واشنطن: جعلت القرصنة قبالة شواطئها من الصومال تحديا مبكرا لادارة اوباما التي تسعى جاهدة لوضع استراتيجية جديدة تتفادى فيها تكرار السياسات الامريكية الفاشلة السابقة في القرن الافريقي.
ويقول مسؤولون أمريكيون ان الهدف المباشر هو تعزيز حكومة الصومال الجديدة ورئيسها الاسلامي المعتدل الذي ينظر اليه كثيرون على أنه الامل الافضل في تحقيق الاستقرار للبلاد التي ينعدم فيها القانون بعد 18 عاما من الاضطرابات.
وكبداية تعتزم الولايات المتحدة المساعدة في تمويل قوة الامن الناشئة في البلاد. وتبحث مراجعة شاملة للاستراتيجية الامريكية ما الذي يمكن أن تقوم به واشنطن بالاضافة لهذا لتحقيق الاستقرار للعاصمة مقديشو والمناطق المحيطة وفي نفس الوقت التعامل مع مصيبة القرصنة.
لكن اذا بالغت الولايات المتحدة في تأييدها المعلن للرئيس شيخ شريف احمد فقد يأتي هذا بنتيجة عكسية ويزيد المتشددين جرأة حيث يوصف الزعيم الجديد بأنه دمية واشنطن.
وقال مسؤول دفاعي امريكي بارز لرويترز quot;حين تتبنى الولايات المتحدة حكومة في الصومال فاننا ننزع عنها الشرعية. انه سلاح ذو حدين.quot;
ويشير فيليب كارتر الدبلوماسي الابرز المسؤول عن شؤون افريقيا بوزارة الخارجية الامريكية والقائم بأعمال مساعد وزيرة الخارجية الى أن واشنطن تعلمت من أخطائها في التسعينات حين انتهى المطاف ببعثة لحفظ السلام الى حالة من الفوضى وانسحبت القوات الامريكية.
وليس لدى الولايات المتحدة رغبة quot;لقيادة هذه العمليةquot; وستسمح للصوماليين بدفع عملية السلام الخاصة بهم قدما.
وقال كارتر الذي سيكون مبعوث الولايات المتحدة في مؤتمر للمانحين خاص بالصومال يعقد في بروكسل هذا الاسبوع quot;لا يمكن أن يكون هذا من صنع امريكا.quot;
وتحاول ادارة اوباما تحديد كيف يمكن الموازنة بين المصالح الامنية الامريكية والمستقبل السياسي للصومال.
وقال جون برينديرجاست خبير الشؤون الصومالية انه ينظر الى الصومال على أنه رمز للتهديدات الامنية التي تنبع من افريقيا لكن الاقتداء quot;بالغارات العسكرية الانتقاميةquot; التي نفذتها ادارة بوش ليس الحل.
وأضاف quot;الغارات الجوية في عهد ادارة بوش كانت تزيل من وقت لاخر هدفا او اثنين على الارض لكنها كانت تلهم مئات الصوماليين الاضافيين بالانضمام للجهاد.quot;
ووافقت ادارة بوش ضمنيا على الغزو الذي قامت به اثيوبيا الخصم الاقليمي للصومال عام 2006 لسحق أنشطة مزعومة لتنظيم القاعدة وقد قوى هذا الشكوك المحلية في دور الولايات المتحدة.
وأضاف برينديرجاست رئيس جماعة (ايناف بروجكت) الدفاعية quot;في غياب استراتيجية لبناء الدولة فان المناهج التي تنطوي على استعراض للعضلات العسكرية تأتي بنتائج عكسية على صعيد مكافحة الارهاب.quot;
وأعاد هجوم على سفينة ترفع علم الولايات المتحدة هذا الشهر تركيز الاهتمام على مكافحة القرصنة قبالة الصومال حيث يبحث البعض في الجيش ضرب معسكرات القراصنة على الارض.
لكن المسؤول الدفاعي قال ان من غير المرجح للغاية شن غارات جوية او هجمات برية امريكية على بلاد بنط حيث يتمركز معظم القراصنة بسبب المجازفة المرتفعة بسقوط قتلى من المدنيين والتداعيات التي ستليها.
ذلك أن القراصنة سوف يسعون الى الانضمام للمسلحين الاسلاميين في قضية مشتركة مثل جماعة الشباب وهي جماعة قوية متحالفة مع تنظيم القاعدة تسيطر على أجزاء كبيرة من الارض.
غير أن الولايات المتحدة تبحث عن التعاون من الحكومة الجديدة في تعقب عناصر القاعدة بالصومال بمن فيهم المشتبه في ضلوعهم في هجمات عام 1998 على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا.
وقال المسؤول الدفاعي quot;لا يزال هناك بضعة أشرار طلقاء ونحن لا نمانع في رؤيتهم يرحلون عن الكوكب.quot;
وتحاول الحكومة الصومالية الجديدة المصالحة بين الفصائل المتحاربة ربما بالاستعانة بالمتشددين مثل الشيخ حسن ضاهر عويس الرئيس السابق لاتحاد المحاكم الاسلامية التي حكمت مقديشو عام 2006.
ويرى كين مينخاوس خبير الشؤون الصومالية أن الولايات المتحدة بحاجة الى توفير quot;مساحة سياسيةquot; لافراد مثل عويس المدرج على قائمة واشنطن للارهابيين الاجانب ليقطعوا التزامات علنية بنبذ الارهاب.
وأضاف مينخاوس الاستاذ بكلية ديفيدسون والمستشار الخاص السابق لعملية الامم المتحدة في الصومال quot;نحن بحاجة الى توفير كم معين من المرونة في هذه المفاوضات.quot;
وقال كارتر من وزارة الخارجية ان طبيعة الدور الذي يريد عويس لعبه غير واضحة. وأضاف quot;لقد كان مفسدا وهو شخص مثير للقلق بالنسبة لنا.quot;
وتابع كارتر أن الولايات المتحدة تعتمد نيابة عن الصوماليين على quot;قدر كبير من التحرر من الوهمquot; تجاه جماعات مثل الشباب الى جانب المفسدين في المصالحة السياسية.
وأضاف quot;هذه على الارجح افضل فرصة تتاح للصوماللين خلال فترة طويلة لتطوير سلام مستديم ووضع البلاد على مسار التنمية. لكن هذا ينطوي على مجازفة كبيرة.quot;