مع امتناع الرئيس علي عبد الله صالح عن المشاركة فيها
قمة دمشق في عيون اليمنيين
عدن (اليمن): فرض موضوع عقد القمة العربية الـ20 التي بدأت أعمالها اليوم على تفكير اليمنيين، فأصبحوا يترقبون كغيرهم من العرب ما ستخرج به من قرارات تضاف إلى رصيد القمم السابقة بين أن تكون حبرا على ورق، أو تسهم ولو بقدر بسيط في تخفيف ألم ومعاناة وإحباط الشارع العربي. quot; السياسية quot; وفي استطلاع ميداني جاءت قضية فلسطين والمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي و المشكلة اللبنانية والخوف من أن تؤدي إلى حرب أهلية و احتلال العراق جاءت ضمن أولويات مطالب اليمنيين للقمة، الخروج بقرارات ازاءها .
موقف عربي موحد
يقول الدكتور محمد سعيد مقبل، أستاذ الصحافة في كلية الإعلام في جامعة صنعاء، إن أهم مطلب لديه من قادة الدول العربية هو الخروج بموقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية واحتلال العراق. كما طالب القادة باتخاذ موقف وقرار عربي ينفذ ولا يبقى حبرا على ورق، على أن يتم إنهاء التدخل الفاضح بالشؤون اللبنانية والسودانية. وتساءل: quot;هل ستخرج القمة بجديد هذه المرة يعيد الأمل للشارع العربي؟quot;. ويواصل: quot; أين مشكلة وقضايا الصومال من خارطة أعمال القادة العرب؟ quot;.
ويرى أن على الحكام العرب اتخاذ موقف قوي وخطوات عملية تنفذها الهيئات في كل الدول العربية تخرس وتصد الهجمات التي تستهدف الدين الإسلامي والرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام.
كثرة القضايا العربية الخطرة والملتهبة بدءا بقضية فلسطين وانتهاء بقضية الصومال ودافور والخلافات بين الدول العربية جعلت التفاؤل لدى اليمنيين بما ستخرج به القمة مصحوبا بالحذر، ولاسيما أن هناك من يتوقع حدوث بعض التعثرات.
الدكتور عبد الباسط الحطامي، أستاذ الإعلام المساعد في كلية الإعلام، كغيره من العرب يأمل أن تخرج القمة بتوصيات وقرارات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، مطالبا القادة العرب بأن يكونوا على قدر المسؤولية وينقلوا مطالب واهتمامات شعوبهم ويجعلوها من أولوياتهم وأن يكون لهم نوع من الحيادية والاستقلال الذاتي في اتخاذ أي قرار. ويطمح في أن تخرج قمة هذا العام بشيء ايجابي يكون قابلا للتنفيذ ويعيد للمواطن العربي كرامته وعزته بعروبته، ولا تكون قمة روتينية ومكررة مثل التي سبقتها.
تفعيل إعلان صنعاء :
ويطالب الدكتور محمد عبد الجبار سلام، عميد كلية الإعلام في جامعة صنعاء، القادة العرب بأن يضعوا قضيتي لبنان وفلسطين نصب أعينهم خلال اجتماعات مؤتمر القمة، آملا أن تعتمد توصيات القمة تفعيل إعلان صنعاء الذي وقعته حركتا quot;فتحquot; وquot;حماسquot; الفلسطينيتان كإطار لإنهاء الخلاف بينهما وإنهاء حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني.
ويضيف أن على الزعماء العرب حل قضايا أمتهم الجوهرية ثم يأتي بعدها قضايا التنمية الاقتصادية والسوق المشتركة. ويتوقع أن تخرج القمة بأشياء كثيرة في حال شعر الزعماء والقادة بالمسؤولية التي أوكلتها شعوبهم لهم.
وتعقد قمة دمشق وسط انقسامات عربية ملحوظة، وتعاظم في الأسابيع الماضية الحديث عن الخلافات العربيّة واحتمال ظهور توجهات للمقاطعة أو اختلافات على جدول القمة وأولوياتها وسط خلافات عربية معلنة، فأصبح مطلب لمُّ الشمل العربي أولا ثم عقد القمة ثانيا، حيث يرى الدكتور بدر سعيد الاغبري المدرس في كلية التربية في جامعة صنعاء، أن على القادة العرب حل مشاكلهم ولم الشمل في ما بينهم والاتفاق حول قضايا أمتهم قبل دخولهم إلى قاعة اجتماعات مؤتمر القمة حتى لا يحدث ما حدث في القمم السابقة.
ويأمل أن تخرج القمة بنتائج جيدة. ويطالب القادة العرب بأن يجعلوا من اتفاقصنعاء قاعدة لحل الخلاف بين حركتي quot;فتحquot; وquot;حماسquot;.
وتعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والصراع الفلسطيني ndash; الفلسطيني واختلاف الرؤى تجاه الأزمة اللبنانية وكيفية تسويتها وسيول الدم والدمار وانتهاكات حقوق الإنسان واشتعال الفتنة في العراق وافتعال الأزمة في السودان وقضية الصومال، وأخيرا الرسوم المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام أوجدت حالة من التطلع الكبير لدى الشارع العربي بما ستخرج به القمة من قرارات.
التعويل على القمة :
وسط التفاؤل المثقل بالهموم العربية أجمع عدد من الأكاديميين في جامعة صنعاء وعدد من الطلاب بأنهم لا يعولون على القمة بشيء، لأنها لا تختلف عن القمم السابقة بشيء. ويتساءلون: ماذا فعلت القمم السابقة؟ هل أعادت للمواطن العربي كرامته أو حلت القضية الفلسطينية أو أوقفت نزيف الدم العراقي؟ مستفسرين: هل ستتمكن قمة دمشق من فك حصار غزة ومد أهلها بالعون الذي حرمتهم منه ظروف الظلم والاحتلال؟ وهل ستتمكن من توحيد الفلسطينيين أو اللبنانيين أو العراقيين, كخطوة أولى...؟
الدكتور عبد الملك الدناني، رئيس قسم الصحافة في كلية الإعلام في جامعة صنعاء، قال إن القمة أمامها صعوبات كثيرة وجمة ويجب أن يتجرد الزعماء من الحساسيات في ما بينهم وأن تكون مصلحة الأمة فوق كل اعتبار. وأكد أن هناك معوقات أساسية وعقبات منها قضية انتخاب رئيس للبنان وهناك الاختلاف الفلسطيني بين حركتي quot;فتحquot; وquot;حماسquot; وكان لليمن إسهام في هذا الجانب العربي.
وتساءل: quot;كثير من القمم العربية لم تخرج بتصورات تحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام العربي والعالمي، فهل ستكون القمة القادمة مختلفة؟quot;.
وتابع: quot;ليس الهدف من عقد القمة هو اللقاء، صحيح أن اللقاء مهم، لكن يجب أن يخرج بقرارات وتوصيات، وليس مثل المبادرة العربية التي رفضتها إسرائيل في قمة لبنان رغم أنها لا تقدم ولا تؤخر، وكونها ترفض من قبل الكيان الصهيوني تعتبر هذه وصمة عار على جبين القادة الزعماء العربquot;.
وأضاف: quot;يجب أن يكون للقمة اهتمام وأولوية بغض النظر عن شيء آخر، تحرير أو احتلال خمس سنوات مضت على الاحتلال الأميركي للعراق ولم يتكلم العرب، إلى متى سيظل الاحتلال الأميركي في العراق؟ هذه المعاناة يجب أن تكون موحدة وفي رؤية موحدة وإطار واحدquot;.
مواطن ضعف:
رئيس قسم العلوم السياسية في كلية التجارة في جامعة صنعاء، الدكتور محمد الظاهري، أوضح أن القمة العربية هي محصلة لأنظمة الحكم في الوطن العربي، وهي كاشفة لمواطن ضعف هذه الأنظمة، لأن quot;استقراء هذه القمم المتعددة للأسف لا تؤتي أكلها ومخرجاتها معطلة أصبحت عبارة عن علاقات عامةquot;.
وقال: quot;صحيح أنها بيت العرب وجامع للعرب من الخليج إلى المحيط لكن لاحظ لو قارنا بالاتحاد الأوروبي أين كان وأين أصبح. ونحن أمة عربية واحدة تاريخ مشترك عقيدة مشتركة مصالح مشتركة ورغم هذا للأسف هذه القمم انعقادها كاشف لمواطن الضعف في الوطن العربي شعوب وأنظمة قبل الشعوب، إذا أردنا أن نقارب دلالة زمان ومكان انعقاد القمة في دمشق سورية فإن دلالة المكان أن سورية ليست في وفاق مع بعض مكونات أنظمة الحكم العربي ودائما تذكر عندما يثار للمشكلة اللبنانية والاحتلال الأميركي في العراق هذه الدلالة انعقاد القمة بين سنة وأخرى رغم ما نسجل لها من أهمية انعقادها وكمؤشر على وجود أمة اسمها أمة عربية إن جاز التعبير لكن الخطورة أنها قد عززت في نفوسنا أنها عبارة عن مناسبة لالتقاط الصور وأحيانا العناق وأحيانا النظرات المتبادلة والوطن العربي يعاني جروحا مفتوحة: احتلال العراق، أزمة عدم نجاح الأطراف اللبنانية في الاتفاق على رئيس، ما يجري في فلسطين... الآن للأسف ما هو مطروح أن تنعقد فهذا مكسب، وهذا لا يكفي، الأمور تأتي بنتائجها وخواتمها، وأنا لا أنتظر الكثير من هذه القمة، لأن النتائج تأتي بمقدماتها، المقدمات وزمان انعقادها للأسف دول الوطن العربي ما تزال منفعلة بالخارج أكثر من أنها فاعلة، ما تزال بمنأى عن مقولة إن العلاقات الدولية ليس هناك علاقات دائمة وإنما مصالح دائمةquot;.
وأشار إلى أن quot;العرب اتفقوا على أن لا يتفقواquot; وهذه مقولة صحيحة quot;فجدول الأعمال إما عليه ضغوط من الخارج وإما أن الذين يضعون الأجندة ليسوا صادقين في السعي لحلهاquot;.
من جهته قال عميد كلية الآداب، الدكتور محمد عبد العزيز يسر: quot;نرجو غاية الرجاء أن تكون هذه القمة أفضل من القمم التي عقدت في الماضي خاصة وأن الأمة العربية تمر بظروف في غاية الخطورة: تقسيم العراق، تقسيم لبنان محاولة الاعتداء على سورية مواضيع اقتصادية في منتهى الخطورة وهي الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وخاصة القمح مما يشكل عبئا إضافيا على الرؤساء والملوك العرب. وبهذه المناسبة نشير إلى أن فيالقمة العربية القادمة سيكون لليمن دور رائع وبارز خاصة وأن الإخوة الفلسطينيين quot;حماسquot; وquot;فتحquot; كانوا في صنعاء وكان للحكومة اليمنية وعلى رأسها الرئيس دور عربي وإسلامي في منتهى الرجولة والشجاعة والذي عرف اليمن في مواقفه العربية والإسلامية عبر السنين الماضية فكان همّ القيادة السياسية في اليمن هو رأب الصدع بين الإخوة في فلسطين وتجنيب فلسطين المزيد من الإرهاق والدمار على يد الكيان الصهيوني الذي يتربص دائما بالمنطقة ويكيد لها المكائد والعدوان في كل وقت وحين، وأتوقع من القمة أن لا تخرج بقرارات استثنائية لأنها عودتنا للأسف الشديد في القمم العربية السابقة أن لا تخرج بنتيجة وتخيب آمالنا باستمرار. الشارع العربي خيبت آماله لعدد من السنين في ما يتعلق بالنتائج الإيجابية للقمة العربية تلك القمم عودتنا أن لا تخرج بشيء والزعماء والرؤساء والملوك يدركون هذا فأثناء انعقاد القمم العربية وطيران العدو الإسرائيلي يقصف المدن الفلسطينية ويقصف لبنان تحديا لمشاعر الأمة العربية التي وصل تعدادها إلى أكثر من 350 مليونا وأيضا تحدى مشاعر ومواقف الزعماء العرب. توقعاتي أن تكون كالسنوات السابقة وللأسف الشديدquot;.
رئيس قسم علم النفس في جامعة صنعاء، الدكتورة فاتن عبده محمد، أكدت أهمية أن تخرج القمة بقرارات للمحافظة على فلسطين ودعم الفلسطينيين، لافتة إلى أن قضية لبنان تتمثل في الوقوف مع حزب الله على أن لا يتم نزع سلاحه.
وقالت: quot;سلاح حزب الله فيه كرامتنا ويفترض أن يتم التوافق بين اللبنانيين ويتم اختيار الرئيس اللبناني المتفق عليه ميشيل سليمان لكي لا تنتصر علينا إسرائيل وعلى العرب عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وكل دولة قادرة أن تدافع عن نفسها وتحمي مصالحها وتحقق أهدافهاquot;.
لا نتوقع شيئاً :
رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة صنعاء، الدكتور حمود العودي، قال إن quot;مؤتمر دمشق المقبل لا يتوقع منه الكثير بل إن الأسوأ من ذلك أننا نتوقع أن ما هو خسارة أكثر مما هو مكسب وليس هذا تشاؤما أو سوء الظن ولكن التجارب علمت الإنسان العربي بشكل عام أن يعود نفسه حالة الإحباط والفشل الذي يتكرر في مثل هذه المؤتمرات مع الأسف الشديد بل إننا إذا ما خرجنا من المؤتمر بلا شيء فهذا يعتبر نجاحا لأن كثيرا من المؤتمرات غالبا ما تخرج بما هو أسوأ مما دخلت به ولدينا تجارب سابقة كمؤتمر شرم الشيخ وغيره من المؤتمرات خصوصا أن يدعى إليها بإيحاءات خارجية وأميركية تحديدا ولذلك فإن خروج هذا المؤتمر بلا شيء وترك الأمور على ما هي عليه أفضل من أن يضاف على هموم المواطن العربي هم جديد ومشكلة فوق مشكلاته عبر مثل هذه المؤتمرات واللقاءات التي تصنع الشر والبلاء أكثر مما تصنع الخير والرخاء ورغم ذلك أستطيع أن أقول إن الأمة العربية بخير وأن القضية العربية ليست رهنا بمثل هذه الاجتماعات واللقاءات والتجمعات السياسية مهما بلغت من السوء والإخفاق والفشل المقصود وغير المقصود لأن قضايا الأمة العربية والإنسان العربي ليست قضايا عارضة مرهونة برأي هذا الحاكم أو ذاك أو هذا المؤتمر أو ذاك إنها قضايا ثابتة وخالدة وصادمة في أعماقه بدءا بقضية فلسطين مرورا بالعراق ولبنان والصومال، وما شابه ذلك قضية الإنسان العربي والأمة العربية صحيح أنها تعيش بلا قائد بلا قاسم مشترك بلا إطار سياسي أمين عليها وقادر على حمايتها، نعم، لكنها رغم ذلك ليست فريسة سهلة، حتى ألد أعدائها من الصهاينة والقوى الاستعمارية والامبريالية الجديدة، والدليل على ذلك هو صمود أهلنا في العراق وفي سيناء وفي لبنان والذين تتحطم على صخرة صمودهم البطولي أعتى قوى العدوان العالمي والصهيوني والتآمر العربي نفسه بما فيها مؤتمرات القمة من هذا القبل مع الأسف الشديد وإن غداً لناظره قريبquot;.
بدوره دعا الشاعر مجاهد العشماوي quot;ابن النيلquot; للنظر بموضوعية إلى قمة دمشق، فالحال العربي مازال على ما هو عليه ولا يدعو إلى التفاؤل حد قوله. مبيناً أن هذا نتاج حاصل على مر القمم العربية التي سبق انعقادها، منذ كانت قمة القاهرة التي أسفرت عن انقسام مخجل في الصف العربي كان لها بالغ الأثر والتأثير في تمكين القوى المعادية لإرادتنا من فرض وصايتها علينا، ومن ثم التحكم في كل صغيرة وكبيرة من مفردات واقعنا المعاش، فضلا عن شرعنة هيمنتها على مقدرات امتنا، وهو ما نزال ندور في فلك تداعياته المضنية منذ غزو العراق والى يومنا هذا وذلك بفعل عجزنا المزمن عن حل ما يعترض مسارنا بين الحين والآخر من أزمات سياسية.
وقال ابن النيل: quot;في اعتقادي أن قمة دمشق لا تعدو انعكاساً أميناً وصادقاً لواقعنا العربي، وهو ما أكدته مؤشرات ما سبق انعقادها من وقائع شكلية غير مسؤولة، تؤكد في مجملها حقيقة أنه بات من العسير على أقطابها تجاوز خلافاتهم واختلافاتهم، بحيث تكون مواقفهم السياسية -على الاقل- بمستوى ما تفرضه عليهم حيثيات مسؤولياتهم المفترضة تجاه الملايين من أبناء أمتهم، لدرجة أنه بات من الأفضل بالنسبة لنا إراحة أنفسنا من عناء متابعة ما يجري بهذا الصدد، مدركين في ذلك حقيقة أن فاقد الشيء لا يعطيهquot;.
وأشار quot;ابن النيلquot; إلى أنها ليست دعوة للتشاؤم بقدر ما هي محاولة جادة للاحتكام لمنطق العقل، خاصة وقد امتنع احد أركان القمة العربية عن المشاركة في أعمالها، بينما اكتفى البعض بخفض مستوى تمثيله فيها إلى حدٍ غير مسبوق.
وأوضح الدكتور طه الفسيل أن الوطن العربي يشكل كتلة اقتصادية تتميز بالتكامل والتنوع الاقتصادي والزراعي وبما يمتلكه من مقومات وتنوع غني من الموارد الاقتصادية فهناك دول غنية بالنفط وهناك دول غنية بالمال وهناك دول غنية بالموارد الزراعية وهناك دول غنية بالموارد المعدنية، وهذا يشكل بيئة اقتصادية متكاملة من حيث الموارد والتنوع الاقتصادي والسكان والموقع الجغرافي للوطن العربي ما يجعلنا نشكل كتلة اقتصادية قوية لها وزنها وثقلها ودورها الفاعل في عالم التكتلات الاقتصادية، خصوصا وأننا نعيش في عصر العولمة الذي يقوم على أساس التكتلات والشراكة الاقتصادية.
وبين الفسيل أن المدخل الاقتصادي والتكتل الاقتصادي العربي المشترك هو الركيزة الرئيسة للتكامل العربي في المجلات السياسية والثقافية والاجتماعية وفي تحقيق المنافع والفائدة لجميع الدول العربية على المدى المتوسط والبعيد، إلا أن المدخل الاقتصادي العربي معدوم وغائب حيث مازالت تشكل التجارة البينية العربية بحسب تقرير صندوق النقد العربي لعام 2007 من 7 إلى 9%، وهذا المعدل البسيط نتاج ضعف الإرادة السياسية لتحقيق التكامل الاقتصادي والتشابه في الهيكلة الاقتصادية العربية، ما أدى إلى تشتت الجهود في المجالات الأخرى. وأشار إلى أننا نسير ببطء في عملية الاندماج الاقتصادي من خلال السوق العربية المشتركة التي انضم إليها معظم الدول العربية باستثناء دولتين أو ثلاث ورغم البطء في السير إلا أنها إلى حد الآن حققت نوعا من الاندماج الاقتصادي البسيط، لكننا لم نصل إلى الاندماج الاقتصادي العميق الذي يشمل توحيد السياسات والرؤى والاتجاهات في كافة الجوانب الاقتصادية. وأرجع الفسيل الإشكالية إلى ضعف العمل العربي الاقتصادي المشترك، وطغيان الجانب السياسي على الجانب الاقتصادي رغم أهميته، quot;الجانب السياسي له أهميته ولكن لو أخذنا بكثير من التكتلات الاقتصادية بما فيها الاتحاد الأوروبي لرأينا أن الجانب الاقتصادي هو الذي وحد الجانب السياسي لأن المصالح الاقتصادية المشتركة التي تجمعquot;. وقال إن الملف الاقتصادي المطروح في قمة دمشق كبير، ورغم البوادر الأولية المبشرة نتيجة عدم حضور بعض القادة العرب في قمة دمشق إلا أن الوضع دقيق وحاسم يتطلب من الأمة العربية توحيد جهودها ورؤاها في الجانب السياسي فالأزمة اللبنانية مستحكمة والوضع الفلسطيني متأزم ونعاني انعكاسا وتشتتا. ولفت إلى أن قمة دمشق ستعمل على الإعداد والتحضير للقمة العربية الاقتصادية التنموية الاجتماعية سعيا إلى تحقيق التكامل الاقتصادي وإنشاء تكتل عربي اقتصادي موحد، ومن بين القضايا الاقتصادية المطروحة quot;دعم الاقتصاد الفلسطيني، إطلاق قمر صناعي عربي للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، التكامل الكهربائيquot;، وغيرها من القضايا التي تم طرحها في القمم السابقة وما تمت مناقشته في قمة القاهرة.
وتساءلت جميلة علي رجاء مستشارة وزارة الخارجية: quot;هل ستجدي مقاطعة قمة دمشق وتخفيض التمثيل لبعض الدول العربية في إثناء سورية عن موقفها من لبنان أم سيزيدها ذلك عنادا وتشبثا بموقفها؟ هل نحن بصدد معاقبة أم مقاطعة؟ هل نحن بصدد البحث عن حلول عن طريق الحوار والمناقشة أم أن الطريق مسدود مسدود؟ وماذا بعد القمة؟quot;. وقالت: quot;إن مناقشة الإجابات على هذه التساؤلات في كل دولة عربية هل كانت كفيلة بتحديد موقفها من حضور هذه القمة وتعكس قراءات صائبة أم خاطئة تجاه الموقف السوري؟ هل ستكون هذه المقاطعة والتمثيل المتدني إعلانا عن قيام جبهتين؟.
القمة العشرون ليست كلها الموقف السوري من لبنان ولكنه الملف الأسخن الملفات الأخرى ربما فقدت حرارتها اللاسعة ولكنها مازالت تنتظر شاخصة ولم تفقد أهميتها، منها الملف الإيراني الذي استدعى حضورا أعلى للكويت والإمارات، المبادرة العربية المسحوبة سابقا والمؤكد عليها لاحقا دون تغيير أو تعديل في اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري وما سيقدمه أمين عام الجامعة العربية في ورقة المناقشة للقادة العرب من اقتراحات لقبولها أو حتى الاهتمام بها من الطرف الآخر.
ماذا عن الملف الاقتصادي وملف الإصلاح وتطوير النظام العربي ومستجدات الصراع الـquot;حماسيquot; والـquot;فتحاويquot; في الملف المزمن للقضية الفلسطينية والمسألة السودانية والصومالية والوضع في العراق؟
هل المقاطعة والتمثيل المتدني لبعض الوفود هو ترجمة للرغبة الاميركية كما يقول البعض خاصة وأن كوندوليزا رايس دائما ما تتواجد في المنطقة أثناء فترة انعقاد القمم العربية أم أن أولوية حيوية لاستقرار لبنان بغض النظر إذا كان انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان هو ما تريده الولايات المتحدة؟quot;.
وتابعت: quot;سأظل أعتبر انعقاد القمة العربية إيجابيا ليس لأن اليمن كانت وراء هذه الآلية ولكن من منطلق إن ما لم تستطع اللقاءات القممية تحقيقه في الأردن ومصر وتونس والجزائر والرياض ربما يتحقق مع الحروف الأبجدية اللاحقة للعواصم العربية.
أتصور أن القيادات العربية ستدرك أنها تستطيع -أرجو ألا يكون ذلك متأخرا- أن تتعامل مع أكثر من ملف بالاهتمام والأهمية نفسها.
البديل لتصوراتي التي يشوبها التمني والشبه متفائلة أن آلية انتظام القمة العربية سيصيبها العطب فالشلل في مقابل خطة الشرق الأوسط الجديدquot;.
أما في عدن فيترقب الشارع العربي بشرائحه كافة برجاء مشوب بمشاعر الأمل والخيبة اليوم 29 مارس وقائع مؤتمر قمة الدول العربية في العاصمة السورية دمشق التي تعقد في ظل ظروف عربية وإقليمية وعالمية بالغة التعقيد، تعوق تحقيق أي اختراقات كبيرة نحو حل كثير من القضايا العربية الساخنة المعتملة حاليا في الساحة العربية والمثخنة ملفاتها بالكثير من الصراعات والصعوبات وتدخلات الدول الكبرى كالقضية الفلسطينية ومشاكل لبنان والصومال والعراق.
الاتفاق على قواسم مشتركة :
الدكتور نبيل مهيوب سلطان، أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة عدن، يعتقد أن ثمة جدوى نسبية من انعقاد قمة دمشق التي تعد بمثابة امتحان جديد في ما يتعلق بالتضامن العربي والاتفاق على قواسم مشتركة لا سيما في ظل مخاطر ومؤامرات كثيرة تحيط بالعالم العربي، وما يحدث في فلسطين وبالذات حصار غزة والمشكلة اللبنانية (مشكلة الرئاسة) وكذلك ما يحدث في العراق بسبب الاحتلال الأميركي وأيضا المؤامرات التي تسيء للإسلام والمسلمين وآخرها حملة الرسوم المسيئة للنبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلم)، جميعها قضايا تحتم على القادة العرب الوقوف بحزم للخروج بحلول تجسد الاتفاق والتوافق في ما بينهم، وترك الخلافات الجانبية، إذ يكفي ما لحق بالأمة العربية والإسلامية من كوارث، ولا بد من أن تحل لغة الاهتمام والتصالح مع الشعوب، وأن تكون هذه القضايا على رأس أجندة القمة بحيث تأتي قرارات القمة في خدمة مصالح الشعوب العربية بعيدا من أي ضغوط من أي جهة كانت.
وقال نبيل سلطان: quot;كفانا قطيعة بين هذه الدولة أو تلك، وعلينا أن نكون مثل الدول الأخرى في أوروبا وآسيا من خلال إعادة النظر في السوق العربية المشتركة وتقوية أواصر العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية بين هذه الدول العربية حتى يكون لنا شأن ومكانة وصوت مسموع عند الآخرين. أما إذا عدنا إلى سياسة المقاطعات والخصومات بين الدول العربية فنحن جميعا خاسرونquot;.
سيناريو تجزئة المجزأ :
الأستاذ الدكتور عبد الرقيب سعيد ثابت، أستاذ علم الجغرافيا في جامعة عدن، قال: quot;تتميز قمة دمشق بأهمية بالغة على الرغم من تعقد الوضع العربي، وبروز بؤر انشقاق في أكثر من موقع ابتداء من العراق إلى فلسطين إلى لبنان... وذلك وفق السيناريو المطروح من قبل الولايات المتحدة الأميركية بتجزئة المجزأ، وما المشاورات الحالية حول انعقاد القمة من عدمه استنادا إلى الموقف تجاه الوضع اللبناني إلا دليل على حرف المساعي العربية نحو التوحد والاهتمام بالقضية المركزية للعرب وهي فلسطين وما تتعرض له من فرض التنازلات عن الثوابت المتفق عليها، ابتداء من الانسحاب الكامل وحق العودة وعودة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وحق المياه وغيرهاquot;.
واستطرد قائلاً: quot;نجد العرب مع الأسف الشديد يخذلون التوافق العربي حول القضية اللبنانية، ولكن على الرغم من كل ذلك فإننا نقول إن هذه القمة لها أهميتها، كونها ستعزز اتجاهات أساسية في الفكر السياسي العرب، المقاوم للتطبيع والتجزئة والمهادنة، وعليه أجد أنه مهما كانت النتائج ومهما كنت درجة التمثيل لحضور المؤتمر فإنها تعكس الراهن العربي المؤسفquot;.
أخطر المراحل للعرب :
أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة عدن، الدكتور سليم النجار، أعرب عن أمله في أن يخرج مؤتمر القمة بقرارات تصب في صالح التضامن والوئام العربي العربي، لأن المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية تعد من أخطر المراحل التي تعيشها في تاريخها ما يتطلب مواجهتها والتصدي لكل محاولات التدخل من قبل الدول الأجنبية الكبرى في شؤونها، وهي لذلك تحتاج أكثر من أي وقت مضى لوحدة الصف ونبذ التفرقة والتباعد، لمواجهة المخاطر الحقيقية التي تهدد مستقبل الأمة العربية، كما هو الحال في فلسطين والعراق ولبنان والصومال وغيرها من القضايا العالقة التي لم تحل بعد.
وشدد على ضرورة تحمل القادة العرب في قمة دمشق مسؤولياتهم التاريخية تجاه شعوبهم والأمن القومي العربي واتخاذ قرارات تعكس إدراكهم واستشعارهم لمجمل المخاطر التي تواجه العرب جميعا دون استثناء في هذه المرحلة.
بعيدا من التدخلات الأجنبية :
فيما أعرب نائب عميد كلية الآداب في جامعة عدن، الدكتور مازن احمد شمسان، عن أمله في أن تقف قمة دمشق بجدية كبيرة أمام الوضع الفلسطيني والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة والمتكررة، وكذلك حل المسألة اللبنانية ومساعدتهم على اختيار رئيس حتى يستقيم الوضع اللبناني بعيدا من التدخلات الأجنبية. كما تمنى أن تناقش هذه القمة الصراعات العربية ـ العربية وحل الخلافات بين العرب للتوجه نحو مواجهة التحديات الماثلة.
وعبر عن تطلعه إلى أن تكون نتائج القمة قوية وملزمة للتنفيذ بعيدا من الأقوال وأن يكون القادة العرب عند مستوى المسؤولية في مواجهة الأحداث في الوطن العربي، وبغير ذلك لن تتميز القمة العربية ولن تكون النتائج ايجابية.
خيبة أمل :
من جهته أعرب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة عدن، الدكتور صادق عبده علي قائد، عن تشاؤمه من جدوى انعقاد القمة العربية باعتبارها لم تسهم يوما من الأيام في حل القضايا العربية حتى في أبسط تعقيداتها.
وقال إن الجامعة العربية على هذا المستوى تحتاج في البداية إلى كثير من الإصلاحات من أجل أن تستطيع تحمل عبء القضايا العربية في المستقبل ومن دون ذلك فهي دون جدوى مطلقا.
قضايا غائبة :
الدكتور محمود شائف رئيس قسم الخدمة الاجتماعية في جامعة عدن، عبر عن اعتقاده أن انعقاد القمة لن يضيف جديدا للعرب، فكل المؤشرات الحالية واضحة من خلال مستوى المشاركة وأيضا طبيعة الملفات التي سيتم التداول حولها كالملف اللبناني وتعقيداته والتداخلات حول العلاقات السورية اللبنانية والملف الإيراني وأوضاع الفلسطينيين في غزة وكل هذه الأمور المتداخلة لم يحصل حولها أي قدر من التوافق.
وأكد أن من الأفضل أن يلتفت القادة العرب لهموم الشارع العربي ومشاكله وخصوصا قضايا الخبز وارتفاع الأسعار ومشاكل التعليم والصحة... الخ، وهذه الأمور غائبة عن أذهان القادة العرب، حيث أشار تقرير عن منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك على سبيل المثال 40 في المئة من أطفال العرب في بعض البلدان يعيشون حالة تقزم وأكثر من 20 في المئة من السكان في الدول العربية يعانون فشلا كلويا وتدني مستوى الانضمام إلى التعليم حيث يصل في بعض البلدان العربية إلى 50 في المئة ممن هم في سن التعليم، وهذه مؤشرات خطرة ينبغي الالتفات لها من قبل القادة العرب.
التعليقات