أماني سعيد من الرياض: ماهو الحل الأمثل لوقف الإرهاب؟ هل هو التدخل السياسي أم التعذيب أم التدليل، الحكومة السعودية وجدت الإجابة.
أحمد الشايع والذي يبلغ من العمر 24 سنة ضحية إحدى العمليات الإرهابية؛ ففي عيد رأس السنة من عام 2004 قاد الشائع شاحنة وقود مفخخة نحو السفارة الأردنية في بغداد ما أدى إلى وفاة 9 أشخاص وجرح 60 اخرين وهرب الشائع بجروح خطرة. وصف وجهه وقتها كالقار المغلي.
وحسب المقابلة التي أجراها معه انتوني هيرونز من quot;ديلي تلغرافquot; في الرياض فقد كان الشايع صغير البنية وهادئا لديه القليل من الأصابع أما البقية فلقد تشابكت مع بعضها البعض جزء من انفه قد ذاب وابتسامته منحنية لأن جزءا من وجهه مشدود أكثر من الجزء الثاني وعلى الرغم من كل هذا كان هندامه انيقا quot;ويتكلم معي بصبرquot;. يقول انتوني هيرونز: quot; بينما كنت اتحدث معه خطر ببالي تساؤلان لماذا يجلس هذا الرجل في هذا المكان الهادئ المليء بالأشجار يشرب الشاي في الوقت الذي من المفترض أن يكون فيه في السجن ؟ وهل يجب علي تصديق أقاويله؟ لقد أتيت إلى الرياض لمقابلة سجين من نوع خاص إرهابي صغير السن والذي يقيم في مكان يبعد اميالا عن المدينة. لكن كن حذرا، فكلمتا سجين وإرهابي قد لا تعنيان ما تفكر به، فهما جزء من برنامج تأهيلي يكلف 30 مليون ريال سنويا يهدف إلى استخدام الرياضة والثقافة والعلاج النفسي والتعليم لتحويل الصبية المنفعلين الغاضبين إلى مواطنين مثاليين أو صالحين أو كما أقر الموجودون بانه غسيل مخ إيجابيquot;.
ولقد حصل البرنامج على الثناء و الإعجاب من حول العالم، فلقد كان ديفيد ميلباند هنا في بداية العام ولقد كان متحمسا حيال هذا البرنامج الذي نقل عنه في مدونته على الرغم من أنني لا أرى محاولاته لنقل بعض أفكاره للمملكة المتحدة .
لا تعتبر الرياض مكانا جذابا فهي ممتدة ومزدحمة بالعمران وحركة السير والمكان الوحيد الذي يمكنني الذهاب اليه هو الفيصيلة ذلك البناء الرائع الذي شيد بواسطة شركة بن لادن .لقد كانت المدينة تعاني بالفعل الإرهاب الذي يعانيه العالم أجمع فلقد كانت الدلائل في كل مكان فلقد كان منظر الحصانة بالسياج الحديدي بالإضافة إلى القواعد الإسمنتية، والحراسة المشددة خارج الوزارات والدوريات المنتشرة في كل مكان . دعيت مؤخرا إلى مقر القاعدة الرئيسة للقوات الخاصة لمحاربة الإرهاب في وقت التدريبات وأخبرني المسؤول هناك أن القوات الخاصة لمحاربة الإرهاب أحبطت 182 عملية إرهابية عن طريق القاعدة في الخمس سنوات الماضية .
تعتبر المملكة العربية السعودية مستهدفة من قبل الإرهابيين بالإضافة إلى كونها أرض تجنيد خصبة للأرهاب العالمي فأسامة بن لادن ولد هناك و15 إرهابيا من أصل 19 في هجمات 11 سبتمبر من المملكة العربية السعودية .
في ليلة من ليالي العاصمة السعودية، حضرت إلى أحد الفصول لتدريس اللغة الإنكليزية في المجلس البريطاني في الرياض. تحدثت مع مجموعة من الشباب السعوديين اعمارهم تقارب 16 سنة. كانوا اذكياء ومثقفين تحدثنا عن السلام والصداقة وكان هناك تعاطف صريح مع بن لادن، فلم يصفه واحد منهم بالشر أو بتنظيم القاعدة .
في الوقت الذي اخبرني فيه أحد الطلبة أن 19 من اقربائه قتلوا في عملية ارهابية من قبل القاعدة في مراسم زواج في الأردن. على الرغم من ذلك كان سعيدا وهو يذكر حال نصف مليون فلسطيني في غزة مقارنة ب 19 من اقاربه، فلقد كانت طريقة دفاع ضمني عن الإرهاب لم اسمع بمثلها من قبل.
وقال اخر في الصف نفسه ان بن لادن لا وجود له وأن شخصيته ابتكرت بواسطة الولايات المتحدة الأميركية كمبرر لغزو افغانستان. وثلاثة منهم قالوا إن القصة القديمة التي تدعى أحداث 11 سبتمبر كانت مؤامرة أميركية.
في الواقع كان هذا نموذج عشوائي للشباب السعودي لكن كيف ستكون الآراء لو سمعتها من الفقراء وغير المتعلمين ؟فلقد اخبرت السلطات السعودية العالم مرارا وتكرارا أنها تشن حرب القلوب والعقول ضد الإرهاب وقد يكون النجاح هناك نجاحا بالنسبة إلى العقول. إلا أنه من الواضح أن المشوار طويل للوصول إلى القلوب.
في سجن الحائر كانت الأمور على ما يرام فلقد كان النزلاء يتمتعون بجميع وسائل الراحة لا شكوى ولا تذمر من قبل النزلاء حيال الخدمة أو المعاملة.
التقينا النزيلين محمد ويوسف 23 سنة واللذين حاولا التسلل إلى العراق عن طريق الحدود السورية واللذين كان من الممكن أن يلقيا حتفهما في شاحنة مفخخة فلقد كانا يريدان مساعدة الأبرياء وليس قتلهم أو بحسب تعبيرهم quot;لقد كان الهدف مساعدة الأبرياء وأخواننا المسلمين في العراق وأضافا في وصف المعاملة في الحاير quot;إنهم يعاملونني كما يعامل الأب ابنه يحاولون جاهدين لتصحيح مساري وتوجيهي لا معاقبتيquot; .
ويبدأ اليوم في الحائر مع اذان الفجر الساعة الرابعة. الوجبات في أوقات مختلفة من اليوم وبإستمرار. هناك فصول للتأهيل والعلاج النفسي وإدارة الغضب وتصحيح مفهوم الجهاد في هذه العقول؛ فالجهاد يجب أن يكون بعد الإذن من الوالدين والحكومة وتفجيرات السابع من يوليو في لندن كانت ضد الإسلام والمسلمين ولا علاقة لهم بها .
يعي محمد الفوزان فداحة الخطأ الذي وقع فيه فلقد كان حارس أمن في وزارة النقل ولقد تأثر كثيرا بصور الحرب في العراق بالإضافة إلى ما قدمه له الانترنت. اتجه إلى العراق وعند الحدود القي القبض عليه بواسطة القوات الأميركية ومكث في السجن ثلاث سنوات قبل أن يتم إرساله إلى الحاير.
واليوم تخرج محمد من البرنامج وهو يدرس الطلبة الشباب ما وقع فيه من أخطاء وتغيرت نظرته كليا فهو يرى العراق اليوم ويتأثر إلا أنه يعي أنه ليس مكلف بالدفاع عنهم . يقول :quot;بعد الإنتهاء من البرنامج ستقدم لي الدولة المساعدات لأعيش سعيدا مع زوجتي التي أحلم أن تكون جميلة ومثقفة وستقدم له مساعدات لشراء المنزل والسيارة ليس مكافأة على مافعلت بل مكافأة على تغير فكري تجاه الإرهابquot;.
واقر الجميع بأن الدولة عودتهم على تقديم المساعدات المالية للنهوض من جديد وتقديم النفع للبلد، فمحمد الشايع ايضا سيتقاضى ما يقارب 33 الف دولار اميركي عندما يتزوج قريبا.
والدولة تقدم المساعدات لحمايتهم مما قد يتعرضون له مستقبلا فلو كانوا من دون المال فسيكونون فريسة سهلة لمن حولهم. تقدم الدولة المساعدات للشباب حتى في الجامعات فهي كالأب لأبنائها وهذه هي النظرة الإسلامية.
جميع من في المركز لا يجدون انفسهم ارهابيين فجميعهم كانت اهدافهم مساعدة اخوانهم المسلمين في العراق والجميع حمل الإعلام المسؤولية في نقل مثل هذه الأفلام وأحمد الشائع لم يكن على علم بأنه يقود شاحنة مفخخة فلقد كان يقودها حسب الأوامر ليصل بها إلى بعض المناهضين للقاعدة وحصل ما حصل بعد أن هرب أثنان من معاونيه ,أكمل محمد اليوم تعليمه الجامعي وتعلم الإنكليزية وعندما سألته عن ال60 شخصا الذين جرحوا، عم الصمت قليلا وقال هم في الواقع 61 شخصا فلقد كنت واحدا منهمquot;.
التعليقات