لندن: ردود الفعل الغربية وبالأخص البريطانية على إعلان روسيا الإعتراف بجمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا هي الغالبة على الصفحات الأولى في الصحف البريطانية الجادة الخميس. صحيفة التايمز تنشر على صفحتها الأولى تقريرا تنفرد به وتنقل فيه عن لاجئين ومسؤولين تصف فيه quot;قيام جماعات مسلحة مدعومة من روسيا بالتطهير العرقي لقرى على أرض جورجياquot;.
وتقول الصحيفة إن أعمال العنف التي اندلعت بالقرب من الحدود مع أبخازيا قد تسببت في موجات جديدة من الهجرة إلى مدينة جوري التي تبعد أربعين ميلا شمال العاصمة تبليسي. ويوضح التقرير أن اللاجئين الذين بدأوا في العودة إلى قراهم في المنطقة أخذوا في النزوح عنها ثانية مع أولئك الذين رفضوا ترك منازلهم حين غزا الروس المنطقة قبل أسبوعين.
وتضيف الصحيفة إن مجاميع من اللاجئين تجمعوا عند تمثال عملاق لجوزيف ستالين أشهر أبناء مدينة جوري ليسجلوا أسماءهم لدى السلطات المحلية والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة للحصول على إمدادات الإغاثة والمأوى في ثلاثة مخيمات أنشئت بالقرب من ملعب كرة القدم. غير أن أليساندرا موريللي ممثل المفوضية في جوري قالت إن التحقق من هذه مستحيل لأن نقاط التفتيش الروسية قد أغلقت المنطقة العازلة.
وجدال على نفس الصحيفة حول الخطبة التي ألقاها دافيد ميليباند وزير الخارجية البريطاني إزاء الأزمة بين روسيا وجورجيا أثناء الزيارة التي يقوم بها إلى أوكرانيا. ففي حين تقول برونوين مادوكس كبيرة مراسلي الشؤون الخارجية فيها بأن ميليباند قد ألقى خطبة كانت الأكثر عاطفية ودقة من بين جميع التصريحات التي صرح بها أي عضو في الحكومة البريطانية حول الأزمة في جورجيا، بتحذيرات قوية لروسيا وتشجيع حار للدولتين الصغيريتن العضوتين في الاتحاد السوفييتي سابقا.
وتقول مادوكس ان خطبة ميليباند كان فيها عنصر قوي مما يجيده إجادة تامة وهو الدعوة للديمقراطية بين الديمقراطيات الجديدة (وهي التي اعتنقت المبدأ بكل قوة) دونما أن يطلب الكثير مقابل مديحه هذا الذي يعرف تماما أن من الصعب عليهما تقديمه.
وفي نفس الوقت ففي محاضرته اللاذعة لروسيا أبلغها أنه ليس لديها أي أيديولوجية جديدة مقابل الليبرالبية الديمقراطية سوى القوة وأن ذلك الوهم المهووس حول عودة الامبراطوريات التي كانت في الماضي سيعزلها عن العالم الحديث على مدى عقود.
وتستطرد مادوكس أن هذا لا يعني أن وزير الخارجية قد ذهب إلى حد بعيد في تشجيع أوكرانيا ـ أو جورجيا، فقد كان غامضا حول مسألة ما إذا كانت بريطانيا ستدعم طلبا رسميا للانضمام إلى حلف الناتو في كانون الأول/ديسمبر المقبل، مما يعني أن الحكومة لم تتخل لسوء الحظ عن الغموض التكتيكي الذي غلف مواقفها في أوائل هذا العام.
على الجانب الأخر من هذا الجدل روبرت سكيدلسكي أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة واريك البريطانية والكاتب في صحيفة فيدوموستي الروسية. سكيدلسكي يرى أن على دافيد ميليباند الكف عن اللعب بالنار، فالأمر ـ كما يقول ـ يحتاج لطرفين لإشعال الحرب الباردة، وإن روسيا قد تم استفزازها بلا طائل كي تقف في المواجهة.
يستعرض الكاتب في مقالته كيف أن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تسعى لإعادة بناء نفسها كقوة عظمى واستخدام تلك القوة لملء الفراغ الذي خلفه انهيار الاتحاد السوفييتي، وإنها تعتقد أن الولايات المتحدة تريد شغل هذا الفراغ كغنيمة لانتصارها في الحرب الباردة مستخدمة الناتو كخنجر وبريطانيا كغطاء أخلاقي.
ويضيف الكاتب أن روسيا أسست كومنويلث الدول المستقلة على أساس ان يصبح منطقة عازلة ضد التوسع الغربي، ويتساءل باستنكار فماذا يفعل الغرب؟ لا يمدد نفوذه السياسي فحسب في هذا الكومنويلث بل والعسكري أيضا.
ويرى الكاتب ان الحل هو في يد جورجيا بعزل رئيسها quot;المتهورquot; والإتيان بآخر يمد الجسور مع جارتها العملاقة، ويعلق طلب الانضمام للناتو وعندها ـ كما يقول ـ ستهدأ روسيا ويضطر ميليباند حينها لأن يكون منطقيا في حديثه.
التعليقات