الجهل في أميركا
بقلم بوب هيربرت

نيويورك: لم نسمع أحدا يتطرق بجدية إلى موضوع التعليم في الحملة الرئاسية . فهو موضوع جدي للغاية إلى حد أنه لا ينافس تصرفات هيلاري المرحة وهي تتناول جرعة من الكحول أو باراك وهو يدحرج كرة بولينغ . يعتمد مستقبل الوطن على الطريقة التي تربى فيها الأجيال الصاعدة والمستقبلية إلا أنه بوسع هذه المسألة أن تنتظر ( على غرار تجديد بنية البلد التحتية، أو بحث جدي عن مصادر أفضل للطاقة ) . لا يبدو حاليا أن أحدا يرغب في مواجهة أي من التحديات الأكثر خطورة التي تعرفها الولايات المتحدة الأميركية .

يترك ولد أميركي المدرسة كل 26 ثانية، أي ان أكثر مليون أميركي يتركون المدرسة كل سنة، في دلالة على مشكلة كبيرة سيواجهها هؤلاء الشبان غير المتعلمين، في زمن يعتبر فيه التعليم الثانوي أساسي للمحافظة على نوعية حياة الطبقة الوسطى، وبالنسبة إلى البلد بكامله في عالم يغدو أكثر تنافسية في كل يوم.

لا يعتبر الجهل في الولايات المتحدة الأميركية مصدر سعادة فحسب بل هو منتشر بشكل كبير. أظهر مسح أجرته مؤخرا مجموعة دعم التعليم quot;كومون كورquot; على المراهقين أن ربعهم لا يعرف من هو أدولف هيتلر، وثلثهم لا يعلم بأن شرعة حقوق الإنسان تضمن حرية التعبير وحرية المعتقد، وأقل من نصفهم بقليل يعلم بأن الحرب الأهلية امتدت بين العام 1850 والعام 1900.

أعلن ألن غولستون، رئيس برامج الولايات المتحدة الأميركية في مؤسسة quot;بيل وميليندا غايتسquot;: quot; ان نسبة التلاميذ الذين يتركون المدرسة في الولايات المتحدة الأميركية هي الأعلى في العالم الصناعي. وفي إطار مناقشة خلال حفل غداء، وصف الوضع بـquot;المخيف للغاية والخطيرquot;.

يترك حوالى ثلث التلاميذ الأميركيين المدرسة، فيما يتخرج الثلث الآخر ولكن من دون أي استعداد للمرحلة التالية من الحياة، أي العمل المنتج أو التعليم الجامعي. عندما يكون ثلثا المراهقين في سن التخرج من الثانوية ولكن غير قادرين على اتمام العمل على مستوى الثانوية، إذاً، يرتكب البلد خطأ فادحا. أشار غولستون إلى أن أداء التلاميذ الأميركيين عند مقارنته بأداء التلاميذ أقرانهم في البلدان الأخرى، يميل إلى التراجع بشكل مستمر فيما ينتقلون إلى الصفوف الأعلى:

وأضاف، quot;على سبيل المثال، يصنف التلاميذ في مواد الرياضيات والعلوم في المرحلة الابتدائية في المقدمة عالميا. لكن في المرحلة المتوسطة يتراجعون إلى وسط الهرم، أما في نهاية المرحلة الثانوية، فيتراجعون إلى أسفل الهرم بين البلدان الصناعية كافةquot;.يحصل عدد من التلاميذ على تعليم من النوعية الممتازة في المدارس الحكومية إلا أنهم يشكلون شريحة صغيرة من مجموع التلاميذ.

وجّه بيل غايتس، مؤسس شركة quot;مايكروسوفتquot;، انتقادا لاذعاً إلى المدارس الثانوية في البلد منذ سنوات قليلة، واصفا إياها بالقديمة والمهملة، مضيفا، quot;عندما أقارن المدارس الثانوية في بلدنا مع تلك التي أراها عندما أسافر إلى الخارج، أخاف على نوعية اليد العاملة المستقبلية في بلدناquot;.

وتابع السيد غايتس: quot;لا أعني بكلمة quot;قديمquot; بأنها غير سليمة أو متصدعة أو غير ممولة بشكل كاف فحسب، رغم أنه من الممكن معالجة كل من هذه النقاط، بل أعني أن هذه المدارس، حتى عندما تقوم بواجبها على ما يرام، لا تقدم إلى التلاميذ ما يحتاجون إلى معرفته اليومquot;.وذكرت مؤسسة الاختبارات التربوية في تقرير بعنوان quot;عاصفة أميركا الأمثلquot; ثلاثة عوامل قوية تؤثر على نوعية حياة ملايين من الأميركيين وتحدّد ملامح مستقبل البلد، وهي:

bull; التباين المفرط في مهارات القراءة والرياضيات بالنسبة إلى البالغين والتلاميذ. تختلف هذه المهارات التي تؤدي دورا مهما في حياة الأفراد والعائلات بشكل كبير بين المجموعات العرقية والإثنية والاجتماعية الاقتصادية.
bull; التغيرات الهائلة في اقتصاد الولايات المتحدة الأميرية نتيجة العولمة والتطور التكنولوجي والتغيرات في العلاقة ما بين العمل ورأس المال والتطورات الأخرى.
bull; تأثير التغيرات السكانية. بحلول العام 2030، من المتوقع أن يصل عدد سكان الولايات المتحدة الأميركية إلى 360 مليون. وسيكون الشعب أكبر سنا وأكثر تنوعا، فضلا عن الهجرة التي تؤثر بشكل كبير على السكان وعلى اليد العاملة.


تحتاج هذه المسائل وبعض المسائل الأخرى التي تحتل أهمية وطنية كبيرة إلى شعب متعلم، لتتم معالجتها بشكل فاعل. فنحن بعيدون حاليا عن تزويد الشعب بالوسائل الفكرية المطلوبة.وفيما نقف في مكاننا، تتقدم البلدان الأخرى وتسبقنا على صعيد الإنجازات التربوية. ويكون المرء مغفلا عندما لا يعي عواقب ذلك.

لكن، لا شك في أن البعض منا مغفل. ففي إطار المسح الذي أجرته quot;كومون كورquot;، تبين أن 20 في المئة من المجيبين لا يعرفون أن الولايات المتحدة الأميركية شاركت في معارك الحرب العالمية الثانية، كما أن 11 في المئة ظن أن دوايت أيزينهاور هو الرئيس الذي أبعد عن الرئاسة بسبب فضيحة واترغايت، فيما 11 في المئة ظن أنه هاري ترومان.لا شك في أن عملاً كبيراً في مجال التربية لا يزال ينتظرنا.