الرئيس العراقي لن يشارك في القمة العربية بدمشق
طالباني في أنقرة مع سياسيين ووزراء لبحث ملفات ساخنة

أسامة مهدي من لندن: وصل إلى أنقرة اليوم على رأس وفد وزاري وسياسي كبير الرئيس العراقي جلال طالباني في زيارة رسمية لتركيا تستغرق 24 ساعة ستخيم عليها أجواء التوغل التركي العسكري الأخير في شمال العراق والموقف الرسمي العراقي الذي إعتبر ذلك إنتهاكا للسيادة الوطنية .. فيما رجح مصدر مقرب من الرئيس عدم مشاركته في أعمال القمة العربية بدمشق التي ينتظر إنعقادها أواخر الشهر الحالي. وتأتي زيارة الرئيس العراقي إلى تركيا بدعوة من الرئيس التركي عبدالله غول حيث سيبحث معه ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان العلاقات بين البلدين بمختلف مجالاتها السياسية والأمنية والإقتصادية والتجارية والطاقوية والثقافية. وكان الرئيس العراقي تسلم دعوة من الرئيس التركي غول لزيارة تركيا خلال إستقباله في بغداد الأسبوع الماضي أحمد أوغلو مبعوث الرئيس التركي.

ومن المنتظر ان تكون مشكلة قواعد حزب العمال التركي الكردستاني الانفصالي في شمال العراق والقواعد العسكرية الاربع بهذه المنطقة في مقدمة مباحثات طلباني في انقرة اضافة الى بحث قضية كركوك التي ترفض تركيا ضمها الى اقليم كردستان كما يريد الاكراد نظرا للالتزامات التركية تجاه مواطني المدينة من التركمان ولعدم ارتياحا اصلا لوجود اقليم كردي في شمال العراق على حدود اراضيها الجنوبية . كما ان المسائل الاقليمية ستبحث ايضا خلال زيارة طالباني الذي يرافقه وزراء المالية باقر جبر الزبيدي والنفط حسين الشهرستاني والموارد المائية عبد اللطيف جمال رشيد والصناعة والمعادن فوزي حريري ووكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي . كما يضم الوفد العراقي ايضا رئيس جبهة التوافق العراقية عدنان الدليمي ورئيس ديوان الرئاسة نصير العاني والمستشار الثقافي لرئيس الجمهورية جلال ماشطة والمستشار العسكري الفريق اول ركن وفيق السامرائي والناطق باسم الحكومة علي الدباغ اضافة الى عدد من الخبراء والمستشارين .

وكان برلمان اقليم كردستان العراق في اربيل قد طالب مؤخرا بالعمل على اغلاق اربع قواعد تركية موجودة منذ اكثر 11 سنة في هذه المنطقة . وفي قرار له صادق البرلمان على دعوة quot;حكومة اقليم كردستان الى الاسراع في اغلاق جميع القواعد التركية في الاقليمquot; كما quot;يطالب الحكومة التركية بترك القواعد التي اقامتها في اقليم كردستان بسبب الظروف الاستثنائية التي مر بها الاقليم قبل سقوط النظام العراقي السابقquot;.وكان القادة الاكراد العراقيون وافقوا في التسعينات في اوج حرب دارت بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في شمال العراق على ان يقيم الجيش التركي قواعد في كردستان العراق. واعلن نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان العراق ان quot;وجود قواعد تركية جاء بالتنسيق مع السلطات الكردية عام 1997quot;. واضاف quot;نحن سمحنا باقامة هذه القواعد بحسب اتفاقية بيننا وبين الحكومة التركية وجاء فيها ان تحركهم يجب ان يكون بعلمنا لكنهم عندما ارادوا الخروج من قواعدهم من دون ابلاغنا اعتبرنا ذلك خطوة خطيرة غير مسؤولةquot;.

وتقع القواعد التركية في غيريلوك (40 كلم شمال العمادية) وكانيماسي (115 كلم شمال دهوك) وسيرسي (30 كلم شمال زاخو) على الحدود العراقية التركية وهي قواعد ثابتة ينتشر فيها جنود اتراك على مدار السنة. ويتضمن برنامج طالباني اجراء مباحثات مشتركة يتراسها مع غول ثم يعقدان مؤتمرا صحفيا مشتركا في القصر الرئاسي بأنقرة .. تعقبه مأدبة غداء رسمية على شرف الرئيس طالباني والوفد المرافق له بحضور سفراء الاتحاد الأوربي ودول جوار العراق وعدد من رجال الأعمال ورؤساء تحرير الصحف وكبار المسؤولين في الحكومة التركية.

وفي اليوم الثاني من الزيارة غدا سيتم عقد عدة اجتماعات مشتركة بين الوزراء العراقيين ونظرائهم الأتراك .. فيما سيجتمع طالباني صحبة رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان مع الهيئة التنفيذية لرجال الأعمال العراقيين والأتراك .. ثم يعقد اجتماع بين الرئيس العراقي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي. وحول عدم مشاركة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في الوفد المرافق للرئيس طالباني إلى أنقرة ومشاركة وكيل الوزارة بدلا عنه اوضح مصدر في رئاسة الجمهورية سبب ذلك إلى وجود زيباري في القاهرة للمشاركة في الاجتماع الدوري لوزراء الخارجية العرب الذي يعد للقمة العربية امقبلة في دمشق اواخر الشهر الحالي.

وقبيل مغادرته الى انقرة ترأس طالباني الليلة الماضية اجتماعا للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي تزعمه عن طريق دائرة تلفزيونية مغلقة بين بغداد حيث مقره وقيادة الحزب في السليمانية (330 كم شمال بغداد) بحثت خلاله جملة مسائل سياسية مهمة. وقال المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد ملا بختيار انه قد تم في الاجتماع quot;التباحث حول زيارة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد محمود احمدي نجاد، الى العراق وما تمخض عنها من نتائج سياسية واقتصادية وامنية وتأثير الزيارة على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والمباحثات المقررة بين الولايات المتحدة وايران حول العراق حيث قيم المكتب السياسي بالايجاب زيارة السيد احمدي نجاد الى العراق معربا عن امله في ان تسخر جميع الاتفاقيات المعقودة بين الجانبين في خدمة العلاقات المتعددة الاوجه بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وجمهورية العراق الفيدراليquot;. واضاف الى ان الاجتماع ناقش ايضا زيارة الرئيس طالباني الى تركيا quot;حيث تم التحضير اللازم لها لتكون اجندة الاجتماعات مثمرة والتي ستصب بلاشك في خدمة علاقات الصداقة بين جمهورية العراق والجمهورية التركية، ولاسيما بعد انسحاب الجيش التركي من اقليم كردستان العراقquot;.

واكد quot;ان الرئيس طالباني سيشدد خلال زيارته الى تركيا على ان حكومة اقليم كردستان تؤيد كما كانت دوما الحوار الاخوي والودي وحل جميع المشاكل بصورة سلمية سواء كانت في الجمهورية التركية او اقليم كردستان العراق او العراق الفيدراليquot;. وقد شدد الرئيس طالباني خلال لقائه المبعوث التركي على أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين الجارين على أساس احترام السيادة والاستقلال الوطني وحرمة الأراضي وتطوير الروابط الثنائية في جميع الميادين.ودعا الى التنسيق بين البلدين لتسوية جميع المشاكل العالقة من خلال الحوار ومنع أي تطاول من أراضي أي طرف على الطرف الأخر. ورحب الرئيس طالباني الجمعة الماضي quot;ترحيباً حاراً بقرار تركيا سحب قواتها من العراق وقال ان هذا الانسحاب أكد مصداقية الحكومة التركية بان الحملة العسكرية محدودة ومؤقتةquot; كما قال بيان رئاسي واشار الى ان الانسحاب يدل على صواب سياسة ضبط النفس والتعامل العقلاني و السياسي الهادئ مع الازمة الاخيرة و نجاحها في المحصلة النهائية كما مارستها القيادة الكردية كذلك على اضرار و فشل سياسة الضجيج الاعلامي الصاخب والتشنج و التوتر.

ونقل بيان رسمي عن طالباني قوله انه quot; يتطلع بشوق الى تلبية الدعوة الكريمة الموجهة اليه من قبل فخامة الرئيس عبدالله غول لزيارة الجارة الصديقة تركيا ليساهم بدوره وبالعمل المشترك مع القادة الاتراك الافاضل و خصوصاً الرئيسان غول واردوغان في تعزيز و تطوير العلاقات السياسية و الاقتصادية والثقافية والامنية بين الشعبيين الشقيقين التركي و العراقي بما يحقق أهدافها المشتركة بما فيها درء شرور الارهاب والاعمال العنفية الطائشة أيضاًquot;. وكان الجيش التركي انسحب في التاسع والعشرين من الشهر الماضي من كردستان العراق حيث شن هجوما واسعا على مدى ثمانية ايام ضد متمردي حزب العمال الكردستاني الذي يخوض منذ عام 1984 عمليات مسلحة ضد تركيا اوقعت حوالى 37 الف قتيل. ويؤكد الجيش التركي ان 240 متمردا من مسلحي حزب العمال قد قتلوا في هذا التوغل الذي اوقع ايضا 27 قتيلا من الجانب التركي.

طالباني لن يشارك في القمة العربية بدمشق

ومن جهة اخرى قال مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية العراقية quot; أنه من المقرر حتى هذه اللحظة ألا يشارك السيد جلال طالباني في مؤتمر القمة العربية المقبل المقرر عقده نهاية الشهر الحاليquot;. وأرجع المصدر سبب عدم مشاركة طالباني في القمة العربية إلى إنشغاله خلال فترة انعقاد المؤتمر ببعض الملفات الداخلية ولاسيما التغييرات التي من المنتظر أن تجرى على تشكيلة حكومة المالكي والتي تحتاج الى حصول توافق بين الكتل المشاركة في العملية السياسية وأشار المصدر إلى أن أحد نائبي رئيس الجمهورية سينوب عنه لحضور القمةquot; كما اشار تقرير لمكتب اعلام الاتحاد الوطني الذي يتزعمه طالباني . وقال انه quot;برغم وجود علاقات تبادل تجاري واسعة بين سوريا والعراق إلا أن هناك برودا في العلاقات السياسية بينهما في مقدمة اسبابه عدم فتح السفارة السورية في العراق حتى الآنquot;.

وكان وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا قد سلم الرئيس طالباني في الحادي والعشرين من الشهر الماضي دعوة رسمية من الرئيس السوري بشار الاسد للمشاركة في مؤتمر القمة العربية في دورته العشرين التي ستعقد في دمشق يومي 29 و30 من الشهر الحالي . وقال بيان رئاسي ان طالباني قد تسلم الدعوة خلال استقباله بمقر اقامته في بغداد quot;وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا الذي سلم رسالة الدعوة الى فخامته ناقلا تحيات وتمنيات الرئيس بشار الاسد الى الرئيس طالباني متمنيا له دوام الصحة النجاحquot;. واشارت الى انه خلال اللقاء الذي شارك فيه نائب رئيس الوزراء برهم احمد صالح ووزير الخارجية هوشيار زيباري وكبير مستشاري الرئيس فخري كريم و رنصير العاني رئيس ديوان رئاسة الجمهورية وعدد آخر من المسؤولين رحب طالباني بالوفد الزائر quot;ترحيبا حارا واكد على اهمية العلاقات التأريخية بين العراق والجمهورية العربية السورية و ضرورة تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين على جميع المستوياتquot;. وأشاد الرئيس طالباني quot;بموقف سوريا الداعم للشعب العراقي أيام النضال ضد الدكتاتورية متمنيا للعلاقات العراقية السورية في الوقت الحاضر مزيدا من التطور والازدهار بما يعزز أواصر التعاون بين الجانبينquot;. وقد quot;حمل طالباني وزير الثقافة السوري تحياته و تمنياته الى الرئيس بشار الاسد شاكرا دعوته للمشاركة في مؤتمر القمة العربية المقبلةquot;.