نضال وتد من تل أبيب: أعلن مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى، اليوم، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لخوض حرب على المعابر مع حماس، وذلك على أثر العملية الأخيرة هند معبر كيرم شالوم. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن المصدر الأمني، الذي وصفته بأنه رفيع المستوى أوضح quot;أن إسرائيل لن تكون على استعداد لتقي ضربات وعمليات عند المعابر الحدودية وأن تواصل في الوقت ذاته تقديم المساعدات الإنسانية.

وفي سياق متصل أعلن رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، تساحي هنغبي اليوم، إن الحديث عن اقتراب التوصل إلى تهدئة بين حماس وإسرائيل هو أمر مثير للسخرية، خصوصا بعد أن حاولت حماس القيام بعملية كان يمكن له أن تهز المنطقة بأكملها وتفسد فرحة العيد. وأضاف هنغبي، إن هذا قول ساخر ولى يوجد أمل بالتوصل إلى تهدئة. وشكك هنغبي بخطوة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، قالا إنه ليس واضحا أصلا ما إذا كان للرئيس كارتر دورا إيجابيا في التوسط بين إسرائيل وبين حركة حماس.

وبحسب مصادر في الجيش الإسرائيلي، فإنه في حال لم يتمكن الجانب المصري من التوصل قريبا إلى اتفاق مع حركة حماس بشأن التهدئة، quot;فلن يكون هناك مناص أمام الجيش الإسرائيلي سوى رفع درجة رد الفعل سواء من حيث قوة العمليات أم من حيث الوسائل المستخدمة ضد الحركة، مثل القيام بسلسلة متواصلة ومكثفة من التصفيات والاغتيالات الموجهة ضد قادة الحركة السياسيين والعسكريين، وفي حال لم ينجح ذلك سيكون على إسرائيل لتنفيذ سلسلة عمليات هجومية في قطاع غزة.

في غضون ذلك قالت مصادر صحافية إن التقديرات الإسرائيلية، تشير إلى أن حركة حماس قررت عبر العملية الأخيرة تغيير تكتيكها وأساليب عملها- مثل قصف أهداف سكنية بصواريخ القسام والقذائف الأخرى- والانتقال لتكتيك جديد يعتمد على إدراك حماس ورصدها لنقاط الضعف في المجتمع الإسرائيلي من جهة، ولتفادي الضرر الذي تسببه لها هذه العمليات على الصعيد الإعلامي والدولي، خصوصا وأن الحركة تعتزم تصعيد خطواتها لمواجهة الحصار الإسرائيلي وتخفيف وطأته باتجاه رفعه كليا، وبالتالي فهي بحاجة لأوراق مساومة جديدة ذات فعالية ومؤثرة في الحرب النفسية على الرأي العام الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه تعيد التأييد للحركة داخل الشارع الفلسطيني، لأن الحركة أدركت أن مواصلة طرقها الحالي يوفر لإسرائيل شرعية القيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق داخل القطاع.

وفي هذا السياق كتب المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت ، رون بن يشاي اليوم يقول : quot; إن الأهداف الاستراتيجية للحركة بقيت كما هي: الأول هو إجبار إسرائيل- بواسطة ضغط عسكري وإعلامي- على رفع الحصار العسكري والاقتصادي عن القطاع. ذلك الحصار الذي يهدد بقاء حماس في السلطة. الهدف الثاني هو ابتزاز الحكومة الإسرائيلية وفرض تهدئة عليها بشروط تمكن حماس من تعزيز قوتها العسكرية والسياسية والاستعداد للجولة القادمة من المواجهة.

والسبب الثاني لتغيير استراتيجية الحرب لدى حماس هو توصل قيادة الحركة، مؤخرا إلى استنتاج بأن الإرهاب التقليدي الموجه ضد مدنيين- مثل الصواريخ، والقذائف- لا يعطي الثمار السياسية والنفسية المنشودة. بل إنه يضر بالحركة على صعيد الرأي العام العالمي والمحلي، بل يوفر لإسرائيلي الشرعية للقيام بعملية عسكرية واسع النطاق في القطاع، وهو ما تسعى حماس لتفاديه ولذلك قررت الحركة تركيز جهودها في عمليات quot;نوعيةquot; ضد الجيش الإسرائيليquot;.

واعتبر بن يشاي أن قادة حماس توصلوا إلى قناعة بأنه في حال احتفاظ الحركة بعدد من الجنود الإسرائيليين، فإن ذلك سيمنحها قوة ردع تمنع الحكومة الإسرائيلية من محاولة التعرض لحياة قادة الحركة وتصفيتهم جسديا. وبحسب بن يشاي quot;فإن حماس، شأنها في ذلك شأن حزب الله (خلال حرب لبنان الثانية) قد استنتجت أن الجمهور الإسرائيلي يظهر حساسية وتأثر أكبر، في حال وقوع إصابات وخسائر في صفوف الجنود، من الأثر النفسي والجسدي الذي تخلفه هجمات صواريخ غراند والقسام في صفوف المدنيين. إن من شان هجوم عسكري كهذا من نوع حرب العصابات أن يمنح لحماس نقاط تأييد وتضامن كبيرة في الشارع الفلسطيني، وبالتالي فهذا هو الاتجاه الذي يتعين على الحركة المضي فيه من أجل التفاوض على quot;شروط التهدئةquot; من موقف قوة، ومن أجل تعزيز قوة ومكانة الحركةquot;.

من جهة أخرى يقدر مصدر عسكري رفيع المستوى أن حركة حماس لا تخشى حاليا من احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بعملية كبيرة، لأن قادة الحركة يعرفون أن إسرائي ستمتنع في الفترة الراهنة عن القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق، وخصوصا في قطاع غزة، حتى لا يمس ذلك ببهجة العيد (عيد الفصح) ولا في احتفالات مرور ستين عاما على قيام إسرائيل.

ويوافق المحللان في صحيفة هآرتس، تسفي هرئيل وآفي يسيسخاروف أيضا على أنه quot;من الواضح أن الهدف من عملية كيرم شالوم يرتبط بالذات بالجهود الجارية للتوصل إلى تهدئة مؤقتة، فحركة حماس معنية جدا بالتوصل على التهدئة ولكن من موقف قوة، خصوصا وأن الحركة تعي جيدا الاعتبارات والضغوط المكبلة لتحرك إسرائيل في هذه الفترة، على اعتبار أن إسرائيل غير معنية حاليا بالقيام بحملة عسكرية واسعة النطاق، وعلى الأقل ليس خلال الشهر القادم، في الفترة الممتدة بين عيد الفصح وبين زيارة الرئيس بوش المرتقبة لإسرائيل خلال الاحتفالات بستين عاما على تأسيس إسرائيل، فتجنيد قوات الاحتياط واستنفارها ليس خيارا مفضلا، ولا هو حتى بمثابة خيار معقول من وجهة نظر القيادة السياسية الإسرائيليةquot;.

ويتوقع الاثنان أن يكون الرد الإسرائيلي خلال الأسابيع القادمة محدود النطاق: يتمثل بخطوات quot;دفاعيةquot;، وهجمات محدودة مع الكثير من الصرِّ على الأسنان، لكن إسرائيل ستواجه صعوبة في الحفاظ على التوازن الهش المطلوب لتحقيق هذه الغاية، وبالتالي فمن شأن وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين، في جانبنا أو جانبهم، أن يشعل القطاع حتى قبل احتفالات الاستقلال، فقد قال جنرال رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة إن فشل محاولة عملية كيرم شالوم لن يمنع الفلسطينيين من تكرار محاولة القيام بعملية كبيرة لاستعراض قدراتهم، خلال الفترة القريبة.

ويستشف من هذه التقديرات الإسرائيلية ومن تحليلات كافة المحللين العسكريين، في الصحف الإسرائيلية، أنه إذا لم يتم التوصل على تهدئة مع حركة حماس في القطاع، فإن الجيش الإسرائيلي سيأخذ استعداداته للرد والقيام بعمليات واسعة النطاق، بعد مرور احتفالات استقلال إسرائيل،التي ستمتد على مدار شهر أيار، وسيكون لهذه العمليات في حال عدم التوصل للتهدئة مبررات ودواعي كثيرة أبرزها حاجة حكومة اولمرت وبراك، على إثبات جديتها في مواجهة حركة حماس، تفاديا للحرب والانتقادات التي سيتعرض لها قطبا الحكومة الإسرائيلية، براك وأولمرت من اليمن الإسرائيلي وخصوصا نتنياهو.