باريس: يدل رحيل الوزير الفرنسي المنتدب للتعاون جان ماري بوكيل الذي انتقده حلفاء فرنسا الافارقة، على حدود ارادة القطيعة التي يدعو اليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن سياسة فرنسا الافريقية القديمة.ولم يتول بوكيل الذي كان ينتمي الى الحزب الاشتراكي، منصب وزير منتدب للتعاون سوى عشرة اشهر قبل ان يحل محله الثلاثاء الآن جويانديه، احد المقربين من الرئيس ساركوزي.وعين بوكيل وزيرا منتدبا لقدماء المحاربين، في منصب يعتبره العديد من اعضاء الحكومة quot;تراجعاquot;.وعلقت صحيفة لوموند في عدد الجمعة ان quot;بامكان القادة الافارقة ان يطيحوا باحد وزراء الجمهورية الفرنسيةquot;.

وكان بوكيل اثار في منتصف كانون الثاني/يناير غضب عدد من الرؤساء الذين يعتبرون من افضل حلفاء فرنسا في افريقيا ومن بينهم الرئيس الغابوني عمر بانغو، وذلك عندما وعد quot;بوضع حد لسياسة فرنسا الافريقيةquot; القديمة ودعا ساركوزي الى تجسيد وعوده quot;بالقطيعةquot; في هذا المجال.واقر بوكيل في شباط/فبراير انه quot;فعلا تمت بعض المكالمات الهاتفيةquot; بين رؤساء دول افريقية او مقربين منهم وقصر الايليزيه.

ولم تتردد ليبرفيل في التعبير الاربعاء صراحة عن ارتياحها لرحيل بوكيل في حين لزمت باريس الصمت حول الضغوط التي قد يكون القادة الافارقة مارسوها.وافاد مصدر مقرب من السلطات في ليبرفيلquot;انه مؤشر جيدquot; مؤكدا ان السلطات الغابونية quot;دعت الى تغيير في قمة وزارة التعاونquot;.وكان المطلب ملحا لان العلاقات توترت بين البلدين لا سيما بعد تحقيق تلفزيوني تناول ممتلكات بونغو العقارية الفخمة في فرنسا.

وفي باريس اكد مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس حصول quot;ضغوط مارسها رؤساء افارقة في اعلى المستويات للاطاحة ببوكيلquot; ذاكرا الكونغو والغابون البلدين النفطيين البارزين بين حلفاء فرنسا في افريقيا.واضاف المصدر ان الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو استاء من الوزير المنتدب للتعاون معتبرا انه quot;يعرقل تلبيةquot; مطالبه بشان زيادة كبيرة في المساعدة الى بلاده.

وردا على سؤال مجلة quot;جون افريكquot; حول ما هو رده على خطاب بوكيل بشان quot;سياسة فرنسا الافريقيةquot; قال نغيسو quot;لا شيء، وعلى كل حال، لا رد على ذلك الرجلquot;.واعتبرت جمعية quot;سورفيquot; التي تنشط من اجل quot;تنقية العلاقات الفرنسية الافريقيةquot; ان quot;النفاق بلغ ذروتهquot; مؤكدة ان quot;نيكولا ساركوزي عدل تماما على وعود القطيعة في سياسة فرنسا الافريقية السابقةquot;.

وكان الرئيس الفرنسي قبل انتخابه، كرر التصريحات حول quot;شراكة متجددةquot; مع المستعمرات الفرنسية سابقا في افريقيا من اجل التخلص من quot;شبكات اتى عليها الزمنquot; او quot;مخلفات الماضيquot;.الا ان ساركوزي كثف مؤشرات اعتبرت متناقضة ففي حين قدم دعما عسكريا حاسما للرئيس التشادي ادريس ديبي اتنو في شباط/فبراير، اكد من جهة اخرى انه يريد اعادة النظر في اتفاقات الدفاع المبرمة بين باريس ومستعمراتها السابقة.واعتبر الصحافي انطوان غلاسر المتخصص في العلاقات الفرنسية الافريقية ان quot;ساركوزي لم يحسم موقفه بعدquot;.

واوضح quot;انه يريد القطيعة وفي الوقت نفسه يخشى من رد رؤساء اقرب الدول الحليفة في افريقيا وبالخصوص عمر بانغو الحافظ الامين لكل الاسرار منذ نصف قرن في العلاقات السياسية الحميمة بين فرنسا وافريقياquot;.

واضاف ان quot;سياسة فرنسا الافريقية لن تسمتر على ما كانت عليه لان افريقيا تتماشى مع العولمةquot; وتشهد مغازلة اطراف اخرى مثل الصين في حين quot;تنظر فرنسا اكثر فاكثر نحو اوروباquot; قبل التدخل في افريقيا كما وقع مع تشكيل قوة يوفور في شرق تشاد.