خاص إيلاف- تصوير الياس توما
الياس توما من براغ : بدأت تشيكيا تتجه نحو اختبار سياسي جديد حول مدى التزامها بعملية تعميق التكامل الأوروبية من خلال التصويت غدا في مجلس الشيوخ على اتفاقية لشبونة التي سبق لمجلس النواب أن صادق عليها غير أنها لن تدخل حيز السريان في تشيكيا وفقا للدستور إلا في حال مصادقة مجلس الشيوخ عليها ومن ثم الرئيس فاتسلاف كلاوس المعروف بمواقفه الانتقادية القوية لعملية تعميق التكامل الأوروبي بذريعة أنها تهدد سيادة الدول ولاسيما الصغيرة منها .

وعلى الرغم من أن حكومة ميريك توبولانيك المنتهية ولايتها هي التي وقعت على الاتفاقية عندما أقرت من قبل حكومات دول الاتحاد إلا أن نواب الحزب المدني أقوى أحزاب الائتلاف الحاكم الذي يترأسه توبولانيك يتبنون مواقف تتراوح بين التحفظ والرفض .

وبالنظر لكون الدستور التشيكي ينص على أن مثل هذه الوثيقة تحتاج إلى أغلبية دستورية وليس أغلبية عادية أي إلى موافقة 49 نائبا من اصل 81 وليس 41 نائبا وامتلاك الحزب المدني العدد الأكبر من النواب في هذا المجلس ( 35 نائبا ) فان مصير هذه الاتفاقية يتواجد الآن بين أيدي نواب هذا الحزب اليميني ولهذا فان مختلف القوى السياسية التشيكية ومنها الحكومة ومعها دول الاتحاد الأوروبي تحبس أنفاسها منذ الآن بانتظار نتيجة التصويت في مجلس الشيوخ غدا الأربعاء .

ويشدد رئيس الحكومة توبولانيك لنواب حزبه في المجلس بأن لديه شخصيا تحفظات على هذه الاتفاقية التي يعتبرها حلا وسطا إلا انه من المهم بمكان المصادقة على الاتفاقية لسببين الأول أن حكومته هي التي وافقت ووقعت عليها والثاني أن رفضها من قبل مجلس الشيوخ سيعني الدفع بتشيكيا إلى التواجد في أطراف الاتحاد الأوروبي مع ما يحمل ذلك من تداعيات سياسية سلبية عليها وأيضا على الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مثل كرواتيا وبعض دول البلقان الأخرى وتركيا لان قيادات عدة دول أوروبية ولاسيما فرنسا وألمانيا أعلنت بشكل واضح انه من دون إقرار هذه الاتفاقية فلن يتم فتح أبواب الاتحاد الأوروبي أمام المزيد من الدول.

وقد حاولت بعض الدول المؤيدة لعملية توسيع الاتحاد الأوروبي ومنها تشيكيا فصل عملية التوسيع عن عملية إقرار اتفاقية لشبونة مشددة على أن اتفاقية نيس تكفي كأساس للتوسيع غير أنها لم تنجح في هذا الجهد ولذلك فان مسؤولية أعضاء مجلس الشيوخ التشيكي تبدو مضاعفة أي اتجاه بلدهم من جهة وتجاه الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد من جهة أخرى.

وتعتبر مصادقة مجلس الشيوخ التشيكي أيضا هامة جدا وروبما حاسمة بالنسبة لمستقبل هذه الاتفاقية لان رفضها سيجعل التشيك يصطفون إلى جانب الايرلنديين وبالتالي توجيه ضربة حاسمة للاتفاقية في حين أن إقرارها سيوجه رسالة قوية للناخبين الايرلنديين كي يصادقوا عليها ويلغوا ارفض السابق الذي اشهروه بوجهها في آب أغسطس الماضي من خلال استفتاء نظم بهذا الشأن.

ويحذر نائب رئيس الحكومة التشيكية للشؤون الأوروبية ألكسندر فوندرا من أن عدم مصادقة مجلس الشيوخ على الاتفاقية سيؤدي إلى عزلة تشيكيا سياسيا وسيظهرها بمظهر الدولة التي لا تتحمل مسؤولياتها الأوروبية خاصة وأنها تترأس الآن الدورة الحالية للاتحاد.

ويعترف فوندرا بأن اتفاقية لشبونة ستضعف سيادة دول الاتحاد في مجال السياسة الخارجية لكن بشكل غير مباشر ومع ذلك فإنها وثيقة أوروبية هامة ستزيد قوة وتأثير الاتحاد الأوروبي وتجعل عمله أكثر فعالية.

وفي تطور جديد ذكرت الصحيفة الاقتصادية اليوم أنها تأكدت من مصادر مختلفة أن 49 نائبا في مجلس الشيوخ بينهم 7 من الحزب المدني سيصوتون غدا لصالح إقرار الاتفاقية الأمر الذي سيعني في حال حدوث ذلك إقرار هذه الاتفاقية.

وترى الصحيفة انه في حال تصويت بعض نواب الحزب المدني إلى جانب النواب الآخرين لصالح الاتفاقية فان الحزب المدني سيزداد بعدا عن مؤسسه الرئيس التشيكي الحالي فاتسلاف كلاوس ولهذا ترى الأحزاب اليمينية الجديدة التي تشكلت مؤخرا بان مثل هذا الأمر سيجعل جزءا من القاعدة الانتخابية للحزب المدني وأعضاء من الحزب المدني يتركون الحزب وينضمون إليها.

ويقول رئيس حزب المواطنين الأحرار بيتر ماخ وهو حزب يميني جديد انه في حال مصادقة مجلس الشيوخ على اتفاقية لشبونة فان حزبه سيدعو الرئيس كلاوس إلى عدم المصادقة عليها والى الدعوة لإجراء استفتاء على هذه الوثيقة غير أن القانونيين يرون بان مثل هذا الاستفتاء لن يكون له أي وزن قانوني في حال موافقة مجلس الشيوخ على الاتفاقية خاصة وان مجلس النواب صادق عليها أيضا.

يذكر أن الرئيس التشيكي كلاوس سبق له وان لمح إلى انه لن يسرع في المصادقة على هذه الاتفاقية في حال إقرارها من قبل مجلس الشيوخ بانتظار معرفة نتيجة الاستفتاء الجديد الذي سينظم في ايرلندا وبالتالي فان مصادقة مجلس الشيوخ التشيكي غدا على الاتفاقية ستجعل الكرة تعود للملعب الايرلندي من جديد .