مصادر إسرائيلية: quot;وديعة أولمرتquot; هي مناورة إسرائيلية
أولمرت وباراك طبخا المناورة خوفا من إنتقام سوري لقصف تل الزور

نضال وتد من تل أبيب: ما هي حقيقة الاتصالات السورية الإسرائيلية، عبر الرئيس التركي أودغان؟ ولماذا سارعت إسرائيل لمد طوق النجاة للأسد بعد قصف سلاح الجو الإسرائيلي للمنشآت السورية في تل الزرو، التي ادعت كل من إسرائيل والولايات المتحدة أنها مفاعل ذري سوري أنجز بفعل التعاون الوثيق بين سوريا وكوريا الشمالية؟ ولماذا جاء هذا التسخين والتحريك لملف الجولان في هذا الوقت بالذات؟ في الوقت الذي لا تزال تداعيات وتطورات قضية موافقة أولمرت على الانسحاب من الجولان تتفاعل، فيما ظلت أسئلة كثيرة معلقة في الهواء، خصوصا بعد أن انتقلت دمشق إلى المبادرة مخلفة الكرة في الملعب الإسرائيلي، فقد قال المحلل العسكري ليديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، في تقرير نشره مساء الخميس على موقع الصحيفة، إن لأمر كله كان في الواقع نتاج مناورة إسرائيلية سعت إلى إنقاذ الرئيس الأسد من quot;نفسهquot; ومن ضربة أمريكية على خلفية إنشائه مفاعل ذري، من جهة، وبسبب خوف إسرائيل من انتقام سوري شديد بعد الإهانة التي وجهتها إسرائيل لسوريا وللأسد بالذات والتي تمثلت بقصف الموقع المذكور وما رافق ذلك من مباهاة إسرائيلية غير رسمية بالعملية المذكورة.

وبحسب التقرير المذكور، فإن من شأن لتقرير الكونغرس الأميركي، بشأن المنشآت الذرية السورية في سوريا وما سيتبع ذلك من أخبار نشرت في الصحافة الأميركية، أن يربك الرئيس الأسد، بل أكثر من ذلك أن يمس بصورة بالغة من هيبته ومكانته كزعيم- الأمر الذي قد يدفعه إلى المبادرة للقيام بعملية انتقام ضد إسرائيل من أجل محو الإهانة، فهذه هي التقديرات السائدة في جهاز الاستخبارات العسكريةquot;أمانquot; وفي الموساد وعدد من كبار الوزراء في الحكومة.

من هذا المنطلق يقول بن يشاي في تقريره، تقرر مد يد العون للرئيس السوري وإنقاذه من الإحراج وبصورة غير مباشرة إجهاض الحرب. هذه هي خلاصة خلفية عمليات التنسيق التي بادرت إليها إسرائيل في الأسابيع الأخيرة مع الإدارة الأميركية، وهي أيضا خلفية الرسالة التي نقلها أولمرت بواسطة رئيس الحكومة التركي، وهي الرسالة التي يلوح بها اليوم الرئيس السوري، بشار الأسد في كافة وسائل الإعلام السورية والعربية، على الرغم من أنها لا تنطوي على أي شيء جديد وبالرغم من أه لا توجد ورائها آية نوايا - سورية أو إسرائيلية للمباشرة قريبا بتحركات حقيقية.

ويزعم بن يشاي، أن الأسابيع الأخيرة، شهدت في الواقع مناورة سياسية وإعلامية ناجحة، بدر إليها رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، ووزير الأمن إيهود براك من ُجل تقليص الضربة الموجهة لسوريا بفعل مداولات الكونغرس الأميركي. ويضيف بن يشاي أن الضربة الشخصية التي ستطال الرئيس بشار الأسد تتعلق بظروف إقامة المنشأة السورية السرية بمساعدة من كوريا الشمالية، حيث يقول إن هذه المنشأة كانت مبادرة شخصية من الرئيس الأسد وقد أخفى أمرها ليس فقط عن عيون العالم وإنما أيضا عن مواطني بلاده. وأحد الأدلة على ذلك هو أن المكان لم يكن محروسا أو محميا تحسبا من اختراقه من اليابسة أو الجو، مما يعني أن الرئيس الأسد لم يطلع غالبية مستشاريه على هذا المشروع، ولا حتى قادة الجيش.

والأنكى من ذلك، فإن ما نشرته وسائل الإعلام بشأن اكتشاف الاستخبارات الإسرائيلية لوجود المشروع ومن ثم تدميره، مما قد يعرض الأسد للسخرية.
ويواصل بن يشاي ليقول إنه في هذه المرحلة، وغداة قصف الموقع السوري، فقد ثار في إسرائيل خوف من أن يحاول الرئيس السوري تحسين صورته واستعادة هيبته عبر عملية انتقام شديدة، ولذلك ولمنع تصعيد الوضع، ودون أن تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن العملية، فقد تقرر في إسرائيل فرض الكتمان الشديد على القضية برمتها، لا سيما وأن اغتيال مغنية في قلب دمشق العاصمة زاد م المخاوف الإسرائيلية بسبب توجيه سوريا وحزب الله أصابع الاتهام لإسرائيل، الأمر الذي مس أكثر بهيبة النظام السوري وزاد من رغبة الأسد واستعداده لإصدار أوامره بتنفيذ عملية انتقام.

تقديم السُلم لدمشق

في هذه المرحلة ومع بدء الحديث عن عزم الكونغرس الأميركي الحصول على تقرير حول التعاون السوري الكوري، فقد قدرت الجهات المعنية في إسرائيل أن الموضوع، وإن كان الهدف منه إحراج الإدارة الأميركية، إلا أنه سيلحق في نهاية الأمر الضرر بشكل أساسي بالرئيس الأسد، وعليه بادرت إسرائيل لعدة خطوات لتفادي إحراج الرئيس السوري بشكل أكبر:

bull;اتخذت الخطوة الأولى قبل ثلاثة أسابيع عندما أرسل رئيس طاقم ديوان أولمرت طورفوفيتش والمستشار السياسي له ترجمان إلى واشنطن لفحص إمكانية منع تقديم التقرير للكونغرس، أو على الأقل حصر معطياته بالجانب الكوري دون التطرق لسوريا لتفادي تصوير الرئيس السوري كإنسان متسرع، أو تصوير اركان النظام بأنهم دمى لا يهتم الأسد برأيهم أو بمواقفهم.

bull;الخطوة الثانية كانت محاولة تقليص أو منع نشر ما يمكن أن يؤكد أو يشير على الدور الإسرائيلي في قصف الموقع السوري، وقد وافقت الإدارة الأميركية على ذلك.

bull;بعد ذلك، وعلى الرغم من تأجيل الرئيس الأميركي لتقديم التقرير أمام الكونغرس لمدة أسبوعين ونصف، وفرض قيود على تقديم التقرير وجعل المداولات بشأنه مغلقة وبعيدة عن الصحافة ومنع تسرب معلومات لا لزوم لها عن دور إسرائيل في قصف الموقع، فقد تقرر وبسبب الضرر الكبير الذي سيلحق مع كل القيود المذكورة بالرئيس الأسد تقرر القيام بمبادرة مستقلة تمكن الرئيس الأسد من عرض إنجازات، أمام شعبه وأمام الرأي العام العربي والعالم. وقد بدا أولمرت نفسه العملية عندما أعلن في المقابلات التي منحها للصحف عشية عيد الفصح اليهودي أن إسرائيل تسعى للسلام مع سوريا، واشار إلى أن هناك اتصالات مكثفة مع سوريا موضحا quot;أن سوريا لا تشكل خطرا ذريا على إسرائيلquot;. فمجرد نشر تصريحات كهذه لرئيس الحكومة الإسرائيلي يخفف من الصورة المتشددة والعسكرية للأسد أمام الرأي العام الأميركي ويساعده في التخلص من عزلته على الساحة العربية، والدولية. لكن إسرائيل لم تكتف بذلك، وكانت هناك حاجة quot;لشيء آخرquot; لينقذ الأسد من الحرج الذي ينتظره.

bull;تمت الخطة التي تلت ذلك قبل نحو أسبوع، عندما نقل أولمرت لرئيس حكومة تركيا رسالة تقول إن إسرائيل مستعدة للانسحاب من الجولان مقابل سلام شامل. ومع أن هذه الرسالة لا تنطوي على جديد، ذلك أن رؤساء حكومات إسرائيل من رابين وحتى أولمرت قالوا ذلك على مسامع كل من تنقل بين دمشق وإسرائيل، ولكن وفي الظروف الحالية الحرجة، فإن هذه الرسالة لو نشر أنها خرجت بشكل مباشر من فم رئيس حكومة إسرائيل لقصر الرئيس السوري مباشرة، فسوف تمنح سوريا ورقة إعلامية رابحة تمكن الأسد من عرض إنجاز مهم، باختصار مناورة إعلامية غير مضرة بل ناجحة.

ولهذا السبب على ما يبدو ألمح أولمرت لرئيس الحكومة التركي، بصورة واضحة أنه لا يعارض أن ينشر بشار الأسد أمر الرسالة ولا مصدرها، وزيادة في الاحتياط ولتفادي العاصفة السياسية التي ستثور في إسرائيل اختار أولمرت الجولان لقضاء عطلة الفصح فيه، ليقول إنه يعتبر الجولان جزء لا يتجزا من إسرائيل ولا ينوي التنازل عنه في القريب العاجل.