أسامة مهدي من لندن : يبدو ان الصراع بين رئيس الوزراء العراقي زعيم حزب الدعوة الاسلامية الحاكم نوري المالكي وسلفه في المنصبين ابراهيم الجعفري لن يقتصر على المسائل السياسية والتنظيمة وانما يتعداه الى التشهير والانتقاد ايضا حيث اعتبر مستشار لهذا الاخير تخلي المالكي عن ربطة عنقه خلال اجتماعه في طهران أمس مع مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي الذي يرى فيها مظهرا امبرياليا انتقاصا من هيبة رئيس وزراء يمثل العراق وشعبه وتاريخه وحاضره ومستقبله وتساءل قائلا :كيف نتوقع أن يكون موقف المالكي بالقوة التي نريدها وهو الذي خلع ربطة عنقه ليرضي خامنئي؟ .فقد اثار تخلي المالكي عن ارتداء ربطة العنق خلال لقائه مرشد الثورة الايرانية في طهران امس وظهوره بها في جميع اجتماعاته الاخرى مع كبار المسؤولين الاميركيين حفيظة انصار الجعفري الذين اعتبروا ذلك رضوخا او استجابة لرغبة المرشد الذي يعتبر الربطة مظهرا غربيا امبرياليا . فقد اشار موقع الكتروني على شبكة الانترنت يرأس تحريره سليم الحسني مستشار الجعفري الى ان مستشاري المالكي نصحوه في طهران quot;بعدم إرتداء ربطة العنق خلال لقائه مرشد الجمهورية الايرانية السيد علي خامنئي باعتبار ان الإيرانيين لا يحبذون ربطة العنقquot; . واضاف ان quot;النصيحة للأسف تعكس عقدة ضعف قديمة تعود لأيام المعارضة عندما ترك المعارضون العراقيون المقيمون في ايران ربطة العنق إحتراما للذوق الإيراني لكن الحال تغير تماماً الآن فالمالكي لم يعد معارضاً إنما هو رئيس وزراء دولة وعليه ان يحافظ على زيه الرسمي المألوف في العراق والعالم وهو البدلة وربطة العنق في زياراته الرسمية وهذا أمر متعارف عليه في كل دول العالمquot;.
واشار الى انه quot;في إيران ينظرون الى الدشداشة على انها تشبه ملابس النوم وعليه فانهم ينظرون باستهجان لها لكن المسؤولين الخليجيين يزورون إيران بزيهم الوطني الدشداشة والكوفية والعقالquot; . كما ان quot;الرئيس الأفغاني يرتدي زياً غريباً يتفرد به عن كل دول العالم ومع ذلك يصر على إرتداء هذا الزي الوطني في كل زياراته وكذلك يفعل الرئيس الليبي ورئيس وزراء الهند وكل زعماء الدول الذين يتميزون بازياء وطنية خاصةquot;. وقال ان quot;ربطة العنق أصحبت جزءا من الهيئة الرسمية للمسؤول العراقي وهي بالنسبة لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء تعتبر أكثر أهمية لأنه وجه الدولةquot;.
واضاف منتقدا quot;لقد شعرنا بالاحباط ونحن نرى ان رئيس وزرائنا يجامل الزعيم الإيراني الى هذه الدرجة وكنا نتمنى أن نراه بكامل أناقته يتحدث الى الزعيم الإيراني لأنه يمثل العراق وشعبه وتاريخه وحاضره ومستقبله .. وكنا نتمنى أن يتحدث رئيس وزرائنا وهو بزيه الرسمي الكامل مطالباً الإيرانيين بعدم التدخل في شؤون العراق والكف عن دعم الجماعات المسلحة لكنها كانت خيبة أمل كبيرة quot; . وتساءل قائلا quot;كيف نتوقع أن يكون موقف السيد المالكي بالقوة التي نريدها وهو الذي خلع ربطة عنقه ليرضي السيد الخامنئي .. ولا ندري على من يقع اللوم على السيد المالكي أم على مستشاريه؟quot; .
وكان المالكي الذي عاد الى بغداد عصر امس من زيارة الى طهران استغرقت ثلاثة ايام قد ظهر مرتديا ربطة العنق خلال لقاءاته مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ونائبه برويز داودي ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني والامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي سعيد جليلي ورئيس السلطة القضائية آية الله محمود الهاشمي .. لكنه ظهر من دونها خلال اجتماعه مع خامنئي .
يذكر ان قرارا اتخذه المالكي الاسبوع الماضي قد ختم به اشهرا من الصراع الصامت بينه وبين الجعفري فقد اقصى الاول الثاني من صفوف الحزب على خلفية تشكيله تنظيما خارج اطار الدعوة اطلق عليه quot;تيار الاصلاح الوطنيquot; وعبر المالكي عن اسفه لتصرف سلفه واشار الى ان الساحة السياسية العراقية ليست بحاجة الى مزيد من التشرذم .
وقال حزب الدعوة الاسلامية بزعامة المالكي وهو ثاني اكبر كتلة سياسية داخل الائتلاف الشيعي الحاكم مع المجلس الاعلى الاسلامي في بيان انه يؤكد quot;ان اعلان السيد الدكتور ابراهيم الجعفري عن تيار الاصلاح الوطني هو تحرك ذاتي لا تربطه علاقة تنظيمية بحزب الدعوة الاسلاميةquot; . وعبر عن الاسف لخطوة الجعفري وقال ان quot;الساحة العراقية ليست بحاجة الى مزيد من الشعارات والتشرذم بل بحاجة الى تكاتف وعمل جاد لخدمة المواطن ورعاية أمنه ورفاههquot;.
وقال الجعفري لدى تأسيسه لتياره الجديد خلال مؤتمر صحافي في بغداد الاسبوع الماضي quot;اعلن عن تشكيل تيار الإصلاح برئاستي وبمشاركة عدد من الشخصيات من مختلف الكتل والأحزاب السياسية بهدف نبذ الطائفية والمحاصصة ومحاربة الميليشيات اضافة الى بناء الطاقات الشبابية الواعدةquot; . وكان الجعفري وهو رئيس الوزراء العراقي بين عامي 2005 و2006 زعيما لسنوات عدة لحزب الدعوة الاسلامية الذي ينتمي اليه المالكي .
وقد اتهم قياديون في حزب الدعوة الجعفري بالاستيلاء على عدد من مقرات الحزب في مدن عراقية عدة وتحويلها الى مقرات لتشكيله السياسي الجديد للاصلاح الوطني .
وتأتي هذه التطورات بعد اشهر من قيادة الجعفري لتمرد هادئ استهدف الاطاحة بالمالكي مبررا خطواته هذه بما وصفه بفشل المالكي في اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ مشروع المصالحة الوطنية مما قاد البلاد إلى وضع كارثي. وقد وصل الجعفري قبل اشهر إلى مرحلة متقدمة في تنفيذ خطته بالاتصال بالمرجع الشيعي الاعلى اية الله السيد علي السيستاني لاخباره نيته تشكيل حكومة إنقاذ وطني تحل بديلا لحكومة المالكي إلا أن السيستاني رفض مباركة المشروع. وفي تصريح سابق له قال المقرب من الجعفري والقيادي في حزب الدعوة فالح الفياض إن خطة الجعفري تتضمن تشكيل حكومة وطنية وغير طائفية لإنقاذ البلاد.
وادى هذا الصراع الى استبدال مؤتمر لقياديي فروع الحزب في المحافظات وخارج العراق عقد في بغداد اواخر العام الماضي للجعفري بوصفه رئيسا للحزب بالمالكي. وأشار النائب الفياض إلى أن الجعفري وقياديين آخرين في الدعوة يشككون في شرعية التصويت الذي أدى إلى الإطاحة بالجعفري رئيسا لحزب الدعوة وأن هذا الاخير قد قاطع اجتماعات الحزب ونشاطه الرسمي منذ ذلك الحين.
وكان حزب الدعوة تأسس عام 1957 بقيادة اية الله السيد محمد باقر الصدر الذي نفذ فيه رئيس النظام السابق صدام حسين الاعدام عام 1980 .. ثم تعرض الحزب وعناصره لضربات موجعة وجهها ذلك النظام من خلال قرار اصدره ينص على تنفيذ الاعدام بكل منتم الى الحزب . ولعب الحزب دورا في صفوف المعارضة السابقة وكان معارضا بشدة للتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية لكنه عدل عن موقفه اثر سقوط النظام السابق عام 2003 وتولى زعيمه الجعفري انذاك عضوية مجلس الحكم الذي شكله الاميركيون وشارك في الانتخابات النيابية اواخر عام 2005 ضمن الائتلاف الشيعي الموحد وفاز بثلاثين مقعدا في مجلس النواب مكنته من ترشيح الجعفري لرئاسة الحكومة اولا ثم المالكي للمنصب نفسه عام 2006.
التعليقات