أوباما يكشف عن اسم مرشحه لمنصب السفير في السعودية

أوباما: الاسلام جزء من أمريكا

جنتي: خطاب اوباما تضمن مؤشرات تغيير تجاه ايران

كلينتون: لا اثر لاتفاقات بين بوش واسرائيل حول تجميد مستوطنات

هل وصلت رسالة أوباما إلى العالم الإسلامي؟

حفاوة مشوبة بحذر تجاه خطاب أوباما التصالحي مع العالم الإسلامي

واشنطن: أوفى الرئيس الأميركي quot;باراك أوباماquot; الخميس الموافق الرابع من يونيو بوعده الذي قطعه على نفسه إبان حملته الإنتخابية الرئاسية الأميركية بالحديث إلى العالم الإسلامي من عاصمة إسلامية مركزية. فمن جامعة القاهرة ألقي quot;أوباماquot; خطابه المنتظر إلى العالم الإسلامي وفي القلب منه منطقة الشرق الأوسط. ليفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي بعد ثماني سنوات من التدهور والتراجع في الصورة الأميركية في الدول الإسلامية لسياسات بوش وأقطاب المحافظين الجدد.

خطوة quot;أوباماquot; الأخيرة للتقرب إلى العالم الإسلامي بخطاب من جامعة القاهرة لم تكن الأولى. فقبل أن يصل quot;أوباماquot; إلى البيت الأبيض وهو يسعى إلى تدشين عهد جديد من العلاقات الأميركية ـ الإسلامية. ابتداءً بخطابه التنصيبي وإجرائه أول حور تلفزيوني له كرئيس للولايات المتحدة مع قناة quot;العربيةquot; الفضائية، مرورًا برسالة تهنئته الشعب الإيراني بعيد quot;النيروزquot; وخطابه أمام البرلمان التركي، وانتهاء باختيار وزيرة خارجيته quot;جاكرتاquot; لتكون أول عاصمة إسلامية تزورها، وهو اختيار لم يكن من باب المصادفة كما صرحت الوزيرة نفسها. وهو ما يثير تساؤلاً رئيسًا مفاده هل من جديد في خطاب quot;أوباماquot; الأخير للعالم الإسلامي الذي أطلقه من القاهرة؟.

خطاب أوباما للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة يمكن تقسيمه إلى جزأين، الأول للتقرب إلى العالم الإسلامي وتدشين عهد جديد من العلاقات الأميركية ـ الإسلامية. أما الثاني عن القضايا المشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية والعالم الإسلامي والتي قسمها إلى سبع قضايا رئيسة.

اللا جديد في خطابه الإسلامي

تُظهر قراءة الجزء الأول من خطاب quot;أوباماquot; في القاهرة أنه لا يختلف كثيرًا على محاولاته السابقة إلى العالم الإسلامي، فليس هناك جديد في لهجة الخطاب الأميركي وحماسته وبراعته الخطابية وتواصله السحري مع مستمعيه، ولا في مضامينه ومصطلحاته ومفاهيمه. ففي كل خطاباته إلى العالم الإسلامي يؤكد أوباما على أن الولايات المتحدة الأميركية ليست في حرب مع الإسلام وأنها لن تكون معه في حرب. وأن العلاقات الأميركية ـ الإسلامية لابد أم تقوم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.

وفي كل مرة يحاول أن يُؤكد على أن العالم كله بما فيه الولايات المتحدة الأميركية استفاد من الحضارة والتقدم الإسلامي، والى الدور المتميز للمسلمين ـ الأميركيين وغير الأميركيين ـ في تقدم الولايات المتحدة الأميركية العلمي والتكنولوجي. وفي كل حديث إلى العالم الإسلامي يتطرق quot;أوباماquot; إلى وضع مسلمي الولايات المتحدة الأميركية والى مدى اندماجهم في المجتمع الأميركي والى التقدم الذي يحققونه في كافة المجالات العملية والفنية والثقافية.

ولم يتخلف خطاب quot;أوباماquot; بجامعة القاهرة عن غيره من خطاباته السابقة إلى المسلمين بالحديث عن تجربته ونشأته الإسلامية في أسرة إسلامية وبلدة تضم أكبر عدد من المسلمين quot;إندونيسياquot; وإلى مدى التسامح الإسلامي مع الأديان الأخرى. حاول quot;أوباماquot; في خطابه الأخير ألاَّ يكون موجهًا إلى شعوب الدول الإسلامية ولكنه كان موجهًا إلى أي مسلم يعيش في أي بلد حتى وإن كانت غير إسلامية. فهو خطاب إلى كل المسلمين وليس إلى العالم الإسلامي فقط.

ولكسب قلوب وعقول كل المسلمين كرر quot;باراك أوباماquot; كلمة القرآن الكريم ما يقرب من خمس مرات في خطابه واستشهد به أربع مرات أيضًا في وقت لم سيتشهد من التلمود والكتاب المقدس إلا مرة واحدة من كل منهما. وكرر quot;الإسلامquot; كديانة ما يقرب من سبع عشرة مرة والمجتمعات الإسلامية من عشر مرات والتسامح من عشر مرات أيضًا. كانت تلك الكلمات وتكرراها تأثير سحري على مستمعيه وهو ما عبروا عنه في التصفيق المتكرر والذي وصل إلى اثنتين وأربعين مرة خلال خطاب باراك أوباما. وكل هذا ناهيك عن رغبته في أن يجعل كل مسلم مستمع إليه بأنه منه وأنه يعرف كل شيء عنه باستهلال كلمته بالترحيب بكلمات الإسلام quot;السلام عليكمquot; التي يستخدمها كل مسلم باللغة العربية.

اللا جديد في السياسة الخارجية

في الجزء الثاني من خطابه الذي يتحدث عن القضايا السبع المشتركة مع العالم الإسلامي لم يأت أوباما بجديد على صعيد الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. فقد تضمن الخطاب تأكيدًا على العلاقات الاستراتيجية بين تل أبيب وواشنطن والى العلاقات القوية بين البلدين. وقد تأكد هذا ـ والذي ليس بجديد ـ عن حديثة عن المحرقة اليهودية (الهولوكوست) والتي أودت بحياة ـ حسبما جاء في خطاب أوباماـ إلى ستة ملايين يهودي وهو عدد يقول عنه quot;باراك أوباماquot; إنه أكبر من عدد اليهود داخل إسرائيل وتحدث عن معاناة الإسرائيليين من جراء عمليات quot;العنف الفلسطينيquot;. وفي المقابل أشار بصورة عابرة إلى معاناة الشعب الفلسطيني ولكنه لم يتطرق في هذه القضية كثيرًا مثلما فعل عند الحديث عن الإسرائيليين.

ففي خطابه أشار quot;أوباماquot; إلى كلمة الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين مرة واحدة والى الصراع بين العرب وإسرائيل مرة واحدة أيضا. وعن السلام بين الجانبين الفلسطيني الإسرائيلي فقد أشير لها ست مرات في الخطاب وأشير إلى حل الدولتين مرة واحدة. ولكن الخطاب لم يشر إلى كلمة فلسطين إلا في ثلاثة مواضع فقط منها مرة دولة فلسطينية وفي المقابل وصل عدد تكرار كلمة إسرائيل في الخطاب أربع عشرة مرة منها مرة واحدة إلى دولة إسرائيل. وكان أوباما يقصد بإسرائيل ككلمة مجردة دولة إسرائيل. وفي مقابل تعدد ذكر كلمة إسرائيل تفوق عدد مرات ذكر وصف فلسطيني على إسرائيلي تصل إلى ما يقرب من أربع عشر وتسع مرات كل منهما على الترتيب.

ولكن هذه المرة لم يتحدث أوباما عن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، فقد أشار لها صراحة مرة واحدة مؤكدًا أنها وطن دائم لليهود والمسيحيين والمسلمين، ووردت كلمة الأرض المقدسة مرة واحدة أيضًا. خطاب quot;أوباماquot; لم يأت بجديد تجاه الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، إلا عند حديثه عن حماس، فتلك المرة لم يتحدث عنها بأنها حركة إرهابية كما اعتاد، فقد ذكرها أوباما ثلاث مرات مرة منها بأنه يحظى بدعم الفلسطينيين ويدعوها في المرة الثانية إلى تحمل مسئوليتها، وفي الأخيرة إلى التراجع عن لاءاتها الثلاثة وهي: لا للاعتراف بإسرائيل، لا لإلقاء السلاح ولا للاعتراف بالاتفاقيات السابقة.

وعن الأزمة النووية الإيرانية لم يكن هناك جديد في الحديث عن ضرورة عم سعيها إلى امتلاك أسلحة نووية طارحًا المبررات المعهودة من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، ومشيرة بصورة غير مباشرة عن ضرورة توقف طهران عن تهديد إسرائيل والدعوة إلى محوها وإنكار وجودها مؤكدة على الوجود الإسرائيلي الذي لا يشكك فيه أحد من وجه أوباما. ولم يكن هناك جديد أيضًا فيما يخص العراق. فكلماته تلك المرة عن العراق لا تختلف عَّما ذكره في السابق من تحمل العراقيين مسئولية إدارة البلاد وسحب القوات الأميركية ومساعدة الولايات المتحدة للحكومة العراقية لتحمل مسئولياتها والحفاظ على استقرار العراق.

الجديد في السياسة الخارجية الأميركية

يشير هذا الخطاب إلى عدة تغيرات في السياسة الخارجية الأميركية خلال إدارة أوباما عن النهج الذي اتسمت به السياسة الخارجية الأميركية خلال السنوات الثماني الماضية، في عدة ملفات، هي:

أولاً: قضية الحرب على الإرهاب. في خطابه لم يذكر quot;باراكquot; كلمة الإرهاب ولا الحرب الأميركية على الإرهاب، ولكنه استعاض عنها بالحديث عن التطرف والعنف فقد تكررت الأولى مرتين في حين تكررت الثانية عشر مرات وذكر تنظيم القاعدة ثلاث مرات. وهو ما يؤشر إلى تغير في السياسة الأميركية تجاه الحرب على الإرهاب بالتركيز على أفغانستان وباكستان موطن نشاط القاعدة، وعدم التركيز على الجوانب العسكرية فقط محاربة التطرف والعنف، ولكن سياسة أوباما ترتكز بجانب القوة العسكرية على المعونات لتنمية مناطق نشاط التطرف لتقويض فرص المتطرفين استخدام تلك الأحوال لتجنيد أعضاء جدد.

ففي خطابه أشار quot;أوباماquot; إلى خطة لاستثمار 1.5 مليار دولار سنويًّا على مدى السنوات الخمس القادمة لإقامة شراكة مع الباكستانيين لبناء المدارس والمستشفيات والطرق والمؤسسات التجارية وكذلك توفير مئات الملايين لمساعدة النازحين. تخصيص ما يزيد على 2.8 مليار دولار لمساعدة الأفغان على تنمية اقتصادهم وتوفير خدمات يعتمد عليها الشعب.

ثانيًا: قضية الديمقراطية. كان لقضية الديمقراطية محورًا أساسي في خطاب أوباما، وهذه المرة لا تكون الديمقراطية أحد أدوات الضغط الأميركي على الدول لتحقيق المنفعة الأميركية، ولكن أوباما تحدث عنها كقيمة أميركية تريد أن تراها في كل الدول، وهو ما يعني عدم اعتراض السياسة الأميركية على نتائج الانتخابات الديمقراطية طالما اتسمت الانتخابات بالقيم والمبادئ الأميركية الديمقراطية، على عكس إدارة بوش التي اعترضت على تطبيق الديمقراطية في المنطقة بعد تمخضها عن قوى معارضة للولايات المتحدة والذي صب في منفعة كثير من النظم العربية غير الراغبة في الإصلاح السياسي.

ثالثًا: احتلال البعد التنموي والتعاون العلمي والتكنولوجي محورًا مهمًّا في السياسة الخارجية الأميركية تجاه العالم الإسلامي بعد فترة من النظرة الأميركية الاستعلائية إلى العالم الإسلامي، وإلى العالم الإسلامي على أنه تهديد للمصالح والأمن القومي.

رابعًا: عمل إدارة أوباما إلى تخفيف بعض القيود على ممارسة المسلمين لطقوسهم وشعائرهم سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها من ارتداء المرأة المسلمة الحجاب وتخفيف القيود على إخراج المسلمين لفريضة الزكاة، وتحمل الإدارة الأميركية مهمة تغيير الصورة النمطية السلبية عن المسلمين أينما ظهرت.

الخاتمة

إن تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي ليست من الأمور السهلة، خاصة أن الصورة السلبية لواشنطن والمرسخة في عديد من بلدان العالم الإسلامي لم تتكون بين عشية وضحاها ولن تتبدل بين ليلة وضحاها. وأن نجاح الدبلوماسية العامة الأميركية لا يمكن أن تنفصل عن الدبلوماسية الرسمية.

ولا تعني سياسة أوباما للتعامل مع تراجع التأييد للولايات المتحدة الأميركية في العالم الإسلامي وتدهور الصورة الأميركية، والسياسة الأميركية التي كانت وراء هذا التدهور والتراجع في المكانة الأميركية تغييرًا في ثوابت السياسة الخارجية الأميركية. فالقراءة التاريخية للسياسة الخارجية الأميركية تجاه العالم الإسلامي وفي القلب منه الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى بدايات القرن الحادي والعشرين تكشف أن سياسات الإدارات الأميركية على اختلافها، ديمقراطية وجمهورية، تجاه الشرق الأوسط لم تتغير بصورة جوهرية، فهناك مصالح استراتيجية ثابتة منها أمن إسرائيل والنفط والدفاع عن النظم العربية الصديقة والحليفة للولايات المتحدة الأميركية هذه مصالح لم تتغير كثيرًا على اختلاف الإدارات. وهو ما يؤسس صورة بنيوية ثابتة للسياسة الأميركية تجاه قضايا الشرق الأوسط. ولذا فإن أي تغيير في السياسة الأميركية تجاه قضايا العالم الإسلامي ومنه منطقة الشرق الأوسط سيكون تغييرًا تكتيكيًّا وليس استراتيجيًّا.