في ظل نقص الأدوية والمعدات والحصار والقصف المتواصل
مستشفى الشفاء يعجز عن تقديم العلاج لمئات الجرحى الفلسطينيين

A Palestinian woman wounded in the recent Israeli air strikes, ...
A Palestinian wounded in the recent Israeli air strikes, lies ...
A Palestinian wounded in the recent Israeli air strikes, lies ...
Mahmoud Tark, an injured nine-year-old Palestinian boy, is transported ...
Egyptian security personnel search a Red Crescent ambulance ...
نجلاء عبد ربه من غزة: لم يعد من مجال أمام وزارة الصحة في غزة غير الإستعانة بالدول العربية في تزويدها بالأدوية والمعدات الطبية لمواجهة الهجوم الإسرائيلي على غزة. فعلى الرغم من الخطة التي وضعتها تلك الوزارة قبيل بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة من حيث تجهيز المستشفيات وإقامة مستشفيات ميدانية، إلا أن القصف الإسرائيلي كان أكبر من توقعات وزارة الصحة في غزة، الأمر الذي نسف كافة المخططات وحالت دون تقديم العلاج الأمثل للجرحى الفلسطينيين. مستشفى الشفاء المركزي، غرب مدينة غزة، والذي يعج بمئات الجرحى والقتلى الفلسطينيين كان رمزًا لإخفاق وعجز وزارة الصحة في غزة عن متابعة الحالات الحرجة التي تصل تباعًا وبأعداد كبيرة جدًا، مما حذا بكافة الدول العربية تقريبًا، لتجهيز مستشفياتها أمام الجرحى الفلسطينيين، وبعدد آخر من تلك الدول لتقديم مساعدات عاجلة جدًا جدًا من أدوية وأجهزة طبية لمواجهة هجوم إسرائيل على غزة.

وبدا مستشفى الشفاء في غزة بقعة من الدم الأحمر، فلا يخلو زقاق ولا غرفة من غرفة، حتى الحشائش التي تنبت وسط الأشجار المرتفعة حول سور المستشفى، لم تخل هي الأخرى من ألوان الدم الأحمر نتيجة علاج مئات الجرحى في فناء المستشفى، بسبب إكتظاظ غرف العمليات وغرف المرضى بمئات آخرين من الجرحى الفلسطينيين.

ولعل مشهد إجراء ثلاث عمليات جراحية في وقت واحد وفي غرفة واحدة من غرف العمليات داخل المستشفى، اكملت مشهد المأساة التي يعيشها أكبر مشفى في قطاع غزة بفعل الحصار مع هذا الهجوم الشرس.

وقال الدكتور باسل بكر رئيس قسم الجراحة في المستشفى إن عشرات الحالات الحرجة من الجرحى ملقون في ساحات المستشفى، مضيفًا quot;لم نكن نعلم من يحتاج إلى عملية جراحية ولم أر كطبيب مثل هذا الأمر في غزة منذ سنواتquot;.

وأضاف quot;لم نشهد هذا العدد الضخم من الحالات يتم إدخالها إلى غرف العمليات في وقت واحد، نقوم بإجراء ثلاث عمليات جراحية في غرفة واحدة وفي الوقت عينه، هناك ست غرف للعمليات في المستشفى فقط، الوضع مأسوي، ولعدم توافر الإمكانات يتم إجراء عمليات لجرحى في غرف تابعة لأقسام عاديةquot;.

وأكد أن quot;العدد الكبير من الجرحى هو المشكلة الأكبر، وخصوصًا أن التجهيزات في غرف العمليات لا يمكنها استيعاب هذا العددquot;.

أطفال المواطنة هداية العرينى الذين قصفت طائرات الحرب منزلهم بمدينة غزة لم يتوقف صراخهم ولو للحظات وهم يقفون أمام قسم العناية المركزة بالمشفى في انتظار خروج والدتهم وشقيقتهم اللتين تفتت أعضاء من أجسادهما من شظايا الصاروخ. وتستصرخ الطفلة الجريحة هدى العريينى التي أنستها الصدمة إصابتها في وجهها ببعض الشظايا، قائلة: quot;الصاروخ قطع أقدام أمي، وهدم البيت فوقنا، نريد أمي، لا نريدها أن تموت، ماذا فعلت لهم حتى يقتلوها؟.

وتحاول الطفلة أن تحتضن أشقاءها الصغار الذين غطى ركام المنزل وجوههم وأجسادهم ترتجف خوفًا، وتقول وما زالت تصرخ quot;نحن غلابة وليس لنا أحد في الدنيا إلا الله، ألا يكفي أننا فقراء، حطموا quot;الإسبستquot; فوق رؤوسنا ولم يعد لنا بيت، أين سنذهب الآن؟.

أعداد ضحايا الهجوم الإسرائيلي الذين يتوالون على المستشفى بشكل متواصل وعلى مدار الساعة، أذهل الأطباء والممرضين والطواقم الطبية داخله، الذين وقفوا عاجزين أمام هذه الأعداد، بينهم ممرض وقف يبكى ويصرخ على مشاهد الضحايا الممزقة أجسادهم، وراح في صدمة جعلته يتخبط بين زوايا المستشفى.

من جانبه، أكد مسؤول قسم العناية المركزة في المستشفى الدكتور فوزى النابلسية أن أغلب الحالات التي دخلت قسم العناية المركزة والعمليات في حالة موت سريري ومرشحة للموت، مشيرًا إلى أن معظمهم مصابين في الرأس والقلب وعدد كبير منهم متهتك بشكل كبير.

وقال النابلسية لإيلاف quot;قسم العناية المركزة لم يعد قادر على إجراء العمليات اللازمة للجرحى والمصابين نتيجة القصف، بسبب انعدام الأجهزة والمعدات التي كان القسم يعانى من نقصها الحاد بعل الحصارquot;. وأكد أن أعدادًا من الحالات الحرجة ما زالت تنتظر دورها للدخول إلى القسم بسبب اكتظاظه بحالات أخرى.

من بين الجرحى الملقى بهم في زوايا المستشفى، جرحى مجهولون لم يحضر أحد من ذويهم إلى المستشفى، ومعظمهم مكث يومين دون أن يتعرف عليهم أحد، وبعضهم دخل في حالة موت سريري ولم يعرف له أهل، كما قل الأطباء داخل المشفى، وذلك بسبب شدة القصف الإسرائيلي على كافة مناطق قطاع غزة، الأمر الذي حال دون تمكن المواطنين من تفقد أبنائهم.

الصور لا تختلف خارج المستشفى في فنائها، فقد امتلأ بالنساء والأطفال والشيوخ الذين لم يجدوا لهم متسعاً للدخول إلى أبنائهم داخل المستشفى، لكن عدداً منهم خرجوا ليبحثوا عن أبنائهم في سيارات الإسعاف والمدنية التي تأتي بين لحظة وأخرى تقل جرحى وشهداء.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعربت عن قلقها إزاء الفوضى التي تعم مستشفيات قطاع غزة بمواجهة quot;التدفق المتواصل للجرحىquot; منذ بدء الغارات الإسرائيلية على القطاع. وقالت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرًا لها في بيان استند إلى معلومات نقلها مكتبها في غزة quot;أن الفوضى تعم المستشفيات حيث تواجه الأطقم الطبية تدفقا متواصلا للجرحى منذ السابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر)quot; الجاري.

ونقل البيان تصريحًا لرئيس فريق الجراحين في مستشفى الشفاء في غزة، قال فيه quot;نحن غير قادرين على استقبال هذا العدد الكبير من الجرحى بحالة الخطر، ما نشهده لم نر له مثيلاً من قبلquot;.

ولم يسلم المستشفى نفسه من أثار القصف الإسرائيلي، فمعظم نوافذه الزجاجية تكسرت بفعل قوة القصف الذي دمر مسجدًا ملاصقًا له،وتعد غرف المستشفى صالحةً لعلاج الجرحى في ظل البرد الشديد وحالة المطر التي تغطي سماء غزة.

وأدى القصف الجوي الإسرائيلي إلى مقتل الطبيب محمد أبو حصيرة وإصابة عدد آخر من المسعفين الذين هبوا لإنقاذ عدد من ضحايا قصف استهدف جبل الريس شرقي غزة.

نعت وزارة الصحة الفلسطينية اثنين من موظفيها قتلا أثناء تأديتهما واجبهما في وقت لاحق، وهما رامي السلوت أخصائي الطب المخبري، والشهيد معين القن فني الهندسة والصيانة. وأشارت إلى أن الصيدلانية راوية عوض تصارع الموت داخل وحدة العناية المركزة التي تهالكت أجهزتها الطبية الأساسية والضرورية، مؤكدةً أن عدد الأجهزة المعطلة بلغ أكثر من 220 جهازاً طبياً جراء منع إدخال قطع الغيار اللازمة لصيانتها.

وأضافت أن العديد من أصناف الأدوية الأساسية فقدت وهي أكثر من 105 صنف رصيدها صفر، والعديد من المستهلكات الطبية الهامة وهي أكثر من 225 صنف أصبح رصيدها أيضاً صفرًا.