مؤتمر المستثمرات العرب يدعو النساء إلى اقتحام قطاع العقار

اول مؤتمر دولي للنساء المستثمرات العربيات من 26 الى 30 الشهر الحالي في المغرب

أشارت عائشة لخماس، رئيسة اتحاد العمل النسائي في المغرب، الى أن المرأة المغربية تعاني من الإقصاء والتهميش على مستوى الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وأضافت لخماس، في حوار مع quot;إيلافquot;، quot;من المؤسف أن دولنا العربية لا تعطي أهمية تذكر لإنجاز دراسات عن العنف ضد النساء، ولا تعطي أرقامًا تساعد على الإحاطة بالظاهرة، ووضع استراتيجيات وخطط عمل لمواجهتها، لذلك يصعب إعطاء أرقام عن الوضع العام.

الدار البيضاء: أكدت رئيسة اتحاد العمل النسائي في المغرب أنه حصل تطور على مستوى التمكين السياسي للنساء في المغرب، فبفضل اللائحة الوطنية استطاعت ثلاثون امرأة الوصول إلى مجلس النواب. وحول رأيها في المشهد السياسي الحالي بالمملكة، قالت انه quot;يعيش حالة اختناق٬ ويتطلب حوارًا وطنيًا حقيقيًا وجادًا بين كل الفاعلين وخاصة بين المؤسسات الأساسية بالبلاد ذات الشرعية التاريخية المستمرة والمجتمعية العميقة٬ ويشكل العزوف الشعبي الواضح في الانتخابات البرلمانية 2007، وفي الانتخابات المحلية بشكل أقل خير دليل على ذلكquot;.

* ما حجم التمييز بحق المرأة في المغرب؟

ما زالت المرأة المغربية تعاني من الإقصاء والتهميش على مستوى الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، فالفقر أصبح مؤنثًا والأمية والبطالة تنتشر بشكل أكبر في أوساط النساء، إضافة إلى الخصاص الكبير في ما يتعلق بالحماية الصحية، خاصة الصحة الإنجابية. وتعاني الفتيات الصغيرات بشكل أكبر من آفة التسرب الدراسي، والعمل المبكر، والزواج القسري.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتجاوز هذه الهوة عن طريق البرامج الهادفة إلى إنشاء دور الطالبات، والنقل المدرسي، ومحاربة الأمية، والهدر المدرسي، والهشاشة، والتسول، فإن الحاجيات كبيرة والإمكانيات المتاحة لا تفي بالغرض.

وفي إطار هذه الجهود قرر اتحاد العمل النسائي في مؤتمره الثالث المنعقد، في يوليو الماضي، تركيز النضال على الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للنساء المغربيات، هذه الخصاص لا تعني أن هناك كفاية وترف على مستوى التمكين السياسي والقانوني، فلا يزال أمام المرأة المغربية أشواط من النضال من أجل تثبيت وترسيخ وتوسيع المكتسبات الحاصلة على هذا المستوى.

* ما هي القوانين التي تنتظر المرأة تطبيقها للحفاظ على حقوقها؟

سأقتصر جوابي على مدونة الأسرة، التي صدرت في فبراير/شباط 2004، ذلك أنه على الرغم من التغير الكبير الذي أحدثته على كل مكونات الأسرة المغربية، وخاصة المرأة والأطفال، فالأمر يتطلب مواصلة الإصلاح على مستوى التشريع، فمثلا أصبح من الضروري الاعتراف للأمهات بحقهن في الولاية على أبنائهن في جميع الأحوال كالآباء تمامًا لأن الضرر ينعكس بشكل كبير على الأطفال، وعلى مصالحهم التي لا تقبل التأجيل خاصة حين يكون هناك نزاع بين الأبوين.

كما أن المقتضيات القانونية المتعلقة بالحضانة والبنوة والنسب تتطلب الكثير من التدقيق. أما النفقة التي تشكل المعضلة الأكبر فإن تدقيق كيفية احتسابها وتنفيذها أمر لم يعد يقبل التأخير لأنه مرتبط بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأبناء، اضافة الى اهمية تحديث صندوق التكافل الأسري والبحث عن موارد مالية جديدة، خصوصًا إذا أردنا أن نحد من الفقر والانحراف.

التطبيق الجيد لمدونة الأسرة يقتضي الانتقال من أقسام قضاء الأسرة إلى محاكم الأسرة كمرافق ذات استقلالية واليات متقدمة٬ بهيئة قضائية متخصصة إضافة إلى ضرورة إحداث مؤسسة المساعدة الاجتماعية والنفسانية لتدعيم آليات الوساطة وحسم النزاعات الأسرية بطريقة حبية.

* هل هناك أرقام حول العنف ضد النساء، والفئات المستهدفة، وأوجه أخرى من معاناتهن؟

من المؤسف أن دولنا العربية لا تعطي أهمية تذكر لإنجاز دراسات عن العنف ضد النساء، ولا تعطي أرقاما تساعد على الإحاطة بالظاهرة، ووضع استراتيجيات، وخطط عمل لمواجهتها، ولذلك من الصعب علينا إعطاء أرقام عن الوضع العام.

ونحن في اتحاد العمل النسائي أسسنا شبكة النجدة لمناهضة العنف ضد النساء تتكون لحد الآن من إثني عشر مركزا عبر مختلف جهات المغرب، تعد هذه المراكز يوم 25 نوفمبر/شباط، من كل سنة، تقريرا مفصلا عن الظاهرة حسب الحالات التي تعرض عليها٬ وسأقدم لكم الإحصاءات التي أنجزناها في مركز النجدة بالدار البيضاء عن المدة من أكتوبر 2008 إلى سبتمبر/ايلول 2009.

فقد استقبل مركز النجدة، خلال هذه الفترة، 450 مستفيدة تم فتح ملفات لهن والاستماع إليهن وتقديم الدعم، والإرشاد القانوني والنفسي والاجتماعي لهن وتوثيق حالاتهن، حيث يتم التركيز على التعريف أولا بالمرأة المعنفة من حيث تصنيفها حسب المنطقة التي تنتمي إليها، وتوزيع المستفيدات حسب المقاطعات الجماعية، والمستوى الدراسي، والمهنة، والسكن، ومتوسط عدد الأطفال.

أما ثانيا، فيتم التعريف بممارس العنف من حيث المستوى العلمي، والمهنة. وثالثا، تحديد طبيعة العنف الذي تتعرض له تلك النساء، سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا أو المركب، بالإضافة إلى حاجيات النساء المستفيدات والخدمات التي يقدمها المركز لهن من القانونية إلى الاجتماعية ثم النفسية.

وتشكل محافظة الدار البيضاء الكبرى نسبة 90.18 في المئة من مجموع الوافدات على المركز، كما أن نسبة تفوق النصف (52.72 في المئة) من المستفيدات أميات أو ذوات مستوى تعليمي أولى، ما يفسر النسبة الكبيرة التي تقارب الثلثين من اللواتي بدون عمل في صفوف تلك النساء لأنهن من دون مؤهل يمكنهن من الحصول على عمل. الى ذلك، فقط 11.28 في المئة يعملن قادرات على تأمين موردا لعيش آمن أما الاخريات تتقاذفهن أمواج الفقر والحاجة، وعدم الاستقرار. اذا ان 21.28 في المئة يمارسن أعمالاً بسيطة كمهنة التنظيف والعمل في البيوت، وبائعات متجولات بدون ضمانات التقاعد والتغطية الصحية. ما يطرح إشكالا حقيقيًا أمامهن، منها عدم قدرتهن على استمرار ضمان إعالة أنفسهن وأبنائهن وتغطية مصاريف التطبيب والعلاج، وحاجتهم إلى الدعم والمساعدة.

وتتوزع نسب المستوى الدراسي للرجل المعنف بين 26.86 في المئة أميين، و21.09 يتوفرون على المستوى الابتدائي، و16.98 يتوفرون على المستوى الإعدادي، 18.15 يتوفرون على المستوى الثانوي، 8.13 في المئة يتوفرون على المستوى الجامعي، 11 في المئة غير محدد. كما تتوزع مهنة الرجل المعنف بين 14 في المئة عاطلين، و26 في المئة في مهن قارة، و22 في المئة حرفيين، و28 في المئة في مهن غير قارة، و10 في المئة غري محدد.

ويصل متوسط عدد الأطفال لكل امرأة من المعنفات إلى 1.77، وقد يصل إلى 8 أطفال عند بعض النساء، وما يشكله ذلك من عبء ومسؤولية في ظل العنف، وعدم الاستقرار، والفقر، خاصة أن الأطفال هم أكثر ارتباطا بالأم.

72.65 في المئة من النساء المعنفات خارج بيت الزوجية، و61.71 في المئة منهن لجأن إلى أسرهن. والباقيات تفرقن بين الأصدقاء، أو الأخت، أو أهل الزوج، أو مركز الإيواء، أو يعشن بمفردهن، أو مشردات يقضين ليلهن في المحطات الطرقية. وهي أوضاع لا تنبئ عن الاستقرار.

وتتوزع أشكال العنف بين 47.78 في المئة جسدي (الضرب، والجرح، والحرق، وكسر الأعضاء، والتعذيب، ومحاولة القتل)، و66.01 في المئة نفسي (ضغوطات النفسية التي يمارسها المعنف على المرأة، مثل السب، والإهانة، وسوء المعاملة، والإهمال، والاستغلال، والابتزاز، والخيانة الزوجية، والهجر، وعدم الإنفاق، والطرد من بيت الزوجية، وبيع بيت الزوجية، والطلاق التعسفي، والاستيلاء على الإرث، وإسقاط الحضانة، وعدم توثيق عقد الزواج، وعدم تسجيل الأبناء في الحالة المدنية).

أما العنف الجنسي فتصل نسبته إلى 13.61 (الاغتصاب، والإرغام على ممارسة غير طبيعية، والامتناع عن المعاشرة الجنسية، والإرغام على عدم الإنجاب، وزنا المحارم، في حين أن العنف المركب فتحدد نسبته في 53.35 في المئة.

ووعيا منا بخطورة العنف وأثره على المرأة والمجتمع، ونظرًا للأولوية التي تحظى بها هذه الواجهة في نضالنا وعملنا الترافعي، يبذل اتحاد العمل النسائي وشبكة مراكز النجدة مجهودا كبيرا، إلى جانب كل الفاعلين من جمعيات نسائية ومراكز مساعدة النساء ضحايا العنف في توفير الخدمات اللازمة لهؤلاء النساء، إذ يتجند طاقم من العاملين في المركز من أجل تقديم الدعم القانوني بتوجيه النساء ضحايا العنف، وإرشادهن، وإعداد ملفاتهن للترافع أمام القضاء، بكتابة مقالات حول أداء النفقة أو طلب تسجيل الأبناء في الحالة المدنية، أو تبوث الزوجية، أو طلب التطليق للشقاق، أو كتابة شكاية لوكيل الملك حول الضرب والجرح أو بسبب الطرد من بيت الزوجية.

وأحيانا بتقديم مساعدة نفسية من خلال تمكين بعض المستفيدات من حضور جلسات مع المستشار النفسي بالجمعية أو خدمات اجتماعية بمساعدتها على الاستفادة من مجانية العلاج أو الاستفادة من خدمات بعض المصالح التابعة لبعض القطاعات الحكومية كالتعليم والصحة، أو الاستفادة من الإيواء.

وأحيانا عقد جلسات الوساطة من أجل الصلح بين المستفيدة والزوج بطلب منها، وبموافقة من الزوج في الحالة التي ينتفي منها العنف. ونسعى إلى حث المسؤولين على القيام بدورهم لمساعدة النساء ضحايا العنف ودعم هذا المجهود الذي نقوم به ونرافع أمام أصحاب القرار من أجل انتزاع مزيد من المكاسب لفائدة كل النساء، وفي هذا الإطار يأتي برنامجنا الحالي. وتشكل الصراعات الحادة التي تحيل quot;العشرة مستحيلةquot; والتي تدعو النساء إلى اللجوء إلى طلب الطلاق للشقاق النسبة الأعلى اذ تصل الى 38.11 في المئة، ويأتي بعدها في الترتيب عدم الإنفاق 22.60 في المئة. وكذلك على المستوى التأهيل والتكوين المهني يسطر اتحاد العمل برنامجا طموحا لفائدة النساء ضحايا العنف الفقيرات في مجال الحلاقة، والخياطة، والطبخ، الإعلاميات.

* سياسيًا، هل تجدين أن المرأة وصلت إلى ما تصبوا إليه في ما يخص بلوغ مراكز القرار؟

لقد حصل تطور على مستوى التمكين السياسي للنساء بالمغرب. فبفضل اللائحة الوطنية استطاعت ثلاثون امرأة الوصول إلى مجلس النواب، إضافة إلى اللواتي وصلن عن طريق اللوائح الإقليمية. كما تمكنت أكثر من 3000 امرأة من الوصول إلى المجالس الجماعية (المجالس البلدية) عن طريق اللائحة الإضافية٬ لكن عند غياب آلية الحصة (الكوتا) على مستوى انتخابات الغرف المهنية، ومجالس الأقاليم، والعمالات، والجهات، ومجاس المستشارين، لم تتمكن إلا نساء يحسبن على رؤوس الأصابع من العبور إلى هذه المجالس لذلك أصبح من الضروري إدخال نظام الكوتا بصفة قانونية على مستوى كل مواقع المسؤولية والقرار السياسي، والاقتصادي، ولدى مختلف الهيئات المهنية والنقابية نظرا لأهمية الوجود الوازن والفاعل للنساء إلى جانب الرجال لاحلال الديمقراطية في هذه المؤسسات وللاستفادة من طاقات وكفاءات الرجال والنساء على السواء.

* ما رأيك في الدعوات النسائية المطالبة بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، وموقفك من المنتقدين لهذه الخطوة؟

بداية يجب التذكير بأنه لا يوجد موقف ثابت في أحكام الإرث تجعل نصيب المرأة أقل من نصيب الرجل، فلها نصف ما للرجل إذا كانت بنتا أو زوجة٬ وتتساوى معه في حالة الأبوين مع وجود الولد وكذلك الأخ والأخت فلكل واحد منهما السدس ويكون حظها أوفر منه في حالة ميراث الأبوين عندما لا يكون عندهما ولد'' فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث''، وهكذا ترث أكثر منه عندما تتوفى مثلا امرأة وتترك أباها وأمها وزوجها فيأخذ الزوج النصف والأم الثلث والأب أقل من الثلث.

ثانيا، فإن أحكام الإرث عرفت اجتهادات بدأت مع الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قضى بعدم أحقية الوارث في الوصية ''لا وصية لوارث''، وكذلك الخلفاء الراشدين حينما اعتمد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاعدة ''العول'' حينما تكون الفروض أكثر من التركة، كأن يتوفى شخص ويستحق ورثته مثلا النصف، والثلث والربع كفروض وتصعب قسمة التركة عليهم فيتم اعتماد معامل لقسمها ويمكنهم من أخذ فروضهم مع إنقاصها بشكل يتناسب مع أنصبتهم. وأشير أيضا إلى الوصية الواجبة للأحفاد من جهة الإبن التي اجتهدت فيها مدونة الأحوال الشخصية المغربية وامتدادها إلى الأحفاد لجهة البنت في مدونة الأسرة.

أما بالنسبة للنقطة الثالثة، فإنه حتى النصيب الذي ترثه المرأة يتم الالتفاف عليه بابتكار أساليب ملتوية تجعلها في نهاية الامر لا تستفيد إلا من القليل، ذلك أن قواعد الإرث هددت أهم قاعدة اقتصادية متأصلة في البنية الاجتماعية، وهي رسوخ البنى الأولى للقرابة التي يتم تحصينها عبر فرض نظام زواج الأقارب لضبط دورة النساء، ولضبط دورة الأموال إتبع نظام الوقف أو الحبس لحرمان المرأة من حقها في الإرث وتجميد الملكية، ونتيجة لذلك انتشر تحبيس الأموال على الأبناء دون البنات، على الرغم أنه مناف لحق المرأة في الإرث، ولم يتم التصدي لذلك بالحزم المألوف في مثل هذه الحالات٬ وعندما قال الشيخ خليل ببطلان عقود التحبيس اعترض على قوله لانه quot;شاذquot; اذ ان المشهور عند المالكية انه مكروه وليس حرام.

إضافة لهذا، فإن الأعراف المنتشرة في القرى المغربية تؤدي إلى حرمان المرأة من حقها في الميراث لدرجة أنها تتخلى تلقائيًا عن مقاضاة إخوتها للمطالبة بنصيبها٬ كما أنها تواجه بصعوبات كبيرة لإعداد الوثائق التي تثبت صفتها وإحصاء المتروك، علاوة على طول وتعقد المساطر القضائية وتكاليفها المالية الكبيرة.

ولمعرفة مدى الحرمان الذي تعانيه النساء للوصول إلى الثروة عن طريق الإرث نورد الأرقام التالية للدلالة، فأراضي الجموع التي تشكل 14 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة لا ترث فيها المرأة، كما أن أراضي الجيش (الڭيش) لا ترث فيها النساء أيضا، والأراضي المسترجعة والموزعة على الفلاحين لم تنل منها النساء إلا 2 في المئة، أما أراضي الملك التي تشكل 74.3 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة فلا تملك فيها النساء لا النصف، ولا أقل من ذلك، إذ لا تشكل النساء المالكات لأراضي فلاحية إلا 7 في المئة.

لذا أصبح من الضروري التصدي لهذا الواقع عبر حماية حق المرأة في الإرث، سواء في أراضي الجموع أو الجيش ''الڭيش''، وبطلان رسوم الوقف التي تحرم البنات من الإرث، وجعل إنجاز رسوم التركة (ٳراثة إحصاء المتروك) إلزامية مباشرة بعد وفاة المورث، وإخراج مصاريفها من التركة٬ وتدخل النيابة العامة تلقائيا لمنع أي تعد على التركة أو التصرف فيها بسوء نية أو الاستحواذ على الوثائق المثبتة لها.

أما رابعا، فتماشيا مع السنة النبوية الشريفة، ومع أعمال الخلفاء الراشدين واجتهاد بعض الفقهاء، آن الأوان لمناقشة بعض الأحكام المتعلقة بالإرث، خاصة ما يتعلق بنصيب البنت أو البنات في التركة، ذلك أن وجود العصبة ينسجم مع نظام القرابة السائد منذ أزيد من أربعة عشر قرنا حين كان العم وباقي العصبة يقومون مقام الأب في رعاية البنت، والإنفاق عليها، وحماية حقوقها ومصالحها٬ كانوا يرثون معها العصبة. أما الآن فلا وجود لهم حين تحتاجهم، كما أن الآباء والأمهات لم يعودوا يعاملون بناتهم بأقل مما يعاملون به أولادهم إذ أصبحوا ينفقون عليهن أموالا طائلة في التعليم والتكوين، ولم يعد ملائما من الناحية الاجتماعية وللتطور الحاصل في بنية الأسرة ومفاهيمها وقيمها الحديثة أن يتم التعصيب على البنات، وهو ما دفع العديد من الآباء إلى كتابة أموالهم وممتلكاتهم لبناتهم في حياتهم خوفا عليهن من تدخل العصبة. لذا آن الأوان لحماية البنات وآبائهن بمنحهن، البنت المنفردة أو البنات إن تعددن، الحق في استغراق التركة بمجملها٬ بحيث يرثن جزءا بالفرض والباقي بالتعصيب اقتداء ببعض الدول الإسلامية والفرق الإسلامية التي عملت بذلك منذ زمن طويل.

لذا فالأمر ليس سهلا أي المطالبة بالمساواة هكذا في الإرث دون معرفة الواقع والعوائق الحقيقية خلف عدم وصول النساء للموارد، خاصة للملكية وعلى وجه الخصوص ملكية الأراضي الفلاحية٬ لذا فالمطالبة هكذا باطلاقية بالمساواة في الإرث ومعارضة هذا المطلب هو صراع مفتعل لا يتصدى للأوضاع الحقيقية كما هي ويعمل على حلها.

* ما هي نظرتك حيال المشهد السياسي الحالي بالمغرب، والوضع الذي توجد عليه بعض الأحزاب؟

المشهد السياسي الحالي بالمغرب يعيش حالة اختناق٬ ويتطلب حوارا وطنيا حقيقيا وجادا بين كل الفاعلين وخاصة بين المؤسسات الأساسية بالبلاد ذات الشرعية التاريخية المستمرة والمجتمعية العميقة٬ ويشكل العزوف الشعبي الواضح في الانتخابات البرلمانية 2007، وفي الانتخابات المحلية بشكل أقل، خير دليل على ذلك.

فقد استنفدت مرحلة ما يسمى'' بالانتقال الديمقراطي''٬ ويمكن أن نعيش حالة ارتداد إذا لم يتم تدارك الوضع. فالمواطن العادي الغارق في همومه الذاتية لم يعد يشعر بالتمثيلية لدى الأحزاب أو لدى المؤسسات المنتخبة. وهذا هو أكبر خطر يمكن أن يهدد أي ديمقراطية فتية كما هو الشأن عندنا، فالانتقال من مرحلة المطالبة بالحريات إلى مرحلة تنظيم هذه الحريات يكون دائما محاطا بالمخاطر٬ لذا فالنضال من أجل الديمقراطية هو نضال يجب أن يخاض يوميا وباستمرار٬ خاصة في مجتمع يحبل بالكثير من المعيقات مثل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة وقلة الموارد٬ وفي ظل ثقل العلاقات والقيم التقليدية المعاكسة لأي توجه حداثي والحاجزة لنفاذه إلى المجتمع العميق.

أما الأحزاب السياسية وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من أجل تأهيلها سواء على المستوى القانوني، أو المؤسساتي فلا زالت لم تستطع أن تخرج وتتحرر من المفاهيم والممارسات القديمة وتستوعب قيم العمل السياسي الحديث القادر على وضع البرامج القابلة للتنفيذ والمعبئة للمواطنين سواء كانت في المسؤولية أو في المعارضة.