العراق يسعى لتأجيل الاتفاقية مع واشنطن الى ادارتها المقبلة
الاكراد أخرجوا الجيش من خانقين وعشائر ترفض كردستانية كركوك
أسامة مهدي من لندن: بدأ المشهد العراقي اليوم في تناقضات قومية خطرة ستكون لها تداعيات سلبية على الاوضاع في البلاد حيث أرغمت تظاهرات حاشدة ومعارضة حزبية كردية قوات الجيش العراقي على الانسحاب من قضاء خانقين في محافظة ديالى المتنازع عليه بعد 24 ساعة من دخولها اليه .. في وقت تظاهرت في مدينة النجف عشائر محافظات الفرات الاوسط ضد إلحاق مدينة كركوك الشمالية بإقليم كردستان .. بينما اعلن نائب ان المسؤولين العراقيين يتجهون الى طلب تأجيل توقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الى ادارتها المقبلة التي ستنبثق من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل. وخلال كلمة له امام المتظاهرين في مدينة خانقين (220 كم شمال شرق بغداد) أعلن ملا بختيار ممثل رئيسي الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في المدينة أن القوة الفيدرالية التي تمركزت في خانقين أمس انسحبت اليوم الثلاثاء مشيرا الى ان القيادة الكردستانية متواجدة في خانقين لمحاولة إيجاد حل سلمي للتوترات التي حدثت مؤخرا. وقال إن قوات البيشمركة الكردية قد أصبحت جزءا من القوات العراقية ولعبت دورا كبيرا في الحرب ضد الإرهاب في جميع مناطق العراق كما نقل عنه مكتب اعلام الاتحاد.
ومن جهته عقد المكتب السياسي للاتحاد الوطني اجتماعا في مدينة السليمانية (330 كم شمال بغداد) بإشراف نائب الامين العام للاتحاد برهم صالح تم خلاله بحث quot;الاوضاع الراهنة في خانقين والمناطق الاخرى المستقطعة من اقليم كردستان حيث شدد المجتمعون على ان خانقين منطقة آمنة و مستقرة امنيا ومنذ سقوط النظام السابق عام 2003 كانت هذه المدينة ضحية للارهاب و سدا منيعا ضد الارهابيين ومثالا اعلى للتعايش بين المكونات الاساسية في العراق من الكرد والعرب والتركمان ولم يكن فيها ابسط مشكلة قومية او طائفية والارهابيون لم ولن يجدوا ملاذا لهم في هذه المدينةquot; كما قال بيان عن الاجتماع.
واكد المكتب السياسي انه quot;من دون الاتفاق مع حكومة اقليم كردستان وقيادتي الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي فإن ارسال اي قوة عسكرية فيدرالية لن يخدم الوضع الراهن في العراق واقليم كردستان ولاسيما في مدينة مثل خانقين التي هي من المناطق المتنازع عليها حيث ينفذ حاليا فيها فقرات المادة 140 من الدستور العراقيquot;. وبعد موافقة طالباني وبارزاني قرر المكتب السياسي تخويل ملا بختيار باعتباره المسؤول الاول في منطقة خانقين ومنحه كامل الصلاحيات لتنفيذ قرارات رئاسة الاقليم بهدف ايجاد الحلول المناسبة عند حدوث اي حالة غير مرغوب فيها واختير السيدان عماد احمد ومسعود ساليي عضوي المكتبين السياسيين للاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي للتنسيق والتعاون مع بختيار لتنفيذ مهامه في المنطقة.
وقد انتهت ظهر اليوم تظاهرة حاشدة في قضاء خانقين لمعارضة تمركز قوة عراقية في المدينة حيث تجمع الآلاف من المتظاهرين أمام مبنى القائممقامية وألقى بختيار كلمة حيا فيها المتظاهرين كما دعا المرجع الأعلى آية الله السيد علي السيستاني وكبارالشخصيات الدينية والسياسية في العراق للاستماع الى مطالب أهالي خانقين. وأكد أن القيادة الكردستانية تدعو الى حل جميع الاشكالات بالحوار والتفاهم ولكنها غير مستعدة للتفريط بحقوق شعب كردستان. وأشار الى الدور الكبير لقوات بيشمركه كردستان في محاربة الارهاب واستتباب الأمن ليس في المناطق الكردستانية فقط وإنما في جميع مناطق العراق على حد قوله.
ورفع المتظاهرون مذكرة الى الحكومة العراقية طالبوا فيها quot;بعدم دخول القوات العسكرية العراقية الى خانقين لعدم الحاجة اليها وعدم الاساءة إلى مقرات الاحزاب الكردستانية في المنطقة والتي طالبتها القوات باخلائها في موعد اقصاه اليوم الثلاثاء لكن ذلك تأجل شهرا واحدا اثر اتصالات بين حكومتي كردستان والعراقية في بغداد. وتمركزت قوة جديدة من الجيش أمس في اطراف قضاء خانقين تضم عدة وحدات نصبت نقطة تفتيش مسلحة على الجسر الاخضر في اطراف القضاء وعلى طريق المنذرية ومتنزه خوشي.
ويقع قضاء خانقين على مسافة 155 كم شمال شرق مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى التي تبعد 65 كم شمال شرق بغداد. ويتبع قضاء خانقين محافظة ديالى إلا أن حكومة إقليم كردستان أصدرت قرارا في شباط (فبراير) الماضي يقضي بتشكيل إدارة quot;كرميانquot; تتبع حكومة الإقليم من الناحية الإدارية وتعتبر بمثابة محافظة وتضم أقضية خانقين وكفري وكلار وجمجمال. ويعد قضاء خانقين من المناطق المتنازع عليها حيث تطالب حكومة اقليم كردستان بضمه الى الاقليم وتقول ان غالبية سكانه هم من الاكراد.
وعقدت قيادات الاحزاب الكردية هناك اجتماعا في المدينة الليلة الماضية وإتفقت على رفض وجود قوة الجيش العراقي في القضاء وطالبت بإنهاء تواجدها . وقال سالار محمود مسؤول الاتحاد الوطني الكردستاني في خانقين ان اصرار القوات العراقية على التمركز في القضاء من شأنه إحياء وإدامة سياسة التعريب التي نفذها النظام السابق. وقال إن على الحكومة الاتحادية تحمل تبعات سياستها في المنطقة في حال إصرارها على اللجوء الى القوة لتنفيذ مآرب تناقض تطلعات المجتمع الكردستاني.
وكان اللواء 34 لقوات البيشمركة الكردية يتمركز في ناحية قره تبه وجلولاء واطراف خانقين في محافظة ديالى وساهم في حفظ الامن في المنطقة وإنتهت مهام هذا اللواء في تلك المناطق لتحل محله قوات عراقية. وتنفذ القوات العراقية والاميركية حاليا عملية أمنية واسعة بدأت الشهر الماضي في محافظة ديالى أطلق عليها quot;بشائر الخيرquot; في عدد من مدن وأقضية المحافظة بهدف القضاء على الجماعات المسلحة التي تنشط فيها.
عشائر الفرات الاوسط ترفض إلحاق كركوك بإقليم كردستان
هددت عشائر الفرات الاوسط في تظاهرة في النجف اليوم باللجوء الى القوة دفاعا عن عروبة كركوك بعد المطالب الكردية بإلحاق المحافظة الغنية بالنفط باقليم كردستان. وسارت التظاهرة التي شارك فيها مئات من اهالي النجف ومحافظات الفرات الاوسط quot;بابل والنجف وكربلاء والمثنىquot; ونظمها زعماء العشائر وسط مدينة النجف (160 كلم جنوب بغداد). وردد المتظاهرون يتقدمهم زعماء العشائر هتافات quot;نموت وما نتنازل عن ترابك يا كركوكquot; وquot;لبيك لبيك يا كركوكquot;. ورفع المتظاهرون اعلاما عراقية ولافتات كتب عليها quot;كركوك عراقية وستبقى خطا احمرquot; وquot;من يفرط بكركوك لا يمثل العراقيينquot;. وتسعى الاحزاب الكردية الى إلحاق محافظة كركوك الغنية بالنفط باقليم كردستان العراق الامر الذي يعارضه العرب والتركمان هناك.
ووزع المتظاهرون وثيقة استنكار موجهة الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سلموا نسخة منها الى مستشار محافظ النجف لشؤون العشائر جاسب الحلو. واشارت الوثيقة الى ان quot;عشائر الفرات الاوسط تستنكر المفاوضات والمساومات في مجلس النواب العراقي والنزاعات التي يظهر بينها صوت السيد مسعود بارزاني مطالبا بضم كركوك الى اقليم كردستانquot;. ويطالب العرب والتركمان بتوزيع المناصب الادارية في المحافظة بين مكوناتها الاربعة بواقع 32% لكل من العرب والتركمان والاكراد و4% للمسيحيين، الامر الذي يعارضه الاكراد. وكان من المتوقع ان تجرى انتخابات مجالس المحافظات في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل لكن الخلاف حول محافظة كركوك الغنية بالنفط بين الكتل السياسية عرقل التصويت على القانون خلال المرحلة الماضية.
اتجاه عراقي لتأجيل الاتفاقية مع واشنطن الى ادارتها المقبلة
اعلن النائب العراقي عن التحالف الكردستاني محمود عثمان ان هناك توجها لتأجيل توقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الى الادارة الاميركية الجديدة. واضاف عثمان ان الولايات المتحدة مستعجلة على توقيع هذه الاتفاقية بينما الجانب العراقي عكس ذلك ويريد ان توقع هذه الاتفاقية مع الادارة الاميركية المقبلة فهو لايريد التوقيع على اتفاقية لاتستمر سوى اشهر اذ ان الادارة الاميركية الحالية اعلنت انها لن تعرض هذه الاتفاقية على الكونغرس فلذلك فانها غير ملزمة للادارة الجديدة التي ستتولى الادارة عقب انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل كما قال في تصريح بثته وكالة الوطنية العراقية للانباء . واوضح ان هناك خلافات ونقاطا عالقة عديدة منها الحصانة للقوات الاميركية وتحرك هذه القوات وغيرها من الامور ولذلك فإن تأجيل التوقيع على هذه الاتفاقية أمر وارد.
وامس اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان بلاده اتفقت مع الولايات المتحدة على رحيل جميع قواتها من العراق عام 2011 وشدد على ان بلاده لن توقع اي اتفاقية استراتيجية معها تعطي قواتها حصانة مفتوحة او بقاء غير محدود للقوات .. لكن واشنطن ردت على الفور مؤكدة عدم التوصل إلى أي اتفاق بعد .. فيما توقع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني رفض المجلس للاتفاقية المنتظرة.
واضاف المالكي ان العملية السياسية والحوارات يجب ان تتم تحت الشمس وكل شيء يجب ان يكون مكشوفا وشفافا وواضحا quot;وقد ولى عهد إخفاء المعلومات واستغفال الشعب وان المعادلة اصبحت متوازنة بين الشعب والحكومة والثقة متبادلةquot;. وشدد بالقول quot;لايمكن ان نعقد اي اتفاقية الا اذا كانت تحفظ السيادة الكاملة والمصالح الوطنية وألا يبقى اي جندي اجنبي على ارض العراق الا بوقت محدد وليس بوقت مفتوح ولن نفرط بدماء ابناء العراق بإعطاء حصانة مفتوحةquot; . واضاف ان السقف المفتوح ممنوع في الاتفاقية quot;وقد اتفقنا على ان الاعمال العسكرية لاتتم الا بالاتفاق مع الحكومة العراقيةquot; .. وقال ان هناك اتفاقا بين الطرفين بعدم وجود اي جندي اجنبي في العراق بعد عام 2011.
واوضح انه مع وجود تقدم كبير في الاتفاقية فما زالت هناك نقاط خلاف جوهرية لدى الطرفين. ووعد رئيس الوزراء العراقي مواطنيه قائلا :اؤكد لكم اننا لانعمل أي شيء بالخفاء ونحن على ابواب استعادة كامل الحقوق والسيادة وستطلعون على الاتفاقية الامنية وسنعرضها على مجلس النوابquot; . وانتقد بعض السياسيين الذين يظهرون في وسائل الاعلام ويزيفون الحقائق حول الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة من أجل الحصول على مكاسب دعائية وانتخابية زائفة ومفضوحةquot;.
وفي اول رد فعل على تصريحات المالكي هذه قالت الولايات المتحدة إنه لم يتم التوصل بعد الى اتفاق نهائي مع بغداد بشأن القوات الاميركية .
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية روبرت وود quot;ما اتفق عليه المتفاوضون هو مشروع اتفاق. ما زال ينبغي ان يمر عبر عدد من محاور الارتكاز في النظام السياسي العراقي قبل ان يصبح لدينا فعليا موافقة من الجانب العراقيquot; كما ينبغي ان يوقع عليه الرئيس جورج بوش. واضاف وود quot;الى ان يكتمل الاتفاق ليس لدينا اتفاق.quot; وامتنع عن التعليق على الموعد 2011 الذي قال المالكي إنه الموعد المتفق عليه لاسدال الستار على اي وجود اجنبي في العراق.
وحول تصريحات المالكي نفسها توقع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني الا يصادق البرلمان العراقي على الاتفاقية. وقال المشهداني في مؤتمر صحافي عقده في عمان امس عقب خروجه من مستشفاه اثر اجراء عملية جراحية quot;قراءتي لفهم البرلمانيين فان هكذا اتفاقية لن تمر من خلال البرلمان العراقيquot;. واضاف quot;في هذه اللحظة التي اتكلم بها لا الحكومة العراقية جاهزة لهذه الاتفاقية ولا البرلمان العراقي بكل اطيافه، الا القليل منهمquot;. واوضح quot;عليه اعتقد ان الاتفاقية ستمر بمخاض عسير وسوف لن تمر من خلال البرلمان بالتأكيدquot;.
وكان quot;اعلان مبادئquot; وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قد خطط للتوقيع عليه في الحادي والثلاثين من تموز (يوليو) الماضي ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني ( يناير) من العام المقبل لكن خلافات اخرت ذلك لحد الان. وتحكم الاتفاقية تواجد القوات الأميركية في العراق بعد عام 2008 إذ يعتمد تواجدها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. وكانت عدة قوى سياسية ومرجعيات دينية عراقية مؤثرة من بينها التيار الصدري أبدت معارضتها الشديدة للاتفاقية وقالت إنها ستتصدى لها بكل الوسائل معتبرة أنها تنتقص من سيادة العراق وقراره المستقل وتعطي حرية للقوات الأميركية على أرضه وتمنحها قواعد عسكرية دائمة.
التعليقات