قد تشهد الأيام القليلة المقبلة ضربة قويّة لعناصر التمرد الحوثي في محافظة صعدة اليمنية، حيث أكّد محافظ المدينة أنّه quot;تم الإفراج عن أكثر من 100 شخص من الأطفال والنساء الذين كانوا يحتجزونهم في المنازل للاحتماء بهم كدروع بشريةquot;. وبالتزامن وجّه اليمن أمس اتهامًا رسميًّا إلى ايران بمسؤوليتها عن دعم المتمردين الحوثيين منذ سنوات عدة، كما تحدثت معلومات صحافية أنه تم رصد اجتماع سري رفيع المستوى داخل الأراضي اليمنية بين مسؤول في الحرس الثوري الإيراني وقياديين من حزب الله والحوثيين.
صنعاء، مصادر مختلفة: أكد محافظ صعدة حسن مناع إن القوات المسلحة والأمن وجهت خلال الأيام الماضية ضربات قاسية quot;لعناصر الإرهاب والتمرد في مواقع عدّة مهمة بالمحافظةquot;. وقال مناع في تصريح لصحيفة (الميثاق) الأسبوعية إن القضاء على فتنة التخريب بمحافظة صعدة الواقعة شمال اليمن بات على وشك الانتهاء وفي مراحله الأخيرة لا سيما بعد أن أحرز الجيش تقدمًا كبيرًا في تطهير صعدة القديمة من خلايا الارهاب النائمة. وأضاف المحافظ : ان الخطط والتكتيكات الممتازة التي استخدمتها وحدات عسكرية وأمنية، أدت الى قتل العديد من عناصر التمرد وتدمير ورش ومخازن السلاح التابعة لهم .
واشار مناع الى انه quot;وبالتعاون مع الشرفاء من أبناء محافظة صعدة تم فرض حصارمحكم على ما تبقى من عناصر التمرد في مدينة صعدة القديمة، وقطع وصول التموينات إليهمquot;، لافتًا الى ان صقور الجو تمكنوا من تطهير المدينة من عناصر الارهاب والتمرد الذين تحصنوا في المنازل والمساجد. وأكد في هذا الصدد أن 57 عنصرًا من عناصر الارهاب والتمرد في مدينة صعدة القديمة سلموا أنفسهم للسلطات، موضحًا انه يجري حاليًا التحقيق معهم.
ولفت محافظ صعدة الى انه تم الافراج عن اكثر من 100 شخص من الأطفال والنساء الذين كانوا يحتجزونهم في المنازل للاحتماء بهم كدروع بشرية، مؤكدًا quot; أنه لم يتبقَّ من خلايا الارهاب داخل مدينة صعدة القديمة سوى 40 شخصًا تحاصرهم القوات المسلحة في منطقة ضيقة ، وماهي إلاّ أيام قلائل حتى يتم الإخبار عن مصيرهم quot; .
رئيس الاستخبارات اليمنية: طهران تدعم الحوثيين
وكانت قد اشارت صحيفة الشرق الأوسط أمس الى ان اليمن وجه اتهامًا رسميًّا لطهران بمسؤوليتها عن دعم المتمردين الحوثيين منذ سنوات عدة، واتهم علي محمد الأنسي رئيس جهاز الأمن القومي اليمني ورئيس مكتب الرئاسة، طهرانَ بأنها تدعم وتمول الحوثيين. وفي ما يتعلق بضبط خلية تجسس ثالثة جديدة لها علاقات مع إيران، قال الأنسي laquo;لن نستبق الأحداث والأمر منظور لدى القضاء الآنraquo;، كما دعا السلطات الإيرانية إلى laquo;إدانة الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الحوثيون لتثبت نوايها الحسنة وموقفها تجاه التمردraquo;، مشيرا إلى أنه لا توجد أي اتصالات بين طهران وصنعاء لإيجاد قاعدة للحوار فيما بينهما.
ورفض منو شهر متقي وزير الخارجية الإيراني في أكثر من مناسبة، خلال مشاركته في laquo;حوار المنامةraquo; أول من أمس، إدانة التمرد الحوثي في اليمن، وعلى الرغم من تعدد المداخلات التي طلبت من الوزير الإيراني تفسير عدم إدانة طهران لتمرد داخلي، فإن متقي كان يؤكد دائمًا على رفض بلاده للعمليات العسكرية، مطالبًا بإيقافها، لكن دون إدانة التمرد الحوثي. وخلال اليوم الأخير من منتدى حوار المنامة، قال الأنسي إن بلاده منحت الحوثيين فرصًا عدة لدمجهم ضمن نطاق الدولة اليمنية laquo;إلا أنهم استمروا في انتهاج منطق الإرهاب ضد الأبرياءraquo;، مشيدًا بما تقدمه دول مجلس التعاون الخليجي لبلاده من دعم في حربها ضد الإرهاب.
وفي ما يتعلق بالوساطة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، رفض رئيس الاستخبارات اليمنية أي مبادرات لإجراء وساطات لإنهاء الحرب في اليمن، قائلاً laquo;من خلال تجاربنا السابقة في الحوار مع الحوثيين، والمبادرات التي قدمت، وتضمنت مبادرات وعفواً عامصا للحوثيين، فقد تبيّن لنا أن الحوثيين استغلوها تمامًا في إعداد العدة وجمع السلاح وإعادة رص صفوفهمraquo;. واعتبر أن الحرب على الحوثيين حرب وطنية لا تراجع عنها، مؤكدًا laquo;أن الحوثيين ينفذون أجندة أجنبية ويصفون حسابات دول أجنبية على أراضينا، وهم يسعون جاهدين لإرجاع الوحدة إلى الوراءraquo;.
وهاجم الأنسي اتفاقية الدوحة مع الحوثيين، معلنا أنها laquo;جعلت من الجماعات الحوثية تعتقد بأنها ندا أساسيا للدولة، كما أن الحوثيين لم يلتزموا بتطبيق أي بند من البنود المتفق عليهاraquo;، وأشار في الوقت ذاته إلى أن المتمردين يسعون لجر السعودية إلى الحرب لتوسيع نطاقها، إلا أن السعودية نجحت في قطع كافة السبل أمامهم وخصوصا التمويل الإرهابي. ووصف الأنسي ظاهرة الإرهاب بأنها تعد من أخطر التحديات التي تواجه بلاده laquo;نتيجة تنامي العمليات، وقد تأثر اليمن كغيره بهذه العمليات الإرهابية التي ألقت بظلالها على اليمن اقتصاديا وسياسيا، وإن الإرهابيين يستهدفون السياحة والمصالح الغربية في اليمن واستهداف الموظفين الغربيين، واليمن يسعى جاهدا للقضاء على الإرهاب، إلا أنه ما زال بحاجة إلى دعم إقليمي ودولي متواصل كونه شريكا فعالا مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهابraquo;.
رصد اجتماع سري يجمع ايران والحوثيين وحزب الله
وكشفت مصادر مصرية وعربية النقاب عن أن عدة أجهزة استخباراتية في المنطقة رصدت أخيرا ما وصفته باجتماع سري ورفيع المستوى عقد داخل الأراضي اليمنية بين مسؤول في الحرس الثوري الإيراني وقياديين من حزب الله والحوثيين بهدف تنسيق العمليات المشتركة ووضع خطة لتصعيد الموقف العسكري على الحدود السعودية اليمنية.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها لحساسية موقعها وكون هذه المعلومات مستقاة من مصادر استخباراتية موثوق بها ،في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية نشرته امس إن الاجتماع الذي عقد الشهر الماضي بالفعل يعتبر أبرز دليل على تورط إيران المباشر في دعم الحوثيين ماديا وعسكريا ولوجستيا. واعتبرت أن الاجتماع الذي تم رصده من قبل أجهزة استخباراتية عربية وغربية مثل أخطر تحرك إيراني على الإطلاق على خط العمليات العسكرية التي يشنها الحوثيون سواء داخل الأراضي اليمنية أو على الحدود السعودية اليمنية.
ولفتت المصادر إلى أن تلقي الحكومة اليمنية معلومات عن التئام هذا الاجتماع دفعها إلى إعلان رفضها للمرة الثانية استقبال منوشهر متقي وزير الخارجية الإيراني الذي سبق أن اعترف ضمنًا بعلاقات إيران مع المتمردين الحوثيين.
من جهة اخرى، كشفت مصادر سعودية عن إلقاء القبض على عناصر استخباراتية حوثية في صبيا التابعة لمنطقة جازان جنوب السعودية كانوا قد استغلوا براءة الأطفال في الحصول على معلومات هامة. وذكرت تلك المصادر أنه تم إلقاء القبض على شخص يحمل الجنسية اليمنية يعمل في محل خضار بخميس مشيط(جنوب غرب) كان يقوم بمراسلة القيادة الحوثية ويقوم بمدهم بمعلومات حول طلعات الطيران السعودي.
ونقلت صحيفة خبر السعودية امس عن مصدر أمني انه تم تتبع اليمني حتى القي القبض عليه ، وبعد تمشيط عدد من المحلات التي يعمل بها يمنيون تم ترحيل معظمهم. كما تم القبض على عناصر سعودية في مدينة صبيا كانت تمد القيادة الحوثية بمعلومات عن تحركات الجيش السعودي.
استغلال الأطفال في الصراع بالمناطق الشمالية
تقدر جماعات حقوق الطفل أن عدة آلاف من الأطفال الجنود شاركوا في الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في شمال اليمن منذ عام 2004. كما ان استغلاله كطفل جندي في اليمن ليس حالة فريدة من نوعها. فثقافة حمل الأطفال تحت سن 18 للسلاح متأصلة في المجتمع القبلي في اليمن. وتتهم الحكومة المتمردين الحوثيين باستخدام الأطفال كجنود وتجنيد الصبية الأخرين في المدارس في محافظة صعدة للانضمام إلى حركة الشباب المؤمن.
وقالت مريم الشوافي، مديرة منظمة شوذب، وهي منظمة غير حكومية محلية أن quot;الحوثيين يستخدمون الأطفال لتجنيد زملائهم في المدرسة. فهم يرسلون منشورات وكتب لكي يقرأها الأطفال ويقولون أن الانضمام للشباب المؤمن هو وسيلة للتقرب إلى اللهquot;. وقال قرشي أن quot;الحوثيين يستخدمون الأطفال كمقاتلين وكوسائل اتصال بين جماعات المقاتلين وكحملة رسائلquot;.
ومع أن الحد الأدنى الرسمي لسن الانضمام الى الجيش هو 18 عامًا ولكن القبائل التي تسلحها وتمولها الحكومة لمحاربة الحوثيين إلى جانب الجيش تستخدم الأطفال في كثير من الأحيان أيضًا. وقال أندرو مور، المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن أن quot;الحكومة لا تتعمد تجنيد القاصرين في الجيش، ولكن الميليشيات القبلية التي توظفها الحكومة تستخدم الأطفال الجنود ... إنها مسألة ثقافية عميقة، ولكن إذا لم نتحدث عنها، فإنها لن تتغير أبدًاquot;.
لا توجد أرقام دقيقة عن عدد الأطفال الذين يتم استخدامهم كجنود في اليمن، ولكن منظمة سياج تقدر أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18عامًا قد يشكلون أكثر من نصف القوات المقاتلة التابعة للقبائل، سواء في صفوف الحوثيين أو تلك المتحالفة مع الحكومة. ويعتقد أن هناك حوالي 17 مليون قطعة سلاح في بلد يضم 23 مليون نسمة، وفقًا لمسح الأسلحة الصغيرة. كما أن مئات الأطفال يقتلون أو يجرحون كل عام من جراء المشاركة المباشرة في القتال.
الأمم المتحدة تشعر بالقلق
وتجذب مشكلة الأطفال الجنود في اليمن الآن انتباه المجتمع الدولي. فقد تم تكليف اليونيسف بتقديم تقرير عن الأطفال الجنود في اليمن بحلول نهاية السنة للممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة راديكا كوماراسوامي التي قالت إنها تشعر بقلق كبير بسبب انجرار quot;أعداد كبيرةquot; من الفتيان في سن المراهقة نحو القتال.
واليمن عضو في اتفاقية حقوق الطفل وقد صادق في عام 2007 على البروتوكولين الاختياريين اللذين quot;يطالبان الدول أن تفعل كل ما بوسعها لمنع الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة من المشاركة المباشرة في الأعمال العدائيةquot;. ويعتبر المدعون في المحكمة الجنائية الدولية الفشل المستمر في منع الأطفال من المشاركة في الصراعات المسلحة جريمة حرب.
صالح يوجه رسالة إلى رئيس مجلس الشورى لبدء الحوار
في سياق قريب وجه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح رسالة إلى رئيس مجلس الشورى عبدالعزيز عبدالغني تتعلق بالحوار الوطني بين كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني تحت قبة مجلس الشورى. جاء فيها : انطلاقًا من دعوتنا السابقة والمتكررة حول أهمية معالجة كافة القضايا التي تهم الوطن عبر الحوار وآخرها ما جاء في البيان الموجه إلى جماهير الشعب بمناسبة العيد الوطني التاسع عشر للجمهورية اليمنية وإعادة تحقيق وحدة الوطن والدعوة التي تضمنتها كلمتنا بمناسبة عيد الأضحى المبارك والعيد الثلاثين للاستقلال وما أقره مجلس الدفاع الوطني.
واستشعارًا بالمسؤولية الوطنية واستجابة لكافة الدعوات المقدمة من القوى الخيرة في المجتمع ونظرًا لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا واستشعارًا بمسؤوليتنا الوطنية والدستورية.. فإننا ندعو إلى إجراء حوار وطني جاد ومسؤول بين كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني يوم 26 ديسمبر 2009م حول كافة القضايا التي تهم الوطن تحت سقف الشرعية الدستورية والالتزام بالثوابت الوطنية وذلك بما يحقق اصطفافًا وطنياُ واسعاُ إزاء مجمل القضايا المطروحة على الساحة الوطنية.
التعليقات