حيث يكثر ملتزموها في الجزائر
عودة الجدل حول إظهار الحجاب واللحية في الوثائق الإدارية

كامل الشيرازي من الجزائر: عاد الجدل ليُثار مجددًا في الجزائر حول quot;مشروعيةquot; إظهار الحجاب واللحية في الوثائق الإداريةquot;، بعدما ظلّ المسؤولون في الجزائر متمسكون منذ مطلع تسعينات القرن الماضي بمنع إصدار الوثائق الإدارية باللحى، لاسيما في جوازات السفر، وإلزامها المحجبات أيضًا بوجوب إظهار الأذنين في الصور، في بلد أكثر من نصف نسائه محجبات.

وجاء في لائحة مطلبية وقعها الآلاف من السكان المحليين وجرى رفعها إلى رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم، أنّ إرغام السلطات لمواطنيها على عدم إظهار الحجاب واللحية في الوثائق الإدارية، يعدّ بحسبهم quot;مصادرة لحقوقهم التي يضمنها الدستور والقانونquot;، كما لم يترددوا في التحذير من تبعات الإجراء المزمن على ما سموه quot;السلم الأهلي وقيم المصالحةquot;.

من جهته، دعا عالم دين بارز في الجزائر، سلطات بلاده إلى السماح بإظهار الحجاب واللحية في الوثائق الإدارية، وأصدر سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فتوى بيّن فيها بطلان قرار الداخلية الجزائرية التي تشترط أن تكون صور النساء دون حجاب، وصور الرجال دون لحية على بطاقات الهوية الشخصية وجوازات السفر ورخص السياقة.

وجاء في الفتوى التي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منها، بأنّ الدين الاسلامي يمنع المرأة من كشف أي شيء من جسدها، ما عدا الوجه والكفين، وذكر الشيخ شيبان (90 عامًا)، أنّه لا يجوز إجبار الرجال على عدم إظهار لحاهم في صور جوازات السفر والبطاقة الشخصية، مبررًا بأنّه لا ينبغي على الحاكم التخلي عن تعاليم دينه لأي سبب كان، إلا فيما دعت الضرورة إليهquot;، وذهب شيبان إلى أنّ quot;الضرورة المُشار إليهاquot; لا يقع ضمنها قرار فرض السلطات كشف رأس المواطنات المحجبات ولا حلق لحى المواطنينquot;.

وعلى الرغم من احتجاجات قطاع غير محدود من الجزائريين على رفض الإدارة الجزائرية إصدار وثائقهم ما لم تتقدم النساء كاشفات الرأس ومن دون لحى بالنسبة إلى الرجال، إلاّ أنّ وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني لا يزال مُصرًّا على الخطوة، ولم يستجب كما غيره من المسؤولين الحكوميين لحملة مستمرة حركّها الإسلاميون منذ ثلاث سنوات وتمّ استئنافها قبل أيام بغرض إلغاء قرار أصدره رئيس الوزراء الجزائري الأسبق quot;بلعيد عبد السلامquot; سنة 1992، بعد الذي واكب صعود جبهة الإنقاذ الإسلامية التي جرى حلها عامًا من قبل، وحُظر على ناشطيها ممارسة أي نشاط سياسي غداة الذي حدث في شتاء 1992.

وتبلغ نسبة المحجبات في الجزائر نحو 50 في المئة، وتصل إلى أكثر من 97% في القرى والأرياف، في حين تشهد الجزائر ارتفاعًا في عدد الملتحين خلال السنوات الأخيرة.

ومن طرائف اللحية في الجزائر، أنّ رئيس الحكومة الحالي quot;عبد العزيز بلخادمquot; يعدّ أول رئيس وزراء ملتح في تاريخ الجزائر، كما أنّ الزعيم الإسلامي البارز quot;علي بن حاجquot; لم يُحظ بلحية، تبعًا لكونه quot; شخصًا أمردquot;، على الرغم منأنه من أكثر المتشددين في التيار السلفي، بينما اضطر الروائي الجزائري المخضرم quot;الطاهر وطارquot; إلى إطلاق لحيته في أواسط التسعنيات، خشية تعرضه للتصفية على يد المسلحين، عندما تعرض للتهديد بالموت على يد التنظيم المتمرد آنذاك quot;جيش الإنقاذquot;، والمثير أنّ مفتي جيش الإنقاذ quot;عيسى لحيلحquot;هو شاعر متمكن أشهر توبته قبل ثماني سنوات، وجرى تكريمه على يد الطاهر وطار نفسه في شتاء 2007، عندما فاز عيسى لحيلح بالجائزة المغاربية للشعر!

وينفرد ملتحو الجزائر بأنواع من اللحى، حيث يمكن لك أن تميّز بوضوح بين اللحية quot;الإخوانية غير الكثيفة quot; التي يتميز بها نشطاء حزب quot;مجتمع السلمquot;، بينما لا تزال اللحية السلفية رائجة وهي التي يطلق لها أصحابها العنان، وبين اللحيتين، هناك ما يُعرف محليًا بـquot;لحية البوكquot; وهي لحية يفضلها بعضهم بداعي الزينة والتأنق، وهي لحية تحيط بالفم والذقن في شكل دائري، غالبًا ما يتزين بها الشباب.
ويجزم كثيرون في الجزائر أنّ اللحية سُنّة ثابتة عن النبي الأعظم محمد (ص)، لكنهم يرفضون اختصار التدين في مجرد لحية، بل يربطون التدين بفن المعاملات، ويضربون مثلاً بممارسات سيئة كان الملتحون أبطالاً فيها.