دبي: في الوقت الذي كان عمال مصانع المحلة في مصر يدخلون أسبوعا جديدا من الاحتجاجات المتقطعة، انضمّ عمّال وموظفون في جنوب غرب تونس إلى عاطلين واسرهم في احتجاجات مستمرة منذ بداية العام من دون أن تلقى نفس الأضواء التي لقيتها مثيلتها الجارية في مصر، الدولة الأخرى التي تقع شمال أفريقيا.

وعاد الهدوء في وسط الأسبوع إلى مدينة المحلة الصناعية بعد مواجهات عنيفة وقعت في نهاية الأسبوع الماضي، متظاهرين وقوات الأمن المصرية.

وجاءت الاحتجاجات في خضم محاولة من المعارضة لتنفيذ ما يشبه العصيان المدني، غير أنّ السلطات أحبطت ذلك بنشرها قوات كثيرة العدد من الشرطة وأجهزة الأمن.

ومصر هي واحدة من دول عديدة وقع فيها ضحايا خلال مظاهرات معيشية، فقد شهدت دول أخرى مثل هايتي وإندونيسيا والكاميرون وبوركينا فاسو وساحل العاج والسنغال وموزامبيق مظاهرات مماثلة احتجاجاً على غلاء المعيشة والمواد الأساسية.

وفي تونس، وتحديداً في محافظة قفصة جنوب غربي البلاد، دخلت حركة احتجاج نظمها عاطلون عن العمل بالتنسيق مع لجان محلية لخريجي الجامعة العاطلين شهرها الرابع.

وبدأت الاحتجاجات في الخامس من يناير/كانون الثاني، في مدن الرديف وأم العرائس والمظيلة والمتلوي، وجميعها معروفة باسم quot;الحوض المنجميquot; حيث أنها تحتوي على أغلب مناجم البلاد التي تنتج خاصة مادة الفسفاط.

وسرعان ما توسعت الحركة لينضم إلى المحتجين أغلب سكان المناطق، زيادة على النقابات المحلية وهو ما دفع السلطات إلى التفاوض مع مجموعة من ممثلي المعطلين لم تسفر عن حل، وفقا لمصدر من الحزب الديمقراطي التقدمي في تونس.

وبلغت الاحتجاجات ذروتها، وفق صحفي تونسي عندما انضم طلبة المعاهد والجامعات إلى أهاليهم. وأضاف أنّ جموعا وضعت، في محاكاة لحركة الاعتصامات في العاصمة اللبنانية بيروت، خياما في الشوارع، ومنعوا شركة فسفاط قفصة من مواصلة عملها وسدوا المنافذ لتعطيل قطار الفسفاط عن التحرك.

وبعد أسابيع من انطلاق الحركة، اكتفت الصحافة التي تصدر من تونس بالإشارة تلميحا إلى ما يحدث في محافظة قفصة حيث دعا الصحفي التونسي المعروف برهان بسيس في عاموده على جريدة الصباح اليومية إلى ضرورة اعتبار أبناء قفصة quot;تونسيين أيضا لهم ما لنا وعليهم ما علينا.quot;

وخصص الرئيس التونسي سلسلة اجتماعات بوزرائه لمناقشة التنمية في quot;الجهات الداخليةquot; ثمّ أقال لاحقا جميع المسؤولين المحليين في المحافظة.

وفي الوقت الذي بدا فيه أنّ الاحتجاجات في طريقها إلى الانتهاء، بعد أن تمّ التوصل إلى اتفاقات منها المحلي ومنها الذي تمّ اتخاذه على صعيد وطني، وفقا للمصدر، شهد عدد من مناطق المحافظة، مع بداية الأسبوع، عودة الاحتجاج إلى ذروته بعد أن تظاهر عاطلون احتجاجا على إعلان شركة فسفاط قفصة على بدء العمل بقائمة المعينين الجدد لديها، دون مراعاة مطالب العاطلين بضرورة إلغائها أو مراجعتها.

وقال الصحفي، الذي رفض الكشف عن هويته، إنّ قوات الأمن داهمت المنازل في منطقتي الرديف وأم العرائس quot;مستخدمة الهراوات والكلاب وخراطيم المياه، واعتقلت العشرات من المواطنين ومن بينهم عدد من النقابيين وقادة الحركة الاحتجاجية.quot;

وفيما لم يكن ممكنا الحصول على تعليق رسمي من الحكومة التونسية، قالت وكالة تونس أفريقيا للأنباء، الرسمية، إنّ quot;أهالي ولاية قفصة من إطارات ومناضلين ومقاومين ونساء وشباب وطلبة وممثلي منظمات وجمعيات المجتمع المدني نظّموا الخميس مسيرة عرفان وتأييد للرئيس زين العابدين بن عليquot; وعبّروا عن quot;مشاعر الإكبار لسيادته على رعايته الموصولة ودعمه المطرد لمقومات التنمية بولاية قفصة وحرصه على مزيد الارتقاء بمستوى عيش سكّانها.quot;

وأضافت أنّ المحافظة quot;أكّدت التفافها حول رئيس الدولة ووقوفها صفا واحدا في وجه كل من تحدثه نفسه بالإساءة للبلاد وفي وجه كل التيارات الهدامة مجددين التزامهم المطلق بالثوابت الوطنية.quot;

غير أنّ مصادر معارضة تونسية، قالت إنّ المسيرة ليست عفوية وإنّما نظمها الحزب الحاكم(التجمع الدستوري الديمقراطي) بأمر من محافظ المنطقة الجديد.

ويعاني غرب تونس، على عكس، شرقها، من مستويات بطالة مرتفعة، وقلّة فرص العمل فيها أمام ضعف البنية الاقتصادية هناك، رغم أنّها شكّلت لعقود محور ثروة البلاد سواء بالنسبة إلى الزراعة، في الشمال، أو المعادن من فوسفاط وحديد وزنك، في الوسط والجنوب.