إقترن إسما القاعدة وطالبان منذ تسعينات القرن الماضي، وتصدرت بعد ذلك أخبار الثنائي الإسلامي في أفغانستان المحلي ( طالبان ) والخارجي (القاعدة ) كل الأخبار العالمية عقب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001. إقترن الإسمان والمنظمتان معًا حتى بدا وكأنهما وجهان لعملة واحدة، على الرغم من أن القاعدة يرأسها أسامة بن لادن وطالبان يرأسها الملا عمر. فالأهداف متقاربة والتعاون قائم والعدو واحد والإختباء والتواري عن الأنظار مشترك بين التنظيمين.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: تطرح مجلة فورين بوليسي الأميركية عبر تقرير مطول سلسلة من الوقائع والتصريحات التي خلصت من خلالها إلى أن العلاقات بين حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة تمضي إلى طريق مسدود. وتكتب تحت عنوان ( القاعدة وطالبان الأفغانية: متعارضين تمامًا ؟ ) لتكشف في هذا السياق عن أن حركة طالبان الأفغانية التي يتزعمها الملا عمر بدأت تطلق - شأنها شأن قادة تنظيم القاعدة - رسائل مختلطة جدًا خلال الآونة الأخيرة، كما بدأ يعيش المجتمع الجهادي الإلكتروني حالة من الضجيج ، وفي ظل هذه التطورات وغيرها من الأحداث، بدأ يتحدث بعض المحللين عن أن ما يحدث الآن هو بداية النهاية للعلاقات بين الحركتين.
تقول المجلة في إطار عرضها إن البداية كانت مع التصريح الذي أدلى به الملا عمر في سبتمبر / أيلول الماضي، ( بمناسبة عيد الفطر ) والذي أكد من خلاله على تميز حركته بشخصية وصفها بـ quot;الوطنيةquot;، فضلاًً عن قيامه بإرسال عدة رسائل إلى الدول المجاورة لأفغانستان تتحدث عن توافر النية لديهم في إقامة علاقات دولية إيجابية. وفيما نظرت إليه المنتديات الإلكترونية بصورة متزايدة على أنه تعقيب مباشر لما أبداه الملا عمر من مشاعر، جاءت الرسائل الأخيرة التي أطلقها تنظيم القاعدة لتشدد على رفضها الشديد للنموذج quot;الوطنيquot; للإسلام الثوري، إضافة إلى تكرار توجيهها الدعوات للجهاد ضد جيران أفغانستان، وبخاصة باكستان والصين. وقد جاءت هذه الإشارات المتناقضة لتثير تساؤلات خطرة حول نظرية اندماج القاعدة وطالبان، بحسب المجلة.
ثم تمضي لتقول إنه وبعد مرور أسبوع من تلك المواجهة التي نشبت بين قادة الحركتين، وتحديدًا عقب التوبيخ الغاضب الذي وجهه أبو محمد المقدسي، واحد من أبرز العقائديين الجهاديين السلفيين، إلى أمير حركة طالبان الأفغانية، نشرت شبكة سحاب السلفية على شبكة الإنترنت تأبين أيمن الظواهري ndash; الرجل الثاني في تنظيم القاعدة - لبيت الله محسود. وفي سياق حديثه، تطرق الظواهري للقضية الفلسطينية، حيث أكد على ضرورة قيام المجاهدين في فلسطين بتدمير quot;قوانين الشيطانquot; المفروضة عليهم. ثم انتقل ليوجه اللوم إلى حزب الله الذي اعتبره نموذجًا على quot;تحويل الجهاد إلى قضية وطنيةquot;، وهو النموذج الذي شدد على ضرورة أن تنبذه الأمة لأنه يُعرِّض الجهاد لسوق المساومات السياسية ويصرف انتباه الأمة عن تحرير الأراضي الإسلامية وإقامة الخلافة.
بعدها، جاء المقطع المصور الذي بثته شبكة السحاب السلفية لأبي يحي الليبي في السادس من شهر أكتوبر / تشرين الأول الجاري، تحت عنوان ( تركستان الشرقية: الجرح المنسي ) وهي الرسالة التي طالب فيها الليبي بتقديم الدعم للجهاد دفاعي في شمال غرب الصين، إحدى جيران أفغانستان التي عبّر الملا عمر عن أمله في إقامة quot;علاقات طيبة وإيجابيةquot; معها. وبعد مرور أسبوع، وتحديدًا في الثاني عشر من الشهر الجاري، قام الكاتب الأردني الجهادي أحمد بوادي بنشر مراسلات قام بتبادلها مؤخرًا مع محررين من مجلة quot;الصمودquot; التابعة لطالبان. ومن دون أن يحدد أسماء، قال بوادي أن الرسالة التي أطلقا الملا عمر في عيد الفطر تسببت في توليد موجة كبيرة من الجدل، ما جعل البعض يذهب إلى القول بأن طالبان تؤيد تقديم نفس نوعية التنازلات التي تقدمها حماس. وفي المقابل جاء التوضيح الذي أرسلته المجلة لبوادي ndash; وقام بنشره ndash; ليتهرب بشكل كبير من الجزئية التي أثارها الكاتب. وركزت المجلة على في سياق توضيحها هذا على الدفاع عن الملا عمر فحسب.
وتختم المجلة بالقول إن ذلك كله أثار قدرًا كبيرًا من الجدل المحتدم والكتابات القلقة على العديد من المنتديات الجهادية، وهنا، تضرب المجلة المثل بما كتبه شخص يدعى quot;النجارquot; في الرابع عشر من شهر أكتوبر الجاري على منتدى الحسبة الجهادي، حيث نشر تعليق بعنوان quot;الملا عمر والظواهري متعارضين تمامًا: فهل ذلك خطة متفق عليها، أم أن هناك ثمة مشكلة أم ماذا .. ؟ quot; ndash; في حين قال شخص آخر يدعى quot;أبو عزام 1quot; إن رسائل الملا عمر تعبر عن مستوى معين من الاعتراف بالأمم المتحدة، تلك المنظمة التي وصفتها القاعدة صراحةً بالمنظمة quot;الكافرةquot;، ويرى أبو عزام أن مثل هذه التحركات المتعارضة عبارة عن إشارة تدل على بداية النهاية للعلاقات بين القاعدة وطالبان. وكتب يوم أمس شخص آخر يدعى quot;أبو سالمquot; على واحدة من تلك المنتديات، حيث أكد على أن ما يحدث هو إشارة واضحة على أن القاعدة وحركة طالبان لا يفكران بعقلية واحدة، وأن القاعدة قد تنقلب على طالبان في المستقبل القريب.
التعليقات