العد التنازلي لإنطلاق الجولة الحاسمة بدأ
مستقبل صربيا والمنطقة البلقانية في أيدي الناخبين الصرب

الياس توما من براغ: يدلى الناخبون في صربيا يوم الاحد بأصواتهم في الجولة الثانية الحاسمة من انتخابات رئاسية يمكن ان تقرر ما اذا كانت صربيا ستدير ظهرها للغرب ردا على الانفصال الوشيك لاقليم كوسوفو. وتفتح لجان الاقتراع ابوابها في الساعة السابعة صباحا (6:00 بتوقيت غرينيتش) وتغلق في الساعة الثامنة مساء (19:00 بتوقيت غرينيتش). ومن المتوقع معرفة التوقعات الاولى للنتائج بعد ذلك بساعة .

وقد بدأ العد التنازلي لانطلاق الجولة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية في صربيا وسط توقعات كبيرة بأن تكون هذه الجولة تحدياً سياسياً من النوع الثقيل. وتتصف هذه الانتخابات بأهمية استثنائية بالنسبة إلى اتجاه التطورات اللاحقة في صربيا والمنطقة البلقانية بالنظر إلى تزامنها مع تحديين كبيرين يواجهان صربيا الأول الاستقلال المتوقع بقوة لإقليم كوسوفو خلال الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة والثاني موضوع استمرار التكامل مع الاتحاد الأوروبي أو التراجع عنه وبالنظر إلى كون المرشحين اللذين سيدخلان هذه الجولة يمثلان خطين مختلفين.

ففيما يمثل الرئيس الحالي بوريس تاديتش الذي يترأس أقوى أحزاب الائتلاف الحاكم الحزب الديمقراطي خطا معتدلا يشدد على استمرارية التكامل مع الاتحاد الأوروبي بغض النظر عن موقف دوله من مسألة الاعتراف باستقلال كوسوفو طارحا شعارا عريضا في حملته الانتخابية يقول quot; لن نتخلى عن إقليم كوسوفو ولا عن أوروبا quot; يمثل زعيم الحزب الراديكالي توميسلاف نيكوليتش خطا قوميا متشددا وان كان قد حاول في حملته الانتخابية تخفيف طروحات حزبه المتشددة والمعروفة من اجل استمالة شريحة واسعة من الصرب غير راضية عن الأوضاع الحالية في البلاد في مختلف المجالات.

وكان نيكوليتش قد فاز في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في العشرين من الشهر الماضي بنسبة 39.4% مقابل 35.4% لمنافسه الرئيس الحالي بوريس تاديتش غير أن استطلاعات الرأي التي أجريت بعد الجولة الأولى أشارت إلى أن فرص الاثنين تبدو متقاربة جدا وأن الفارق في الأصوات يمكن أن يكون نحو 1% فقط مما يعني حاجة تاديتش إلى دعم أنصار ومؤيدي الأحزاب السياسية الأخرى.

وبالنظر إلى كون حزب رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيتسا الحزب الديمقراطي لصربيا قد أعلن انه لن يدعم لا نيكوليتش ولا تاديتش رغم تواجد هذا الحزب مع حزب الرئيس تاديتش في ائتلاف حكومي، فإن الأخير سيحتاج إلى دعم كبير من أوساط الشباب والنساء والمثقفين والذين دعموا المرشحين السبعة الآخرين الذين دخلوا الجولة الأولى من الانتخابات الأمر الذي يمكن توقعه بالنظر إلى الأهمية الحاسمة لهذه الانتخابات من جهة وبالنظر إلى التوقعات بأن تكون المشاركة في الجولة الثانية عالية وتفوق نسبة المشاركة في الجولة الأولى من جهة أخرى.

ويرى مراقبون في صربيا أن بين أيدي الناخبين الصرب غدا مستقبل صربيا وربما معها أيضا المنطقة البلقانية ولذلك فإن تصويتهم لصالح احتفاظ تاديتش بمنصبه لخمسة أعوام قادمة سيعني ضمان استمرار التوجهات الحالية لبلغراد المدافعة بقوة عن إقليم كوسوفو ولكن التي لا تحيد عن التكامل مع أوروبا في حين أن فوز نيكوليتش سيعني توقع حدوث تغييرات راديكالية في المواقف قد تعيد صربيا إلى العزلة والى توتر الأوضاع في المنطقة البلقانية وأيضا داخل الائتلاف الحاكم

مرشحا الرئاسة الصربية في دائرة الضوء

بوريس تاديتش

يبلغ من العمر 50 عاما ولد في ساراييفو في عائلة معارضة حيث كان والده ليوبا معارضا للرئيس اليوغسلافي البارز جوزيف بروز تيتو. درس تاديتش علم النفس الاجتماعي وعمل بعدها مدرسا وصحافيا ومتخصصا نفسيا وفي عام 1997 أدار المركز من اجل تطوير الديمقراطية والنشاطات السياسية . ظهر نجمه بشكل قوي على الساحة السياسية بعد سقوط نظام الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوشوفيتش عام 2000 حيث تسلم منصب وزير الاتصالات في الحكومة الديمقراطية والإصلاحية التي قادها صديقه زوران دينديتش ثم تولّى وزارة الدفاع في الحكومة الاتحادية لصربيا والجبل الأسود بين عامي 2003ــ 2004 .

تسلم رئاسة حزبه الديمقراطي بعد اغتيال زوران دينديتش عام 2003 ثم رشح نفسه بعد ذلك إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة وتمكن فيها في الجولة الثانية والحاسمة من التغلب على نيكوليتش من خلال حصوله على 53% من الأصوات.

زار في عام 2004 ساراييفو كأول رئيس لصربيا بعد الأحداث الدامية التي مرت فيها هذه الدولة البلقانية واعتذر هناك عن الممارسات الصربية وانتهاك حقوق الإنسان التي جرت خلال هذه الحرب والتي قام بها صرب لكنه طلب بالمقابل اعتذار البوسنيين والكروات لفتح صفحة جديدة في العلاقات. يؤمن تاديتش بقوة بالتكامل مع الاتحاد الأوروبي باعتبار أن ذلك يمثل الطريق الوحيد لتطوير بلاده كما يؤيد التوجه نحو التكامل مع حلف الناتو ويسعى إلى تطبيق إصلاحات ليبرالية اقتصادية في بلاده ويتحدث الإنكليزية والفرنسية .

توميسلاف نيكوليتش

يبلغ من العمر 55 عاما . يترأس بالوكالة الحزب الراديكالي الصربي أقوى الأحزاب في البرلمان بالنظر إلى كون رئيس الحزب فويسلاف شيشيلي يتواجد في سجن محكمة لاهاي .يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة وقد رشح نفسه لأول مرة في انتخابات كانون الأول 2000 بعد الإطاحة بنظام ميلوشوفيتش غير انه حل فيها ثالثا أما في انتخابات حزيران يونيو من عام 2004 فقد فاز في الجولة الأولى لكنه خسر أمام تاديتش في الجولة الثانية والحاسمة .

ساهم نيكوليتش في عام 1991 في تأسيس الحزب الراديكالي وفي عام 1998ــ2000 تسلم في حكومة ميلوشوفيتش منصب نائب رئيس الحكومة وفي نهاية عام 1999 تسلم منصب نائب رئيس البرلمان اليوغسلافي وبعد فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في شباط فبراير 2007 تسلم منصب رئيس البرلمان الصربي غير أن ضغوطا قوية مورست على الأحزاب السياسية الأخرى ولاسيما الإصلاحية والديمقراطية من قبل الغرب جعلها تتفق بعد مفاوضات ماراتونية على تشكيل حكومة ائتلافية وعلى إبعاد نيكوليتش من رئاسة البرلمان .

يقدم نفسه على انه مؤيد من كل قلبه للتغييرات وللعلاقات الحسنة مع كل دول العالم كما يفضل تقديمه على أنه محبوب غير المفضلين أو المنبوذين الأمر الذي ساهم في تحقيق نجاح له في الجولة الأولى في بلغراد التي تعتبر تقليديا مؤيدة للقوى الديمقراطية. يعتبر من أنصار العلاقات الوثيقة والتحالفية مع روسيا الاتحادية باعتبارها الحليف التاريخي لصربيا إلا انه تراجع خلال حملته الانتخابية عن المطالبة كما كان يفعل سابقا بان تكون صربيا إقليما روسيا.

دعا خلال الحملة الانتخابية إلى إعطاء الروس قاعدة عسكرية في صربيا في حال إعلان كوسوفو الاستقلال من جانب واحد واعتراف الدول الغربية به .
اتصفت الحملة الانتخابية له بالاعتدال وتحدث فيها عن سياسة الطريقين التي سيسلكها في حال فوزه الأول منفتحة كليا على روسيا والثانية نحو الاتحاد الأوروبي لكن تعتريها الكثير من العقبات ويتم الاعتقاد أن الاعتدال في خطابيته قد جاء بتوصية من وكالة أميركية متخصصة بالحملات الانتخابية والدعائية أشرفت وأدارت حملته الانتخابية. ساهم في إصدار أكثر من 10 كتب أغلبها عن السياسة .