أٍسامة مهدي من لندن: حذرت المرجعية الشيعية العليا في العراق الحكومة العراقية من الاستعجال في توقيع الاتفاقية الاستراتيجية الطويلة الامد مع الولايات المتحدة مشيرة الى انها تعقد بين بلد محتل ودولة تمارس هذا الاحتلال ودعت الى الاستعانة بخبراء عراقيين واجانب لدراسة اي ثغرات فيها قبل توقيعها نظرا لانها تتعلق بحاضر ومستقبل الاجيال العراقية وتمس المصالح العليا للشعب العراقي بكل قومياته وأديانه وطوائفه.

فقد حذر معتمد المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني في مدينة كربلاء (110 كم جنوب غرب بغداد) الشيخ عبد المهدي الكربلائي من quot;خطورة الاستعجال في عقد الاتفاقية الإستراتيجية العراقية الاميركية التي تبدأ اجتماعاتها في بغداد في السابع والعشرين من الشهر الحالي. واشار الكربلائي خلال خطبة الجمعة اليوم الى ان تحذيره هذا يرجع الى ان الاتفاقية ستحكم العلاقة طويلة الأمد بين العراق ، الذي ما زال محتلا، وبين أميركا ، الدولة التي مازالت تمارس هذا الاحتلال. واضاف انها اتفاقية دولية ستعقد وفق الأعراف الدولية وعلى الطرفين الالتزام بها وهذا يستلزم أن تكون اتفاقية ضامنة لمصلحة الشعب العراقي ولا تشكل خطرا على حاضره ومستقبله لأنها ستلزم الأجيال المقبلة بها وبالتالي فهي اتفاقية إستراتيجية ترسم صورة العلاقة بين الدولتين وتمس المصالح العليا للشعب العراقي بكل قومياته وأديانه وطوائفه حيث ستتضمن جوانب ثقافية واقتصادية وأمنية وقانونية مما لها الأثر المباشر على حاضر العراقيين ومستقبلهم سلبا أو إيجابا بحسب ما ستكتب به بنودها.

واكد ممثل السيستاني قائلا quot;إننا نحتاج إلى الاطمئنان على هذه البنود لكي لا يكون لهذه الاتفاقية إلا الأثر الايجابي حيث اننا نعتبرها أمرا في غاية الأهمية والخطورة ويجب التأني الشديد في دراستها وكتابتها وإقرارها. وطالب الحكومة العراقية بالاستعانة بكبار الخبراء من عراقيين أو اجانب في كل المجالات التعليمية والثقافية والأمنية والاقتصادية والقانونية مما ستتضمنه بنود الاتفاقية وذلك من أجل دراسة كافة بنودها والبحث عما يمكن أن يحدث من ثغرات فيها قد يدفع الشعب العراقي ثمنها مستقبلا في ما لو لم تتم عملية دراستها بتأنٍ . واشار الكربلائي في خطبته التي نقل فحواها موقع quot;نونquot; المقرب من المرحعيا العليا من مدينة كربلاء الى ان هذه الاتفاقية ستمر بثلاثة مراحل : الأولى اجتماعات الإعداد والصياغة لبنودها ثم اجتماعات التفاوض على تلك الصياغة والخروج بنص ختامي تنتهي في المرحلة الثالثة بعملية العرض على مجلس النواب لغرض التصويت عليها بعد مناقشتها وإجراء التعديلات عليها مشددا على أن quot;من الخطأ الاستعجال في كل تلك المراحل لأن أي ثغرة قد تحصل فيها ممكن أن تشكل خطرا على العراق شعبا وحكومة حاضرا ومستقبلاquot;.

وطالب الكربلائي quot;جميع مكونات الشعب العراقي من العرب والكرد والتركمان والآشوريين والكلدانيين وغيرهم مسلميهم ومسيحييهم وبقية أديانهم، شيعتهم وسنتهم وباقي طوائفهم أن يشاركوا في كل مراحل هذه الاتفاقية لأن بنودها تخصهم جمعيا حاضرا ومستقبلاquot;.

وحول ما يتردد بشأن التغيير الوزاري المرتقب اشار معتمد المرجعية الشيعية في كربلاء الى ان هناك طرحين حول هذا الأمر، الأول أن تملأ الوزارات الشاغرة بوزراء جدد مع بقاء التشكيلة الوزارية نفسها .. والثاني اعادة هيكلة التشكيلة الوزارية بإلغاء بعض الوزارات . واضاف قائلا quot; quot;لسنا نرجح طرحا دون آخر من هذين الاثنين إذ إن ذلك من شأن ذوي الاختصاص ولكننا نطالب من يتبنى أيا منهما أن يعتمد في اختيار شخوص الوزراء بناء على كفائة كل منهم وأن لا يضع في اعتباره انتماءه لجهة ما دون أخرى وبالتالي سنقع مرة أخرى في فخ المحاصصة الطائفية المقيتة التي ما انفكت تشكل ضررا على العراق مما انعكس سلبا على سوء الإدارة في الكثير من الوزاراتquot; .

وعبر الكربلائي عن استعرابه من quot;عدم مصداقية بعض الكيانات السياسية حين تصل النوبة إلى التطبيق، حيث رغم أنها تؤمن بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن الانتماء الحزبي والطائفي والقومي وتصرح بذلك في وسائل الإعلام إلا أنها عندما تريد التطبيق تخالف ما تقول!!! رغم أن ذلك خلاف مصلحة الشعب العراقي لأن كل الوزارات تخص كل العراقيين بكل توجهاتهم وانتماءاتهم القومية والدينية والطائفية والحزبيةquot;.

وانتقد الشيخ الكربلائي بعض الأشخاص في السلطتين التنفيذية والتشريعية ممن يضغطون لتعيين أحد أقاربهم في مناصب مرموقة كسفير أو مدير أو وكيل وزير مبينا quot;أن ذلك خلاف الأمانة الملقاة على عاتقهم والتي تتطلب أن يكونوا خدما للشعب العراقي لا أن يكون الشعب العراقي جسرا يصلون بهم إلى ما يريدونquot;.

وحول الاتفاقية الاستراتيجية العراقية الاميركية قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في وقت سابق اليوم ان العراق يريد تأكيدات من واشنطن بأن تقف الى جوار بلاده في اتفاق ثنائي طويل الأجل تشرف الدولتان على بدء التفاوض بشأنه.

وقال زيباري quot;ما نريد ان نراه في هذا الاتفاق حقا هو التزام مستمر من جانب الحكومة الاميركية للوقوف الى جوار الحكومة العراقية في مواجهة تهديدات خارجية وداخلية quot;لكن هذا لا يعني حقا اننا نريد من الولايات المتحدة ان تضم قواتها الى العراق وتخوض حربا أخرى مع ايران او اي جيران اخرين لان هذا ليس القصد او الزج بالاميركيين في شيء هو في غير مصلحتهم.quot;

وتعمل القوات الامريكية في العراق بموجب تفويض من الامم المتحدة ينتهي بنهاية العام الحالي 2008 ولا يريد العراق تمديد هذا التفويض ولذلك تحتاج الدولتان للاتفاق على مباديء تسمح للقوات الاميركية بالبقاء في العراق بعد هذا التاريخ.

وسئل زيباري عما اذا كان يريد الزام الولايات المتحدة بأن تحمي العراق في حالة التعرض لخطر خارجي فقال quot;هذا سيترك للمفاوضات. هذه مفاوضات فنية وقانونية بدرجة كبيرة لذلك لا اريد ان اقفز الى النتائج..انه سيكون نوعا من (اتفاق) وضع القوات لكنه قد يذهب الى ابعد من هذا ايضا quot; .

وكان أعلن في بغداد الاربعاء الماضي ان المفاوضات العراقية الاميركية لابرام اتفاقية استراتيجية طويلة الامد للتعاون بين البلدين ستبدأ في العاصمة العراقية في السابع والعشرين من الشهر الحالي .

وقال مصدرمطلع في رئاسة الوزراء أن المباحثات العراقية الاميركية بشأن إتفاقية التعاون والصداقة طويلة الأمد بين بغداد وواشنطن ستجري يومي 27 و 28 من شهر شباط الحالي في بغداد. واضاف ان الوفد العراقي سيكون برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي وعضوية نائب رئيس الوزراء برهم صالح ووزير الخارجية هوشيار زيباري إضافة إلى عدد من المسؤولين في الدولة كما ابلغ وكالة quot;اصوات العراقquot; لكنه لم يوضح اسماء اعضاء الوفد الاميركي المفاوض .

ومن جانبه قال الناطق باسم رئاسة الحكومة العراقية علي الدباغ في بيان صحفي أنquot; هذه الاتفاقية ستمكن العراق من تحقيق مصالح الشعب في المجالات الإقتصادية والأمنية والعسكرية إضافة إلى المجالات السياسية والدبلوماسية والثقافية وإقامة علاقات ودية مع الشعب الامريكيquot; .
وأعلنت كل من العراق والولايات المتحدة اواخر العام الماضى عن نص اعلان المبادئ لعلاقة طويلة الامد من التعاون والصداقة بين الدولتين وقالتا انه يهدف الى دعم الولايات المتحدة للعراق في الدفاع عن نظامها الداخلي ضد التهديدات الداخلية والخارجية واحترام ودعم الدستور باعتباره التعبير عن إرادة الشعب العراقي والوقوف في وجه أية محاولة لعرقلته أو تعطيله أو انتهاكهquot; .

وكشف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في السادس والعشرين من آب (أغسطس) الماضي عن بنود وثيقة اعلان النوايا التي وقعها مع الرئيس الاميركي جورج بوش خلال دائرة تلفزيونية مغلقة وهي تتضمن حماية النظام الفيدرالي في العراق في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية التي يتعرض لها ودعم المصالحة والوفاق السياسي ومساعدة الحكومة العراقية على مكافحة المجموعات الارهابية وفي مقدمتها تنظيم القاعدة والصداميين وكل المجاميع الخارجة عن القانون بغض النظر عن انتماءاتها والقضاء على شبكاتها اللوجستية ومصادر تمويلها واجتثاثها من البلاد اضافة الى مساعدة العراق على اطفاء ديونه والغاء تعويضات الحروب التي قام بها النظام السابق.

ويتضمن اتفاق النوايا ثلاثة فصول الاول يتعلق بالمجالات السياسية والدبلوماسية والثقافية والثاني بالمجال الاقتصادي والثالث بالامني .
وينص الفصل الاول على دعم الحكومة العراقية في حماية النظام الديمقراطي في العراق من الاخطارالتي تواجهه داخليا وخارجيا والوقوف بحزم امام اية محاولة لتعطيله او تعليقه اوتجاوزه ودعم جهود الحكومة العراقية في سعيها لتحقيق المصالحة الوطنية وتشجيع الجهود السياسية الرامية الى ايجاد علاقات ايجابية بين دول المنطقة والعالم لخدمة الاهداف المشتركة لكل الاطراف المعنية وبما يعزز امن المنطقة واستقرارها وازدهار شعوبها.

اما الفصل الثاني فيتضمن دعم جمهورية العراق للنهوض في مختلف المجالات الاقتصادية وتطوير قدراته الانتاجية ومساعدته في الانتقال الى اقتصاد السوق وتسهيل وتشجيع تدفق الاستثمارات الاجنبية وخاصة الامريكية الى العراق للمساهمة في عمليات البناء واعادة الاعمار ومساعدة العراق على استرداد امواله وممتلكاته المهربة وخاصة تلك التي هربت من قبل عائلة صدام حسين واركان نظامه وكذلك فيما يتعلق باثاره المهربة وتراثه الثقافي .. اضافة الى مساعدته على اطفاء ديونه والغاء تعويضات الحروب التي قام بها النظام السابق في اشارة الى التعويضات التي قررتها الامم المتحدة الى الكويت وايران .

ويتعلق الفصل الثالث بالشؤون الامنية وهو يشير الى تقديم تاكيدات والتزامات امنية للحكومة العراقية بردع اي عدوان خارجي يستهدف العراق وينتهك سيادته وحرمة اراضيه او مياهه او اجوائه ودعم الحكومة العراقية في تدريب وتجهيز وتسليح القوات المسلحة العراقية لتمكينها من حماية العراق . وقال ان الحكومة العراقية تتولى تاكيدا لحقها الثابت بقرارات مجلس الامن الدولي طلب تمديد ولاية القوات المتعددة الجنسيات للمرة الاخيرة واعتبار موافقة مجلس الامن على اعتبارالحالة في العراق لم تعد بعدانتهاء فترة التمديد المذكورة تشكل تهديدا للسلام والامن الدوليين وما ينتج عن ذلك من انهاء تصرف مجلس الامن بشأن الحالة في العراق على وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بمايعيده الى وضعه الدولي والقانوني السابق لصدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 661 في اب 1990 ليعزز الاعتراف والتاكيد على السيادة الكملة للعراق على اراضيه ومياهه واجوائه وسيطرة العراق على قواته وادارة شؤونه واعتبار هذه الموافقة شرط لتمديد القوات.