بهية مارديني من دمشق: أقام أهالي بعض القرى الكردية التركية دعوى قضائية على دير quot;مار كبرائيلquot; السرياني الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي والكائن في اقليم quot;طور عابدينquot; جنوب شرق تركيا، التابع لولاية ماردين المحاذية لمدينة القامشلي السورية ، يطالب المدعوون بأراض زراعية ويقولون بأن القائمين على الدير السرياني استولوا عليها منذ عقود طويلة، ويتهمون الدير بالتطاول على أملاك المسلمين والأملاك العامة.

ونقل سليمان يوسف الناشط الآشوري السوري استياء واستنكارا شديدين في الشارع الآشوري السرياني في سوريا من هذه الدعوى، وقال quot;ترى المرجعيات الآشورية والمسيحية في هذه الدعوة الكردية محاولة من السلطات التركية لإثارة الفتن مجدداً وفتح جروح الماضي بين الأكراد المسلمين والآشوريين المسيحيين، خاصة وأن هذه الخطوة جاءت بعد مرحلة استقرار وحركة عمران تشهدها القرى السريانية بفضل دعم وتشجيع أبنائها المغتربين في أورباquot;.

المسؤول عن أوقاف quot;دير مار كبرائيلquot; لم يجد quot; أي مبرر أو سبب للشكوى الكردية المقامة على الدير quot;، وقال quot;نحن لدينا وثائق ومستندات تثبت ملكية الدير للأراضي المتنازع عليها ، و تعود هذه الوثائق الى زمن السلطنة العثمانية، وبعضها الى ثلاثينات واربعينات القرن الماضيquot;، .واشار الى quot;عرض هذه الوثائق على الجهات المعنية في الدولة التركية، في حين لم يملك الطرف الآخر أي مستند أو وثيقة تثبت مزاعمهم و حقوقهم في الأرضquot;. وأضاف quot;على الرغم من ثقتنا الكاملة بحقوق الدير في هذه الأراضي وبأن لا أساس لمزاعم الطرف الكردي، لكن لا نخفي قلقنا العميق على مصير ومستقبل هذا الدير السرياني التاريخي.

اذ يبدو أن الهدف الأساسي، من تحريك هكذا قضية وفتح ملف الأملاك في هذه المرحلة تحديداً، هو وجود الدير ذاته.وما يزيد من مخاوفنا وشكوكنا،هو تحرك بعض زعماء العشائر الكردية في المنطقة وكذلك نواب أكراد في البرلمان التركي وتعاطف نواب من حزب العدالة والتنمية الحاكم فضلاً عن شخصيات اسلامية متشددة، تحركوا جميعاً لدعم مزاعم الطرف الكردي المدعي على الديرquot;، معتبرا quot;أن القضية انحرفت عن مسارها الطبيعي وبدأت تأخذ منحى نزاع اسلامي مسيحي وهذا ما لا نريدهquot; .وأكد quot;نحن في أبرشية مديات للسريان الأرثوذكس نحمل الدولة التركية مسؤولية المضاعفات السلبية التي قد تنجم من اثارة هذه المشكلة.اذ كان يمكن للجهات المعنية في الدولة أن تحسم القضية قبل أن تتفاقم ووصولها الى المحاكم.وقد لمسنا تماطل وتأخير غير مبرر من قبل دائرة العقارات في انجاز عملية الطابو لأراضي الدير، ولدى مراجعتنا الدائرة قالوا لنا لا يوجد حدود وخرائط طبوغرافية رسمية لدينا تحدد حدود عقارات كل قرية،الأمر الذي زاد من شكوكنا في موقف الدولة التركية من هذه القضيةquot;.

من جانبه قال يوسف لايلاف quot;في الوقت الذي ينتظر السريان والأرمن من الدولة التركية أن تتصالح مع ذاتها وتاريخها وتعترف بمسؤوليتها عن مذابح عام 1915 التي قامت بها السلطنة العثمانية، نراها تفتح جروح وآلام الماضي والمحفورة في ذاكرة التاريخية لمسيحيي المشرقquot;، معتبرا أن الدولة التركية الحديثة لم تكتف بما ألحقته السلطنة بالسريان والمسيحيين عامة من ويلات ومآسي وتهجير من مناطقهم التاريخية ، لافتا انه لم يبق في منطقة طور عابدين سوى بضعة آلاف شخص يعيشون بين اطلال وخراب قراهم وأديرتهم. ، مشددا ان هذه الخطوة تأتي استمراراً للسياسة العثمانية في اقتلاع جذور المسيحية من الأراضي الآشورية والسورية التي سيطرت عليها وسلبتها.

واضاف يوسف يبدو جلياً أن فتح ملف املاك الدير السرياني، بعد قرون وفي هذه المرحلة تحدياً، يأتي لممارسة مزيد من الحصار والخناق على ما تبقى من السريان لدفعهم على الهجرة وترك قراهم ،تالياً لاغلاق نهائياً quot;دير مار كبرائيلquot; أكبر وأهم دير سرياني ماضياً وحاضراً والذي يحج اليه سنوياً عشرات الآلاف من كل أنحاء العالم، نظراً لأهميته التاريخية والدينية معاً. واكد انه quot;ليس من المبالغة القول أن هذا الدير بات يشكل اليوم الحصن أو الملاذ الأخير لما تبقى من سريان تركيا.فهو ليس فقط مجرد مزار ديني مقدس ومتميز، وانما هو ملاذ روحي ومرجعية دينية وزمنية لهم وعامل معنوي مهم لبقائهم في مناطقهم التاريخية.لهذا فاغلاقه يعني محو الوجود السرياني الآشوري والمسيحيي عامة وقلعه من جذوره من منطقة طور عابدين التاريخيةquot;.

واضاف ان القضية ليست قضية بضعة هكتارات من الأرض في جبال صخرية جرداء وانما هي قضية ابعد من ذلك بكثير، انها تمس بشكل مباشر وحيوي ما تبقى من وجود سرياني ومسيحي في جبال طور عابدين الموطن التاريخي للآشوريين السريان .

وناشد يوسف عبر ايلاف ، لانقاذ الدير السرياني ممااعتبرها المؤامرة المحاكة ضده ، ناشد جميع سريان وآشوريي العالم و الضمير المسيحي للضغط على الحكومة التركية وحثها على انهاء هذه القضية وتثبيت حقوق الدير السرياني في املاكه حفاظاً على بقاء هذا الصرح واستمراره وكذلك من أجل حماية ما تبقى من وجود مسيحي في طور عابدين.