بيروت: امتد التلاسن السني-الشيعي، الذي بدأ يتخذ منحنى آخر وطابعاً أكثر حدة منذ نحو شهر إلى لبنان، بعد أن كان مقتصراً على رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، وإيران.

فقد رد رجل الدين الشيعي اللبناني، آية الله محمد حسين فضل الله، على القرضاوي متهماً إياه بأنه يحاول إثارة الفتنة، وهو اتهام سبق أن وجهته مصادر إيرانية للقرضاوي، رداً على ما ذهب إليه من أن هناك quot;غزواً شيعياً للمجتمعات السنية.quot;

وقال فضل الله في مقابلة مع صحيفة الرأي العام الكويتية: quot;إذا كان ما قيل على لسان الشيخ القرضاوي صحيحاً، فإن هذا يصل إلى مرحلة الفتنة.quot;

وكان القرضاوي قد تحدث عن مد شيعي في المجتمعات السنية في تصريحات تلفزيونية وصحفية، متهماً الشيعة بأنهم quot;مبتدعون.quot;

ويأتي تزايد التوتر بين الشيعة والسنة، وهو توتر قديم عمره قرون، في الشرق الأوسط في أعقاب الغزو الأميركي للعراق في ربيع عام 2003، وهو ما أدى لاحقاً إلى انتشار العنف الطائفي في العراق.

غير أن العنف الطائفي لم يتطور كثيراً في مناطق أخرى من الدول العربية، باستثناء بعض المناوشات الطائفية في لبنان، والتي أسفرت عن مصرع العشرات في مايو/أيار الماضي، عندما احتل مؤيدون لحزب الله أحياء سنية في بيروت، وكذلك بعض الأحداث الدامية في شمال لبنان بين السنة والعلويين.

ولم تثمر جهود المصالح العديدة، مثل مؤتمر الحوار السني الشيعي في يونيو/حزيران بمكة، كثيراً في الحد من الشكوك العميقة تجاه الشيعة بين السنة، الذين يشكلون أغلبية كبيرة في الشرق الأوسط.

ويرى بعض السنة أن الشيعة في الدول العربية عبارة عن أداة لتوسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، نقلاً عن الأسوشيتد برس.

وكان التلاسن الأخير قد بدأ في التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري، وذلك في مقابلة أجرتها صحيفة quot;المصري اليومquot; مع القرضاوي.

وقال القرضاوي، الذي يقيم في قطر، في المقابلة الصحفية إن الشيعة مسلمون quot;ولكنهم مبتدعون وخطرهم يكمن في محاولتهم غزو المجتمع السني وهم مهيئون لذلك بما لديم من ثروات بالمليارات وكوادر مدربة علي التبشير بالمنهج الشيعي في البلاد السنية خصوصاً أن المجتمع السني ليست لديه حصانة ثقافية ضد الغزو الشيعي.quot;

وأضاف: quot;ونحن العلماء لم نحصن السنة ضد الغزو المذهبي الشيعي لأننا دائماً نعمل القول 'بعد عن الفتنة لنوحد المسلمين' وتركنا علماء السنة خاوين.quot;

وقال أيضاً: quot;وما يجب أن نقف ضده في هذه الفترة أن نحمي المجتمعات السنية من الغزو الشيعي، وأدعو علماء السنة للتكاتف ومواجهة هذا الغزو لأني وجدت أن كل البلاد العربية هزمت من الشيعة: مصر، السودان، المغرب والجزائر وغيرها فضلاً عن ماليزيا وإندونيسيا ونيجيريا.quot;

وبعد أيام قليلة، رد فضل الله في مقابلة مع الرأي العام الكويتية قائلاً: quot;إذا صح ما نسب إلى سماحة الشيخ القرضاوي فانه حديث فتنة، وما المصلحة في السعي لإثارة الفتنة بين المسلمين.quot;

غير أن القرضاوي رد على فضل في بيان قال فيه: quot;.. ونحن أهل السنة نوقن بأننا وحدنا الفرقة الناجية، وكلُّ الفرق الأخرى وقعت في البدع والضلالات.quot;

وقال المحلل السياسي في صحيفة النهار اللبنانية، إبراهيم بيرم، الأربعاء إنه يرى أن تصريحات القرضاوي غريبة لأنه quot;يعتبر رجل دين وسطياً ومعتدلاً.. اعتاد أن يدعو إلى علاقات وثيقة بين السنة والشيعة.quot;

وقال بيرم: quot;لقد ولّى الوقت الذي يقرر فيه أي رجل دين من المسلم من غير المسلم.quot;
وكانت إيران قد دخلت على خط المواجهة في وقت سابق، عندما تدخل الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب، الشيخ محمد علي تسخيري، واعتبر تصريحات القرضاوي quot;ناجمة عن ضغوط الجماعات التكفيرية التي تقدم معلومات مفتراة.quot;

وفي رده على اتهامات إيرانية بإثارة الفتنة، اتهم الشيخ يوسف القرضاوي وكالة quot;مهرquot; الإيرانية للأنباء التي نقلت تصريحات وآراء شيعية في أقواله بـquot;الإسفاف البالغ،quot; مؤكداً quot;إصراره على ما ذهب إليه بشأن quot;غزو شيعي للمجتمعات السنية.quot;

وكانت وكالة مهر الإيرانية للأنباء قد شنت هجوماً حاداً على القرضاوي متهمة إياه بـquot;معاداة آل البيت.quot;

واتهم خبير الشؤون الدولية للوكالة، حسن زاده، القرضاوي بأنه يتحدث نيابة عن زعماء الماسونية العالمية وحاخامات اليهود، وطالبه بأن يترك quot;العصبية الجاهلية ضد شيعة رسول الله صلى الله عليه وسلمquot;، وقال إن الشباب العربي أصبح يتوجه الآن نحو المذهب الشيعي الثوري.quot;


واعتبرت الوكالة أن التوجه نحو المذهب الشيعي يأتي ضمن quot;معجزات أهل البيت عليهم السلام التي لا يدركها إلا أولو الأبصار،quot; ودعت القرضاوي بأن quot;يتقبل الأمر الواقع ويترك معاداة أهل البيت عليهم السلام ويستغفر ربه، على حد قولها.quot;

ووجهت الوكالة، سيلا من العبارات غير اللائقة للقرضاوي، قائلة quot;إنه يتحدث بلغة تتسم بالنفاق والدجل وتنبع عن أفكار طائفية، وهو ما أفقده وزنه، بعد أن تفوه بمثل هذه الكلمات البذيئة ضد شيعة آل رسول الله صلى الله عليه وسلم،quot; وقالت إن كلامه quot;يصب في مصلحة الصهاينة وحاخامات اليهود الذين يحذرون من المد الشيعي بعد هزيمة الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان عام 2006 أمام حزب الله.quot;