون في مكتب رطب لمدة 40 عاما .. .quot;
في صربيا لا يعمل شخص من بين كل ثلاثة اشخاص فيما يتعذر على الشبان التوصل الى فرصة عمل ويظلون يكافحون وسط نسبة بطالة تصل الى 50 في المئة. ومعظم الشبان لم يغادروا البلاد بسبب تشديد القيود على تأشيرات السفر منذ عهد ميلوسيفيتش. وقالت مايا بوبيتش من الحركة الاوروبية في صربيا وهى احدى المنظمات الاهلية التي تعنى بتنظيم امسيات تحث الشبان على المشاركة السياسية quot;الشبان لا يبالون بدرجة كبيرة بالحياة السياسية لانهم يرون انه ليس بوسعهم ان يغيروا شيئا.quot; واضافت quot;الا انهم سيستفيدون بالقدر الاعظم من توطيد الروابط مع الاتحاد الاوروبي.quot;
يقول المحللون ان الشبان يشعرون انهم في واد والشعارات والحياة الانتخابية في واد اخر وتركز الشعارات على قضية اقليم كوسوفو الانفصالي والانضمام للاتحاد الاوروبي وهي قضايا تثير موجة من العبارات الطنانة الا انها لا تقدم الحد الادنى من الحلول لهمومهم الفعلية. وقالت تانيا ازارياتش من جمعية مبادرات المواطنين الأهلية quot;من المؤسف اننا عدنا الى حقبة التسعينات.quot; واضافت quot;هؤلاء المرشحون يتحدثون عن امور عمومية. كوسوفو والاتحاد الاوروبي من القضايا الرئيسية لكن بقية الشعارات تتحدث عما اذا كنا موالين لاوروبا او انا نريد ان نعيش في عزلة.quot;
وقال ايفان فيفودا من صندوق البلقان من اجل الديمقراطية ان مشاركة الشبان قد ترجح الكفة لمصلحة تاديتش. واضاف المحلل السياسي فيفودا quot;هذه الانتخابات هي استفتاء اعتدنا عليه في السابق. ستتخذ صربيا قرارا حاسما بشأن المسار الذي ستسير عليه.quot; وقال quot;الشبان سينظرون الى المستقبل لانهم لم يكسبوا شيئا من الماضي. انهم يريدون اعطاء اصواتهم من اجل قضية يقينية بشأن ما سيقدمه المستقبل في اوروبا.quot;
التعليقات