واجه مسعى الرئيس الاميركي باراك اوباما لتحقيق السلام في الشرق الاوسط والذي يحتل اولوية متقدمة بالنسبة له صعوبات متوقعة على الرغم من ان تحديات السياسة الخارجية الاخرى في ايران وافغانستان وباكستان وغيرها تتطلب انتباهه.

رفضت اسرائيل مطالب اوباما بتجميد كامل لبناء المستوطنات بينما رفضت الدول العربية التي لم يلق عرضها الخاص بالسلام استجابة منذ عام 2002 نداءاته لابداء لفتات لحسن النوايا تجاه الدولة اليهودية. ويشير مشككون الى أن الحكومة اليمينية الاسرائيلية تولي تركيزا للتهديدات من ايران وحزب الله وحركة حماس اكثر من الذي توليه لتحقيق السلام مع الفلسطينيين الغارقين في الخصومة بين حماس التي تسيطر على قطاع غزة وفتح في الضفة الغربية.

ورفعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تقريرا عن الوضع للرئيس اوباما يوم الخميس بدا أنه يؤكد الشكوك المنتشرة على نطاق واسع داخل وخارج المنطقة في أن احراز التقدم ممكن. وقال يوسي بيلين احد مهندسي اتفاقات اوسلو التي أبرمت عام 1993 مع الفلسطينيين للاذاعة الاسرائيلية يوم الجمعة quot;يمثل هذا فشلا واضحا لرئيس حاول احداث تغيير وبعد مرور عام يعترف بأنه فشل.quot;

ولا تزال واشنطن تأمل في اعادة اطلاق محادثات السلام التي تعثرت في ديسمبر كانون الاول اذا استطاعت صياغة اتفاق بشأن مرجعيتها. لكن مسؤولين اسرائيليين يقولون ان الاميركيين يتصورون محادثات قائمة على قرارات مجلس الامن الدولي التي ترجع الى عقود والتي يفسرها كل جانب بطريقة مختلفة وهي وصفة غير واعدة لتحقيق النجاح.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد رضخ على مضض للضغوط الاميركية للحديث عن التفاوض على اقامة دولة فلسطينية شريطة أن تكون منزوعة السلاح وأن يعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة يهودية. ويرى الفلسطينيون أن هذا الطلب يخل بمطالب عودة او تعويض لاجئي حرب عام 1948 ويقوض وضع عرب اسرائيل الذين يمثلون خمس سكانها.

ويشعرون الى جانب الكثير من العرب بالظلم لان اوباما لا يطلب من اسرائيل الان الا تقييد التوسع في المستوطنات التي هي غير شرعية بموجب القانون الدولي وتهدد قابلية اي دولة فلسطينية للحياة بدلا من التجميد الكامل الذي سعى اليه في البداية. ويستبعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قوضت مصداقيته بسبب التقلبات في سياسته وضعفه امام الضغوط الامريكية استئناف المفاوضات قبل تجميد الاستيطان الاسرائيلي وهو ما تنص عليه خطة امريكية للسلام وضعت عام 2003.

وقال جيمس دوبينز مدير مركز سياسة الامن والدفاع بمؤسسة (ار.ايه.ان.دي) بواشنطن ان احتمالات احراز تقدم ضئيلة للغاية. وأضاف quot;الحكومة الاسرائيلية لا تريد تسوية على الاساس الذي يمكن أن يدعمه معظم المجتمع الدولي ناهيك عن الفلسطينيين. quot;والفلسطينيون على الرغم من أنهم قد يريدون تسوية على هذه الاسس فانهم على الارجح لا يستطيعون كسب تأييد شعبهم.quot;

وقال دوبينز انه يتوقع أن تواصل ادارة اوباما المحاولة ولو حتى لاظهار أن اي فشل لا يمكن ارجاعه الى تقصير من الولايات المتحدة على صعيد الالتزام او المشاركة. وأضاف quot;هذا لا يكلفهم اي شيء.quot; وقال جيمس بيكاب وهو زميل سابق لجورج ميتشل مبعوث الرئيس الاميركي للشرق الاوسط ان مهما كان ما يشغل اوباما في الداخل والخارج فان من غير المرجح أن يتخلى عن مسعاه. وأضاف quot;هذه الادارة تعتبر نفسها قادرة على الاضطلاع بمهام متعددة وتعتبر عملية السلام بالغة الاهمية بالنسبة لمصالح الامن القومي الاميركي وبالتالي ستواصل ضخ الكثير من الموارد والوقت والجهد لحلها.quot;

وراوغ هذا الهدف عدة رؤساء اميركيين ووسطاء لا حصر لهم على الرغم من أن المعرفة التقليدية تفيد بأن الخطوط العريضة التي لا مفر منها لحل الدولتين باتت الان معروفة بوضوح. لكن روب مالي مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا بالمجموعة الدولية لادارة الازمات يرى أن اجتهاد اوباما وعزمه قد لا يؤديان الى احراز تقدم نحو الوصول الى حل. وقالquot;في احدى المراحل سيكون على الادارة أن تواجه حقيقة أنها مهما حاولت تحسين المناخ والعمل على بعض هذه القضايا فان الفجوات بين الجانبين اليوم اكبر مما كانت عليه امس وامس كانت اكبر من أن يتم تضييقها.

quot;وبالتالي في رأيي يجب أن تجري اعادة نظر اكثر تعمقا في عملية السلام تتجاوز قول اننا سنكون اكثر انخراطا او صرامة واحسن نية.quot; وحدد مالي جانبا جرى تجاهله الى حد كبير في محادثات سابقة بشأن الحدود والمستوطنات والقدس واللاجئين. وقال quot;ثمة صراع عاطفي وسياسي ونفسي بين الاسرائيليين الذين يشعرون بأن حقهم في أن تكون لهم دولة على ارض يعتبرها اليهود وطن اجدادهم لم يعترف به قط حقا والفلسطينيون الذين يشعرون أن كل هذه المفاوضات تهدف في النهاية الى محو تاريخهم ومطالبهم التي نجمت عن (حرب) عام 1948.quot;

وأشار مالي الى أن معالجة هذا الخلاف قد لا تؤدي الى حل لكنه قال ان محاولات احلال السلام التي تدعمها الولايات المتحدة منذ 16 عاما باءت بالفشل. وأضاف quot;محاولة فهم اي جزء من الاحجية هو المفقود تبدو لي اكثر جدوى من مجرد سلوك نفس الطريق مجددا.quot;