أشرف أبوجلالة من القاهرة: تعد صحيفة الايكونوميست البريطانية تقريرًا لها اليوم تتحدث فيه عن مستقبل الخلافة في مصر، وتكتب تحت عنوان (مصر بعد مبارك... اتخاذ الإجراء المناسب في مكانه المناسب) حيث يتمركز حديثها حول فكرة ترتيب الأوراق على المشهد السياسي للبلاد في مرحلة ما بعد الرئيس مبارك. وتلفت في بداية حديثها إلى تجدد ظهور قضية الخلافة في مصر بعد تناثر الأقاويل المتعلقة بصحة الرئيس هنا وهناك، خاصةً بعد وفاة حفيده، الذي كانت تربطه به علاقة حميمة، حيث لم يظهر بعدها على مدار أسبوع كامل.

وعندما عاود لمزاولة نشاطاته، بدا ضعيفًا، على حد قول الصحيفة، التي أشارت إلى أن ذلك بدا جليًا خلال استقباله للرئيس الأميركي، باراك أوباما، عند قدومه للقاهرة في الرابع من شهر يونيو / حزيران الماضي من أجل توجيه كلمة تاريخية للعالمين العربي والإسلامي، ومن خلال ظهوره بعد ذلك في عدة مناسبات.وعلى الرغم من تأكيد الصحيفة على عدم وجود سيناريو واضح للخلافة أو توريث الحكم في مصر، إلا أنها أشارت إلى أن تلك القضية تثير انزعاج المصريين ( والأجانب الذين يوجهون أنظارهم صوب أكبر دول العالم العربي من حيث الكثافة السكانية، نحو 80 مليون نسمة ) منذ نحو عشرة أعوام.

ثم تسرد الصحيفة تاريخ الرئيس مبارك في الحياة السياسية، بدايةً من قيادته لسلاح الطيران المصري، ثم تعيينه في منصب نائب الرئيس عام 1975، ثم اعتلائه لمنصب الرئيس بعد اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات على يد الإسلاميين المتشددين بسبب إبرامه لاتفاق سلام مع إسرائيل. كما أشارت إلى أنه ومنذ ذلك الحين، يرفض الرئيس مبارك إسقاط أي إشارة تتعلق بمسألة الخلافة، لعدم رغبته في نشوب صراع قبيح على السلطة، قد يؤدي إلى تقاعده سريعًا عن منصبه.

وفي جزئية محورية لها علاقة بطبيعة الأجواء والترتيبات التي قد تسير على نهجها المتغيرات السياسية في البلاد خلال المرحلة المقبلة، تشير الصحيفة إلى الجزئية الخاصة بعدم وجود نائب للرئيس مبارك، وهو الأمر الذي يعتبره بعض المحامين بمثابة الإجراء غير القانوني. وهنا تحدثت الصحيفة عن السيناريوهات الوارد حدوثها على المشهد السياسي للبلاد لمرحلة ما بعد الرئيس مبارك، حيث سيقوم رئيس مجلس الشعب بمهام الرئيس لمدة تصل إلى ستين يومًا، لكن لن يكون بمقدوره الترشح بعدها لمنصب الرئيس. وإذا لم يتواجد رئيس مجلس الشعب لسبب أو لآخر، فإن رئيس المجلس الدستوري هو من سيقوم بمهام الرئيس المؤقت بموجب الشروط ذاتها. وخلال هذه الفترة، لا يمكن تغيير الدستور أو إقالة الحكومة.

وحول المرشحين لخلافة الرئيس مبارك، تقول الصحيفة إن هذا الموضوع يشغل بال كثير من المصريين منذ عدة سنوات، ومع هذا، فلم يسبق لأي من المرشحين الأوفر حظًا، وهما جمال مبارك، الذي يشغل منصبًا بارزًا في الحزب الوطني الحاكم، واللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، أن تحدثا صراحة عن رغبتهما الترشح لنيل المنصب الرئاسي الرفيع. فيما تشير الصحيفة إلى أن هناك أيضًا أسماء أخرى يتم طرحها بين الحين والآخر، من بينها، دكتور محمد البرادعي، الذي يترأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ عام 1997 ويستعد لمغادرتها في نوفمبر/تشرينالثانيالمقبل، وكذلك عمرو موسى، وزير خارجية مصر السابق والأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية.

وعلى الرغم من انقسام الآراء فيما بين المصريين حول المرشح الذي ستكون له الغلبة، والذي سيقود البلاد بشكل أفضل، إلا أن الصحيفة تقول إن الكفة عادةً ما تميل في نهاية الأمر لصالح جمال مبارك، 46 عامًا، الذي نجح في فرض نفسه وليًا للعهد من خلال قيامه بضخ دماء جديدة في الحزب الوطني الحاكم، ودعمه للإصلاح التكنوقراطي. كما وصفته الصحيفة بأنه شخصية تتمتع بقدر كبير من الهدوء، كما أنه يحرص على إحاطة نفسه ببعض من أثري أثرياء مصر. ويرى بعض المحللين أن التعديلات الدستورية التي تم تمريرها في عام 2007، سيكون من شأنها أن تُجرد أي مرشح آخر أو أي قوة سياسية من القدرة على معارضته باعتبار أنه سيكون مرشح الحزب الوطني الأوفر حظًا. بينما يرى منتقدون أن جمال يفتقر إلى الشعبية، وأن كثير من المصريين أو القوات المسلحة لن يرحبوا بنقل إرث السلطة إليه.

وهنا نقلت الصحيفة عن السياسي المعارض البارز، أسامة الغزالي حرب، قوله: quot;في حالة غياب الرئيس مبارك عن الساحة، سوف تنشب حالة من الفراغ السياسي. وسيكون الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على ملء هذا الفراغ، وسنجد انتشارًا للدبابات في الشوارعquot;. وبحسب وجهة النظر هذه، فإن اللواء عمر سليمان، 73 عامًا، سيصبح الرئيس من خلال عملية انقلاب دستوري، وهو السيناريو الذي يأمل حرب في أن يدفع وقتها إلى مرحلة انتقالية تقود نحو مزيد من السياسات الديمقراطية. لكن الصحيفة أوضحت أن علاقات سليمان الشخصية بكبار العسكريين لا تتسم دائمًا بالوضوح. كما تشير إلى أن السياسة العسكرية عادةً ما تتميز بالغموض. فضلاً عن أن الخلافة تتم في كل دولة عربية وفقا ً لقواعدها الخاصة، ولا يستعبد، بحسب الصحيفة، احتمالات تشكيل مجلس عسكري للاستيلاء على السلطة في مصر مستقبلاً.

في غضون ذلك نقل موقع quot;ميديا لاينquot; الإخباري الأميركي عن داليا زيادة، الناشطة الليبرالية والمدونة المصرية، قولها إنه وعلى الرغم من الدعم الذي يحظى به اللواء عمر سليمان من جانب الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، إلا أنه في نهاية الأمر رجل متخصص في الأمن القومي، وليس رجلاً سياسيًا، وهو ما يقلل من حظوظه في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة إذا ترشح لخوضها غمار منافساتها. كما أشارت داليا إلى أن سليمان لا يجيد التعامل مع الشؤون السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي. بينما يرى محللون أنه حتى وان لم يخلف سليمان الرئيس مبارك في الحكم، فإنه سيظل محتفظًا على الأرجح بدور بارز على الساحة الإقليمية.

في حين أشارت هالة مصطفي، رئيسة تحرير مجلة الديمقراطية التي تصدر عن مؤسسة الأهرام، إلى أنه من الصعب قياس الشعبية التي يحظى بها أي فرد في مصر خارج صناديق الاقتراع. وتابعت بالقول :quot; لكن يمكنني القول أن سليمان شخصية تحظى باحترام بين النخبة وبين الحزب الحاكم وبين الصفوة الحاكمة بشكل عامquot;. وعن رأيها في احتمالية خوض جمال وسليمان لغمار منافسات الانتخابات الرئاسية، تقول مصطفي أن منصب الرئيس سيكون على الأرجح من نصيب جمال، بينما سيصبح سليمان نائبًا للرئيس. وتضيف مصطفي أن سليمان إذا كان يرغب في ترشيح نفسه لمنصب الرئيس، فسيتعين عليه الاستقالة من منصبه كرئيس لجهاز المخابرات، وسيكون عليه أن يخوض الانتخابات إما كمرشح مستقل، أو كمرشح عن الحزب الحاكم.