خلف خلف من رام الله : لم يتمكن سكان قطاع غزة من التقاط أنفاسهم بعد ، وما زالت الجراح تنزف ، والمصابون لم يخرجوا من المستشفيات ، والمعزون لم يغادروا بيوت العائلات الثكلى التي يقف الشخص أمامها حائراً من أين يبدأ ، فالكثيرون فقدوا أكثر من شخص قريب وعزيز خلال العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة التي سقط خلالها ما يزيد عن 120 فلسطينياً. بينما ما زال الخطر يحدق في المليون ونصف المليون، وهم عدد سكان القطاع المتبقين، والذين يتناقص عددهم يومياً بفعل الاغتيالات والاعتقالات.

وجاء اليوم الأربعاء قرار المجلس الوزاري الأمني المصغر السياسي- الأمني الذي قضى بإطلاق العنان ليد الجيش الإسرائيلي باستخدام كافة السبل لإيقاف الصواريخ التي تسقط على بلدات جنوب إسرائيل، ليفتح الباب على مصراعيه لاحتمالية رفع حدة الاغتيالات والعمليات العسكرية ونوعيتها، مما يعني أن كارثة قد تحدق في قطاع غزة، وذلك بحسب تحذيرات المؤسسات الحقوقية والإنسانية العاملة في القطاع من أن الدواء والغداء شارفا على النفاد نتيجة الحصار المتواصل منذ يونيو (حزيران) الماضي.

وقرار المجلس الوزاري المصغر quot;الكابينتquot;، صدر بعد دراسته للخطوات التي وضعها كل من الجيش، ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ووزارة الخارجية، والموساد، ومن الآن وصاعداً، يتوقع أن يكون الجيش قادراً على تنفيذ عمليات اغتيال وتوغلات برية محدودة دون الرجوع للمستوى السياسي.

وكان وزير الأمن الإسرائيلي ايهود براك شدد اليوم الأربعاء عزم إسرائيل على وقف إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وأشار براك خلال اجتماعه مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس ظهر اليوم إلى أن quot;حكومة إسرائيل ملزمة بضمان امن مواطنيها وسلامتهمquot;. وأضاف الوزير باراك حسبما نقلت عنه - إذاعة إسرائيل العامة- أن إسرائيل على استعداد للقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة إذا ما اقتضت الضرورة ذلك.

كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أنه quot;لن تعرف حماس لحظة واحدة من الهدوء ما استمر إطلاق الصواريخquot;. وأمس بينما كان الأخير مجتمعاً مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس كانت قوات الجيش الإسرائيلي التابعة لوحدة quot;أغوزquot; تمارس نشاطاً عسكرياً في أحد محاور غزة، وأسفرت العملية عن مقتل ثلاثة فلسطينيين، من بينهم طفلة لم يتجاوز عمرها 24 يوماً، وبينما أعلنت إسرائيل أن العملية كانت تستهدف يوسف السميري اعتقال أحد المسؤولين في حركة الجهاد الإسلامي.

ومما يزيد احتمالية أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً، ما جاء على لسان أولمرت الذي قال لرايس التي قدمت لاستئناف ودفع عجلة العملية السلمية: quot;لن نمكن حماس من أن تحدد ارتفاع اللهب في المنطقة. نحن ماضون إلى علاج قيادة حماس، والمسؤولين عن إنتاج الصواريخ والمسؤولين عن إطلاقها. جميعهم مستهدِفونquot;.

وبحسب توقعات العديد من المراقبين تستهدف إسرائيل من خلال عملياتها، استنزاف ما تمتلكه المجموعات المسلحة الفلسطينية من مخزون للأسلحة وبخاصة صواريخ غراد، وحسبما يقول المحلل السياسي الإسرائيلي ألون بن دافيد فأن حماس تملك مخزونا كبيرا من القذائف الصاروخية بحيث يستطيعون وسطيا إطلاق 40 ndash; 50 قذيفة يوميا.

ويضيف المحلل السياسي الإسرائيلي: quot;والنقطة المهمة بهذا الخصوص هي الإطلاق المحدود والانتقائي لصواريخ غراد نحو أشكلون، وهذا يعني أنه لا يوجد عندهم مخزون كبير من صواريخ غراد، ولكن يوم الجمعة سقطت قرب موشاف شوكيد قذيفة من نوع جديد، هي قذيفة إيرانية قطرها أكبر بكثير، ومن التحليل الأولي يبدو أن مداها لا يزيد كثيرا عن مدى القسام 15 كيلومترا، ولكن هذا يشير إلى وصول وسائط قتالية جديدة إلى القطاع، ولهذا كانت الهجمات خلال الـ 24 ساعة الأخيرة تتركز على نقاط إطلاق وإنتاج القذائفquot;.

وبحسب بن دافيد قأن أحد الأهداف الإسرائيلية من العمليات الحربية داخل القطاع هي الإثبات للفلسطينيين بأن إطلاق الصواريخ باتجاه المناطق الإسرائيلية سيكلف حماس ثمنا باهظا، لافتا إلى أن الثمن المذكور لم يبلغ حده النهائي، فالعملية العسكرية الإسرائيلية ما زالت مستمرة ومرشحة للتواصل عدة أيام إضافية.

ولفت بن دافيد إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية الميدانية تلقت معلومات عن الاستمرار بالأعمال العسكرية، وما حصل حتى الآن من اشتباكات ودمار وقتل هو جزء مما أسماه سلسلة مستمرة ومتواصلة تهدف إلى إنزال اكبر عدد من القتلى وأكبر حجم من الدمار في الجانب الفلسطيني.