البداية مع فتح والنهاية في دمشق وبينهما يسكن الغموض
مغنية... هكذا تصنع الأساطير وهكذا تنتهي

فرنسا تأسف للفشل في محاكمة مغنية قبل مقتله

إسرائيل تنفي تورطها ودعوات للحزب للرد بضربة موجعة

إيلي الحاج من بيروت: أي قدر بل أي جموح قاد عماد فايز مغنية ابن بلدة طيردبا في قضاء صور جنوب لبنان من يوم ميلاده في 7 كانون الأول/ ديسمبر 1962 حتى اغتياله بتفجير سيارته في دمشق يوم 12 شباط/ فبراير 2008 ليدفن في بلدته في أصعب مراحل الأزمة اللبنانية، يوم إحياء الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري ؟

تحول مغنية منذ مطالع ثمانينات القرن الماضي الى quot;أسطورةquot; لدى مريدي quot;حزب اللهquot; وبات أشهر المطلوبين دولياً بتهم الإرهاب بعد أسامة بن لادن وأيمن الظاهري بمكافأة أميركية لمن يسلمه أو يدل عليه مقدارها 25 مليون دولار، وظل موقعه خفياً في الحزب الذي كان من أول مؤسسيه وظل يضطلع بأدوار فاعلة ومؤثرة فيه ويقال إنه العضو السابع غير المعلن في مجلس quot;شورى القرارquot;. واغتياله في هذا الظرف تحديداً يخشى أن يكون عود ثقاب يشعل مواجهة مخيفة في لبنان المحتقن بالمواقف السياسية المتشنجة من كل الجوانب حتى لتبدو البلاد سفينة من دون ربابنة تتقاذفها الأنواء على غير هدى.

ولكن من قتله ؟

أول ما يتبادر إلى الذهن إسرائيل وجهازها quot;الموسادquot; حتى لو أنكرت لحماية من تعاون أو تعاونوا معها في العملية. ولإسرائيل سوابق في محاولات دؤوبة لقتله باءت بالفشل، وفي إحدى هذه المرات زرعت متفجرة في محلة صفير في الضاحية الجنوبية لبيروت، قتل فيها شقيقه جهاد مغنية، المسؤول في laquo;حزب اللهraquo;، واعترف عميل اسرائيلي لبناني، يدعى أحمد الحلاق بالعملية، ونفذت فيه السلطات اللبنانية حكم الاعدام رمياً بالرصاص.

ولكن كيف للإستخبارات الإسرائيلية أن تتحرك بسهولة في عملية تقتضي تثبيت عبوة تحت سيارة مغنية وتفجيرها في منطقة من دمشق تعتبر quot;حصناً أمنياًquot; لوجود أكثر من مقر للإستخبارات السورية فيها على حد وصف بعض عارفي العصمة السورية بتفاصيلها؟

تبقى الولايات المتحدة وجهازها الإستخبارات المركزية . وهذا احتمال وارد بشدة أيضاً، وإن كان يطرح الإسئلة نفسها.

وهناك أيضاً أحتمال أن تكون السلطات السورية قد سمحت باغتياله أو quot;أزاحتهquot;. ويفيد هنا التذكيربتقرير نشرته جريدة quot;السفيرquot; البيروتية يوم الأربعاء، 9 كانون ثاني / يناير 2002 لكاتبته هنادي سلمان تحت عنوان: quot;حزب اللهquot; والسياسة الخارجية الأميركية في دنيا ما بعد 11 أيلول: ldquo;ورقةrdquo; قابلة للاستعمال بحسب تطور العلاقات مع سوريا وإيرانquot; . وجاء فيه نقلاً عن مصدر في وزارة الخارجية الأميركية، رفض الكشف عن اسمه، قال ان المفاوضات الاسرائيلية السورية مجمدة راهنا ldquo;ولكن سنصل الى هناك. سنحاول ان نكتشف من السوريين ما يمكنهم ان يقدموه لتطميننا حول النشاطات والمنظمات الارهابية حول اشخاص من امثال عماد مغنية وحول مفاوضات التسوية، كلها امور يجب ان تناقش، اذ يجب ان نتسلم الاشخاص الثلاثة الذين خطفوا طائرة تي دبليو آيrdquo;.

وقال للكاتبة صحافي اميركي ، فضل هو الآخرعدم الكشف عن هويته، ان مسؤوليين اميركيين كبار عبروا له أخيرا عن ldquo;رضاهم التام ازاء التعاون السوري في مكافحة الإرهابrdquo; وهو ldquo;اكبر بكثيرrdquo; مما يتم الاعلان عنه، مما يدفعه الى الاعتقاد بان quot;سوريا لن تكون بعد اليوم هدفا محتملا في الحرب ضد الارهاب لأنه تمت تسوية الامر معهاquot;.

لكن مغنية بما أنه quot;أسطورةquot; يمكن تحميله أي شيء ، فها هو رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي اللبناني وليد جنبلاط يقول عنه قبل أشهر: ان quot;المعلّم الأساسي للسيد حسن(نصرالله) هو عماد مغنيةquot;، وما لبث ان قال جنبلاط لاحقا انه quot;ربما الجهاز الامني لدى quot;حزب اللهquot; او ما يسمى عماد مغنية متورط في بعض quot;الجرائمquot;، رأينا كيف قدموا يوم اغتيال(النائب) جبران تويني الحلوى في بعض المناطقquot;. قبل ذلك كتب صحافيون ان ثمانية أجهزة استخباراتية إسرائيلية تعجز عن اختراق quot;حزب اللهquot; وعرقلة نشاط عماد مغنية. اذ تردد انه الشخص الذي خطط لعملية اختطاف الجنديين الاسرائيليين في تموز/ يوليو 2006 بإيعاز من quot;الحرس الثوري الإيرانيquot;.

ويقال في مجال quot;الأسطرةquot; أنه غير ملامح وجهه خمس مرات بجراحات . وتصف المصادر الأميركية مغنية، الذي ينتقل بين ايران والعراق ولبنان ومناطق أخرى، بأنه أكبر شخص على كوكب الأرض قتل أميركيين، وذلك قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

ومغنية المطلوب في 42 دولة، قاتل غامض تنسب اليه عمليات كثيرة لا يحب الظهور الاعلامي كأسامة بن لادن والظواهري، وله اسماء وكنيات كثيرة فهو quot;الثعلبquot; كما يطلق عليه الإيرانيون، وهو quot;الحاج عمادquot;، كما يسميه السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله ، وهو quot;ابن لادن الشيعيquot; بالنسبة لإسرائيل، وهو quot;القاتل الأكبرquot; عند الأميركيين.