بعضهم اعتبرها حقّا وآخرون يرونها إشهارا مقنعا
المشاركة في البرامج التلفزية تثير جدلا بين المحامين في تونس
إسماعيل دبارة من تونس:
خلف ظهور عدد من المحامين التونسيين على شاشات التلفزيون الرسميّ والخاص جدلا كبيرا في الأوساط الحقوقية والقانونية ، واختلف المحامون فيما بينهم بين مؤيّد للمشاركة في بعض البرامج الحوارية ورافض لها ، و تعززت quot;الجبهة الرفضويةquot; مع ما أثير حولquot;إساءة تعرّض لها أهل المهنة quot; بعد توجيه اتهامات بالتحايل ضدّ احد المحامين عبر برنامج حواريّ معروف يبثه التلفزيون الرسميّ.

و أصدر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين الثلاثاء بيانا ذكر فيه انه سيرفع قضايا استعجالية لمنع بث حصص تلفزية تمّ تسجيلها وقيل إنها ستعرض مداخلات لبعض المحامين.
كما صدر عن هيئة المحامين عدة قرارات بعد جدل كبير شق صفوف المحامين اثر عرض التلفزيون التونسي لحلقة من برنامج quot;الحقّ معاك quot; ذي الصبغة الاجتماعية بتاريخ 12 آذار الجاري .
وشهدت الأوساط القانونية استياء عارما واحتجاجات لما اعتبره بعضهم quot;نيلا من سمعة المحاماة ومسّا بكرامة المحامي وتجاوزا خطيرا للقانونquot;. و أصدرت هيئة المحامين بيانا عبّرت فيه عن quot;الإستنكار من النيل من المحاماة والمسّ من إستقلاليتهاquot; ودعت إلى جلسة طارئة.

وردّا على الجدل الدائر حول البرنامج الذي أثار قضية تحيّل تورط فيها احد المحاميين لما ادعت موكلته بانه تحيل عليها ولم يسلمها مبلغ 190 الف دينار كانت حصلت عليه كتعويض عن وفاة زوجها في حادث مرور، وجّهت الهيئة تنبيها لكافة وسائل الاعلام بعدم التعرض للمحامي الا بعد أخذ راي عميد المحامين، و نبهت أصحاب المهنة إلى ضرورة عدم المشاركة في الحصص التلفزية الا بعد الحصول على ترخيص كتابي وبصفة استثنائية وغير دورية حتى لا يتحول المحامي الى منشط تلفزي على حدّ تعبير الهيئة.

ومن المتوقع أيضا أن تشرف مختلف فروع الهيئة الوطنية للمحامين بتونس على تحركات احتجاجية في صورة تواصل بثّquot; مثل هذه البرامج التي تنال من كرامة المحاماة وشرف المحامينquot;.
وكان عميد المحامين بشير الصيد طلب من مؤسسة التلفزة التونسيّة الرسميةعدم إعادة بثّ حصّة quot;الحق معاكquot; المثيرة للجدل لكن تمّ إعادة بث الحلقة.
ويدافع عدد من المحامين عن المشاركة في البرامج التلفزية والإذاعية ويعتبرون ذلك quot;دعما للقطاع وضمانا لنشر الثقافة القانونية بين أفراد المجتمعquot;.

وترى شريحة واسعة من المحاميين إنه quot;لا مانع قانوني أو أخلاقي في مشاركة المحامين في البرامج الإعلامية وهو ما يندرج في إطار حرية التعبير وحرية الإعلام.
لكن فريقا آخر يرفض بشكل قطعي تلك المشاركة ويعتبرها quot; ضمن الدعاية الإشهارية المقنعة خصوصا مع غياب قوانين داخلية من شأنها أن تحسم هذا الموضوعquot;.
ويقول محامون أنّ التلفزيون التونسي الرسمي وقناة quot;حنبعلquot; الخاصة تتلقى مكالمات هاتفية بعد بثّ عدد من البرامج الحوارية التي يشارك فيها المحامون ، و يطالب المتّصلون بعناوين المحامين المشاركين لاستغلال خبراتهم بعد أن أعجبوا بأدائهم عبر الهواء وهو ما اعتبروه إشهارا مقنعا.

المحامي منذر الشارني قال في تصريحات خصّ بها quot;إيلافquot; إنه :quot;لا يمكن تجريد المحامي من عدد من حقوقه ،فهو مواطن كعامة المواطنين قبل كلّ شيء وله ذات الحقوق و الواجبات ويتساوى فيها مع الآخرينquot;.
و استنادا إلى الشارني فإنّه quot;لا مانع من تدخّل المحامين عبر البرامج التلفزية و الإذاعية ما لم يتحوّلوا إلى منشطين قارين لبعض الحصص كما فعل البعض ، و الأجدى أن يكون المحامي ضيفا على حصة يقدم عددا من الاستشارات كخدمة للمواطنين في قضايا تهمّهمquot;.

وحول حصة برنامج quot;الحقّ معاكquot; التي أثارت اللغط الحالي يرى الشارني أنّ عامل الإثارة و التضخيم كان له دور كبير في هذا السياق ، إذ لا يوجد عمليا إساءة كبرى للمحامين التونسيين ، المعروفين في معظمهم بالاستقامة ودفاعهم عن الحقّ، خصوصا و أنّ قضية الموكلة التي اتهمت المحامي المذكور لازالت تحت أنظار القضاء المتخصص و الإنسان بريء حتى تثبت إدانتهquot; على حدّ تعبيره.

ويتابع:quot; علينا أن ندرك أن فلسفة البرنامج المذكور تقوم على المصالحة بين أفراد المجتمع المتخاصمين ، و برأيي كان على من يفكر في هيبة المحامين و سمعتهم عدم إثارة الموضوع بهذا الشكل ، و النتيجة أنّ المحامون الآن هم من خلقوا الإساءة لأنفسهم كون القضية في البداية كانت منعزلة و يمكن معالجتها و استيعابها بلا سجالات غير مجديةquot;.