اعدادأشرف أبوجلالة : اعتبرت صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية في تقرير لها تحت عنوان quot; أسباب انتهاج الحرس الثوري الإيراني لإجراءات قمعية وحشية ؟quot; أن الحرس الثوري بات يشكل الآن قوة لا يمكن إغفال قيمتها ودورها في فترة الولاية الرئاسية الثانية للرئيس أحمدي نجاد. وفي البداية، تستهل الصحيفة حديثها بالقول إن الخطر الذي يرى الحرس الثوري أن الجمهورية الإسلامية تواجهه الآن هو خطر كامن ولا يمكن التغاضي عنه، فالمُثل الأساسية للقوات تتعرض لتهديد خطر على الصعيدين الداخلي والخارجي، وينبغي تقديم كل تضحية في سبيل المحافظة عليها مع بدء نجاد ولايته الثانية.

وفي المقابل، تؤكد الصحيفة أن قوات الحرس الثوري الإيراني تأخذ زمام المبادرة بشكل صريح في كبح قوى المعارضة عقب الأحداث التي تلت انتخابات الثاني عشر من يونيو / حزيران الماضي، والتي حُسمت لصالح نجاد بعد حالة من الجدال والنقاش المحتدم ndash; وهو ما يعكس قدر النفوذ الذي حظي به الحرس في كل من الشؤون الأمنية وكذلك التجارية خلال فترة الولاية الرئاسية الأولى للرئيس أحمدي نجاد. وتمضي الصحيفة في قولها لتشير إلى أن التهديد المزدوج الملموس من جانب كل من الإصلاحيين المحليين والتدخل الغربي قد أدى على مدار العِقد الأخير ، وبخاصة آخر شهرين، إلى زيادة النفوذ العسكري لقوات الحرس الثوري في إيران، حيث أضحت تُشكِل quot;الاحتياجاتquot; الأمنية عملية صنع القرار الرسمي في البلاد.

وتشير الصحيفة كذلك إلى ما يؤكده الاصلاحيون الإيرانيون، الذين أنهكوا نتيجة للاعتقالات التي تعرضوا لها في موجة المداهمات الأمنية الأخيرة، أن فرض ضغوطات دولية على إيران سوف تقوي شوكة الحرس الثوري من الناحية السياسية - بينما ستدعم العقوبات الدوري الاقتصادي للقوات. ومن المفارقات العجيبة، أن بعض المحافظين يتحدثون الآن عن أن التظاهرات المتواصلة ستشجع على تطبيق السلطات نهجا عقابيا والانحراف بشكل أكبر باتجاه اليمين، على حد قول الصحيفة. من جانبه، أرجع أمير محبيان، المحرر السياسي لصحيفة quot;رسالاتquot; ذات التوجه المحافظ، مسؤولية أعمال العنف التي شهدتها البلاد في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى القرار الذي اتخذه الإصلاحيون بالخروج إلى الشارع. ونقلت عنه الصحيفة في هذا الشأن قوله :quot; لم يعمل الدعم الذي حظيت بها الحركة الإصلاحية من الدول الغربية، وتحديدا ً الولايات المتحدة، إلا على مساعدة الجماعات المناهضة للإصلاح على إظهار حقيقة وقوف الغرباء وراء ما يقومون به من نشاطاتquot;.

وبعد أن تم تحميل الغرب، وبخاصة بريطانيا والولايات المتحدة، مسؤولية إثارة أكبر موجة احتجاجات شعبية منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، أخذت قوات الحرس الثوري على عاتقها مسؤولية كبح الاحتجاجات. كما زعم ناشطو المعارضة أن الحرس الثوري، الذي يوجد فيه قسم خاص للمخابرات، هو المسؤول عن اعتقال المئات من دون محاكمة. كما أكدوا وجود حالة من القلق إزاء تلك السجون التي تديرها قوات الحرس الثوري، ما دفع بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الأسبوع الماضي لإغلاق أحد مراكز الاعتقال الكبرى.

وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي غالبا ً ما كان يُنسب فيه الفضل للرئيس أحمدي نجاد في تعزيز مكانة قوات الحرس الثوري الإيراني، ازداد نفوذها أيضاً خلال الحقبة الرئاسية للزعيم الإصلاحي محمد خاتمي في الفترة ما بين 1997 إلى 2005. وقد انتهت هذه المدة بزيادة الضغوط الأميركية على النظام، التي تمثلت في تشخيص الرئيس السابق جورج بوش لإيران على اعتبار أنها جزء من quot;محور الشرquot;. ومن وجهة النظر الأمنية، حذر إصلاحيو إيران من أن الأصوليين الموجودين في الحرس الثوري وكذلك أجزاء أخرى من الجهاز الأمني يقومون بتقويض القوانين والإجراءات القضائية للبلاد.

وهنا، ذكّرت الصحيفة بالحوار الذي سبق وأن أجراه الإصلاحي الإيراني البارز سعيد حجاريان عام 2005 حول هذا الأمر، والذي قال فيه :quot; من أجل تهديد إيران بصفة شبه يومية، تتطلع أميركا إلى أي ذريعة؛ مثل ndash; الموضوع النووي ، الإرهاب، حقوق الإنسان، عملية السلام الشرق أوسطية. كما توجد ضغوط أميركية مختلفة ... لكن بعضها يزيد من أجواء العسكرة أو التسلح هنا، وفي مثل هذا المناخ، تُقتل الديمقراطيةquot;. وفي محور آخر متعلق بالقوة الاقتصادية للحرس الثوري، قالت الصحيفة إنه وبالإضافة إلى تدعيم القوات لنفوذها الأمني، قامت كذلك بتوسيع نطاق مجموعة من الأعمال التجارية التي تم إطلاقها في الأساس لاستغلال تجربتها الخاصة بالبناء في خلال فترة الحرب التي نشبت بين إيران والعراق ما بين عامي 1980 إلى 1988. وقد تم استمداد هذا النمو بشكل جزئي من وراء سد الثغرات التي حدثت نتيجة لانسحاب الشركات الدولية بسبب العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وبخاصة في قطاع الطاقة. كما أشارت الصحيفة إلى عدم توافر أرقام موثوق بها عن القوة الاقتصادية الشاملة للحرس الثوري، نظرا ً لأن فروعه تخضع لقدر قليل من التدقيق الشعبي.

لكن التقديرات تشير إلى وصول هذه الأرقام إلى العديد من مليارات الدولارات. وأكدت الصحيفة في الوقت ذاته الدور الواضح الذي لعبته المشروعات التي أوكلها نجاد للحرس الثوري في تعزيز دوره الاقتصادي. كما تدور شائعات الآن في طهران تتحدث عن أن وزير النفط في ولاية نجاد الثانية سيكون رستم قاسمي، رئيس شركة quot;صدراquot; المتخصصة في الأمور الهندسية. وتشير الصحيفة كذلك إلى أن الحرس الثوري، الذي يُعرف في إيران بـ quot;الصباحquot; Sepah ، يشارك على نطاق واسع في أعمال استيراد وتصدير غير رسمية، وهي الأعمال التي يتم النظر إليها على أنها تهريب في العديد من بلدان العالم. وتنقل الصحيفة هنا عن محلل متخصص في الشؤون التجارية قوله :quot; لهذا السبب تقوم قوات الحرس الثوري بزيادة دورها ردا ً على العقوبات ndash; وسوف تزيده بشكل أكبر إذا ما قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بفرض حصار على واردات البنزينquot;.

وعن الأسباب التي تمنع إيران من التحول إلى دكتاتورية عسكرية، تقول الصحيفة إنه في الوقت الذي بدأ يردد فيه البعض في إيران خلال الأسابيع الأخيرة ما مفاده أن النفوذ المتزايد للحرس الثوري حوَّل إيران إلى دكتاتورية عسكرية افتراضية، رأى كثيرون ممن اكتشفوا وجود حالة متزايدة من quot;العسكرةquot; للشؤون السياسية في البلاد أن قوات الحرس الثوري ليست في وضعية تؤهلها لفرض كامل سيطرتها على الجمهورية الإسلامية. وتنقل الصحيفة هنا عن فريدة فرحي، الباحثة المتخصصة في الشؤون الإيرانية في جامعة هاواي :quot; إذا كان ما حدث بالفعل في إيران تتويجا ً لعملية انقلاب عسكري وشيكة، فمن المؤكد أنها ستكون عملية فاشلة، على الأقل حتى الآنquot;.

وتابعت فريدة حديثها بالقول :quot; في هذه المرحلة، لا تعرف اليد اليمنى ما تفعله اليد اليسرى، وقد بدأت تتكشف الضغوطات التي تحدث من أسفل، أو بمعنى أدق بدأت تتعمق، وبدأت تتواجد هذه الشقوق على الأرجح بين قوات الحرس الثوري بقدر ما هي موجودة في أي مكان آخرquot;. إلى هنا، عاود الكاتب الصحافي quot;محبيانquot; ليؤكد أن الأصوليين أنفسهم يمكنهم أن يتحققوا من أي اندفاع نحو التسلط. وتابع قائلا ً :quot; جذور الديمقراطية قوية وعميقة. ولا يمكن لأحد في إيران أن يقبل أي نوع من أنواع الدكتاتوريات، أو الحركات العسكرية، أو غير العسكرية، لأن ثورتنا ( في عام 1979 ) كانت ضد الدكتاتوريةquot;. وفي النهاية، ختمت الصحيفة بالتأكيد أن قوات الحرس الثوري الإيراني تواجه أزمة quot;داخليةquot; ndash; فيقول أحد المتعاطفين الإصلاحيين المقربين من الاستخبارات الإيرانية إن إيران ndash; وقوات الحرس الثوري ndash; يمرون بأزمة quot; داخلية تامةquot; لا يمكن تنبؤها بأي حال من الأحوال.