كابول: بالرغم من اتخاذ الحكومة الأفغانية الجديدة خطوات كثيرة لتحسين أوضاع المرأة الأفغانية, إلا أن النسوة في المجتمع الأفغاني وخصوصا في المناطق البعيدة عن المدن يعشن تحت جبروت الرجال.

وتقول الإحصائيات إن حوالي سبعة وخمسين بالمائة من الفتيات يُكرهن علي الزواج أو يتم تزويجهن قبل بلوغهن السن القانونية.

ضحايا التعسف
سعدية التي التقينا بها في المستشفى أحرقت نفسها وأدخلها أقرباؤها المستشفي وذالك فرارا من المضايقات التي كانت تواجهها من قبل أفراد الأسرة ليست هي الفتاة الوحيدة التي أحرقت نفسها بل إن عشرات من الفتيات يحرقن أنفسهن أو يحرقهن أفراد من أسر أزواجهن كل عام.

رغم مرور سبع سنوات على الحكومة الجديدة التي تقول انها تدافع عن حقوق المراة وفتحت وزارة جديدة تهتم بشؤون النساء إلا أن النسوة في المجتمع الأفغاني وخصوصا في الأماكن البعيدة عن المدن يعشن في حالة بائسة وقلما تمتعن بجميع حقوقهن.

فرزانه مثلا فتاة متزوجة لم تتجاز الثامنة عشر من عمرها أحرقتها حماتها وهذا بعض ما قالته وهي في المستشفي quot;حماتي هي التي أحرقتني, فقد طلبت مني الشاي فلما قدمته لها سكبته على الأرض وقالت إنه بارد ثم قدمته ثانية فسكبته علي وجهي وبدأت تضربني ثم سكبت علي الماء الحارquot;.

إلتقيت في أحد المحاكم في مدينة كابل بعجوز اسمها مريم سألتها عن سبب مجيئها إلي هنا فقالت: زوجي يضربني كثيرا, طلبت منه عدة مرات الطلاق لكنه يرفض, جئت إلي المحكمة لتفرق بيني وبينه, وبالرغم من تقدمي في السن إلا أنني أريد الطلاق فرارا من ظلمه.

وتضيف مريم أن زوجها يدخن الحشيش كثيرا ولا يعمل, وابنها الصغير هو المسؤول عن اعالة الاسرة.

فرزانه بنت لم تتجاوز الثانية عشر من عمرها, زوَجها والدها لعجوز في الستين من عمره وهو والد لبضعة أولاد وزوج لامرأة أخرى وتقول فرزانه إن والدها زوجها لهذا الرجل مقابل أن يتحمل تكاليف زواج شقيق فرزانه.

وبعد مرور مدة نجحت فرزانه بالفرار من منزل زوجها بعد أن عانت من مضايقات كثيرة في ذلك المنزل وتقول فرزانة: كان زوجي, وزوجته الاخرى واولاده يضربونني جميعا, أحيانا كانوا يقيدونني في غرفة لمدة طويلة ,وفي احدى المرات وضعوا يدي على الجمر, فلجأت إلى الفرار من المنزل, وعندما خرجت وجدت مركزا للشرطة فأرشدوني إلي هذه المؤسسة الحكومية.

زواج بالاكراه وتسول
وتقول الإحصائيات في افغانستان إن حوالي سبعة وخمسين في المائة من الفتيات يُكرهن علي الزواج أو يتم تزويجهن قبل بلوغهن السن القانونية.

ويحل اليوم الثامن من اذار/ مارس الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة فيما لا تزال شوارع افغانستان تغص بالمتسولات والنسوة اللاتي عانين الامرين من ظلم ذوي القربى.

نسيمة طفلة في الثامنة من عمرها جالسة جوار والدتها في أحد الشوارع في مدينة كابل, تقول إنها تمارس التسول منذ خمس سنوات لكسب قوتها وتضيف قائلة: نحن نمد أيادينا للأخرين, وأنا لا أريد أن أبقى هكذا في المستقبل, أريد أن التحق باحدى المدارس في العام الجديد.

ورغم كل ذالك يرى بعض المراقبين أن الحكومة الجديدة نفذت خطوات كثيرة لتحسين أوضاع النساء.

quot;تحسنquot;
تقول جينا حيدري مسؤلة التعليم في الوزارة المسؤولة عن شؤون المراة: من حسن الحظ أن أوضاع المرأة الأفغانية تتحسن يوما بعد يوم, ونتوقع تحسنا أكثر في الأعوام المقبلة حيث يمكن ان تختفى مظاهر مضايقة النساء في المستقبل.

وبالرغم من هذه التصريحات فإن المجتمع الأفغاني لا يزال يعاني غالبا من سطوة التقاليد والعادات القديمة, ولعل هذا واحد من الاسباب الرئيسية التي تكمن وراء تخلف المرأة الأفغانية.

يقول الصحفي مصطفي سالك ان واحد من اكثر الامثال شيوعا هنا هو quot;إن المكان الطبيعي للمرأة هو واحد من ثلاثة: بيت ابيها او بيت زوجها او ... القبر.

والقانون قد يطبق في المدن الكبيرة أما في القرى والأماكن البعيدة لا تستطيع الحكومة تطبيق القانون اذ ان الشعب الافغاني في معظم الأحوال لا ينظر إلي القانون نظرة إحترام قدر ما يحترمون وربما ويقدسون تقاليدهم الشعبية وقوانينهم القبلية.

لذالك فان كثيرا من النساء الافغانيات لا يزلن يعشن حياة بائسة في مناطق كثيرة من البلاد .. وربما استغرق الامر عقودا قبل ان تحصل المرأة على كافة حقوقها في افغانستان.