يعتزم تضميد جراحه وترميم مشروعه السياسي ويستبعد دور أمير الإنتقام
مراقبون ربطوا إطلاق سراح نور بزيارة مبارك المرتقبة لواشنطن

الخارجية الاميركية ترحب بالافراج عن أيمن نور

أيمن نور ينال الحرية.. لأسباب صحية!

نبيل شرف الدين من القاهرة:
لم يكن التوقيت هو عنصر المفاجأة الوحيد في إطلاق سراح المعارض المصري الشهير أيمن نور، فقد تزامنت هذه الخطوة مع عدة تطورات تجري على الساحة الداخلية في مصر، فبينما يمكن للمراقب أن يرصد وجود quot;ترتيبات ماquot; تنضج على نار هادئة، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات أمضاها نور خلف القضبان، أفرجت السلطات المصرية عنه فجأة لأسباب صحية، حيث يعاني من داء السكري وضغط الدم ومتاعب صحية أخرى، وفي أول مقابلة معه نفى أيمن نور وجود أي صفقة أومفاوضات سبقت الإفراج عنه أو مهدت لهذه الخطوة التي رحب بها بقدر من التحفظ .

وبينما ربط مراقبون بين الإفراج عن أيمن نور والزيارة المقررة للرئيس المصري حسني مبارك مبارك للولايات المتحدة قريبًا فقد استبعد نور أن يكون الإفراج عنه جاء استجابة لضغوط الإدارة الأميركية الجديدة، مؤكدا أنه ليست لديه معلومات مؤكدة بهذا الشأن، لكنه يرفض التدخل الأميركي في الشؤون المصرية .

وكان من المقرر أن يفراج عن نور في حزيران (يونيو) المقبل، لقضائه ثلاثة أرباع المدة المحكوم بها، كما قال محاميه الذي ألمح إلى أن مؤسسة الرئاسة وراء قرار الإفراج عن نور في هذا التوقيت.
المعنى ذاته ردده نور بإشارته إلى أن خروجه من السجن الذي قضى فيه أكثر من ثلاث سنوات وراءه quot;إشارات سياسيةquot;، لافتًا إلى أن ذلك يعد لفتة طيبة، متمنيًا أن تكون النوايا صادقة، بحيث تصبح أوسع من الإفراج عن شخصه، ليتحول الأمر إلى مصالحة وطنية شاملة .
أمير الانتقام
وعن خططه بعد الإفراج عنه تجربة السجن الطويلة التي خاضها، قال نور إنه سيواصل عمله السياسي من خلال حزب الغد، غير أنه استدرك، مؤكدًا أنه ليس بصدد الانتقام من أي من خصومة السياسيين، وإن كان قد اعترف بأن مرارة سنوات السجن لم تزل عالقة، لكنه لن يؤدي دور أمير الانتقام على حد تعبيره

ونفى نور الذى بدا هادئًا ما تردد عن عقده أي صفقة مع النظام للإفراج عنه بقوله quot;كان يتبقى لي 5 أشهر، أخرج بعدها من السجن لإنقضاء المدةquot;، مضيفًا أن أحدًا من النظام لم يجر معه أي مفاوضات قبل الإفراج أو بعده، كما أن لديه من الأزمات الصحية والأمراض المزمنة ما يجعل الإفراج عنه أمرًا طبيعيًا.

وأكد أنه لن يخضع لأي ضغوط تمارس عليه، وسيسعى لإعادة بناء حزبه، ليقود معركة التغيير والإصلاح في مصر، موضحًا أن قرار خوضه انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة سابق لأوانه.
وأضاف أنه لم يندم على خوضه تجربة انتخابات الرئاسة في ،2005 والتي جاء فيها تاليًا في عدد الأصوات للرئيس حسني مبارك، موضحًا أنه يعتزم أن يتجه خلال الفترة المقبلة لإعادة بناء الحزب، الذي تتنازعه الآن قيادتان، وشهد.
وأشار إلى أنه يمد يده إلى كافة الأحزاب والقوى الوطنية المصرية لإجراء مصالحة، تنطلق من استحقاقات تؤدي إلى مزيد من الديمقراطية وترسيخ الليبرالية في الشارع السياسي المصري.

وحول طبيعة الظروف التي أحاطت به في محبسه خلال السنوات التي قضاها، قال نور إنه واجه مصاعب كثيرة وحياة مفعمة بالصعاب، لكنه أشاد بمعاملة بعض المسؤولين عن السجن، وندد بسلوك آخرين، مشيرًا إلى أن المشكلة لم تكن أبدًا في أشخاص السجانين بل كانت في النظام المتبع داخل السجون والتعليمات التي كانت تصدر للتضييق عليه في محبسه .
نور وجميلة
وتطرق نور للحديث عن زوجته الإعلامية جميلة إسماعيل التي خاضت خلال الأعوام الماضية معارك ضارية داخل مصر وخارجها من أجل أن تبقى قضيته حاضرة في أذهان الشارع المصري، وأن تمارس ضغوطًا من شتى الاتجاهات على صناع القرار في مصر لإطلاق سراح زوجها، وهو الأمر الذي تحدث بشأنه نور بامتنان بالغ عن زوجته ووصفها بالمقاتلة الشجاعة وشريكة المشروع السياسي، والأخت والأم والزوجة التي عوضته رغم قلة خبرتها السياسية، عن الفترة التي قضاها داخل السجن .

تجدر الإشارة إلى أن أيمن نور رئيس حزب الغد السابق كان يقضي عقوبة السجن لمدة خمس سنوات، وسبق وأن تقدم بعدة طلبات للافراج الصحي عنه وقوبلت جميعها بالرفض بعد إجراء الكشوفات الطبية عليه آن ذاك.
وأثار نور اهتمامًا دوليًا بعد أن اعتقل لاستجوابه بشأن اتهامات بتقديم وثائق مزورة عندما أنشأ الحزب في عام 2004، ثم ارتفعت أسهمه في الشارع السياسي المصري حين خاض منافسة شرسة وإن كانت غير متكافئة ضد الرئيس مبارك في اول انتخابات رئاسية تعددية شهدتها مصر، وعقب فشل نور في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بدأت جلسات محاكمته متلاحقة، وقال إنه يدفع ثمن منافسته في الانتخابات الرئاسية التي وصفها بأنه quot;استطاع أن يقدم نفسه باعتباره بديلاً حقيقيًا لهذا النظام المنتهي الصلاحية والمرفوض شعبيًاquot; على حد تعبيره .

وعن خطته للفترة القادمة، أكد نور أنه سيجوب كل المحافظات فى حملة طرق للأبواب، لجمع أكبر عدد من الأصوات للانضمام لحزب الغد، وفي ما يتعلق بموقفه من الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة، فقد أوضح نور أن فترة السجن أكسبته من الهدوء والسكينة ما يجعله يتأنى قبل الإقدام على أى خطوة ويدرسها بعناية .
سيرة نور
وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على نور بتهمة تزوير التوكيلات الخاصة بتأسيس حزب quot;الغدquot; في أواخر كانون الثاني (يناير) عام 2005 بعد رفع الحصانة عنه واستمر حبسه ستة أسابيع قبل أن تطلق سراحه، وعقب الافراج عنه نشط نور في حملة الانتخابات الرئاسية المصرية وبدا المنافس الأشرس في مواجهة مبارك الذي يتولى الحكم في البلاد منذ العام 1981 حتى الآن عقب اغتيال الرئيس السادات .

ومُني نور بعدة انتكاسات خلال استئناف محاكمته أمام القضاء المصري، ووفقاً للتحقيقات التي أجرتها النيابة المصرية فقد بلغ عدد التوكيلات المزورة 1435 توكيلاً، من أصل 2005 قدمها نور إلى لجنة شؤون الأحزاب بغية الحصول على ترخيص بتأسيس حزب (الغد)، الذي وافقت لجنة شؤون الأحزاب على قيام الحزب الذي وصفه مؤسسوه بأنه quot;حركة ديمقراطية ليبرالية اجتماعيةquot; تتبنى الإصلاح السياسي والاجتماعي في البلاد، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشارع السياسي في مصر أصبح يزدحم حالياً بنحو عشرين حزبًا أغلبها هامشي، وبعضها مجمد بقرارات من لجنة شؤون الأحزاب التي تهيمن عليها شخصيات حكومية .

وعندما سبق وصرحت لجنة شؤون الأحزاب المصرية على نحو مفاجئ لأيمن نور بتأسيس حزب quot;الغدquot;، اتهمته بعض دوائر في المعارضة المصرية بأنه عقد صفقة سرية مع الحكومة تسمح له بموجبها بالشرعية السياسية، مقابل استغلاله لتجميل صورتها أمام المجتمع الدولي وواشنطن، لكن المظاهرات الحاشدة التي قادها حزب (الغد)، والشعارات التي رفعها والتصريحات الراديكالية التي أطلقها أيمن نور، ورفضه الصريح إعادة انتخاب الرئيس مبارك لفترة خامسة، ورفضه فكرة quot;توريث الحكمquot;، جعلت المعارضة تراجع نفسها في قراءتها للأحداث والشخصيات مجددًا.