بهية مارديني من دمشق، وكالات: رحبت الولايات المتحدة الاميركية اليوم بتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لموقع نووي مزعوم في سوريا قصفته إسرائيل في سبتمبر أيلول الماضي لكنها طالبت دمشق بعدم تعطيل التحقيقات فيما ساد إستياء عام في دمشق إثر زيارة فريق التفتيش الدولي وعبرت شرائح مختلفة من الشارع السوري في أحاديث متفرقة مع إيلاف عن إستيائها الشديد من quot;الكيل الدولي باكثر من مكيال quot;، وفي حين لم يسمع البعض بهذا الوفد لأن الجهات الرسمية لم تعلن عن الزيارة ، إلا أن أغلب الشرائح التي سألتها إيلاف كانت من المتابعين للفضائيات والصحف العربية وبادرت إلى التعبير عن سخطها من السياسة الدولية، وقالت إنها تعد سابقة دولية خطرة في ان تتعرض بلاد للقصف ثم يصار الى ارسال فريق من الخبراء الدوليين للتفتيش بدل محاسبة الجهة التي قصفت ، في اشارة الى اسرائيل.
وقال جريجوري شولت السفير الامريكي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقرا لها quot;نرحب بالتفتيش كخطوة أولى ونقف على اهبة الاستعداد لمساعدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي تواصل تحقيقها في الانشطة النووية السرية لسوريا.quot; وأضاف في بيان ارسل لرويترز بالبريد الالكتروني quot;ندعو سوريا الى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والا تعطل بأي شكل التحقيق برفضها السماح للوكالة بزيارة اي موقع او رفضها تقديم معلومات يحتاجها التحقيق.quot;
ولم تصدر عن سوريا أي معلومات بخصوص زيارة المفتشين منذ وصولهم الى دمشق يوم الاحد. وقال هاينونين كبير المفتشين بالوكالة الدولية ان التفتيش الذي أجرته الوكالة للموقع السوري بدأ quot;بداية طيبةquot; وان المفتشين تمكنوا من الحصول على عينات اختبار كثيرة من الموقع الواقع في الصحراء. وأضاف هاينونين للصحفيين لدى عودته الى فيينا أن فريقه تمكن من أخذ عينات اختبار quot;لعدد كبير من الاشياءquot; في الموقع الكائن في صحراء نائية. وتابع هاينونين quot; حققنا الى حد كبير ما ننشده.. وما اتفقنا على عمله.. في الرحلة الاولىquot;.
وأشار الى أن من السابق لاوانه الوصول لنتائج بشأن ماهية الموقع الذي قصفته اسرائيل وقال ان المحادثات مع المسؤولين السوريين ستتواصل للحصول على تفسيرات ولمح الى انه ربما تكون هناك حاجة للقيام بمزيد من الزيارات.
وانتقدت وكالة الطاقة الذرية واشنطن لانتظارها مرور كل هذا الوقت بعد الغارة الاسرائيلية لتبلغها بشكوكها في ان سوريا وبمساعدة كوريا الشمالية اوشكت على الانتهاء من مفاعل يمكن ان ينتج بلوتونيوم يستخدم في انتاج قنابل ذرية.
واختتم امس فريق التفتيش زيارته لسوريا التي كان قد بدأها الاحد، وزار يوم الاثنين الماضي موقع الكبر والذي تقول الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل إنه كان منشأة نووية قبل أن تدمره إسرائيل، وبعد الغارة الاسرائيلية على المبنى بسبعة أشهر اظهرت واشنطن صورًا التقطتها بالاقمار الصناعية قالت انها للموقع وادعت انه للاغراض النووية، واستمرت مهمة فريق التفتيش الدولي في سورية ثلاثة أيام وضم الفريق أربعة أشخاص برئاسة هاينونين.
وتردد ان الوكالة قد تطلب ترتيب زيارات أخرى ولكن لم تعلن سورية ولا الوكالة عن أي معلومات بخصوص زيارة المفتشين او ما حصل خلالها ، او الخطط المستقبلية لكن المؤكد أن quot;سورية رفضت مطالب الوكالة الدولية لزيارة مواقع أخرى للبحث عن منشآت ضرورية للمفاعل المزعوم حيث قال الرئيس بشار الأسد في حديث صحافي مؤخرًا إن quot;لدينا اتفاق مع الوكالة الدولية، والحديث عن مواقع أخرى ليس ضمن هذا الاتفاقquot;.
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي قال إن quot;الوكالة لا تملك أدلة على أن سورية تملك الدراية الفنية أو الوقود الذي يمكنها من تشغيل منشأة نوويةquot;.وأضاف أن quot;الوكالة لا تملك أدلة على أن سورية تملك الموارد البشرية التي تسمح لها بتولي برنامج نووي كبير، ولم ترصد امتلاك سورية للوقود النوويquot;.
واعرب في حديث اخر عن quot; أسفهquot; لقيام إسرائيل قبل أشهر بشن غارة جوية على موقع عسكري سوري على خلفية شكوكها بنية دمشق بناء مفاعل نووي، وأشار بأنه كان يتعين على إسرائيل إبلاغ الوكالة بشكوكها قبل التصرف، وقال quot; أما من الجانب السوري، فعليه احترام التزاماتها وإبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية لو كان يريد أن يبني فعلاً مفاعلاً نووياً، لكن مثل هذا الأمر لم يتم عملياًquot;. وعبر عن أمله أن يستطيع مفتشو الوكالة وخبراؤها استطلاع الأمر من السلطات السورية quot; ، وقال quot;سنلقي الضوء على مختلف جوانب الأمر خلال عدة أسابيعquot;.
من جانبها ترى سوريا انها اثبتت صدق نياتها والتزامها التام بأهداف النظام الدولي بخصوص معاهدة حظر الانتشار النووي. وتشير الى القرار الذي صدر عام 1995 عن المؤتمر العام للمعاهدة والمتضمن العمل على تحويل الشرق الاوسط الى منطقة خالية من الأسلحة النووية وتعيد التأكيد على القرار المذكور عام 2000 واعتباره ركيزة اساسية من ركائز المعاهدة وانه سيظل ساري المفعول الى ان تتحقق اهدافه وغاياته.وتذكر دائما مشروع القرار الذي تقدمت به سورية عام 2003 نيابة عن المجموعة العربية الى مجلس الأمن والخاص بانشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط.
وتلفت الى القمة العربية التي عقدت مؤخرا في دمشق والتي ركزت على اهمية اقتراح آلية عملية لإخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية كما تفيد بانها اوصت بأن يتم اقتراح البدائل العملية المناسبة في حال عدم اتخاذ المجتمع الدولي أي خطوات عملية لتنفيذ المبادرة العربية بإنشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط.كما تحذر من خطورة الصمت والتواطؤ مع موقف اسرائيل الأمر الذي شجعها على الانتقال من اعتماد سياسة الغموض النووي الى سياسة التصريح بامتلاك اسلحة نووية.
بداية جيدة شهدها التحقيق
الى ذلك قال مسؤول كبير في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان مهمة المفتشين في موقع الكبر شهدت quot;بداية جيدةquot;. وقال اولي هاينونن نائب المدير العالم لوكالة الطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة متحدثًا لصحافيين لدى عودته الاربعاء من مهمة في سوريا استمرت ثلاثة ايام quot;كانت بداية جيدة، لكن ما زال ينبغي القيام بالكثيرquot;.
وتابع بعد خروجه من الطائرة التي اعادته من دمشق الى فيينا quot;قمنا خلال هذه الزيارة بما كنا قداتفقنا عليه. انجزنا ما كنا نريده من هذه الرحلة الاولى. اخذنا العينات التي كنا نريد اخذها. والان ينبغي تحليلهاquot;. وسئل عما اذا كان يتوقع العودة الى سوريا في المستقبل القريب لاستكمال التحقيقات فقال quot;ما زال الوقت مبكرًا للتكهن بذلك. سوف نواصل العمل ونرى في الايام والاسابيع المقبلة ما الذي سيحصل لاحقاquot;.
ووصل هاينونن مع خبيرين اخرين الى سوريا الاحد للتحقيق في مزاعم بأن الموقع السري الذي قصفته اسرائيل العام الماضي في الكبر قرب دير الزور في منطقة صحراوية شمال شرق سوريا كان يضم مفاعلاً نوويًا على وشك اكتمال بنائه.
ويتوقع مراقبون ان تكون الزيارة مجرد بداية عملية تفتيش طويلة مماثلة لتلك التي تقوم بها الوكالة في ايران منذ خمس سنوات للتحقق من انشطتها النووية المثيرة للجدل. وافاد دبلوماسيون وكالة فرانس برس ان خبراء وكالة الطاقة الذرية زاروا الموقع وفتشوه.
وتقول الولايات المتحدة استنادًا الى معلومات استخباراتية وصور، ان الموقع الذي دمرته اسرائيل في ايلول/سبتمبر الماضي كان منشأة نووية تبنى بمساعدة كوريا الشمالية وان الاعمال فيها كانت على وشك الانتهاء. لكن سوريا نفت هذه المعلومات واعتبرتها quot;سخيفةquot; موضحة ان الموقع المستهدف كان مبنى عسكريًا قديمًا.
وقام السوريون بتنظيف موقع الكبر وازالة كل ما فيه اثر الغارة الاسرائيلية، ما يجعل عمليات التفتيش اكثر صعوبة ويحرك الشبهات في صفوف الاسرة الدولية بشأن طبيعة الموقع الحقيقية. وعبر هاينونن عن ارتياحه بصورة عامة لمدى تعاون السلطات السورية حتى الان.
وذكر دبلوماسيون مقربون من وكالة الطاقة الذرية ان مفتشي الوكالة يرغبون في الكشف على موقعين او ثلاثة اضافية يشتبه بانها استخدمت لتخزين ركام المنشأة المدمرة بعد ازالته. غير ان الرئيس السوري بشار الاسد صرح قبل الزيارة quot;لدينا اتفاقية مع الوكالة الدولية (...) والحديث عن مواقع اخرى ليس ضمن مدى هذه الاتفاقيةquot;.
وامتنعت سوريا عن الادلاء بأي تعليق رسمي على الزيارة ولم تأت وسائل الاعلام الرسمية حتى على ذكر وجود المفتشين في البلاد. واتهم الاسد الولايات المتحدة بفبركة الادلة من ضمن حملة لتشديد الضغوط على دمشق في اطار الاتهامات الاميركية الموجهة إليها بدعم الارهاب مع حليفتها الاقليمية ايران.
وذكرت مجلة quot;دير شبيغلquot; الالمانية في عددها الاخير ان دمشق وبيونغ يانغ كانتا تحاولان مساعدة ايران على تطوير برنامجها النووي عبر بناء الموقع النووي المفترض في سوريا. ونقلت المجلة عن مصادر في الاستخبارات الالمانية انه كان من المقرر ان تكون المنشأة موقعًا موقتًا لإيران تطور فيه قنبلتها النووية بانتظار تمكنها من القيام بذلك على اراضيها.
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، قدصرح بأن quot;الوكالة لا تملك ادلة على ان سوريا تملك الدراية الفنية او الوقود الذي يمكنها من تشغيل منشأة نووية على نطاق كبيرquot;.
التعليقات