ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف: لو أن محادثات الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر مع حركة حماس كانت قد أتت بنتيجة فإنها تذكرنا بأن القليل فقط هو الذي تم تحقيقه منذ أن أعلن الرئيس بوش أن أحد أولوياته هذا العام هو تحقيق سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط. ولسوء الحظ فإن كارتر نفسه قد فشل في تحريك العملية إلى الأمام كثيرا حتى بعد أن أعلنت حماس يوم الثلاثاء الماضي بأنها توافق على وقف إطلاق النار في غزة. حيث قال إفرايم إنبار السياسي الذي يعمل في جامعة باريلان في إسرائيل: أعتقد أن كارتر شخص مصاب بالإحباط ومازال يريد أن يظهر في بؤرة الأحداث وهذا ما دفعه إلى القيام بالزيارة.
فقد أغضبت زيارة كارتر لقادة حركة حماس الحكومة الإسرائيلية والحكومة الأميركية حيث أن كل منهما تعتبر حماس منظمة إرهابية. وقالت وزيرة خارجية الولايات المتحدة كونداليزا رايس يوم الثلاثاء بأن كارتر قد تم تحذيره بشأن اللقاء مع حماس لأن سياسة الولايات المتحدة وإسرائيل هي التعامل فقط مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنظمة فتح الموجودة في الضفة الغربية. ولكن حدود هذه السياسة قد أصبحت واضحة بشكل مؤلم منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في الصيف الماضي وقد حاولت إسرائيل السيطرة على المنطقة. ومن خلال استخدام أسلحة متقدمة مهربة من مصر، قام أعضاء حركة حماس والجماعات المسلحة بمهاجمة المدن الإسرائيلية وقتل وجرح العديد من الإسرائيليين وإصابة الآلاف منهم بالفزع.
وخلال المحادثات التي استمرت لساعات في سوريا، حيث تقيم قيادة حركة حماس، لم يحصل كارتر على أيه مكاسب من حماس. وقد ذكر قادة حماس بعد ذلك أنهم على استعداد للعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في ظل هدنة طويلة الأجل، ولكنهم لن يعترفوا بوجود إسرائيل رسميا. ويوم الثلاثاء قال المتحدث الرسمي باسم حركة حماس أن المنظمة جاهزة للقيام بهدنه جزئية تشمل منطقة غزة وليس الضفة الغربية. وقد إعترضت إسرائيل على أي عمل من الممكن أن يعطي حماس الفرصة للتأثير على الضفة الغربية التي تقع تحت سيطرة حركة فتح.
ويقول الخبراء أن هذا الموقف المرن الذي أبدته حماس بعد زيارة كارتر لا يمكن الوثوق به. حيث قال إفرايم كام الضابط السابق في المخابرات في وزارة الدفاع الإسرائيلية والذي يعمل حاليا أستاذا في جامعة تل أبيب: أعتقد أن هناك بعض المفاوضات التي تتم مباشرة بين إسرائيل وحماس من خلال وساطة مصر. وإذا حدث أي اتفاق فإنه سيكون وقف إطلاق نار محدود. فلا أعتقد أننا نقترب من عقد أتفاق سلام شامل.
وعلى الرغم من أن كارتر قد فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2002 لتطويره العدالة الاجتماعية والاقتصادية، فإن دبلوماسيته الحرة في كوريا الشمالية وكوبا وفي أماكن أخرى قد أثارت جدلا ووضعته أحيانا في موضع غريب مع السياسة الرسمية للولايات المتحدة. وفي مقابلة مع صحيفة تايمز بطرسبرج بعد نشر أحدث كتاب له، بعيدا عن البيت الأبيض، قال بأنه لا يقحم نفسه في الأماكن الحساسة دون موافقة الإدارة الأميركية.
ويعد كارتر شخصا غير مرغوب فيه في إسرائيل بسبب ما يعتقد أنه يتبنى وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين. وقد تلقى نقدا كبيرا من اليهود في إسرائيل والولايات المتحدة بعد نشره لكتاب عام 2007 بعنوان فلسطين: السلام لا العنصرية، والذي كتب فيه أن سيطرة إسرائيل واحتلالها للأرض الفلسطينية يعد من العقبات الأساسية في طريق السلام.
حيث يقول إنبار من جامعة بار إيلان: أعتقد أن الدوائر السياسية الإسرائيلية تفهم إنه إذا كانت حماس في حاجة إلى مدخل جيد إلى إسرائيل، فيجب عليهم أن يختاروا مرشحين أفضل مثل مصر أو حتى الأردن وليس كارتر الذي يثير الخصومة. كما أن حماس التي تعد فرعا لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، قد اعتلت السلطة في عام 2006 فيما أسماه النقاد بأنه واحدة من أكثر الانتخابات نزاهة وأمانة في منطقة الشرق الأوسط. ولكن الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي قد قطعا التمويل عن حكومة حماس الجديدة بسبب موقفها المتشدد من إسرائيل وبدأت في دعم حركة فتح .
ويقول روبرت لوي، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز تشازام بلندن: يمكنك أن تلحظ أن مستوى التأييد الذي تتمتع به حماس يعد شيئا غريبا على الرغم من التعاسة التي سببتها الحركة لقطاع غزة. فهم لا يلومون حماس بقدر ما يلومون إسرائيل وفتح والمجتمع الدولي. فهم يرون كفاح حماس على أنه شيء شرعي.
وفي تلك الأثناء، فيما عدا المناطق الخاضعة لصواريخ حماس، فإن معظم الإسرائيليين قد استمتعوا بشهور من الهدوء النسبي نتيجة الحواجز الأمنية الكبيرة التي خففت من الهجمات. وبينما جعلت هذه الحواجز إسرائيل أكثر أمنا، فإنها أيضا قللت الدافع إلى الحاجة إلى اتفاق سلام دائم قد يدفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات كبيرة بشأن المستوطنات والقدس والقضايا الأخرى.
ويضيف لوي: منذ فرض القيود على الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، فإن التفاعل قد قل بشكل كبير ولهذا فإن الشعبين الآن في عزلة تامة، كما معظم الإسرائيليين لا يفضلون الصراع. وخلاصة القول فإن جيمي كارتر مثل الرؤساء الذين جاؤوا بعده، يعرف بلا شك أن هناك الكثير من الأطراف الخارجية التي يمكنها أن تساعد في تحقيق السلام. ولكن حماس لها أجندتها الخاصة التي لن تتأثر بزيارات كارتر.
خدمة نيويورك تايمز الاخبارية