طلال سلامة من روما: سبب الزلزال الذي ضرب مدينة quot;لاكويلاquot; وجوارها، بإقليم quot;أبروتسوquot; وسط ايطاليا، موجات ارتدادية سياسية أثرت على الرأي العام والمناخ الطاغي على محاور النفوذ الحزبية في العاصمة روما. اتجهت هذه الارتدادات الى جهتين. الأولى تجسدت في هدوء مفاجئ حذر خيم على العلاقات المتوترة بين الموالاة لبرلسكوني والمعارضة. بوجه وضع درامي فرض براثنه الدموية على مدن إقليم quot;أبروتسوquot; المنكوبة فان العديد من السجالات السياسية تم إطفاء نيرانها في محاولة التوصل الى خطط مشتركة تنصب في التعامل بأسرع ما يمكن مع حالة الطوارئ. أما الثانية فساعدت في توضيح التباين في التأييد الشعبي لكافة الأحزاب الإيطالية الذي يرى تقدماً ملحوظاً للفارس سيلفيو برلسكوني الذي أثبت للجميع قدراته التواصلية ومهارته في بناء جسور الحوار المباشر مع سكان هذه المدن المنكوبة من دون الحاجة الى أي وساطة أم وسيط!

اعتماداً على معطيات تسربت من وكالات إحصائية مقربة من وزارة الداخلية الى صحيفة quot;ايلافquot; فان 48 في المئة من الناخبين الإيطاليين يجمع على أن برلسكوني نجح في تعزيز الثقة به أكثر من أي وقت مضى. بالطبع، فان هذا الحكم تترسخ جذوره أكثر في أوساط التيارات السياسية المتعاطفة مع ائتلافه وسط اليميني. بيد أن ما فعله برلسكوني من جهود مكثفة، ليلاً ونهاراً، لاقناع سكان المدن المنكوبة بأن حكومة روما ستكون قريبة منهم وستواكبهم بواسطة تغطية مالية ضخمة لجميع نفقاتهم نحو بناء كل شيء دُمٌر من جديد، حظي أيضاً بتأييد 36 في المئة تقريباً من ناخبي الحزب الديموقراطي اليساري.

على صعيد ردود الفعل الشعبية لمبادرات برلسكوني فإنها تنصب جميعها في عرض واجهة براقة لعمل برلسكوني، محلياً ودولياً. لا بل ان سلوك برلسكوني أثناء زياراته المنتظمة لإقليم quot;أبروتسوquot; عزز ثقة 26 في المئة من القوى الانتخابية الإيطالية به الى حد أبعد. ما يعني أن ربع سكان ايطاليا تقريباً يأمل أن يكون برلسكوني الآن أقوى من تداعيات الزلزال على البلاد. وقسم كبير منهم يتعاطف من دون شك مع ائتلافه السياسي. ويشير التحليل الى أن هذا القسم مؤلف من ناخبين مسنين وأمهات وحاصلين على شهادات مدرسية متدنية ومتوسطة الدرجات. ومن اللافت للانتباه أن نرصد نسبة متواضعة، هي 10 في المئة من ناخبي الحزب الديموقراطي، تعترف بزيادة ثقتها ببرلسكوني بعد حصول الزلزال.

في الحقيقة، فان برلسكوني نجح في quot;استنفارquot; جميع المتعاطفين معه ناهيك من تسليط الضوء على مدن إقليم quot;أبروتسوquot; لجمع التبرعات عن طريق وسائله الإعلامية العملاقة. كما تمكن بتواضع من استقطاب شريحة صغرى من ناخبي خصومه السياسيين إليه، من دون مقابل. هكذا، توسعت رقعة الشعبية التي يتمتع بها برلسكوني مجدداً، بعد أن مرت بدوامة انكماش مؤقت، كي تعود وترتفع الى أكثر من 50 في المئة من أصوات الناخبين الإيطاليين. وهذه نتيجة ممتازة لا سيما ان الانتخابات الأوروبية هنا بدأت تلوح في الأفق. ما يحض 45 الى 50 في المئة من المتعاطفين مع ائتلاف برلسكوني على عدم الامتناع عن التصويت في هذه الانتخابات. فتذمرهم من جراء بعض التقاعس المسجل في صفوف حكام هذا الائتلاف تحول فجأة الى استعداد لدعم برلسكوني من دون حدود وكأن عصا سحرية فتحت عيونهم أمام قوى برلسكوني الخفية.