البلاد دخلت دوامة الإستجوابات وتنفس الصعداء في الأفق القريب
مساع لتطويق الأزمة السياسية بالكويت والحل الدستوري quot;آخر علاجquot;

مرسوم حل مجلس الأمة لن يصدر قبل منتصف الأسبوع المقبل

قرار حل مجلس الأمة الكويتي الأحد المقبل

الكويت، مصادر مختلفة: أكدت التطورات السياسية التي حصلت في الكويت أمس وجود مساع لتطويق الأزمة السياسية بين السلطتين وترك خيار الحل الدستوري كآخر علاج للوضع القائم، رغم ان الحكومة والمجلس يعانيان من وجود شرخ وهوة تجعلان من الحوار بين الطرفين أمرا صعبا. هذا الموقف يمكن استخلاصه من الكلام البارز الذي أدلى به رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وبدد الشائعات حول احتمال صدور قرار حل المجلس خلال ساعات وما تردد عن ان مرسوما بهذا الشأن سيصدر الاثنين المقبل ويتضمن دعوة للانتخابات يوم 9 مايو المقبل.

وكان الخرافي قد قال: ان لقائي مع صاحب السمو الأمير كان للاستئذان للسفر الى سلطنة عمان للمشاركة في المؤتمر البرلماني العربي، وأضاف الخرافي: وحسبما فهمت خلال لقائي مع سموه فإنه لا يوجد أي تصور بشأن ما يدور حاليا على الساحة، معربا عن ثقته بحكمة الأمير الذي يبقى قرار حل المجلس بيده. وفي حال عدم اتخاذ قرار بحل المجلس خلال الأيام المقبلة واستمرار تمسك أقطاب الأسرة بعدم صعود الشيخ ناصر المحمد الى المنصة، فستبدأ التكهنات بشأن المخارج الممكن اتباعها بمواجهة هذا الواقع.

وفي هذا الإطار، قالت مصادر سياسية ان هناك أكثر من احتمال، منها عدم حضور الحكومة جلسة 17 الجاري المخصصة للاستجواب لمنح الناشطين في البحث عن حلول للأزمة مساحة للحوار والتفاوض أو ان تسلك الحكومة الاتجاه نفسه الذي سلكته في أعقاب استجواب النواب وليد الطبطبائي ومحمد هايف وعبدالله البرغش لسمو رئيس الوزراء في نوفمبر الماضي، حيث استقالت الحكومة، واستغرق اعداد تشكيلها أكثر من شهرين تم خلالهما تجميد تلقائي لجلسات المجلس على أساس الرأي القائل انه لا صحة لعقد الجلسات دستوريا إلا بحضور الحكومة رغم وجود معارضة لهذا الرأي، ويفتح هذا الخيار الباب مجددا أمام تعطيل الجلسات بانتظار إيجاد حل سياسي.

وتابعت المصادر: ان خيار التغيير الجذري في تركيبة الحكومة لفتح صفحة جديدة هو أيضا أحد المخارج في ظل اتساع رقعة المعارضة لحكومات سمو الشيخ ناصر المحمد رغم أنه يحظى حتى اللحظة بدعم وثقة القيادة.

التطورات السياسية فرضت نفسها على الواقع الاقتصادي، ويبدو ان التسريبات عن حل المجلس كان لها مفعول سحري كالعادة على البورصة التي سجلت ارتفاعا هائلا مقداره 178.2 نقطة أمس في يوم أخضر قل نظيره في الأشهر الأخيرة منذ بداية الأزمة الاقتصادية. جاء ذلك بينما أعلن وزير المالية مصطفى الشمالي أنه إذا حُل مجلس الأمة فإن هناك احتمالا بصدور قانون الاستقرار المالي الذي تنظره اللجنة المالية بمجلس الأمة حاليا بمرسوم ضرورة.

وقد كشفت مصادر سياسية لصحيفة quot;الرايquot; الكويتية ان من أهم الخيارات المطروحة للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد تحويل الحكومة للاستجوابين المقدمين لرئيس مجلس الوزراء إلى المحكمة الدستورية مقابل العدول عن رفع كتاب عدم التعاون مع مجلس الامة. وأكدت المصادر ان هذا الخيار لقي قبولا نيابيا نسبيا لكونه يعطي الفرصة امام النواب لتحقيق انجازات افضل على صعيد اصلاح الوضع الاقتصادي، عبر تأجيل مناقشة الاستجوابين باعتبارهما محالين إلى المحكمة الدستورية، الامر الذي يرجح امكانية تراجع فرص حل البرلمان.

وأوضحت المصادر ان السيناريو المرجح حاليا هو ان تقدم الحكومة في جلسة 17 الجاري طلبا في شأن إحالة الاستجوابين إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى جواز مناقشة محاور في الاستجواب منظورة امام النيابة العامة. فتحت سقف هاجس الحل عقد مجلس الأمة جلسته أمس التي تناولت مناقشة التعديلات على قانون العمل في القطاع الاهلي في مداولته الثانية، والذي قال فيه النائب مسلم البراك انه آخر قانون يصادق عليه المجلس.

مجرد صورة من المشهد السياسي، وإن غاب عن الجلسة البرلمانية التي كان عنوانها laquo;عش دبابير وملفات حمراءraquo; إلا في laquo;لقطتينraquo; عبر البراك عن إحداهما فيما كانت الثانية من نصيب النائب الدكتور وليد الطبطبائي مخاطبا وزير الشؤون بدر الدويلة بالكشف عن تجار الإقامات وفضح الأسماء حتى لو حل المجلس. أما الحديث النيابي عن الحل فقد تجلى بـ laquo;حرارةraquo; خارج قاعة عبدالله السالم وعقب الجلسة، وإن أعجز الرئيس جاسم الخرافي الذي التقى سمو الامير امس الصحافيين بإلحاحهم على معرفة أين تتجه ريح القرار بتأكيده أن الإجراء في يد سمو الامير laquo;فهل يعقل أن أعرف توقيته او حتى أتوقع ذلك؟ وهل املك حاسة سادسة؟ ومع ذلك فإن سموه لم يتخذ اي إجراء ولم ابلغ بأي إجراءraquo;.

وعلى موجة الحل قالت مصادر نيابية ان قرار الحل إن اتخذ فسيكون موازيا لمراسيم أخرى تتعلق بتعديل الدوائر وقانون الاستقرار المالي وقانون التجمعات، وان السيناريو المشاع جرى تسريبه لمعرفة رأي النواب والشارع وللضغط على مجلس الامة!

وأعرب الخرافي عن ثقته المطلقة في حكمة الأمير في اتخاذ الإجراءات الدستورية التي يراها، واكد ان المجلس والحكومة يعملان حسب توجيهات سموه وسيكونان على الدوام عونا له في أي قرار. وعن لقائه الامير أمس قال الخرافي انه كان للاستئذان بالسفر إلى مسقط للمشاركة في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي. وقال إن الإجراءات الدستورية كلها المتعلقة بمجلس الامة بما في ذلك الحل في يد سمو الامير بعد ان يدرس سموه الامور من جميع الجوانب.

وسئل عن التوقيت المتوقع لاتخاذ إجراء ما فأجاب laquo;إن كان هذا الإجراء أو القرار في يد سمو الامير فهل يعقل أن اعرف توقيته او حتى أتوقع ذلك؟raquo;. وأضاف ان القرار في يد الامير وقد يتخذه أو لا يتخذه وربما يرى اتخاذ إجراءات هو افضل من يقيمها وبالتالي لست انا من يقرر. وعن احتمال صدور مرسوم بتعديل الدوائر الانتخابية إلى عشر قال الخرافي إن من السابق لأوانه الحديث عن إجراء من هذا النوع، ولا يمكن معرفة إجراءات الامير قبل الإعلان عنها، أما التكهن والإشاعات الحالية فهي ليست صادرة من صاحب الشأن.

وأكد النائب مرزوق الغانم أن كل ما يتم تداوله راهنا بخصوص حل المجلس مجرد إشاعات والامر برمته في يد الامير صاحب القرار والشأن، داعيا النواب إلى التركيز على واجبهم النيابي حتى آخر يوم او ساعة أو دقيقة تجاه من أوصلهم إلى البرلمان ومنحهم ثقة التمثيل في المجلس. وقال إن ما نراه الآن تعطيل كامل للتنمية، وسلبيات الديموقراطية لا تعالج إلا بمزيد من الديموقراطية، ونحن ندعو إلى التزام احكام الدستور ولا نخرج عن أي حل ضمن الإطار الدستوري، مؤكدا انه لن يستطيع التعليق على إشاعات الحل لأنها متناقضة والجو راهنا غير صحي.

وأكد النائب محمد الصقر انه لم يصدر أي شيء رسمي من الديوان الأميري بشأن ما اثير من إشاعات عن حل مجلس الأمة حلاً دستورياً أو غير دستوري. وأوضح الصقر ان تعديل قانون الانتخابات لا يقع ضمن مراسيم الضرورة . وعن دمج رئاسة الوزراء مع ولاية العهد قال ان هذا الامر من صلاحيات الأمير.

وقال النائب الدكتور وليد الطبطبائي نقلا عن الخرافي إن هناك رأيين داخل الأسرة أحدهما مع الحل والآخر مع التريث على اعتبار ان المجلس laquo;زينraquo; كما يرى الطرف المتحفظ على الحل. وأطلق النائب ناصر الدويلة البشرى بقوله laquo;أبشركم لا حل قريبا للمجلس وقد ابلغني بذلك من لا استطيع كشف اسمه وسيعلن ذلك بعد فترة ونثق بحكمة سمو الاميرraquo;. وأضاف laquo;هناك اتصالات بين نواب واقطاب في الأسرة لتجنيب البلد ما قد يحدث من ازمة سياسية، لكننا نعيش ازمة ثقة بين المجلس والحكومةraquo;.

وقال النائب صالح الملا أن لا أحد في إمكانه أن ينفي او يؤكد خبر حل مجلس الأمة laquo;وإن كانت المؤشرات تقود إلى الحل وبأنه سيكون دستورياraquo;. وأشار إلى ان مرسوم تعديل الدوائر إلى عشر إن صدر فلا يستحق مناقشة حيثياته، لأن تعديل الدوائر لا يأتي بمرسوم ضرورة والغرض منه العودة إلى الوراء وإيصال عناصر الفساد والمال السياسي إلى مجلس الامة.

واعتبر النائب محمد الحويلة ان حل المجلس في يد الامير الذي نثق بحكمته، وان الاستجواب حق دستوري وامر صعود المنصة يعود لرئيس الوزراء ومصلحة الكويت فوق كل اعتبار. وقال النائب صالح عاشور إن لديه معلومات مؤكدة بأن مرسوم الحل قد اتخذ وسيعلن غدا laquo;اليومraquo; أو يوم الأحد المقبل، وأن هناك مرسوم ضرورة سيصدر لجعل الدوائر الانتخابية عشرا والتصويت بصوت واحد او اثنين لكل ناخب.

وقال النائب محمد هايف إن تعديل الدوائر سيدخل البلاد في ازمة جديدة هي في غنى عنها. ورأى النائب عبداللطيف العميري laquo;ان القرض العادل لا يعالج المديونيات، وانما يحل مشكلة من يريد، وهو قرض اختياري مجددا ان مشاركته في تقديم الاقتراح الذي قدمه النائب مرزوق الغانم، مشاركة شخصية وليس بصفتي منتميا الى تيار التجمع الإسلامي السلفيraquo;.

وعن العلاقة ما بين laquo;حدسraquo; وlaquo;السلفيraquo; وتأثير استجواب رئيس الوزراء على وشائجها قال النائب عبداللطيف العميري laquo;لكل تيار وجهة نظر، ولا اعتقد ان هناك تأثيرا على العلاقة ما بين التيارين، اما بخصوص الانتخابات فلكل حادث حديث، ولن تكون هناك قطيعة ما بين (حدس) و(السلفي)raquo;. وأعلن النائب عبدالعزيز الشايجي laquo;ان الحركة الدستورية لن تؤجل استجوابها، لاننا نريد تخليص البلاد من الازمة التي تعيشهاraquo; متداركا: laquo;وان كان هناك من يطلب بتأجيل استجواب (حدس) لسمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، بحجة تمرير قانون شراء فوائد المديونيات، فسنؤكد له أننا مع رفع المعاناة عن المواطنين، وبالامكان ان نؤجل الاستجواب ليوم واحد فقط، فبدلا من ان يكون الاستجواب في يوم 17 مارس الجاري، نؤجله إلى يوم الاربعاء 18 من الشهر نفسهraquo;. ودعا الشايجي laquo;النواب المهتمين باقرار قانون laquo;المديونياتraquo; إلى طلب جلسة خاصة لمناقشة القانونraquo;.

وقال النائب ضيف الله بورمية ان حل مجلس الأمة من عدمه هو حق لأمير البلاد وحده وهذا ما نصت عليه المادة 107 من الدستور، متسائلا ما السند القانوني أو الدستوري الذي يجعل الاسرة الحاكمة تجتمع لمناقشة حل المجلس من عدمه؟ وقال بورمية ان حل مجلس الأمة laquo;لا يرهبنا ولن يثنينا عن ممارسة أدواتنا الرقابية حالياً ولاحقاًraquo;، موضحا ان من يطالب بالحل غير الدستوري وتعليق الدستور لا تهمه أمور البلاد، بل كل همه هو الكرسي الوزاري.

وتحت سقف هاجس الحل عقدت امس جلسة مجلس الامة التي تناولت بالبحث قانون العمل في القطاع الاهلي، ولعل عبارة النائب مسلم البراك بأن هذا آخر قانون يصادق عليه المجلس ما يشي بالصورة التي سارت عليها الجلسة، رغم ان الكلام في الحل قيل في غالبيته عقب الجلسة.

مصادر حكومية ابلغت من جهتها صحيفة quot;السياسةquot; ان انتخابات مجلس الامة ستجرى في الاسبوع الاول من شهر مايو المقبل, واوضحت ان quot;الحكومة تجهز حاليا مرسوم تعديل الدوائر الانتخابية لاعتماده يوم الاثنين المقبل خلال الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء, على ان يصدر رسميا قبل فتح باب التسجيل للمرشحينquot;. وكشفت المصادر ان النية تتجه لاعتماد الدوائر العشر بدلا من الخمس المعمول بها حاليا, لافتة الى ان تباين الآراء حول مقترحي الوزير احمد باقر والنائب رجا الحجيلان اللذين قدماهما قبل اعوام بشأن الدوائر العشر.

وفي اتجاه اخر هاجم النائب حسين القلاف الحركة الدستورية الاسلامية، وقال ان laquo;مواقف نوابها لا تحصى في التمصلح على حساب الكويتraquo;. وتساءل: laquo;هل استجوابهم سمو الشيخ ناصر المحمد هدفه حفظ ماء وجه الوزير السابق محمد العليم وللتغطية على تجاوزات صفقة (الداو)؟raquo;. سئل النائب خالد بن عيسى عن حل مجلس الأمة فقال: laquo;الحل قادم والله أعلم ونحن ولله الحمد لا نخاف شيئاraquo;.

وسئل السلطان حول موقف التجمع السلفي من شراء المديونيات فرد قائلا: laquo;سأقدم استقالتي إذا ثبت شرعاً جواز شراء المديونياتraquo; مؤكدا أن laquo;التجمع السلفي بصدد توجيه سؤال إلى لجنة الإفتاء حول هذا الموضوع وكذلك قانون دعم الشركات لبيان مدى شرعيتهماraquo;.

من جهة أخرى، لم يتمكن مجلس الأمة أمس من إقرار قانون العمل في القطاع الأهلي في مداولته الثانية بسبب فقدان النصاب اللازم للتصويت وشيوع هاجس حل مجلس الأمة. وكانت جلسة أمس شهدت نقاشا حادا حول بنود قانون العمل في القطاع الأهلي وانتقادات من النواب لوزارة الشؤون laquo;وشككوا في قدرتها على تطبيق هذا القانونraquo;.