سينس مونيتور: المواطنون لازالوا مشردين رغم تحسن الأوضاع
العقبات البيروقراطية تعيق عودة العراقيين النازحين لديارهم

أشرف أبوجلالة من القاهرة: عزت صحيفة كريستيان سينس مونيتور الأميركية في تقرير نشرته بعددها الصادر اليوم الثلاثاء السر وراء عدم تمكن معظم المواطنين العراقيين النازحين داخليا من العودة لديارهم رغم تراجع معدلات العنف في البلاد، إلى نقص الخدمات الأساسية وعدم القدرة على إعادة بناء منازلهم التي دمرتها الحرب. وبدأت الصحيفة حديثها بقصة الشيخ جمال سعدون، أحد أبرز القادة السنة المتهم بالتعاون مع الولايات المتحدة، حيث وجد لدي عودته إلى مزرعته المهلهلة التي يوجد بها ثمانية غرف نوم نهاية العام الماضي، أن كوما ً من الأثاث المتفحم هو كل ما تبقي له هناك.

وأوضحت الصحيفة أن مجموعة من أعضاء تنظيم القاعدة في العراق ndash; الجماعة السنية المسلحة في البلاد ndash; قامت بتفجير منزل الشيخ بعد أن لاذ بصحبة أسرته من تلك المدينة الزراعية الصغيرة في محافظة ديالي منتصف عام 2007. وأثناء ذلك، هيمنت الحرب الطائفية على جميع أرجاء العراق وقد يجد أي فرد لا يقوم بدعم الأهداف المسلحة نفسه مستهدفا ً. وأكد الشيخ سعدون :quot; هم لا يكتفون حتى بسرقة كل شيء، بل يقومون بنسفه من الأساس quot;. وقالت الصحيفة أنه وبالرغم من خسارته لكل شيء، إلا أن الشيخ سعدون الذي يعيش الآن في غرفة واحدة برفقة 17 من أفراد أسرته، يسعي بمساعدة شقيقه وليد لإعادة بناء قريتهم التي تدعي قرية هادي سعدون، جنوب محافظة بعقوبة.

كما أكدت الصحيفة من خلال تقريرها على أنه وبرغم بدء الحكومة العراقية وعدد آخر من المنظمات الدولية في مجهوداتهم الرامية إلى تقديم المساعدات للمواطنين النازحين الذين يرغبون في العودة لديارهم، إلا أن أعمالهم تسير على نحو بطيء للغاية نتيجة لوجود ما اختصرته الصحيفة في العقبات البيروقراطية وحالة القحط والجفاف بالإضافة إلى تزايد المخاوف الأمنية. ويري عدد كبير من العراقيين أنه حتى في حالة استمرار تحسن الأوضاع الأمنية والاستقرار، إلا أن عودة الأمور لنصابها الطبيعي أمر لن يحدث إلا قبل سنوات من الآن.

وكشفت الصحيفة عن أن هناك عدد يتراوح ما بين 1.6 إلى 2.8 مليون مواطن عراقي نازح بداخل الأراضي العراقية ndash; وهؤلاء الأشخاص عبارة عن لاجئين سبق لهم وأن غادروا منازلهم، وليس العراق بأكمله. وبحسب ما ذكرته منظمة الهجرة الدولية ( IOM ) ، فقد عاد ما يقرب من 288 ألف عراقي إلى منازلهم. وقالت الصحيفة أن عدد المواطنين النازحين خارج العاصمة بغداد، وصل إلى رقم قياسي في محافظة ديالي وبلغت نسبتهم ما يقرب من 18.6 % من النازحين من المنطقة الزراعية.

لكن التركيبة العرقية حولت هذا الأمر إلى محورا لعملية الاقتتال الداخلي في الوقت الذي بدأت فيه البلاد تنسل بشكل عميق إلى حرب أهلية خلال عام 2007.

وبالإضافة للقتال الطائفي، بدأت معظم القبائل الموجودة في المنطقة المحيطة بقرية هادي سعدون في حمل الضغينة، بينما عمل أعضاء تنظيم القاعدة في العراق من اجل السيطرة على المنطقة من أجل استخدامها كقاعدة لعملياتها. وفي محاولة لحث المواطنين الآن على العودة لديارهم، تخطط الحكومة العراقية لتقديم تعويضات هؤلاء الذين دمرت منازلهم على يد المسلحين. وأشارت الصحيفة إلى أنه ووفقا لمدي الضرر الذي لحق بالمنزل إضافة ً إلى قيمته، فإن أصحابها سوف يحصلون على قيم تتراوح ما بين 50 إلى 100 % من القيمة الأصلية للمنزل.

وإذا دفعت الحكومة الأموال، يقول معظم السكان أنهم سيعودون. لكن وإلى الآن، لم تصل التعويضات لمعظم الأشخاص المستحقين. ونقلت الصحيفة عن الشيخ جمال سعدون الذي أعرب عن ثقته في أن يحصل على التعويضات وإن لم تكن على نفس القدر الذي يريده :quot; لا ألوم الحكومة على أي شيء، لأننا لسنا آمنين بنسبة 100 % ( منذ عدة أشهر ) ، لذا تعذر عليهم إيفاد لجنة لتقييم الأوضاع، لكن الأمر بات أكثر أمانا الآن، ما يجعلني أثق في أنهم سيأتونquot;. وقال رفيق تيسكانين، رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية في العراق والتي يوجد مقرها في عمان :quot; يوجد في ديالي عدد كبير بالفعل من العائدين، ولسوء الحظ، هم لا يواجهون فقط الدمار، لكنهم يواجهون منذ سنوات حالة من القحط والجفاف quot;.