أستاذ جامعي خبير في الدراسات الإستراتيجية والعسكرية يتحدثلإيلاف
محمد الغماري: المغرب يستعد لجميع الإحتمالات لحماية حدوده

إيلاف تفتح ملفّ التسلح في منطقة المغرب العربيّ

quot;إيلاف
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تزايد في المغرب العربي، في السنوات الأخيرة، شغف التسابق للحصول على أكبر قدر من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة إلى درجة شغلت المجتمع الدولي، ما جعل الأمم المتحدة توجه، أخيرا، تحذيرا إلى هذه البلدان لتنبيهها إلى انعكاسات هذه التحركات على مستقبل العلاقات المغاربية- المغاربية، وتبعاتها على الأمن والاستقرار في شمال أفريقيا، والحوض الغربي للمتوسط عموما. وجاء هذا التحذير بعد أن أشار التقرير السنوي لـ quot; معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام quot; إلى أن أربعة بلدان مغاربية ( ليبيا، والجزائر، والمغرب، وتونس ) استأثرت بثلث تجارة السلاح في القارة الأفريقية، قبل سنتين، ما شكل علامة قوية على شدة السباق نحو التسلح في المنطقة.

ورفع المغرب ميزانية هذه السنة المخصصة للجيش، إذ جرى رصد 9.5 مليارات درهم مغربي لاقتناء المعدات والعتاد العسكري وتسديد النفقات الموازية المخصصة للاستعلامات العسكرية، مع تخصيص 10 مليارات درهم لبناء قواعد عسكرية، وإصلاح الثكنات والمدارس العسكرية، وإقامة مدرسة عليا للإستراتيجية الحربية لتكوين كبار ضباط الجيش، إضافة إلى هذا سيجري رصد حوالى 15 مليار درهم مغربي لتحسين الوضعية الاجتماعية للموظفين والجنود والضباط برفع رواتبهم، وتشييد مشاريع سكنية خاصة بهم، إضافة إلى مصحات طبية عسكرية وتطوير عدد من المستشفيات التابعة للجيش.

غير أن الاهتمام بالجانب العسكري، يختلف المراقبون حول تفسيره، ففيما يربطه البعض فقط بالتطورات في قضية الصحراء والصراع حول المواقع في المنطقة، ترى فئة أخرى أن هذه الدول تواجهه تحديات كبرى تتمثل في مواجهة الإرهاب، الذي ارتفع مستوى خطره بعد ظهور quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot;، التي تسعى إلى التوسع إقليميا وتلعب ورقة الرهائن للضغط، إلى جانب الهجرة غير الشرعية، وعصابات الجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة، التي تنشط بقوة في منطقة الساحل جنوب الصحراء.

وفي هذا الإطار يقول محمد الغماري، أستاذ جامعي خبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، إن quot;هناك حملة تسلح مهمة في منطقة المغرب العربي والدول الأوروبية المحيطة به، خاصة بالنسبة للمغرب والجزائر، اللذين زادت قيمة صفقاتهما العسكرية في السنوات الأخيرةquot;. وربط الغماري، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، هذه الحملة بالعلاقات المغربية الجزائرية- والمغربية الإسبانية، مشيرة إلى أن العلاقة الأولى مرهونة بالنزاع المفتعل حول قضية الصحراء، أما الثانية فترتبط بسبتة ومليلية السليبتين.

وأضاف أن المغرب يعرف جيدا أن الجزائر تقف بشكل قوي وراء البوليساريو الذي يسعى إلى جر الرباط إلى حرب جديدة، وهو ما يجعل المملكة تبقى على استعداد دائم لأي تطورات محتملة.
أما بالنسبة إلى حكومة مدريد، يشرح الخبير المغربي، فكلما سمعت كلمتي سبتة ومليلة السليبتين، إلا وبدأت في استعراض قوتها العسكرية، مشيرا إلى أن الشكوك تجاه إسبانيا تبقى دائما قائمة بالنسبة إلى المغرب، خاصة أن الجيش الإسباني يرفض بشدة إعادة مدينتي سبتة ومليلة إلى المملكة.

وقال الغماري quot;العالم كله يتسلح، والمغرب يبقى دائما مستعدا لجميع الاحتمالات لحماية حدوده وترابه الوطنيquot;، مضيفا أن quot;المملكة لا تتردد في إعطاء الأولوية للسلاح في ظل الظروف الراهنةquot;. وليس هذا وحده ما يجعل المغرب ينخرط في هذا السباق، إذ يوضح الخبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية أن quot;دول المنطقة، وفي مقدمتها المغرب، تساعد الدول الكبرى في حربها على الإرهاب، وهذا ما يجعلها تتجهز لذلكquot;، فيما ألقي على كاهلها أيضا التخفيف من حدة الصداع الذي يقلق راحة أوروبا، والمتمثل في الهجرة غير الشرعية، التي ساعدت الرباط في تراجعها بشكل كبير.

وتوجت تحركات المغرب في هذا السباق المحموم بإبرام صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية لشراء 24 طائرة حربية أميركية متطورة من طراز quot;أف 16quot;، بقيمة 233.6 مليون دولار،إضافة إلى تجهيزات وخدمات ملحقة بقيمة إجمالية يمكن أن تصل إلى مليارين و400 مليون دولار. وتنوي القوات الجوية الملكية المغربية بناء قاعدة خاصة بطائرات quot;إف 16quot;.
وكشف الموقع العسكري للقوات الجوية الأميركية أن عسكريين مغاربة وتقنيين تابعين للقوات الجوية الملكية المغربية توجهوا، منتصف آذار (مارس) الماضي، إلى قاعدة quot;ليوكquot; الجوية في ولاية أريزونا الأميركية، وهي أكبر قاعدة تدريب في العالم لطائرات quot;أف 16quot;، وذلك بغرض تلقي تكوين على يد القوات الجوية الأميركية.

وأشار إلى أن المغرب يقوم ببناء البنيات التحتية للقاعدة العسكرية التي ستقلع منها طائرات quot;إف 16quot; مكان قاعدة قديمة لم يتم تحديد مكانها، لتصبح القاعدة الجوية الخامسة عشرة التي تتوفر عليها القوات الجوية الملكية المغربية. كما قررت الرباط اقتناء أربع طائرات من صنع اسباني لتوظيفها في الشحن العسكري والمراقبة ومهام عسكرية أخرى. وتأتي هذه العملية في إطار تحديث الترسانة العسكرية المغربية التي تشمل القطاعات الثلاثة البرية والبحرية والجوية لتوازي التحديث العسكري الحاصل في دول الجوار، اسبانيا والجزائر.

ويتعلق الأمر بطائرات من نوع quot;سي 27 خي سبارتانquot; بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 130 مليون يورو، أي حوالي 32 مليون يورو للطائرة الواحدة. وتعتبر quot;سبارتانquot; من الطائرات الأكثر تطورا في مجال النقل العسكري والمراقبة، واقتنت منها الولايات المتحدة عددا كبيرا خلال السنوات الأخيرة ولا سيما أنها طائرة قابلة للاستعمال الحربي كذلك.

وتأتي هذه الصفقة الثالثة من نوعها، بعد إبرام المغرب صفقة تحديث 27 طائرة من نوع quot;ميراج اف 1quot; الفرنسية الصنع للرفع من قدرتها القتالية من حيث حمل صواريخ ورادار متطور. كما أبرم المغرب مع فرنسا، في السنة الماضية، صفقة اقتناء فرقاطة من نوع quot;فريمquot; المتعددة المهام، قبل أن يوجه طلبية إلى شركة الصناعات البحرية الفرنسية بهدف صنع 3 فرقاطات أخرى من النوع نفسه. وفي هذا الصدد، قال الخبير محمد الغماري إن quot;هذا النوع من الصفقات يعد قفزة بالنسبة إلى المغرب، إذ إن القوة البحرية كانت رمزية بالنسبه له، وتشكل ثغرة، أما الآن فبدأت تأخذ مكانها الصحيح، بعد أن انتقلت من الاكتفاء بتدريب الأطر إلى التجهيزquot;.

ويمتلك الجيش المغربي نحو 48 دبابة روسية من طراز quot;تي 72quot; بعضها مزود بدروع تفاعلية، كما يتوفر على 300 دبابة أميركية من طراز quot;إم 60quot;، ونحو 440 ناقلة جنود مدرعة أميركية من طراز quot;إم 113quot;، على جانب آاليات أخرى متطورة. وأجرى المغرب، أخيرا، مناورات عسكرية في جنوب المملكة، شاركت فيها طائرات هيلكوبتر وطائرات حربية من نوع quot;إف 5quot; وquot;إف 16quot;، إلى جانب فرقة من المظليين، كما أجرى أيضا تدريبات في الجنوب مست عددا من الآليات، أشرف عليها الجنرال دو كور دارمي عبد العزيز بناني، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية.