لفتت الصحافية السودانية لبنى حسين الأنظار لها بعد إلقاء القبض عليها في مكان عام بتهمة إرتداء سروال باعتباره زيًا خادش وحكم عليها بالجلد أربعين جلدة. وقد أثار الحكم ردود فعل عالمية ساندت لبنى حسين التي كانت تعمل مع الأمم المتحدة ولم تستجب لتفيذ الحكم بل نشرت صورها بالسروال الذي قالت إنه سبب الحكم عليها كزي غير محتشم. وتقول حسين إنَّ عددًا آخر من النساء اللواتي ألقي القبض عليهن معها في المكان ذاته،إعترفن بارتدائهن زيًّا غير محتشم وتم جلدهن عشر جلدات مع الغرامة.
القاهرة: تسعى الصحافية لبنى حسين إلى تغيير القانون السوداني الذي يعتبر ارتداء المرأة سروالاً شبيهًا بسراويل الرجال بأنَّه زي غير محتشم. وقد رفضت عدة عروض لتسوية القضية من بينها عفو رئاسي، وفق ما صرحت به لإيلاف في هذا الحوار الذي أجرته معها إيلاف في القاهرة التي تزورها قادمة من صنعاء ودبي بعد قرار منع السفر عليها وخروجها من مطار الخرطوم بزي افغاني ولم تظهر سوى عين واحدة حسب ما اخبرت به إيلاف. وتدعو حسين النساء في العالم العربي والسودان خاصة لانتزاع حقوقهن.
من خلال دعوتك النساء إلى انتزاع حقوقهن، هل هي دعوة إلى النساء للتمرد؟
بالتاكيد علينا كثير من التحديات، صحيح ان المراة في السودان منذ الاستقلال اصبح لها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. وأصبحت تصل الى بعض الوظائف العليا. ولكن يظل الكثير من حقوق المراة غائبًا، مثل المادة 152 من القانون الجنائي السوداني التي تميز ضد النساء. وايضا قانون النظام العام المذل والمهين للمراة السودانية. وهناك حرب شبه يومية من رجال شرطة النظام العام. وللاسف النساء الكادحات اللواتي يعن الاسر يعملن في مهن بسيطة مثل بيع الشاي في الشوارع بالخرطوم، حيث يتعرضن لمطاردة يومية من الشرطة بوجه خاص دون الرجال بدلاً من ان تقوم الدولة بدورها في مساندة هؤلاء السيدات.
هل نفهم من هذا أنَّ هناك قوى متشددة تسيطر على السودان؟
هذا القانون سن في فترة التسعينات هو ومجموعة قوانين اخرى مثل قانون النظام العام والقانون الجنائي الذي به المادة 152. هذه القوانين صيغت في فترة لم يكن موجودًا فيها دستور يحكم السودان. ولكن بعد انجاز دستور السودان عام 2005 كان ينبغي اعادة صياغة القوانين بما يتوافق مع الدستور الموجود لانه مازالت هناك قوى بالفعل مسيطرة على الرغم من ان كل اعضاء الحكومة الحالية اقسموا على صيانة الدستور والعمل به. هل تعلم ان هناك محاكمة حاليًا لافراد شرطة سودانية لانهم وجدوا في احد الاقسام جثتين متعفنيين واخيرا وجدوا جثة اخرى. اذا كان هذا يحدث لاشخاص عاديين فماذا يمكن ان تتخيل انه يحدث للنساء.
على الرغم من وجود قرار يحظر سفرك من السودان ولكنك تمكنت من السفر كيف حدث ذلك؟
كنت علمت سابقًا اني محظور سفري عندما كنت مسافرة الى بيروت في اغسطس وتم منعي. وهذا ما يثير الانتباه. فهل جريمة ارتداء البنطال جريمة حرب حتى يتم منعي من السفر. هذه المرة ارتديت النقاب الافغاني الذي يظهر حتى العين وخرجت من مطار الخرطوم بمساعدة بعض موظفي المطار متجهة الى دبي ومنها الى صنعاء واخير هنا في القاهرة .
وكيف تنوين الرجوع الى السودان وهذا قد يسبب لك مشاكل عند رجوعك ؟
انا سوف اعلن عن ميعاد رجوعي للسودان حتى يستعد كل من يريد القاء القبض لمقابلتي في المطار ، انا مارست حقي الدستوري عندما سافرت الذين منعوني من السفر هم من انتهكوا حقي الدستوري في حرية السفر.
كيف حدثت قصتك مع الشرطة؟
كنت في احد المطاعم في الخرطوم وكان في هذا المطعم حوالى 400 شخص. ودخلت الشرطة المكان و طلبوا من بعض السيدات الموجودات بالمكان مرافقتهم لاكتشف انه يوجه لي ارتكاب فعل مشين، وهو ارتداء بنطال. وفي المحاكمة لم تكن هناك فرصة للدفاع. وعندما سئلت عن زيي ان كان فاضحًا اجبت بالنفي. لذلك صدر حكم ضدي بالجلد اربعين جلدة. في حين اعترفت باقي السيدات المقبوض عليهن بانهن ارتكبن فعلاً مشينًا وهو ارتداء البنطال. وحكم عليهن بعشر جلدات مع الغرامة. وقد استأنفت هذا الحكم لان المحكمة لم تعطنِ حق الدفاع عن نفسي. وهذا لم يحدث لي فحسب وانما يحدث منذ عشرين سنة. ولا يحق للمتهم الدفاع عن نفسه فقط يؤخذ بشهادة شهود الاثبات ( رجال الشرطة ) الذين لهم مطلق الحرية في تحديد ما هية الزي الفاضح.
انا اعتقد انه حتى لو أن شخصا ذبح شخصا اخر فان هذا لا ينفي حقه في الدفاع عن نفسه. انا ومئات الالاف من الذين خضعوا لقانون النظام العام لم ياخذوا هذا الحق. وخضع الامر كله للقاضي ورجل الشرطة. انا كنت في مكان فيه 400 شخص ولم يحدث ان ضايقت أحدًا. لذلك كان يجب ان ينص هذا القانون على انها تسبب بمضايقة لرجل الشرطة وليس للنظام العام .
ماذا تتوقعين من الاستئناف الذي قدمتيه؟
أولا انا عملت استئنافا لكي اعطي للنظام القضائي فرصة ليراجع نفسه من جديد. ولكن للاسف الاستئناف الاولي ايد الحكم الابتدائي وبالتالي اقر بعدم حقي في استدعاء شهود الدفاع وبالتالي سوف الجأ للمحكمة العليا وبعدها للمحكمة الدستورية. ولن اقف عند هذا الحد بل سألجأ بعد ذلك إلى المحكمة الافريقية .
هل كانت امامك عروض لحل هذه القضية؟
كانت أمامي عروضعدّةلحل المشكلة. بداية من عرض رئيس اتحاد الصحافيين الدكتور محي الدين التاتوي بأن اتعهد بألا ألبس مثل هذا النوع من الملابس مقابل ان تشطب الدعوة ولكني رفضت بالطبع وشكرته لأني أريد موجهة هذه الاتهامات، عرض اخر بان اشتكي افراد الشرطة الذين قبضوا علي بانهم تعدوا عليي ولكني ايضًا رفضت لأنهم في الحقيقة مارسوا عملهم والعيب ليس فيهم وانما في القانون نفسه ومن اعطهم سلطة التقدير فيه، أيضًا كان هناك عرض آخر حدث من خلال اتصال أحد اقارب الرئيس البشير بوجود عفو رئاسي وهو ما استغربته حيث العفو هذا يكون عن جرائم حرب او ماشبه اما ان يكون عفوًا رئاسيًا لأجل بنطلون فهذا ما أرفضه.
هناك راي يتحدث عن وجود رابط بين بعض ما كتبت وبين الواقعة؟
حاول بعضهم الربط بين وقائع هذه القضية وبين كتابتي احد المقالات قبل الواقعة بثلاث اسابيع عن افتتاح البشير واحد من اكبر مصانع الايثانول في افريقيا وان الايثانول هذا هو الكحول الداخل في صناعة الخمر وتحدثت انهم يقالوا انه يستخدم كوقود حيوي على الرغم انه لا توجود سيارة واحدة في الخرطوم تسير بهذا الوقود وقالوا انه يصدر للخارج علي الرغم ايضًا من الدول التي يصدر لها لا تستعمل هذا الوقود لهذا طالبت ايضًا بتصدير اليثانول الذي يصنع في البيوت بوساطة المواطنين العاديين، ولكني علمت ان الخرطوم وحدها قبض فيها على 43 الف سيدة وتم جلدهم وذلك حسب ما ذكر قائد الشرطة لاحد الصحفيين عندما سأله عن السبب الحقيقي وراء ايقافي وذلك في عام 2008 وذكر العدد الفعلي اكبر من هذا ولكن تم تسوية عدد من هذه الحالات.
هل هناك اتصالات بينك وبين منظمات المجتمع المدني في اوروبا وأميركا؟
نعم حدث كثير من تضامن منظمات المجتمع المدني سواء العربية بالاضافة لبعض المنظمات في الخارج التي وصلني منها عبر الايميل انهم يتضامنوا معي خاصة المهتمة بالمراة والصحافة منها .
هل فكرت باللجوء لأحدى الدول الاوروبية بعد حدوث ازمة لهم في بلدهم؟
هذه ليست الازمة الوحيدة في السودان وهي ليست ازمة خاصة بي اكثر من كونها ازمة للنساء السودانيات، انا كان لدى خيراتعدةلحل المشكلة ولكن دوري كمثقفة وكاتب فرض علي دوري والقاضي خيرني في احد الجلسات بين ان اتمسك بحصانتي كموظفة بالامم المتحدة ويشطب الاتهام الموجه لي وبين تكملة القضية ولكني قلت اني سوف استقيل حتى تستطيع أن تواصل الاجراءات بدون حرج وقدمت استقالتي في اليوم التالي.
هل ترين نفسك بطلة فيما حدث؟
لا هذا هو الموقف الطبيعي ان لم اقم بهذا جبانة لان الطبيعي ان اتصدي لمثل هذا الموقف من خلال عملي كصحفية بالاضافة الى عملي بالامم المتحدة و معرفتي بحقوقي من خلال ذلك وان هذا القانون غير دستوري وان المحاكم نفسها غير دستورية
الم تخافي من تنفيذ الحكم بالجلد؟
المادة 152 اسمها افعال فاضحة وهذه التسمية هي اسوأ من الجلد لانها توصم الشخص بفعل فاضح وهذا فيه ايذاء معنوي في رأيي اكبر من الايذاء البدني خاصة انه لا يفسر ما هو هذا الفعل.
بعد وقوفك امام هذه الاوضاع هل تغير شيء؟
نعم حدث تغير بعد ان كانت هذه الجرائم تتضمنها صفحات الحوداث العادية في الجرائد كأن الفتاة قامت بجريمة تحت اسم فعل فاضح ونحن في مجتمع عربي تدرك طريقة تفكيره في نوعية الفعل الفاضح اصبحت تتصدر هذه الجرائد السياسة المحترمة ويتم تناوله من خلال هذا واصبحت تهتم به المنظمات الحقوقية المعنية واعتقد ان نظرة المجتمع بدات تتغير وبدأ الناس يتضامنوا معهم على اعتبار انهم ضحايا وليسوا مذنبيين واصبح الامر مهين للحكومة بدل من كونه مهين للمرأة .
علمنا انك تقومين بالتحضير لكتاب عن هذه التجربة؟
بالفعل هناك كتاب سوف يصدر عن دار نشر كبيرة فرنسية اسمهquot; اربعين جلدة لارتداء بنطلونquot; يتحدث عن الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في السودان التي صاحبت هذا القانون الجنائي وكذلك قانون النظام العام وجزء خاصة بقصة القبض علي والظروف المحيطة بها.
هل يمكن القول انك استفادتي من هذه الازمة؟
انا تضررت واستفادت لأني فقدت وظيفتي في الامم المتحدة ولكن في نفس الوقت يمكن اعتبار انه لم يكن في احلامي ان اعمل كتاب تنشره دار نشر عالمية ويترجم لـ12 لغة ولكن quot; يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين quot;. ايضا عندي عدة عروض من صحف خارج الوطن العربي بالكتابة فيها وهذا لم اكن احلم به وهذه مكاسب معنوية.
متى تأخذ المراة في الوطن العربي حقوقها كاملة؟
عندما لا تنتظر ان تأتي لها حقوقها من دون ان تتحرك وعلى الرغم من صعوبة الظروف الحالية لكن مسيرة الالف ميل تبدأ بخطوة.
تصوير : محمد علي الدين
التعليقات