أحمد نجيم من الدار البيضاء: في سابقة هي الأولى منذ وصول العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الحكم قبل أزيد من تسع سنوات، أصدر الديوان الملكي المغربي بيانا شديد اللهجة بخصوص الانقسام العربي حول القمة العربية الاستثنائية، وأوضح البيان أن العاهل المغربي لم يحضر شخصيا في القمة العربية الاستثنائية المقترحة بالدوحة بخصوص العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما أنه لم يحضر القمة العربية الاقتصادية بالكويت المبرمجة منذ مدة، والمفتوحة على كل المواضيع، وخاصة الوضع في فلسطين.

وأوضح البيان أن هذا القرار quot;ينطلق من حيثيات موضوعية، واعتبارات مؤسفة، متمثلة في الوضع العربي المرير، الذي بلغ حدا من التردي، لم يسبق له مثيل في تاريخ العمل العربي المشتركquot;. كما تحدث عن الصراعات العربية العربية وقال أن مجرد طرح فكرة عقد قمة عربية استثنائية، أصبح يثير صراعات ومزايدات، تتحول أحيانا إلى خصومات بين البلدان العربية، وعبر العاهل المغربي من خلال هذا البيان عن أسفه لكون هذه quot;الخلافات الجانبية، تهمش القضايا المصيرية للأمة، وفي صدارتها قضية فلسطين. كما أنها تحجب جوهر الصراع القائم في المنطقة، وتصب في خدمة مصالح الأعداء الحقيقيين للأمة.

كما انتقد الجو العربي السائد الذي يعطي الانطباع بمحاولات الاستفراد بزعامة العالم العربي أو خلق محاور ومناطق استقطاب. وهو المنحى الذي يرفض المغرب دوما الخوض فيه.
وانتقد القادة العرب عندما قال quot;بدل أن يقوم الخلاف حول استراتيجيات مضبوطة ; تراه ينحصر اليوم، مع كامل الأسف، في حزازات، لا يترفع عنها إلا من رحم ربك من القيادات الحكيمة، المعروفة بمواقفها المتزنةquot;.
وانتقد العاهل المغربي بعض القادة العرب الذين يسعون إلى quot;اختزال القمم العربية، على أهميتها، في لحظة الاجتماع نفسه، والظهور أمام وسائل الإعلام، مما يفضي إلى تبخيس الرهان الأساسي للقمة في المجادلة حول مكانها وزمانها وموضوعها، والاحتساب الشكلي لنوعية الحضور ومستواه، واستنزاف فعالياتها في ملاسنات معمقة للجراحquot;.

وأوضح أن هذا الوضع يتيح، للأسف، لخصوم الأمة العربية الفرصة للترويج لصورة مهزوزة، من عدم النضج، واللا مسؤولية، وابتذال اللقاءات العربية.وهي صورة لا نرضاها لأمتنا العربية.ومهما كان الواقع الموضوعي المؤلم لجسامة الاعتداءات الخارجية، فإن علينا أن نصارح أنفسنا بأن المشكل يكمن في الذات العربية نفسهاquot;.
وقد ذهب العاهل المغربي إلى حل المشكل يبدأ من العرب أنفسهم، موضحا أنه إذا quot;لم يستطع الوطن العربي الوصول إلى حلول للمشاكل البينية، التي تهدر طاقاته، فإنه لن يستطيع حل أي صراع خارجي. وهو ما يدل عليه الواقع المرير في المواقف العربية تجاه العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الشقيقquot;.

وأوضح أن المغرب، ورغم استحضاره، بكل مرارة، كل ملابسات هذه الظرفية الصعبة، فإنه يعتبر أن قدسية القضية الفلسطينية، وجسامة المعضلات العربية، وحِدّة الانقسامات البينية ; كل ذلك يتطلب أن يتحلى كل منّا بأعلى درجات المسؤولية، والارتقاء إلى مستوى اللحظة التاريخية. موضحا أن حل النزاع العربي الإسرائيلي يتطلب وضع استراتيجية عربية محكمة، وتحركا عقلانيا مضبوطا، وتضامنا ملموساً ; فضلا عن وحدة الكلمة، ونبذ التجزئة والتفرقة، والحسابات الضيقة.
وذكر بموقف المغرب المدافع، بكل صدق وحكمة والتزام عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية العادلة، مشددا أن المملكة ملكاً وحكومة وشعباً، سيواصل مناصرته للقضية الفلسطينية، التي يعتبرها في مستوى قدسية قضية وحدته الترابية.
بخصوص الوضع في قطاع غزة، قال العاهل المغربي إن الوضع المأساوي في قطاع غزة يسائل ، في هذا الظرف الحرج، ضمائر الأمة العربية، بل والإنسانية جمعاء مشيرا إلى الشعب المغربي سيظل ، على المعهود فيه من كرامة وعزة نفس ، مواصلا لمساندته الملموسة لإخواننا الفلسطينيين، ضحايا العدوان الإسرائيلي الغاشم.

وأوضح البيان أن ذلك ما يتجلى في مختلف أشكال الدعم المتواصل، بتوجيهات ملكية سامية، عبر جسر جوي مفتوح للمساعدات الإنسانية العاجلة. وكذا من خلال الدعم المادي للدولة المغربية، والتبرعات التطوعية والتضامنية للمغاربة قاطبة.
وبنفس روح الالتزام والتضامن، يقول البيان، سيواصل المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس الشريف، تكريس كل جهوده وتحركاته على كافة المستويات والمحافل والجبهات، الثنائية والجهوية والدولية، لإقرار حل عادل ودائم وشامل للنزاع العربي الإسرائيلي، الذي يمر حتماً عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، على أساس مبادرة السلام العربية، وفي إطار مقررات الشرعية الدولية، التي تقضي بتعايش الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، في أمن وسلام.
وخلص البيان إلى أن المغرب، بمعية كل أشقائه من ذوي الإرادات الصادقة، يجدد الإعراب على هذه الأسس الصريحة والمخلصة، عن انخراطه القوي والدائم في كل عمل عربي مشترك، على سائر المستويات، وفي مختلف المجالات.ومن هذا المنطلق، ستشارك المملكة المغربية في أشغال القمة العربية الوشيكة بدولة الكويت الشقيقة.