لندن: تميط صحيفة الغارديان البريطانية الصادرة اليوم اللثام عن تفاصيل رسالة تقول إن فريق الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما يعكف، حتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض، على إعدادها وصياغتها بدقة قبل توجيهها إلى إيران، إذ يُأمل أن تؤدي إلى رأب الصدع وبلسمة الجراح القديمة بين واشنطن وطهران.

ففي تقرير أعده مراسلا الصحيفة في العاصمة الأمريكية واشنطن، روبرت تايت وإيوين مكاسكيل، تقول الجارديان إن الرسالة المزعومة ستكون بمثابة الرد الرسمي على رسالة التهنئة المطوََّلة التي كان الرئيس الإيراني محمود أحمديجاد قد أرسلها إلى أوباما في السادس من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أي بعد يومين من فوز أوباما بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

يقول التقرير إن الرسالة ستكون أيضا خطوة رمزية من جانب إدارة أوباما، بحيث تقدم تطمينات مفادها أن الولايات المتحدة لا ترغب بالإطاحة بالنظام الإسلامي الحاكم في طهران، بل ترمي إلى مجرَّد quot;تغيير سلوكهمquot;. وفي التفاصيل نقرأ أيضا أن مسؤولين في إدارة أوباما قد أعدوا بالفعل مسودة الرسالة المذكورة والتي تعرض على الإيرانيين إعادة العلاقات الدبلوماسية المجمَّدة بين البلدين منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران واستلامها مقاليد الحكم في البلاد عام 1979.

quot;وجها لوجهquot;

كما تقدم الرسالة عرضا على طهران يقضي بإجراء محادثات quot;وجها لوجهquot; بين مسؤولي البلدين، وبلا شروط، تماما كما وعد أوباما مرارا خلال حملته الانتخابية. يقول تقرير الجارديان إن وزارة الخارجية الأميركية تعكف على إعداد مسودَّة الرسالة التي تنوي توجيهها إلى الإيرانيين، إذ بدأ العمل على المشروع منذ فوز أوباما بالانتخابات الرئاسية، والرسالة تُعدَّ نقطة تحوُّل كبرى في لهجة الخطاب المعادي الذي كانت إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش قد اعتمدتها حيال إيران، والتي كانت قد اعتبرتها جزءا من quot;محور الشرquot;.

ويضيف بالقول: quot;إن القصد من ورائها (أي الرسالة) هو تبديد الشكوك حيال قادة وزعماء إيران وتمهيد الطريق أمام أوباما للانخراط (بالحوار) معهم مباشرة، ليكون بذلك قد أصبح بحلٍّ من أمره من السياسة الأمريكية السابقة.quot;

ثلاث مسودات

وتكشف الغارديان أن مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية كتبوا على الأقل ثلاث مسودات للرسالة، والتي quot;ستوجَّه إلى الشعب الإيراني وتُرسل إما مباشرة إلى آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، أو تُنشر على شكل رسالة مفتوحة.quot;

وتنقل الغارديان، في معرض تقريرها عن مشروع الرسالة الأمريكية المذكورة، عن سعيد ليلاز، وهو محلل مقيم في العاصمة الإيرانية طهران، قوله: quot;في حال أرسلوا (أي الأميركيين) مثل هكذا رسالة، فستكون خطوة هامة للغاية في مجال إنشاء وإرساء الروابط بين البلدين. لكن يتعين عليهم أن يكونوا حذرين وألاَّ يفكروا بأن طهران سوف ترد عليهم في الحال.quot;

quot;الخط الناعمquot;

وفي مقال تحليلي منفصل يتناول مشروع الرسالة الأميركية إلى الإيرانيين، يكتب محرر الغارديان للشؤون الدبلوماسية قائلا: quot;إن الخط الناعم الذي تنتهجه واشنطن قد يرعب الإيرانيين.quot; ويضيف المقال قائلا: quot;إن ضراوة أحمدي نجاد تسلط الضوء على قدرة السياسة (الأميركية) الجديدة على السعي لممارسة النفوذ والتأثير، بدل إزاحة آيات الله (حكام إيران) عن السلطة.quot;

يقول المحرر: quot;إن الرسالة تمثل تحوُّلا عن السياسة الأميركية السابقة، وهو تحوُّل جرى التصميم وعقد العزم عليه، لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا البارحة إنهم مازالوا يدرسون أمر كيفية وتوقيت الانخراط بمحادثات مع طهران.quot; ويختم بالقول: quot;إن الجناح الحذر والمتحفِّظ يحذِّر من التدخل المستعجل والسريع بنظام سياسي يفتقر إلى الشفافية، مع كل ما قد يترتب عليه الأمر من عواقب غير مقصودة.quot;

مهمة ميتشيل

وليس بعيدا عن محاولات الإدارة الأميركية الجديدة لمعالجة قضايا منطقة الشرق الأوسط الساخنة، نمضي إلى صحيفة الإندبندنت التي تفرد مساحة واسعة لرصد أخبار ومتابعة مهمة المبعوث الأمريكي الجديد إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشيل الذي يزور المنطقة في أولى جولاته الاستطلاعية في إطار مهمته الجديدة. فتحت عنوان quot;إسرائيل تقول: أطلقوا سراح الجندي، نقوم برفع الحصارquot;، تنشر الصحيفة تحقيقا لمراسلها في مدينة غزة، دونالد ماكينتاير، يقول فيه:

quot;إن رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت قد أخبر ميتشيل بأن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، المُحتَجز لدى حماس والمسلَّحين الفلسطينيين الآخرين منذ أكثر من عامين ونصف العام، هو أمر جوهري وأساسي بالنسبة للتوصل إلى أي صفقة سلام في المنطقة.quot; ينقل التحقيق عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن إسرائيل لن تسمح بإعادة فتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل حتى يتم إطلاق سراح شاليط.

السلام والهدنة الهشَّة

صحيفة التايمز هي الأخرى تتناول مهمة ميتشيل في عددها الصادر اليوم، فتعنون: quot;المبعوث الأميركي جورج ميتشيل يبدأ صراعه للإبقاء على السلام وسط هدنة هشَّة.quot; يقول تحقيق التايمز، الذي ترفقه الصحيفة بصورة كبيرة لميتشيل وهو يغادر القصر الرئاسي في مصر بعد إجرائه محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك وقُبيل توجهه إلى إسرائيل وقد ارتسمت على محيَّاه علامات الجدية والمشقَّة والتصميم بآن واحد، إن إن الخطوة الأولى التي يعتزم المبعوث الأمريكي القيام بها هي تعزيز وتثبيت وقف إطلاق النار الهشِّ بين إسرائيل وحركة حماس.

ويتابع التحقيق قائلا: quot;إن ما أضاف إلى تعقيدات مهمة ميتشيل هو أن مجموعة تزعم أنها على صلة بتنظيم القاعدة وتطلق على نفسها اسم quot;كتائب الجهاد والتوحيدquot; هي التي أعلنت هذه المرة مسؤوليتها عن الهجوم الأخير على الدورية الإسرائيلية.quot;