اعتدال سلامه من برلين: رافق افتتاح مؤتمر الامن الدولي الذي يعقد كل عام ويجمع في الدرجة الاولى البلدان العضوة في حلف شمال الاطلسي الى جانب روسيا وبلدان اسيوية وشرق اوسطية، رافقه مشاكل كثيرة وصعبة منها الخلاف حول ارسال قوات قتالية الى افغانستان واقليم كوسوفو الذي يطالب باستقلاله والوضع في الشرق الاوسط واخيرا وليس اخر العراق. لكن تعامل الدول الاعضاء فيما بينها يطرح ايضا علامة استفهام حول مدى امكانية مواصلة حلف الاطلسي لدوره في احلال السلام على الرغم من ان بعضا من مهامه يطرح عليها ايضا علامة استفهام.

فقبل اسبوع تعكرت الاجواء بين برلين وواشنطن التي طلبت منها ارسال قوات الى جنوب افغانستان من اجل تخفيف العبأ على القوات الاميركية والكندية لكن حكومة المستشارة انجيلا ماركل اصرت على رفضها والاكتفاء بارسال قوات قوامها 250 جندي الى شمال افغانستان ليحلوا محل القوات النروجية للتدخل السريع، مؤكدة بان عمل باقي قواتها في المناطق الشمالية مهم جدا، مما دفع وزير الدفاع الاميركي روبرت غيت الى تشديد اللهجة واتهامها بشكل غير مباشر بعدم الرغبة في تحمل مسؤوليات قتالية وترك الاعباء على كاهل قوات اطلسية اخرى.

والامر الاخر الذي سوف يصعب جلسات المؤتمر أمس ايضا هو رفض روسيا لمنح اقليم كوسوفو استقلاله الذاتي، ويمثل الاقليم في المؤتمر وفد رفيع المستوى. وحجة موسكو ان الاستقلال الذاتي سوف يفرط العقد في منطقة البلقان ويعيد شبح الحرب الباردة مرة اخرى.

وتتجه تحليلات سياسية الى ان المشاكل داخل حلف الناتو وعدم تعاون بلدانه على وضع خطة موحدة لمعالجة مشاكل كثيرة في العالم وانفراد بعض البلدان باتخاذ قرارات مختلفة كما حدث في الحرب الاميركية في العراق، مؤشر يمكن ان يفسر بانه الخطوة الاولى للتقليل تدريجيا من اهمية الحلف خاصة وان الاوروبيين يحضرون لقوات الاوروبية لتكون ذراعا عسكريا للاتحاد الاوروبي خلال العقود القليلة القادمة وهم يعملون بصمت على وضع هيكلية لهذه القوات وبدأت الفكرة قبل اكثر من عشرة اعوام.

وتفاوت الاراء جاء ايضا أمس خلال اعمال المؤتمر، اذا حذر رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردغان من عولمة الارهاب وبان الخطط التي توضع لمكافحته ليست في محلها، وانتقد من دون تسمية بلدان الدعم السياسي الذي توفر لحزب العمال الكردستاني فهو حزب ارهابي وعلى المجتمع الدولي عزله ومحاربته كما المنظمات الارهابية الاخرى. في نفس الوقت دافع على العمليات العسكرية التي قام بها الجيش التركي ضد قوات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق لان تواجده هناك تهديدا مباشرا لتركيا وسوف تواصل بلاده ضربها لكل وكر له اينما كان.

وذكّر بالدور المهم الذي تلعبه بلاده في السياسية الامنية الدولية لانها تقع بين ثلاث قارات وعدة بحار وفي قلب منطقة ساخنة، وسوف يكون لدورها اهمية اذا ما التحقت بالاتحاد الاوربي، وهذا ما يرفضه العديد من السياسيين في المانيا، وانضم اليهم الان الرئيس الفرنسي نيقولا سركوزي.

في نفس الوقت حث اردوغان حلف الناتو على مواصلة عمله في افغانستان وتسخير كل قواه. ومن وجهة نظره على الحلف ان لا يتراجع عن دوره مهما كانت الظروف. وكان ذلك ردا على الخلاف الدائر بين واشنطن وبرلين حول رفض الاخيرة ارسال قوات قتالية الى الجنوب.

ولقد شد منظم مؤتمر الامن الدولي هورست تشليك ازر رئيس الوزراء التركي بالقول في كلمة الافتتاح انه يرى في هذا البلد مفتاحا الى منطقة الشرقين الادنى والاقصى.

والجدير بالذكر ان مؤتمر الامن الدولي السنوية يجمع هذا العام اكثر من 400 وزير وخبير امني وسياسي، لكنه ليس منبرا لاتخاذ قرارات بل مناقشة الوضع الامني الدولي.