أسامة مهدي من لندن : بعد 5 سنوات من إلغاء الحاكم المدني الاميركي الاسبق للعراق قانون الخدمة الإلزامية في الجيش العراقي عادت الحاجة الى إلغاء التطوع وإعادة الإلزام في الانخراط بصفوفه نتيجة الظروف الامنية الخطرة التي تسود البلاد وهو امر لاقى ترحيبا من النواب العراقيين الذين اعتبروا انه سيلغي quot;طائفية القوات المسلحةquot; ويعيد التوازن اليها لكن وزارة الدفاع سارعت الى التأكيد بأنها غير مؤهلة لتطبيق الخدمة الإلزامية في الجيش في الوقت الراهن .

فقد وافقت لجنة الدفاع في مجلس النواب العراقي على إعداد مشروع لإعادة العمل بالخدمة الالزامية في العراق . وابلغ مصدر نيابي quot;إيلافquot; ان الموضوع مثار بحث حاليا بين الكتل السياسية قبل تقديم المشروع الى المناقشة في المجلس لإمكانية المصادقة عليه .

لكن وزارة الدفاع العراقية سارعت الى القول إنها غير مؤهلة حاليا فنيا وتجهيزيا لتطبيق التجنيد الالزامي في البلاد . واشار الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري في تصريح صحافي الى quot;ايلافquot; اليوم الى ان الوزارة مع قانون الخدمة الإلزامية quot;خدمة العلمquot; وقد تمت دراسة الامر بشكل علمي ومستفيض لضمان آليات تطبيق متكاملة من قبل مؤسسات مختلفة تؤمن تطبيقها quot;ولكن الآن نحن غير مؤهلين لتنفيذ هذا القانون لاسباب عدة . واوضح ان من هذه الاسباب ان آلية التجنيد تحتاج إلى مراكز تطوع في جميع المحافظات quot;وتحتاج مؤسسات تقوم بإعداد كافة الوثائق الرسمية اللازمة لانجازها للأشخاص المشمولين بالتجنيد وبنية تحتية متكاملة لضمان انسيابية سوف المجندين وتوفير كل المستلزمات والاحتياجات التي تؤمن آلية السوقquot;. . واضاف قائلا quot; نحن الآن نعمل على إعداد جيش نوعي يتطلب مجندين يحملون خلفية دراسية فنية واختصاصات متعددة ويكونون مؤهلين ويخضعون لفترة تدريب قصيرة ليشكلوا كفاءات قادرة على إدارة منظومة القتال والإسنادquot;.
وشدد على ان تنفيذ قانون بالتجنيد الالزامي في الوقت الحالي يواجه بعض التحديات في تنفيذه بشكل صحيح quot;ولكن نعتقد بعد إكمال كافة مستلزمات تنفيذ القانون سوف نبادر إلى تنفيذه بدقة بعد عرضه على الحكومة وإقراره في مجلس النوابquot;.

وكانت الخدمة الإلزامية في العراق quot;خدمة العلمquot; قد اقرت عام 1935 بعد أن وضعت السلطات البريطانية قانون الخدمة الإلزامية باسم quot;مرسوم إدارة الجيش العراقيquot; إلا أن الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر ألغى عام 2003 الخدمة الإلزامية بعد أن حل الجيش العراقي الذي وصل تعداده في اواخر الثمانينات الى نصف مليون رجل .

وقد بدأ نواب وقوى سياسية مؤخرا بالمطالبة بتطبيق نظام التجنيد الإلزامي في البلاد وإلغاء الأمر الإداري الذي أصدرته سلطة الائتلاف المنحلة التي كان يقودها بريمر عقب سقوط النظام العراقي السابق ربيع عام 2003 اعتماد نظام التطوع في الجيش العراقي .

وتأتي هذه المطالبات انطلاقا من موقف سياسي يؤكد ان الخدمة الالزامية في الجيش ستلغي الاتهامات التي توجه اليه بغلبة طائفة واحدة وليتشكل من مختلف طوائف وقوميات العراق.

وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب عبد الكريم السامرائي عضو قيادة جبهة التوافق السنية ان موضوع إعادة العمل بنظام التجنيد الإلزامي يشهد حاليا نقاشات وتداولات كثيرة بين الكتل السياسية . واشار الى ان لجنة الأمن والدفاع قد وافقت على هذه الفكرة وسيتم تقديم طلب إلى وزارة الدفاع لتقديم نسخة منقحة ومعدلة من قانون الخدمة الإلزامية ليتم إقرارها من مجلس الوزراء لتقدم إلى مجلس النواب للتصويت. واضاف في تصريح صحافي أرسل الى quot;ايلافquot; أن هذا المشروع سيعالج الخلل الذي أصاب المؤسسة العسكرية في السنوات الماضية والذي تسبب بعدم توازن هذه المؤسسة واتجاهها غير المهني وهذا ما دفع الكتل السياسية إلى التفكير في إعادة العمل بنظام التجنيد الإلزامي وإعادة هيكلية المؤسسة العسكرية العراقية بمشاركة كافة ألوان المجتمع العراقي.

وأكد السامرائي تأييد جبهة التوافق للتجنيد الإلزامي quot;إيمانا منا بان الجيش هو المدرسة التي تبنى فيها الروح الوطنية لدى الفرد العراقي وإيمانا منا أيضا بان التجنيد الإلزامي سيساهم في القضاء على التكتل الطائفي في مؤسسة الجيش باعتبار أن هذا القانون سيجمع جميع مكونات المجتمع العراقي دون تمييز وجميع هؤلاء الأفراد سيكونون داخل مؤسسة واحدة يتقاسمون الواجب والتضحية مع رغيف الخبز والسكن والتعايش في نزع الروح الطائفية بينهمquot;.

واضاف أن كل المعلومات والتفاصيل الخاصة بهذا القانون لا تزال محصورة داخل وزارة الدفاع والتي هي بصدد إعداد هذا القانون مبينا أن هناك مناقشات وأخذ ورد في هذا الموضوع من اجل أن يعد إعدادا جيدا .

واوضح أن قانونا من هذا النوع ربما يلاقي عقبات من قبل بعض الكتل السياسية ما يجعل المصادقة عليه quot;صعبة نسبياquot; . واعرب عن اعتقاده بان هذا القانون سيشهد نقاشات حامية داخل قبة البرلمان لافتا إلى وجود قناعة لدى الكثير من السياسيين بضرورة إصدار مثل هذا القانون تمخضت عنها مؤتمرات المصالحة العديدة التي انعقدت مؤخرا والتي أكدت أن هذا القانون سيعمل على تفعيل مشروع المصالحة الوطنية.

ومن جهته قال محسن السعدون عضو التحالف الكردستاني إن quot;تطبيق قانون الخدمة الإلزامية سيعمل على قطع الطريق على الذين يتهمون الجيش بالطائفيةquot; . واضاف في تصريح بثته وكالة اصوات العراق أن quot;قانون الخدمة الإلزامية قد أشير له في المادة التاسعة من الفقرة الأخيرة من الدستور الذي دعا إلى تشريع قانون للخدمة الإلزامية في العراقquot;. وقال إن quot;التحالف الكردستاني يدعم التسريع في إقرار هذا القانون وفق معايير جديدة مخالفة للمعايير المتبعة سابقاquot; .

من جهته طالب نصير العيساوي عضو كتلة رساليون في مجلس النواب بأن يتم التسريع بالمصالحة الوطنية قبل تشريع القانون مبينا أن quot;تشريع قانون للخدمة الإلزامية ضروري في هذه المرحلةquot; ..لكن quot;يجب أن يتم تحقيق أسس جديدة قبل تطبيق القانون مثل المصالحة الوطنيةquot; وأوضح انه quot;لا يمكن أن نطبق الخدمة الإلزامية من دون قطف ثمار المصالحة الوطنيةquot;، معبرا عن تأييده للقانون quot;مع بعض الضوابطquot;.

اما حسن السنيد عضو لجنة الأمن والدفاع النائب عن الائتلاف الشيعي الموحد فقد قال إن quot;قانون الخدمة الإلزامية سيتم إقراره في الفصل التشريعي الحالي بعد دراسته من قبل وزارة الدفاعquot;. وأضاف أن quot;الفصل التشريعي الحالي سيشهد إقرار قانون الخدمة الإلزامية بعد دراسته من قبل وزارة الدفاعquot;، وأن quot;الدستور نص على ضرورة أن تكون هناك خدمة إلزاميةquot; كما ابلغ الوكالة . واشار الى ان الشاب الذي يحصل على شهادة جامعية سيخدم اقل من غيره فيما سيتم حرمان من يتخلف عن الخدمة من الكثير من الامتيازات مثل حصوله على وظيفة حكوميةquot; .

وكان تقرير رسمي أميركي كشف مطلع الاسبوع الحالي أن قوات الجيش والشرطة العراقية لن تكون مؤهلة لتولي المسؤولية الأمنية في البلد في الأفق المنظور وذلك بسبب النقص الحاد في عدد المجندين إضافة إلى افتقارها لنظام متكامل للدعم والمساندة.

وأوضح التقرير الذي أعده المفتش الأميركي المسؤول عن مراقبة برامج إعادة الإعمار في العراق ستيوارت بوين أن جزءا لا يستهان به من المسجلين في كشوف رواتب القوات الأمنية العراقية البالغ عددهم نحو 530 ألفا بحسب السجلات الرسمية العراقية للشهر الماضي يشمل متوفين ومصابين و مجازين، بل وحتى عناصر لم يطأوا بأقدامهم مكان العمل أبدا. غير أن التقرير دعا إلى عدم التسليم بصحة الأرقام الواردة فيه أو بالفائدة المتوخاة منها، في الوقت الذي أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن المعلومات المتعلقة بالقوات العراقية موثوق بها ويمكن الاعتماد عليها.

وقال الكيرنل مايكل فولر من قيادة نقل المهمات الأمنية التابعة للقوات متعددة الجنسيات إن الجيش العراقي تمكن من تحسين أساليب حفظ سجلات دوام منتسبيه ومتابعتها بانتظام.

وأضاف مولر أن فحص سجل الحضور للجيش العراقي ليوم الخامس من نيسان/ أبريل الجاري أثبت أن 70 في المئة من مجموع الجنود المسجلين على كشوف الرواتب كانوا حاضرين. ولفت مولر إلى أن عدد الجنود المتغيبين في يوم معين لا يمكن اعتباره وسيلة ناجعة لتحديد الاتجاه الذي تسلكه القوات العراقية في عملها .. وقال مولر إن الجيش العراقي قد يكون قادرا على الاعتماد على قدراته الذاتية بحلول شهر أيلول (سبتمبر) من العام المقبل 2009.

من ناحيتها قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو إن ادارة الرئيس جورج بوش غير ملتزمة بتحديد موعد نهائي لتسلم القوات العراقية المسؤولية الأمنية في العراق موضحة أن الأمر يعتمد أساسا على الظروف على الأرض.