دراسة أميركية: الجيش اللبناني وحزب الله يتنافسان على حماية الأمن
الإغتيالات وحرب تموز وأحداث البارد قيدت قدرة مؤسسة البلاد العسكرية
واشنطن: مع عودة الجيش اللبناني ليمارس دوره كقوة نظامية تمثل سيادة دولة لبنان، ظهرت عدة تحديات على الساحة السياسية ـ داخلية وإقليمية ـ في السنوات الماضية، جعلت مهمة الجيش أمرًا صعبًا. من تلك التحديات اغتيال عديدٍ من القيادات السياسية في لبنان، مرورًا بالحرب الإسرائيلية في صيف عام 2006 التي صمد فيها حزب الله ضد القوة الإسرائيلية، والتي لم يكن للجيش اللبناني النظامي أي دور فيها، وصولاً إلى أحداث نهر البارد عام 2007 بين الجيش اللبناني وقوات فتح الإسلام. كل هذه الأحداث عملت على تقييد قدرة الجيش اللبناني في أعقاب الانسحاب السوري من لبنان.
عن التحديات التي تُواجه الجيش اللبناني في أعقاب الانسحاب السوري من لبنان، والفرص المتاحة أمام بيروت وحلفائها الغربيين لتقوية الجيش اللبناني والمؤسسات المحلية الأخرى كقوة مقاتلة، نشر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية دراسة لـquot;أرام نيرغوزيان في العاشر من فبراير الماضي تحت عنوان قوات الجيش اللبناني: التحديات والفرص فيما بعد الانسحاب السوري.
موقع الجيش في النظام السياسي اللبناني
تبدأ الدراسة بإلقاء الضوء على الوضع السياسي في لبنان القائم على تقاسم السلطة بين القوى السياسية الممثلة للإثنيات العرقية والتيارات السياسية والمذاهب الدينية الفاعلة في المجتمع اللبناني. هذا النظام السياسي المعقد أتاح للقوى الخارجية الفرصة للتدخل في الشأن اللبناني ـ سوريا ـ. وهو ما ساعد على إشعال فتيل الحروب الأهلية بدءًا من عام 1958 وحتى عام 1990، ومرورًا بعديدٍ من أحداث العنف التي شهدها المجتمع اللبناني في الآونة الأخيرة ـ خاصة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير من عام 2005 ـ، وانقسام القوى السياسية على ذاتها، وتحول دور الجيش من مؤسسة لها صفة شكلية إلى مؤسسة تحاول لعب دور فعال على الساحة السياسية.
ففي عام 2005 قام العميد ميشيل سليمان ـ رئيس الجمهورية الحالي والقائد العام للجيش سابقًا ـ برفض أوامر رئيس الحكومة عمر كرامي بنزول الجيش إلى الشارع لقمع التظاهرات المنادية بالانسحاب السوري من لبنان، ما كان له كبير الأثر في إعادة الثقة الشعبية في دور الجيش كحارس للأمن القومي اللبناني.
بالنظر إلى النظام السياسي اللبناني، نجد أن الجيش يواجه تحديات فريدة من نوعها. فما زال الجيش معرضًا لخطر الانقسام والتفتت؛ لأن تقسيم المهمات والوظائف فيه يتم على أساس عرقي. ففي الفترة من عام 1991 بعد الحرب الأهلية وحتى عام 2004 تم توزيع المهام القيادية في الجيش بشكل إثني يعكس الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد. فكانت نسبة المسيحيين بين ضباط الجيش 47% في حين كانت نسبة المسلمين منهم 53%، ومع ذلك فإن القيادة العامة للجيش تسند للمسيحيين المارونيين. وهذا يعني أن الجيش ينبغي أن يكون على وعي ودراية كاملة بدوره في المجتمع اللبناني.
فعلى الرغم من محاولة الجيش الحفاظ على مبدأ وحدة الجيش فوق الاعتبارات الدينية والعرقية والسياسية، إلا أنه لا يستطيع تحقيق ذلك على أرض الواقع بسبب الافتقار إلى هذه الوحدة على المستوى السياسي القومي. وعن العلاقة المدنية ـ العسكرية تشير الدراسة إلى أنها متغيرة، ففي كثير من الأحيان نجد أن العسكريين في بعض الأوقات يتفاعلون بشكل إيجابي مع القيادات المدنية أكثر من قياداتهم العسكرية. ومع ذلك نجد في أوقات أخرى العسكريين يمتنعون عن تنفيذ الأوامر الصادرة من قياداتهم المدنية ما يهدد استقرار البلاد ووحدتها.
الجيش اللبناني في أعقاب الانسحاب السوري
أدى الانسحاب السوري من لبنان إلى تأجيج الصراعات الداخلية بين مؤسسات الدولة، وكانت أولى هذه المعارك مع الجيش. فعلى الرغم من أن الجيش لعب دورًا مهمًّا ومحوريًّا في منع قيام حرب أهلية في أعقاب اغتيال الحريري، لكنه لم يستطع تجنب الخلافات مع القوى السياسية حول توجهاته بالنسبة إلى فترة ما بعد الانسحاب السوري. فتعاطف الجيش اللبناني مع مواجهات حزب الله مع إسرائيل، التي قوبلت بمعارضة شديدة من حركة 14 مارس التي تُحاول جعل لبنان في المعسكر العربي المعتدل الموالي للولايات المتحدة. وتشير الدراسة إلى أن هناك محاولات عديدة من قبل المعارضة لإعادة تشكيل تصور الجيش لمرحلة ما بعد الانسحاب السوري إما من خلال تخفيف العداء لإسرائيل، أو منع الجيش من أن يكون مصدر تهديد لدمشق.
وعن الخبرات القتالية للجيش اللبناني في فترة ما بعد الانسحاب السوري من لبنان، تقول الدراسة إن وجود ما يقرب من 15000 إلى 25000 جندي سوري على الأراضي اللبناني منذ عام 1976 وحتى 2005 قد أثر في المجال والدور الذي يقوم به عدد من الفاعلين على المستوى القومي. وإن الجهود السورية لتوسيع مظلة دمشق الأمنية المسيطرة على الوضع في لبنان، قد أدت إلى تكرار استخدام ورقة حزب الله ضد إسرائيل، في حركة جعلت دور الجيش كحامٍ للسيادة والأراضي اللبنانية مرهونًا بالعلاقات مع سوريا وفقًا لاتفاقية الطائف الموقعة عام 1989 .
ومع انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005، وجد الجيش اللبناني الفرصة للعب دور أكبر لحماية السلام الداخلي للبلاد. وقد أسهم عديدٌ من الأحداث الداخلية والإقليمية في تهديد الأمن القومي اللبناني منها: المواجهات بين الموالاة (جماعة 14 مارس) والمعارضة (جماعة8 مارس)، ظهور التيار السلفي في أعقاب الغزو الأميركي على العراق عام 2003، التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة، والسعودية، وإسرائيل من جانب، وسوريا وإيران من جانب آخر.
ترى الدراسة أن الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، والمواجهات مع فتح الإسلام عام 2007، وتلك مع حزب الله في غرب بيروت في مايو عام 2008، أدت إلى التأثير في فعالية العمليات القتالية للجيش اللبناني من خلال عدة متغيرات، تجملها الدراسة في:
أ- حساسية الجيش تجاه التوازنات العرقية في البلاد.
ب-القدرة على مهاجمة فاعلين غير لبنانيين داخل الوطن.
ج-غياب استراتيجية للأمن القومي في فترة ما بعد الانسحاب السوري من لبنان.
د-القوة الردعية والدفاعية للجيش.
ﻫ -الدور الكبير للجيش للحفاظ على الأمن الداخلي رغم توسيع حجم القوات الدولية.
و- القدرات والإمكانيات التي يتمتع بها الجيش على المدى الطويل.
ز-غياب نظم المقاومة الحديثة التي تمكن الجيش من قيامه بمهامه.
ح-التوازن الأمني الإقليمي وأثره في الوضع في لبنان.
علاقة الجيش بسوريا . سيطرة سورية
يشير نيرجوزيان في دراسة إلى أن الجيش اللبناني يوازن أفعاله وسياساته لتأخذ في اعتبارها مصلحة كل القوى السياسية اللبنانية، مع غياب التوافق الوطني حول استراتيجية موحدة للدفاع والأمن القومي. ويقوم الجيش بموازنة السياسات والمواقف المتناقضة المتعلقة بالعلاقات مع الفاعلين الإقليميين والدوليين ( سوريا، حزب الله، إسرائيل، والولايات المتحدة).
على الرغم من أن المسؤولين الرسميين في الجيش اللبناني يصفون العلاقة مع سوريا بأنها علاقة تقوم على الإخوة والصداقة استنادًا للجذور العربية المشتركة والعدو المشترك (إسرائيل). لكن الواقع ينافي هذه الصورة كليا. ففي حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، ومع تنامي النفوذ السوري داخل الأراضي اللبنانية خاصة خلال الحرب الأهلية، كان لقيادات الجيش اللبناني آراء مختلفة حول التدخل السوري . فعلى سبيل المثال نجد أن العميد ميشيل عون قائد الجيش في الفترة من عام 1984 وحتى عام1989 ـ والذي يمثل الطائفة المسيحية المارونية ـ يرى أن سوريا قوة غير موثوق بها.
وفي أعقاب اتفاقية الطائف، كانت العلاقة بين الجيش اللبناني وسوريا محددة باتفاقية الإخوة والتعاون والتنسيق الموقعة في 22 مايو عام 1991، واتفاقية الدفاع والأمن في الأول من سبتمبر من العام ذاته. ومع أن اتفاقية الأخوة تنص على أن العلاقات بين الجانبين تقضي بإعادة نشر القوات السورية في سهل البقاع تمهيدًا للانسحاب الكامل من لبنان، إلا أن سوريا لم تنفذ من هذا شيئًا.
ولقد عملت الاتفاقية كطابع مطاطي للسيطرة السورية على المجتمع المدني اللبناني، والمؤسسات الأمنية والعسكرية اللبنانية. وفي حين لعبت الولايات المتحدة دورًا مهمًّا في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، من خلال إعادة تأهيل الجيش اللبناني ودعمه لوجستيا، قامت سوريا بدور كبير في تشكيل مهام الضباط في الجيش اللبناني وتقديم التدريبات الفنية لعناصره، ولم يتعارض ذلك مع مصالح الجانبين (سوريا والجيش اللبناني).
وفي أعقاب اغتيال رفيق الحريري عام 2005، رأت سوريا أنه لم يعد من المفيد التواجد في لبنان عسكريًّا، في محاولة للتأثير في المواقف السياسية وتحويلها لصالحها. فسوريا تستطيع تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية في لبنان من خلال الاعتماد على الحلفاء المحليين، وليس عن طريق العنف والعمليات العسكرية. كما تصر سوريا على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع القوى اللبنانية الموالية لها مثل حزب الله، حركة أمل، والسنة، والدروز، والمارونيين.
علاقة الجيش مع حزب الله.علاقة ندية
نظريًّا تتحدد العلاقة بين الجيش اللبناني وحزب الله كقوتين عسكريتين مزدوجتين، في فترة ما بعد اتفاق الطائف على النحو التالي: يرى الجيش أن علاقته مع الحزب طبيعية خاصة وأنه (الجيش) يعترف بالحق في مقاومة الاحتلال والمقاومة المسلحة. وكذلك يرى حزب الله أن قوته وفعاليته ودوره في الدفاع عن الوطن من الطبيعي أن تضعف من قدرات الجيش النظامي كقوة محاربة.
وفي الواقع وبعيدًا عن الاتفاقيات النظرية، نجد أن العلاقة بين الطرفين مازالت متوترة. وبقطع النظر عن الخبرة التاريخية بين الطرفين التي أسفرت عن التعاون بينهما في فترة ما بعد الحرب الأهلية، لا يزال الجانبان يتنافسان على حماية الأمن القومي اللبناني. فكل منهما يرى أنه القوة الشرعية المدافعة عن مصالح البلاد. ومع ذلك، نجد أن الجيش يرى أن ضعف قدراته كقوة مقاتلة يتم استغلاله من قبل حزب الله الذي لا يعتقد بقدرة الجيش على مواجهة إسرائيل.
وترى الدراسة أن نزع سلاح حزب الله واندماجه في الجيش اللبناني ـ كليًّا أو جزئيًّا ـ لا يمكن فصله عن التطورات السياسية داخل لبنان، أو التطورات الإقليمية مثل التقدم في التسوية مع إسرائيل سواء على الجانبين السوري أو الفلسطيني.
الجيش اللبناني.وغياب التهديد لإسرائيل
على الرغم من أن الجيش اللبناني يعترف بأن إسرائيل هي العدو الأول، ومع أن معظم الجيوش العربية دخلت في حروب مع إسرائيل، يعتبر الجيش اللبناني أقل هذه الجيوش من حيث الإمكانيات، والعقيدة القتالية. فالجيش اللبناني لا يمثل تهديدًا حقيقيًّا لإسرائيل، ولا يوجد أية مؤشرات تتوقع بقدرة الجيش على القيام بمواجهات مع إسرائيل أو سوريا.
ويشكل الجيش اللبناني علاقته بإسرائيل وفقًا لسلوك إسرائيل في أعقاب الحرب على لبنان 2006، فهناك بعض الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل، مثل اختراق الطيران الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، الاختراقات للمياه الإقليمية اللبنانية، والتي أدت إلى تقويض قرار مجلس الأمن رقم 1701 الخاص بإعادة انتشار القوات اللبنانية وقوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني، والخلاف حول وضعية مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل، فالأمم المتحدة وإسرائيل يؤكدان أنها تتبع سوريا في حين ترى سوريا والحكومة اللبنانية أنها تحت السيادة اللبنانية. وبالنسبة إلى مباحثات السلام بين لبنان وإسرائيل على المدى الطويل، لا يوجد أي موقف محدد للجيش اللبناني، تاركًا الأمر للقيادة السياسية المدنية في لبنان، ولكن الجيش يعارض المباحثات السلمية طالما لم يتم حسم مسألة مزارع شبعا وضمها للسيادة اللبنانية.
ويشير أرام نيرجوزيان إلى أن المحدد المهم لعلاقة الجيش اللبناني بإسرائيل هو علاقته بسوريا وحزب الله. وترصد الدراسة عددًا من النقاط التي تحدد السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه لبنان، والتي لخصتها الدراسة في:
الحاجة لحماية حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان.
الحد من الصواريخ التي يطلقها حزب الله على المناطق المدنية في شمال إسرائيل.
إعادة تسليح حزب الله بعد حرب 2006.
عدم رغبة الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله والمجموعات المسلحة الأخرى المقاتلة في جنوب لبنان.
ضعف الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في تنفيذ قرار الأمم المتحدة 1701.
التعاون المتكرر بين حزب الله والجيش اللبناني. الذي يثير الشكوك لدى إسرائيل.
واشنطن والحفاظ على أمن لبنان واستقراره
وعن علاقة الجيش اللبناني بالولايات المتحدة ترى الدراسة أنه يتم مناقشتها وفقًا لتطور سياسة الولايات المتحدة ودورها في لبنان. فالولايات المتحدة تدخلت عسكريًّا مرتين في لبنان: الأولى عام 1958 بناء على طلب من رئيس الجمهورية آنذاك كميل شمعون، والمرة الثانية في الفترة من عام 1982 ـ 1984. ورغم أن سبب التدخل في المرتين كان مختلفًا لكن الهدف الأساسي هو العمل على الحفاظ على أمن لبنان واستقرارها. وبعيدًا من دعم التحول الديمقراطي في لبنان، فإن السياسة الخارجية الأميركية تجاه لبنان لم تتغير في جزء كبير منها فهي تقوم على عنصرين أساسين هما:
1- حماية أمن إسرائيل وتأمين حدودها الشمالية مع لبنان.
2- المنافسة بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل من جانب، وإيران وسوريا من جانب آخر لتشكيل أمن الشرق الأوسط بعد الحرب على العراق عام 2003.
وعلى الرغم من الولايات المتحدة تتمتع بعلاقات جيدة مع لبنان، لكن تدخلها المباشر عسكريًّا أمر غير مقنع، كما أن التنافس بين الولايات المتحدة وإيران على سيادة المنطقة كان له أثر كبير على دور الولايات المتحدة في لبنان، فالولايات المتحدة توغلت في العراق وأفغانستان والذي قوض من مصادر التأثير الأميركي على مخرجات الوضع في لبنان، خاصة أن حلفاء الولايات المتحدة ـ السعودية وإسرائيل ـ متدخلان في الشأن اللبناني بقوة.
وضع القوات المسلحة اللبنانية الحالي
تتحدث الدراسة عن وضع القوات اللبنانية الحالي بعد انسحاب سوريا، فالجيش اللبناني لم يقم بأي عمليات هجومية منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948، فلقد واجه الجيش اللبناني عديدًا من التحديات من قبل قوات مسلحة معادية، بالإضافة إلى الصراعات العرقية منذ اندلاع الحرب الأهلية في لبنان.
والتحدي الذي يواجهه الجيش اللبناني حاليًّا هو أن يصبح جيشًا موحدًا على المدى الطويل حتى يتسنى له ردع تدخلات دول الجوار في الشأن اللبناني.
والسؤال المطروح: كيف يمكن للجيش العمل على توحيد البلاد وإنهاء الصراعات السياسية والمذهبية؟. فمن الواضح أن الجيش مازال بعيدًا من هذه الصراعات، ولكن ليس من الواضح الكيفية التي يمكن بها الجيش تحقيق تماسكه. ويقوم الجيش حاليا بمحاولات للتفاوض مع القوى السياسية للحفاظ على حياده وعدم إقحامه في أتون الصراعات السياسية الداخلية.
توصيات لتقوية الجيش اللبناني
لا يمكن للبنان أن يتخطى وضعه غير المستقر فيما بعد الانسحاب السوري إلا بوجود الجيش. ولذا تدعو الدراسة في نهايتها إلى أن تتعاون كل القوى الدولية والإقليمية لتدعيم دور الجيش اللبناني كعامل لاستقرار أمن لبنان والشرق الأوسط.
ترى الدراسة أنه لكي تتم تقوية دور الجيش اللبناني كحارس للبنان وكقوة عسكرية إيجابية في المنطقة، لابد من تغيير الوضع الحالي له والعمل على مساعدته وتطوره فنيًّا. وفي هذا السياق قدمت الدراسة عدة توصيات، نجملها في:
أولاً: بالنسبة إلى الجيش اللبناني. ترى الدراسة أن الجيش اللبناني في استطاعه تفادي كل المحاولات التي تقوم بها القوى السياسية المتصارعة في لبنان لإعادة توجيه الجيش اللبناني وإضعاف دوره كقوة عسكرية فعالة ومؤسسة قومية، إذا عمل على الحفاظ على دوره كعامل موازن لأمن واستقرار لبنان والمنطقة .
ولذا لابد أن تقدم الحكومة اللبنانية دعما للجيش مقداره بليون دولار للوفاء بمتطلبات تطويره، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال توفير نفقات من ميزانية الدفاع القومي تمثل نسبة 4 أو 5 % من الناتج القومي لمدة ثلاث سنوات لتحقيق خطة التنمية المطلوبة منذ عام 2006.
وترى الدراسة أن كل المحولات لتقوية الجيش اللبناني في مواجهة حزب الله سوف تبوء بالفشل، فيوجد في الجيش 30% من الضباط من الشيعة مما يعكس التوازنات الطائفية في المجتمع اللبناني، ولا يمكن الجيش القيام بأي عمل عسكري ضد أي قوة في المجتمع.
ثانيًا: بالنسبة إلى الولايات المتحدة. على الولايات المتحدة أن تعترف بأن إعادة بناء الجيش اللبناني كقوة رادعة لدول الجوار قد تقوض قدرة حزب الله على تطوير ترسانة أسلحته. ووفقًا لذلك يجب على الولايات المتحدة التركيز على مساعدة الجيش اللبناني لوضع أساس لنزع سلاح حزب الله على المدى الوسيط والطويل بدلاً من المواجهات في المدى القصير.
ترى الدراسة أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الجيش اللبناني غير واضحة وتسيء إلى أي دور تقوم به الولايات المتحدة لتقوية ودعم الجيش كقوة إيجابية في لبنان والمنطقة. وتوصي الدراسة الولايات المتحدة بتغيير كل سياساتها الغامضة، وتدعوها إلى تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستمد الجيش بأنظمة قتالية متطورة، والتي في حاجة ماسة إليها لعملية تطويره، أم لا.
وترى أن تمويل المساعدات العسكرية الأميركية حاليًّا لا يترجم بشكل فعلي إلى مساعدات دفاعية إضافية للبنان. وعلى الكونغرس اعتماد تمويل يعكس تفهم الولايات المتحدة لحاجات الجيش اللبناني للتطوير.
وعلى الولايات المتحدة اعتماد آليات من شأنها إصلاح نظم المبيعات العسكرية الخارجية، والتمويل العسكري الخارجي وذلك لتسريع عملية توصيل المعدات للجيش اللبناني. وأيضًا هناك آلية بديلة بأن يقوم الكونغرس بتقديم مساعدات إضافية للجيش لكي يتم استخدامها في حيازة أسلحة ومعدات عسكرية من حلفاء الولايات المتحدة. مما سيكون له كبير الأثر في تطوير الجيش بوصول الأنظمة الجديدة إليه من جانب، ولكنها ستضيف أعباء جديدة على الولايات المتحدة التي تعمل على تسليح وتطوير القوات المسلحة في العراق وأفغانستان من جهة أخرى.
التعليقات