على الرغم من إنسحاب القوات الإيرانية من حقل الفكة النفطي العراقي الجنوبي بعد احتلال استمر ثلاثة ايام، إلاأنّ تصرفها هذا وضع الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية أمام اول امتحان حقيقي بمدى الجدية في تطبيقها بينما قال ألادميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة إن تدخل القوات الأميركية عسكريًّا في موضوع الحقل بحاجة إلى قرار من الرئيس باراك اوباما في وقت وضعت فيه طهران علاقاتها مع بغداد في اجواء حرب الثمانينات بين البلدين حين طالبتها بتعويضات عنها تبلغ الف مليار دولار في وقت هددت كتائب الجنوب العراقية ايران بضرب مدنها الساحلية في حال عدم سحب قواتها من الحقل .
لندن: وضع اختراق وحدة عسكرية ايرانية لحدود العراق الجنوبية واحتلالها للبئر التي تحمل الرقم 4 في حقل quot;الفكةquot; النفطي الذي يمثل جزءاً من ثلاثة حقول يقدر مخزونها 1,55 مليون برميل اتفاقية الاطار الاستراتيجي واتفاق سحب القوات بين العراق والولايات المتحدة أمام امتحان حقيقي في اول مواجهة لخطر خارجي يتعرض له العراق وشكل خرقا لامنه وسيادته .
فقد كان الرئيس الاميركي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي قد وقعا اواخر العام الماضي الاتفاقيتين اللتين بدأ تنفيذهما في الاول من العام الحالي .
ونص القسم الثالث من اتفاقية الاطار الاستراتيجي والمعنون quot;التعاون الدفاعي والأمنيquot; على : تعزيزاً للأمن والاستقرار في العراق، وبذلك المساهمة في حفظ السلم والاستقرار الدوليين، وتعزيزا لقدرة جمهورية العراق على ردع كافة التهديدات الموجهة ضد سيادتها وأمنها وسلامة أراضيها، يواصل الطرفان العمل على تنمية علاقات التعاون الوثيق بينهما في ما يتعلق بالترتيبات الدفاعية والأمنية دون الإجحاف بسيادة العراق على أراضيه ومياهه وأجوائه. ويتم هذا التعاون في مجالي الأمن والدفاع وفقًا للاتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية العراق بشأن انسحاب قوات الولايات المتحدة من العراق وتنظيم أنشطتها خلال وجودها المؤقت فيه.
كما نصت المــادة السابعة والعشـرون من الاتفاقية الامنية المعنونة quot;ردع المخـاطر الأمنـيـةquot; على ما يلي :
من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في العراق والمساهمة في إرساء السلام والاستقرار الدوليين، يسعى الطرفان بفعالية من أجل تعزيز القدرات السياسية والعسكرية لجمهورية العراق وتمكين العراق من ردع المخاطر التي تهدد سيادته واستقلاله السياسي ووحدة أراضيه ونظامه الديمقراطي الاتحادي الدستوري. ويتفقان في هذا الصدد على:
1- عند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق أو وقوع عدوان ما عليه، من شأنه انتهاك سيادته أو استقلاله السياسي أو وحدة أراضيه أو مياهه أو أجوائه ، أو تهديد نظامه الديمقراطي أو مؤسساته المنتخبة ، وبناء على طلب من حكومة العراق، يقوم الطرفان، بالشروع فورًا في مداولات استراتيجية، ووفقاً لما قد يتفقان عليه فيما بينهما، تتخذ الولايات المتحدة الإجراءات المناسبة، التي تشمل الإجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو أي إجراءٍ آخر، لردع مثل هذا التهديد.
ولذلك فقد اثار احتلال ايران للحقل النفطي تساؤلات بين المواطنين العراقيين حول جدية واشنطن في تطبيق الاتفاقية ومدى فائدتها للعراق وفيما اذا سقطت في اول امتحان لها قد يؤثر على نتيجة الاستفتاء الشعبي عليها والذي يدرس مجلس النواب مع المفوضية العليا للانتخابات امكانية اجرائه بالتزامن مع الانتخابات التشريعية في انحاء البلاد في السابع من اذار (مارس) المقبل .
وفي هذا الاطار قال الادميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة في العراق إن تدخل القوات الأميركية عسكرياً في موضوع تجاوز قوة إيرانية على الحقل النفطي بحاجة الى قرار من الرئيس الاميركي باراك اوباما .
واضاف مولن خلال مؤتمر صحافي في بغداد عقب اجتماعه مع وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي امس ان منطقة حقل فكة النفطي عراقية وهذا البلد هو الان دولة ذات سيادة والحكومة العراقية هي المعنية بهذا الموضوع لأنه يخص علاقة العراق بإيران . واشار الى ان القوات الأميركية لن تتدخل بهذا الموضوع إلا إذا طلبت الحكومة العراقية ذلك وصدر قرار رئاسي اميركي. وأعرب عن قلقه قائلا quot;من المهم ان تكون العلاقات الايرانية مع العراق ذات تأثير فاعل لمصلحة الشعب العراقي لكن الامر لا يبدو كذلك ونحن ندرك ذلكquot;. واشار مولن الى ان معظم التدخلات الايرانية ذات تأثير سلبي quot;وقد ناقشنا هذا مع القادة العراقيينquot;. وأكد مولن ان quot;قضية دخول القوات الايرانية الى الاراضي العراقية هي قضية سيادية وتحدثت مع القيادة العراقية بشأنهاquot;. واضاف quot;لدينا جميعا قلق حول التدخلات.. ايران دولة جارة للعراق واقامة علاقات معها مسألة طبيعية وعلى القادة السياسيين العراقيين ان يجدوا حلا لهذه المسألةquot;.
ومن جانبه قال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ان quot;ايران تستغل وجود كتل موالية لها للتمادي في انتهاك حرمة العراقquot; . وقد نفى السفير الايراني في بغداد حسن كاظمي قمي احتلال الحقل النفطي لكنه اشار الى ان البلدين قد عززا قواتهما العسكرية على الحدود المشتركة في المنطقة التي اثارت التوتر .
وعما إذا كانت القوات الأميركية ستتدخل في الأزمة وفقا للاتفاقية الأمنية الموقعة مع العراق قال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان بلاده تفضل حل الموضوع فيما بين العراق وإيران من دون تدخل الجانب الأميركي . واكد أن سفير العراق في طهران أبلغ الحكومة الإيرانية بمضمون هذه الرسالة .
كتائب الجنوب تهدد ايران بعمليات مسلحة
وقد هددت quot;قيادة كتائب الجنوبquot; ما اسمتها quot;قوات الاحتلال الإيرانيquot; بضرورة مغادرة جنودها لأرض العراق في الفكة على الفور ودون اي تأخيرquot; وإلا فسوف نكون مضطرين لتنفيذ عمليات تصيب المدن الايرانية الساحلية القريبة والمنشآت الإيرانية فيها الى ضربات موجعة لن تتوقف بإذن الله حتى تترك ايران الملالي ارض العراق في الفكةquot; .
وقالت قيادة كتائب الحنوب التي تضم رجال عشائر وعسكريين سابقين وناشطين ضد التدخل الايراني في العراق في بيان تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه اليوم quot;لقد صمت (....) نوري المالكي وجميع من يتبعه من اصحاب هذا الهوى صمت القبور عما يجري للارض العراقية كما صمتت مجالس محافظات الجنوب عن عملية انزال العلم العراقي عن ارض الفكة ورفع العلم الايراني مكانه وعن دخول الجنود الايرانيين لارض العراق لان هؤلاء المرتزقة ببساطة لا يمثلون العراق والعراقيين وانما يمثلون ايران على ارض العراقquot; .
وقالت الكتائب ان السلطات العراقية وضعتها في صف القاعدة وحزب البعث والجيش الاسلامي quot;لكننا نؤكد بانه ليس لنا اية علاقة باية قوة سياسية او عسكرية او حتى مدنية عراقية اوعربية او اسلامية فنحن قوة عراقية عربية تحترم انتماء العراق للجسم العربي وترفض الطائفية والعنصرية بجميع اشكالها ولاتريد غير عراق ديمقراطي حر مستقل بلا احتلال اميركي او بريطاني وبلا احتلال ايراني مقنعquot; .
وانذرت كتائب الجنوب quot;القوات الايرانية التي دخلت الفكة والسلطات الايرانية وعبيدها في الحكومة العراقية باننا نمنحهم فرصة الانسحاب من الفكة والا فسوف نمطر ممتلكات ايران او الاراضي الايرانية او عملاء ايران في العراق وحتى عبادان القريبة ومصفاتها بما نملك من اسلحة بعد انقضاء هذه الفرصة المحدودة بايام قليلة جداquot; .
وقد ارتفعت أسعار النفط العالمية الجمعة بعد احتلال حقل الفكة الذي اعاد اجواء نزاعات حدودية بين البلدين مستمرة بعد أكثر من 20 عاما على انتهاء الحرب العراقية الايرانية التي قتل فيها حوالي مليون شخص بين عامي 1980 و1988. وينتج حقل الفكة حاليا نحو عشرة آلاف برميل يوميا وهو حقل صغير حسب المعايير العراقية لكن تطويره هو الان جزء من خطة العراق لزيادة قدرته الانتاجية الى أكثر من أربعة أمثالها لتصل الى 12 مليون برميل يوميا خلال ستة أو سبعة أعوام مما يجعل العراق أحد أكبر منتجي الطاقة في العالم.
طهران تطالب بغداد بالف مليار دولار تعويضات عن حرب الثمانينات
وفي طهران وتعليقا على ما سمّاها quot;الضجة الأخيرة لبعض وسائل الإعلام العربية حول مزاعم احتلال الجمهورية الاسلامية الايرانية لبئر نفطية في العراقquot; قال مسؤول لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الايراني حسين ابراهيمي إنه وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فإن ايران تطالب العراق بـquot;خسائر حرب الثمانيناتquot; تبلغ الف مليار دولار. واضاف ان بلاده قد تغاضت في الماضي عن الكثير من قضايا العراق مشيرًا الى انه استناداً لتقديرات الامم المتحدة فإن ايران تطالب العراق بألف مليار دولار quot;كتعويضات عن خسائر الحرب التي شنها العراقquot; .. مؤكدا بالقول quot;حتى الآن لم نطرح مطلقاً هذه المسائلquot;.
وحول إجراء محادثات بين إيران والعراق حول قضية البئر النفطية قال إبراهيمي quot;بالتأكيد ستتم تسوية هذا الموضوع من خلال الحوار عبر الطرق الدبلوماسية لأنه ليست لدينا نية في تدهور العلاقات بين البلدينquot;.
وكان مجلس الامن الوطني العراقي اعتبر عقب اجتماع طاريء الجمعة سيطرة قوات ايرانية على حقل نفطي عراقي جنوبي خرقا للحدود وتجاوزا على سيادة العراق ودعا ايران الى سحب قواتها من الحقل .
وعلن الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن مجلس الأمن الوطني عقد إجتماعاً طارئاً برئاسة القائد العام للقوات المسلحة لبحث الموقف حيال موضوع إختراق مجموعة مسلحة إيرانية للحدود العراقية في محافظة ميسان حيث إستمع المجلس للموقف الحدودي الحالي من الوزراء المختصين وبالتحديد تجاوز هذه القوة على البئر النفطي العراقي رقم 4 من حقل الفكة والذي تم حفره في عام 1979 والذي يعتبر جزءاً من الأراضي العراقية.
وأوضح الدباغ في بيان صحافي أن المجلس أكد على أن هذا التجاوز يُعتبر خرقاً للحدود وتجاوزاً على سيادة العراق وأراضيه ويدعو إيران الى سحب المجموعة من البئر رقم 4 وإنزال العلم الإيراني من برج البئر فوراً.
وأضاف أن الحكومة العراقية باشرت بخطوات دبلوماسية وإتصالات مع الجانب الإيراني حيث تم إستدعاء السفير الإيراني في بغداد وكذلك تكليف السفير العراقي في طهران بتقديم مذكرة دبلوماسية للخارجية الإيرانية لمعالجة هذا التجاوز للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية الطيبة مع الجارة إيران ورفض أي إستخدام للقوة وفرض الأمر الواقع.
ويقع الحقل الى الشرق من مدينة العمارة (305 كلم جنوب بغداد). ويمنع الايرانيون العاملين العراقيين من الوصول اليه. واتهمت بغداد مرارا ايران باطلاق النار على كوادر عراقيين الامر الذي نفته طهران. وعقد العراق وايران عدة اجتماعات خلال الاعوام الماضية، بهدف التوصل لاتفاق حول الحدود لكن دون الوصول الى اي نتائج .
التعليقات