سلسلة قضايا تتهمه بالإضرار بسمعة البلاد وتدعو لإسقاط جنسيته
محكمة مصرية تقضي بسجن الناشط سعد الدين إبراهيم عامين
نبيل شرف الدين من القاهرة:
قضت يوم السبت محكمة مصرية غيابيا بالسجن لعامين على الناشط الحقوقي وأستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور سعدالدين إبراهيم بتهمة الاضرار بسمعة مصر، كما قضت المحكمة أيضاً بدفع كفالة مالية قدرها عشرة آلاف جنيه مصري لايقاف تنفيذ الحكم والاستنئاف ضده، وقال أحد المحامين في فريق الدفاع عنه انه سيدفع الكفالة ليواصل الجولة الثانية من التقاضي أمام محكمة استئنافية أرفع .

وفي اتصال هاتفي مع زوجته السيدة بابارا إبراهيم قالت إنها تعرف ستة دعاوى مماثلة على الاقل رفضتها المحاكم في الشهور الاخيرة لأن مقيمي الدعاوى لم تكن لهم مصلحة مباشرة في القضيايا التي أقاموها، وأشارت إلى أن زوجها الآن في اسطنبول لحضور اجتماع لمجموعة الثماني الصناعية الكبرى عن الديمقراطية في الشرق الأوسط .

وتأتي هذه القضية ضمن سلسلة من القضايا ضد إبراهيم، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والأميركية والذي غادر البلاد قبل شهور مستبعداً عودته إليها في وقت قريب خشية محاكمته وحبسه مجدداً، وذلك عقب لقائه مع الرئيس الأميركي جورج بوش، ومطالبته إياه بربط المعونات الأميركية لمصر بإنجاز تقدم ملموس على صعيد الإصلاح السياسي والديموقراطي في مصر .
قصة الملاحقات
وقالت مصادر قضائية إن القضية تأسست على دعوى أقامها اثنان من المحامين اعترضا على تصريحات له عن مصر في مؤتمر بالعاصمة القطرية الدوحة، وورد بلائحة الاتهام أن إبراهيم اقترح علانية في المؤتمر ان تربط ادارة بوش معونتها لمصر بالاصلاح السياسي والتحسن في ممارسات حقوق الانسان، بينما تقول منظمات حقوقية إن هذه القضايا أسلوب تروع به الحكومة ابراهيم دون الزج باسمها في تلك القضايا .

ونفى د. إبراهيم أن يكون قد اتخذ من العاصمة القطرية محلاً لإقامته بل سيتردد عليها بين الحين والآخر، كما أكد أنه لن يتراجع عما أسماه فضح ممارسات الفساد والاستبداد للنظام الحاكم في مصر .
وسبق أن عاقبت محكمة أمن الدولة العليا في مصر إبراهيم بالاشغال الشاقة سبع سنوات ووجهت له عدة تهم منها تلقي تبرعات من الخارج دون ترخيص، وإذاعة بيانات كاذبة وشائعات مغرضة تتعلق ببعض الأوضاع الداخلية للبلاد من شأنها اضعاف هيبة الدولة، بخصوص تزوير الانتخابات واضطهاد الأقباط، والاحتيال على الاتحاد الاوروبي بتقديم أوراق مزورة للحصول على أموال .

وعلى خلفية هذه القضية نشبت أزمة عنيفة بين القاهرة وواشنطن اثر قرار اميركي صدر وقتها وقضى بالامتناع عن دفع مساعدات مالية إضافية الى مصر تقدم اليها بموجب اتفاق كامب ديفيد عام 1979.
وشنت صحف حكومية في مصر هجوماً شرساً على الولايات المتحدة، واعتبرت القرار تدخلاً في الشؤون الداخلية المصرية، غير أن الادارة الاميركية اعتبرت قضية إبراهيم مسألة حقوقية، وظل مسجوناً حتى قضت محكمة النقض المصرية ببراءته بعد سنوات من المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا التي دانته مرتين, وفي المرة الثالثة، نظرت محكمة النقض الموضوع وقضت ببراءته من كافة الاتهامات .
سيرة ذاتية
وتسلط هذه التطورات الأضواء على الرجل الذي لم يتوقف عن إثارة الجدل بالأوساط السياسية والفكرية في مصر طيلة عقود مضت، كما تبدو مناسبة مواتية لاعادة قراءة السيرة الذاتية لسعد الدين ابراهيم التي صاغ أجزاء منها ضمن نشرة المجتمع المدني التي يصدرها مركز quot;ابن خلدونquot; الذي أسسه إبراهيم .

ولعل أول محطة في مسيرة سعد الدين إبراهيم السياسية هو ذلك الموقف الذي اتخذته منه السلطات المصرية في الستينات من القرن الماضي، إبان رئاسته لمنظمة الطلبة العرب بالولايات المتحدة الأمر الذي ترتب عليه منعه من دخول مصر وحرمانه من البعثة وفرض الحراسة السياسية على أسرته .

ووفقا لسيرته الذاتية فقد ولد سعد الدين إبراهيم في قرية (بدين) التابعة لمدينة المنصورة في دلتا مصر في شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 1938 متوسطة وأصبح إبراهيم واحدا من أبناء الجيل الذي كان يطلق عليه quot;جيل الثورةquot;، وكشف عن نبوغ مبكر أتاح له أن يلتقي الرئيس جمال عبد الناصر، عندما أحرز المركز الأول في مسابقة أجرتها وزارة التعليم حول كتاب فلسفة الثورة لعبد الناصر ذاته .
وخلال هذا اللقاء لفت إبراهيم انتباه عبد الناصر بعد أن تحدث باسم زملائه مطالبا بتخفيض القبضة الأمنية متهما ثورة يوليو بأنها تأكل أبناءها، وضرب الطالب الصغير مثلا بأحد أبناء قريته الذي اعتقل بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين، مع إنه لم يكن ملتزماً بأبسط قواعد الإسلام كالصلاة أو حتى صيام رمضان .

وكفل التفوق الدراسي لسعد الدين إبراهيم وحماسه لثورة يوليو أن يكون أحد المبعوثين المصريين للولايات المتحدة بعد أن حصل على ليسانس العلوم الاجتماعية بتفوق في العام 1964، وفي الولايات المتحدة كان أحد أنشط المبتعثين المصريين الذين كانت بينهم اسماء لامعة قيض لها أن تلعب في ما بعد أدوارا هامة في تاريخ مصر المعاصر مثل أسامة الباز المستشار السياسي لرئيس الجمهورية وعلي الدين هلال وزير الشباب السابق وكمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق وغيرهم .
بل أن دعم اجهزة الدولة الناصرية لسعد كفل له ان يكون رئيسا لاتحاد الطلبة العرب في اميركا باعتباره المرشح الناصري في مواجهة تيارات بعثية وماركسية قوية كانت تتناوب على رئاسة المنظمة ولعل حماس الاجهزة الناصرية لإبراهيم، وحماسه هو شخصياً لثورة يوليو كفلا له رئاسة لجنة الاتحاد الاشتراكي quot;حزب يوليوquot; وقتها في الولايات المتحدة حيث كان مسؤولا سياسيا عن المبعوثين المصريين من الأسماء السابقة .